مطالبات بنصوص واضحة في التشريعات الوطنية لحماية الشهود

هوا الأردن -
ويروي (م.ي) تفاصيل تجربته ويقول: "أدليت قبل عام ونصف بشهادتي في قضية شروع في القتل حدثت في منطقة الهاشمي الشمالي، وقدمت شهادتي في الجلسة الأولى والجلسة الثانية وبعد الجلسة الثانية بدأت التهديدات تنهال علي خصوصا وأن من شهدت ضده من أرباب السوابق وله (بلطجيته)”.
وقال المومني "إن قانون العقوبات تحدث عن جريمة التأثير على الشاهد وهذه ليس لها لا من قريب ولا من بعيد بحماية الشاهد، وإن هناك معايير دولية وأدبيات دولية مستقرة لحماية الشهود، فمكتب الأمم المتحدة المعني المخدرات والجريمة لديه دليل الممارسات الجيدة لحماية الشهود في الإجراءات الجنائية المتعلقة بالجرائم المنظمة، وتعريف الشاهد حسب القانون الدولي هو الشخص الذي يتعاون مع العدالة ما يعني لزوم توفير حمايته”.
تفتقر التشريعات الوطنية الأردنية لمواد صريحة ومحددة من شأنها أن تحمي الشهود، وتظهر حمايتهم وغير كافية لضمان آلية محددة تحميهم وهم يقدمون إفاداتهم في مختلف القضايا.
فالحماية في تلك التشريعات تقتصر على شهود قضايا الفساد، وهو ما يبدو جليا في المادة 32 من قانون هيئة النزاهة ومكافحة الفساد التي وضعت ضمانات قانونية تحمي فيها شهود قضايا الفساد، فيما تغيب "حماية الشهود” في كل من قانون العقوبات وقانون أصول المحاكمات الجزائية.
ووفق الممارسات الجيدة بشأن حماية الشهود الصادرة عن مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، فإن مقدرة أي شاهد على الإدلاء بشهادته في محيط قضائي أو التعاون مع سلطات إنفاذ القوانين في التحقيقات، يجب أن تضمن تقديم الشاهد إفادته دون خوف جراء الانتقام أو التهريب.
وتنص المادة 158 من قانون أصول المحاكمات الجزائية "يستخدم المدعي العام والمحكمة التقنية الحديثة وذلك حماية للشهود الذين لم يكملوا الثامنة عشرة من العمر عند الإدلاء بشهاداتهم ويكون استخدام التقنية الحديثة وجوبيا”.
مديرة إدارة التشريعات في المركز الوطني لحقوق الإنسان، الدكتورة نهلة المومني، أكدت أن شهادة الشهود تعد من البينات المهمة فيما يتعلق بإثبات الجرائم وعمليات التحقيق والملاحقة بشكل عام، بالتالي فإن توفير حماية متكاملة للشهود يعد من الأمور الأساسية فيما يتعلق بالعدالة الجزائية، مشيرة في الوقت ذاته إلى أن قدرة الدولة على توفير هذه الحماية تعكس ثبات سيادة القانون فيها.
وبينت المومني أن المعايير الدولية لحقوق الإنسان تحدثت عن ضرورة توفير الحماية للشهود، خصوصا في المعايير المتعلقة بمكافحة ومنع الجرائم، لا سيما الجرائم المنظمة والإرهاب والفساد، كما تحدثت عن ضرورة أن تقوم الدول من خلال تشريعاتها الوطنية بتوفير مظلة قانونية متكاملة لحماية أمن الشهود.
وفيما يتعلق بالتشريع الأردني، أشارت المومني إلى أن قانون أصول المحاكمات الجزائية في المادة 158، نص على استخدام التقنيات الحديثة حماية للشهود التي تقل أعمارهم عن 18 عاما، وإمكانية استخدام هذه التقنيات خلال عملية التحقيق بشكل عام، وكذلك الحال في قانون الأحداث الذي تحدث عن استخدام التقنيات الحديثة.
أما قانون الحماية من العنف الأسري، بينت المومني، أنه كانت هناك نية لوضع نظام لحماية المبلغين عن قضايا العنف والشهود، إلا أن هذا النظام لم ير النور بعد، في حين نص قانون هيئة النزاهة ومكافحة الفسادة في مادته الـ32 صراحة على توفير الحماية للشهود في قضايا الفساد وتطبيق إجراءات الحماية لهم.
وبشكل عام، تقول المومني، "إن المنظومة التشريعية الأردنية تفتقر لمظلة واسعة فيما يتعلق بحماية الشهود على نطاق واسع، وعليه فإن هناك ضرورة لوجود برنامج حماية الشهود مثل ما هو وارد في الممارسات الفضلى والمعايير الدولية لحقوق الإنسان، بحيث تكون منظومة متكاملة تبدأ بإخفاء هوية الشاهد وتغيير مكان سكنه إذا اقتضى الأمر، وإعطائه هاتف خاص برقم خاص وتكون مكالماته مراقبة بعد موافقته، فضلا عن وضع تقنيات مراقبة في منزله هو وكل أفراد عائلته، إضافة إلى وجود ضمانات لعدم تعرضه للإقصاء والتمييز في مكان عمله بسبب شهادته”.
(م.ي) وهو اسم مستعار قال أن تحول قبل عام ونصف العام من شاهد في قضية شروع بالقتل إلى "ضحية”.
ويروي (م.ي) تفاصيل تجربته ويقول: "أدليت قبل عام ونصف بشهادتي في قضية شروع في القتل حدثت في منطقة الهاشمي الشمالي، وقدمت شهادتي في الجلسة الأولى والجلسة الثانية وبعد الجلسة الثانية بدأت التهديدات تنهال علي خصوصا وأن من شهدت ضده من أرباب السوابق وله (بلطجيته)”.
وأضاف: "بدأت تهديداتهم لي من خلال مكالمات هاتفية ثم تترجمت هذه التهديدات على الأرض عندما قاموا بتكسير سيارتي حتى أنني أذكر أنني لم أقدم شكوى إلى الأمن بسبب هذه الحادثة، أولا لأنه لا يوجد إثبات على أن من قام بتكسير سيارتي هم الذين هددوني، وثانيا لأنني شعرت بالخوف”.
بعدها، يقول (م ي)، "وصلت التهديدات إلى أهلي وقالوها لي صراحة رح نوصل لبيتك وأهلك وعيلتك، وبالفعل بدأوا يتصلون بأختي وعرفوا مكان عملها، فضلا عن تهديداتهم هاتفيا لأمي ووالدي”، وقالولي إذا ما غيرت شهادتك رح نؤذيك ونؤذي عيلتك”.
واختتم حديثه بالقول، "نعم أنا لم أرضح لتهديداتهم وتمسكت بشهادتي لكن ما حدث معي أصاب أصدقاء لي بالخوف عدلوا عن تقديم شهادتهم في نفس القضية”.
بدوره، بين المستشار القاوني في منظمة "محامون بلا حدود”، المحامي معاذ المومني، أنه لا قانون العقوبات ولا قانون أصول المحاكمات الجزائية تناولوا حماية الشهود، مشيرا إلى أن النظام الذي تحدث عن حماية الشهود هو نظام صادر بموجب أحكام قانون هيئة النزاهة ومكافحة الفساد.
وقال المومني "إن قانون العقوبات تحدث عن جريمة التأثير على الشاهد وهذه ليس لها لا من قريب ولا من بعيد بحماية الشاهد، وإن هناك معايير دولية وأدبيات دولية مستقرة لحماية الشهود، فمكتب الأمم المتحدة المعني المخدرات والجريمة لديه دليل الممارسات الجيدة لحماية الشهود في الإجراءات الجنائية المتعلقة بالجرائم المنظمة، وتعريف الشاهد حسب القانون الدولي هو الشخص الذي يتعاون مع العدالة ما يعني لزوم توفير حمايته”.
وختمت المومني بالتشديد على "أنه وفي ظل التطور الحاصل في بعض الجرائم، أصبح لزاما على الحكومة والسلطة التشريعية أن تعدل تشريعات وطنية مثل قانوني العقوبات، وأصول المحاكمات الجزائية، وتضمنهما بنودا تضمن حماية كاملة للشهود، لكي لا يتحولوا لضحية، أو ينكأوا بأنفسهم عن الشهادة ليسلموا وعائلاتهم من الأذى.