"الآفاق المستقبلية للامركزية " ندوة لجامعة فيلادلفيا في جمعية الشؤون الدولية
عقد مركز الدراسات المستقبلية في جامعة فيلادلفيا برعاية الأستاذ وليد عصفور رئيس مجلس امناء الجامعة في جميعة الشؤون الدولية ندوة بعنوان ” الآفاق المستقبلية للامركزية ” عبر جلستين شارك في الأولى كل من الدكتور ماهر مدادحة بورقة تناولت واقع الإدارة في الاردن والدكتور سامي شريم بورقة تناولت الأثر الإقتصادي للامركزية فيما شارك في الجلسة الثانية كل من الدكتور باسم الطويسي بورقة تناولت الأثر الإجتماعي والثقافي للامركزية والدكتور موسى شتيوي بورقة بعنوان لماذا تعثرت التجربة الإردنية فيما ركزت ورقة للوزير الداخلية الأسبق رئيس الجمعية الاردنية للعلوم والثقافة المهندس سمير حباشنة على مستقبل اللامركزية .
وفي بداية الندوة التي ادارها وزير التربية والتعليم الأسبق الدكتور ابراهيم بدران مستشار رئيس جامعة فيلادلفيا للعلاقات الدولية والمراكز العلمية القى رئيس جامعة فيلادلفيا الدكتور معتز الشيخ سالم كلمة رحب فيها بالمشاركين والحضور مؤكدا حرص جامعة فيلادلفيا على دورها المجتمعي ورسالتها في خدمة الوطن وتطوره .
كما تحدث الدكتور بدران لافتا الى اهمية الندوات واللقاءات الحوارية التي يُنظمها مركز الدراسات المستقبلية في جامعة فيلادلفيا والتي تتناول مختلف القضايا ذات الشأن والاهتمام التي تنتهي باعداد توصيات بكافة المخرجات وارسالها الى الجهات المعنية مقدرا لجمعية الشؤون الدولية دورها في استضافة مثل هذه الفعاليات.
الدكتور معتز الشيخ سالم أشار في كلمته الى اشكالية إدارة الدولة في المنطقة العربية فقال : المتمعن في الحالة العربية بشكل عام وحالة التخبط السياسي والاقتصادي والثقافي والإداري واللوجستي في أنحاء هذه المنطقة التي لم تعرف الاستقرار منذ مئة عام يدرك بوضوح أن واحداً من أسباب ذلك يتركز في " إدارة الدولة" . فلا زالت الأقطار العربية تتعامل مع الفضاء الإداري من منظور المركزية والسلطة والسيطرة على التفاصيل والتمسك بالوضع القائم الموروث عن الحكم الأجنبي والذي اصبح جزء من الماضي . ولازالت الإدارة في الأقطار العربية لا تثق ولا تؤمن بمشاركة المواطنين في إدارة جزء من شؤونهم وتنمية مناطقهم .
إن العالم يتغير في كل شيء على الإطلاق في السياسة والاقتصاد والإدارة والتكنولوجيا والقيم والتواصل والعلوم والثقافة والفنون والانسان. ويكاد العالم العربي أن يكون المنطقة الوحيدة في العالم التي لا تدرك هذا التغيير ولا تتفاعل معه وتستجيب لمتطلباته التي تفرض تحديات جديدة في كل يوم. ولعل إدارة الدولة واحد من أهم هذه المتطلبات .
ومن هنا فإن تحول العالم نحو اللامركزية في الإدارة بهدف توسيع مشاركة المواطنين في إدارة شؤونهم اليومية وفي توجيه تنميتهم وتطورهم الاقتصادي والاجتماعي كان ضرورة لا بد من الدخول فيها . وهو مسار دخلته الدول المتقدمة والناهضة منذ سنين طويلة.
الدكتور المدادحة بين في ورقته أشار الى ان تضخم القطاع العام خلق حالة ادارية سلبية تمثلت بالترهل الإداري والوظيفي وعدم تطبيق مفهوم المتابعة والتقييم للآداء المؤسسي والفردي ما ادى الى ضعف عملية المسائلة والمحاسبة للمؤسسات والأفراد وهو ما خلق حالة من اللامبالاة وعدم الإكتراث الوظيفي مؤكدا أهمية اعادة النظر بدور ومهام القطاع العام بشكل جذري ينسجم مع التطورات الإقتصادية العالمية وبمشاركة القطاع الخاص .
وحدد الدكتور المدادحة اربعة محاور رئيسية لعملية الاصلاح هي محور اعادة هيكلة كافة وحدات القطاع العام للتخلص من ازدواجية أدوار ومهام هذه الوحدات وذلك باجراء مراجعة شاملة لمهام كل وحدة ومحور تطوير الموارد البشرية لإعداد الكفاءات البشرية القادرة على ادارة وحدات القطاع العام ومحور الخدمات الحكومية الذي يتطلب اعادة هندسة كافة العمليات التي بموجبها تُقدم الوحدات خدماتها للجمهور ومحور استخدام تكنولوجيا المعلومات لضمان تسهيل تقديم الخدمات الحكومية على مختلف أنواعها .
وفي نفس الاطار لا بد من تعميم فكرة البنوك المحلية في المحافظات، فهي ضرورة واساس لتعزيز اللامركزية الاقتصادية ،على ان يكون هناك بنوك محافظات متخصصة في الزراعة والتنمية العقارية والصناعة وما شابه، وتدار بواسطة نخب محلية، تحدد اولويات المشاريع لكل محافظة .
من جهته قال الدكتور شريم ان اللامركزية الاقتصادية تعني تطوير المناطق ضمن التقسيمات الإدارية والمخصصات المالية لكل منطقة على حدة والذي من شأنه ان يُسهم في تنميتها ويحد من هجرتها .
وأضاف ان اللامركزية الاقتصادية تقود لتنمية حقيقية من خلال اقامة المشاريع في المناطق وفقا لميزتها النسبية الاستثمارية وان عملية الانتقال من النظام الاقتصادي المركزي الى اقتصاد اللامركزية تبدأ عبر عملية تحويل الاقتصاد من اقتصاد خدماتي تؤديه الحكومة المركزية الى اقتصاد انتاجي والذي من شأنه ان يُحدث تنافسا بين الأقاليم تعود فائدته على المجتمعات في المجالات المختلفة .
ودعا شريم لانجاح التجربة الاردنية بالعمل على تهيئة البيئة القانونية والتشريعية والعلمية والتكنولوجية بما يكفل الانتقال السلس وتعزيز ثقافة تفويض السلطة لدة المسؤول .
وقال كان هناك تسرع في اقرار قانون اللامركزية وكان يجب ان تُطبخ على نار هادئة وفق تعبيره بعد نحو 60 عاما من المركزية المطلقة .
الدكتور باسم الطويسي فقال : اللامركزية ليست مجرد وجود مجلس في كل محافظة مع مجموعة صلاحيات محدودة؛ وانما هي انتقال اجتماعي سياسي يؤسس لإعادة انتاج المجتمعات المحلية في المحافظات، ضمن مصفوفة كبيرة من متطلبات التغيير التي تقود الى اعادة التمأسس لهذه المجتمعات على قيم المشاركة والمسؤولية .
لفت في ورقته الى اربع فرضيات في تقييم الأثر الاجتماعي والثقافي للامركزية مشيرا الى ان الخطاب الرسمي الاردني ذهب في التسويغ للامركزية في عكس عقارب الزمن حينما لخص مهمة مجالس المحافظات بأنها أقرب ما تكون كمجالس للخدمات المحلية ينحصر دورها في تحديد الأولويات التنموية لتتفرغ المجالس النيابية للسياسة والمساءلة والفرضية الثانية في حجب المعلومات عن المجتمعات المحلية لمعرفة ما يدور وما يُخطط للتنمية المحلية وعلاقة مجالس المحافظات بالمجالس الاخرى وكذلك بالإدارة المركزية مشيرا الى ان القانون لم يُوفر الضمانات التشريعية التي تكفل حصول المواطنين على المعلومات من هذه المجالس .
واضاف ان القانون حصر ممارسة مجالس المحافظات بأدوار شكلية واستشارية وانه لا يوجد دور رقابي حقيقي تمارسه على المؤسسات الحكومية التنفيذية ولا تملك حق المساءلة ما افقدها القوة المجتمعية الفاعلة لافتا بالنسبة للفرضية الرابعة الى ان النظام الانتخابي والصلاحيات المناطة بمجالس المحافظات والممارسة على مدى عام أكدت ان التجرية الحالية اوجدت لا مركزية شكلية ومشوهة وحرمت المجتمعات المحلية من فرصة تعلم الديمقراطية وفرصة تحول اجتماعي صدديق للمشاركة والمساءلة الذي يُعد اساسا متينا لأي اصلاحات سياسية حقيقية .
وقال اللامركزية الفاعلة التي تحترم حق المشاركة والمساءلة تخلق تحولات ثقافية جذرية في المجتمعات لصالح انضاج الديمقراطية وتحسين قدرة المجتمعات المحلية على الإخيتار وتعيد تعريف الصالح العام وترشد المساءلة المجتمعية .
وفي ورقته التي جاءت بعنوان ( لماذا تعثرت التجربة الاردنية ) قال الدكتور موسى شتيوي توفر اللامركزية فرصة لأصحاب القوى ومراكز الضغط للتأثير في القرارات، وأن تجربة اللامركزية تجربة جديدة من المبكر الحكم عليها، وشار الى الخلل بقانون اللامركزية الذي جاء كقانون اجرائي سريع بدون رؤية سياسية أو نظرة مستقبلية، واشار الى انعدام قدرة مجالس المحافظات التي لا تملك الصلاحيات والسلطة لإقرار المشاريع وأكد على ضرورة ربط اللامركزية بالإصلاح السياسي وتجاوز القانون الحالي للامركزية . ان قانون اللامركزية وّسع دائرة الإدارة المحلیة على مستوى المحافظات وهي بداية تحتاج للتقيم بين فترة واخرى حتى يُمكن البناء علیھا مستقبلاً وتطویرھا لتعمیقها وضمان انجاحها خلال الأربعة اعوام الاولى من التجربة .
ولفت شتيوي الى العبء الكبير على الإدارة المركزية في تحمل كافة المسؤوليات وادارتها مركزيا في المجالات المختلفة كتحديد المشاريع التي تحتاجها المحافظات ومتابعة ومراقبة تنفيذها اضافة الى المشكلات الخرى كمكافحة الفقر والبطالة والمخدرات، وتمكین المرأة ورفع سوية الخدمات المقدمة ومتابعة اداء الأدارات التنفيذية وخلافه مما يقع ضمن احتياجات المجتمعات من خدمات وبالتالي لا بد من ازالة كافة المعيقات التي تعترض تجربة اللامركزية بصورة تحقق الغاية المنشودة .
واضاف ان الانتخابات البلدية واللامركزیة تشكل مھمة للتفكیر بالأدوار الممكن أن تقوم بھا ھذه المجالس، إضافة لما ھو منصوص علیھ بالقانون وبات مهما واساسيا المشاركة المحلية في تحمل عبء مسؤوليات المجتمعات المحلية في المحافظات الذي يتمثل باللامركزية .
أخر المتحدثين في الندوة كان وزير الداخلية الأسبق المهندس سمير الحباشنة حيث أشار أنه في اعقاب زيارة قام به جلالة الملك الى وزارة الداخلية صدرت توجهات ملكية لمنح المجتمعات المحلية في المحافظات الفرصة كاملة في تحمل مسؤوليات تحديد احتياجات مناطقهم من المشاريع التنموية والخدمية لضمان توزيع المكتسبات الوطني بعدالة ووضع حد لمعاناة المواطنين من مراجعة الدوائر والمؤسسات المركزية في العاصمة عمان .
وأضاف قطعنا شوطا لا بأس به وكان من المفترض ان تستكمل الحكومات اللاحقة انجاز تجربتنا الوليدة لكنها في نهاية المطاف تحققت بولادة وصفها بالعسيرة بفضل اصرار جلالة الملك لافتا الى ان أول من طرح الفكرة كان الشهيد وصفي التل والمرحوم عبد الحميد شرف وأول من وضع تصور عملي لها رئيس الوزراء الاسبق الدكتور عبد السلام المجالي اطال الله في عمره والذي قدم لمجلس النواب في وزارته الولى موازنة مقسمة على المحافظات .
وقال ونحن في خضم التجربة الراهنة فالمؤشرات ان الواقع يشير الى انه خلاف المطلوب تحقيقه فدور المجالس المنتخبة ما زال بسيطا ومحدودا فيما تتمتع المجالس التنفيذية بصلاحيات واسعة ما يوحي ان مجالس المحافظات تتبع للمجالس التنفيذية مع ان العكس يجب ان يكون الى جانب ان مواعيد اجتماعات مجالس المحافظات متباعدة من جهة وتقارير المجالس التنفيذية تصدر كل 6 شهور .
واضاف ان الوضع الادراي والقانوني الراهن لمجالس المحافظات مربك مع تعدد الجهات والمرجعيات المسؤولة عن اللامركزية مشيرا الى ثلاث وزارات هي التخطيط والداخلية والتنمية السياسية ولافتا الى عدم وضح العلاقة من جانب آخر بين اللامركزية والبلديات حيث يوجد تداخل وتشابك وتضارب وازدواج الصلاحيات فيما فعلليا ان اعضاء المجالس التنفيذية ما زالوا بلا صلاحيات والتي ما زالت بيد الحكومة المركزية الى جانب ان مراتبهم الوظيفية ما زالت كما كانت قبل اللامركزية وما زالت خطط المحافظات مرتبطة عمليا بالمركز وبتوفر المخصصات المالية وشاهدنا على ذلك حين قررت الحكومة في شهر شباط الماضي تخفيض مخصصات المحافظات دون سابق انذار أو تفاهم مع مجالس المحافظات والنتيجة ان نسبة الانجاز تراوحت بين الصفر الى 10 % الى 60 % في احسن الأحوال .
ولكي تنجح اللامركزية أكد الحباشنة بضرورة ان يتم منح كامل الصلاحيات التي تحتاجها مجالس المحافظات والمجالس التنفيذية وليس تفويضها وتفعيل دوائر المجالس التنفيذية والارتقاء بمدرائها ليتمكن رئيس كل دائرة الذي هو عضو في المجلس التنفيذي من ممارسة صلاحيات الوزير في محافظته.
كذلك أكد الحباشنة بضرورة ان يكون لمجالس المحافظات مقرارت خاصة وان تعقد اجتماعتها بصورة دورية شبيهة بالمجالس النيابية وان تمارس دورها في الرقابة والمتابعة فعليا .
ودعا الحباشنة الى اعادة النظر بتركيبة المجالس لتتم الانتخابات على اساس قطاعي كي يضم المجلس في المحصلة ممثلين عن كافة القطاعات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والتعاونية والمرأة والشباب ..الخ .
كما اقترح الحباشنة بان يتم عقد اجتماعات شهرية يرأسها رئيس الحكومة بحضور كافة الوزراء المعنيين واصحاب العلاقة للوقوف على الانجازات وتحديد المعيقات وبلورة افكار اخرى تسهم في انجاح التجربة الى جانب ان يتم انهاءالمرجعية الحكومية للمجالس والمناطة بوزارة الداخلية والتخطيط والتنمية السياسية باستحداث وزارة خاصة للامركزية الادارية والتنموية في رئاسة الوزراء .