المرصد العمالي الأردني: الاغلاقات أدت لخسارة أكثر من 140 ألف وظيفة
كشف التقرير السنوي للاحتجاجات العمالية لعام 2020، عن انخفاض أعداد الاحتجاجات العمالية عن ما كانت عليه خلال العام 2019، اذ سجلت 145 احتجاجا خلال عام 2020 مقارنةً مع 266 احتجاجاً عام 2019 وبنسبة تراجع بلغت 45 بالمئة.
وبحسب التقرير الذي أصدره المرصد العمالي الأردني التابع لمركز الفينيق للدراسات الاقتصادية وبالتعاون مع مؤسسة فريدريش ايبرت، فإن عام 2020 شهد احتجاجات من نوع جديد متعلقة بالتعامل مع جائحة كورونا والإغلاقات متعددة المستوى والمدى التي شهدها الأردن خلال عام 2020 وأدت إلى خسارة أكثر من 140 ألف وظيفة وزيادة نسبة البطالة التي قفزت من 19.0 بالمئة خلال الربع الرابع من عام 2019 إلى 24.7 بالمئة خلال الربع الرابع من عام 2020.
وأشار التقرير أن السبب الأساسي لتراجع هذه الاحتجاجات يعود الى القيود التي فرضتها جائحة كورونا وأوامر الدفاع التي أصدرتها الحكومة للحد من التجمعات.
وأوضح التقرير أنه بالرغم من زيادة معدلات البطالة بشكل ملموس، إلا أن عدد احتجاجات المتعطّلين عن العمل انخفضت بنسبة 16% مقارنة مع عام 2019، وذلك بسبب القيود الحكومية على التجمعات في إطار أوامر الدفاع لمكافحة انتشار جائحة كورونا، حيث نفذ المتعطلون عن العمل (18) احتجاجا عماليا عام 2020 بواقع 12.8 بالمئة من مجمل الاحتجاجات العمالية، مقارنة مع 75 احتجاجا وبواقع 28.2 بالمئة عام 2019.
وبحسب التقرير، فإن الاحتجاجات على تطبيق تعليمات وأنظمة جديدة سببت أضراراً للعاملين احتلت المرتبة الأولى بين الاحتجاجات العمالية، اذ بلغت ما نسبته 24.8 بالمئة من مجمل الاحتجاجات، مثل الاعتراض على قرارات حكومية متعلقة بتنظيم قطاعان وانشطة اقتصادية وعمالية مختلفة تؤثر سلبا على العاملين في هذه القطاعات والأنشطة الاقتصادية ومنها قرارات اغلاق بعض الأنشطة الاقتصادية بسبب جائحة كورونا.
تلاها الاحتجاجات التي تطالب بزيادة الأجور والعلاوات أو الحفاظ عليها، حيث بلغت نسبتها 23.4 بالمئة من مجمل الاحتجاجات. وتوزعت الاحتجاجات العمالية الأخرى على المطالبة بتوفير فرص عمل نفذها المتعطلون عن العمل، والاحتجاج على الفصل من العمل، الى جانب الاحتجاجات على اغلاق نقابة المعلمين ومن ثم حلها واعتقال مجلس إدارة النقابة.
وتنوعت أشكال الاحتجاجات العمالية التي جرت خلال عام 2020، بحيث بلغت نسبة الاعتصامات العمالية 62.1 بالمئة من مجمل الاحتجاجات، تلاها التهديدات بالاحتجاج بنسبة 11.7 بالمئة ثم الإضرابات بنسبة 7.6 بالمئة، ثم إيذاء النفس والانتحار بنسبة 2.8 بالمئة من مجمل الاحتجاجات.
إضافة الى ذلك فإن العاملين في القطاع العام (الحكومي) نفذوا 44.1 بالمئة من مجمل الاحتجاجات، الى جانب 43.3 بالمئة نفذها العاملون في القطاع الخاص، وما تبقى من احتجاجات نفذها المتعطلون عن العمل.
وفيما يتعلق بالجهات التي نفذت الاحتجاجات العمالية، رصد التقرير وعلى مدار أكثر من عشر سنوات أن غالبية الاحتجاجات العمالية نفذت من قبل مجموعات عمالية لا تتبع لأي إطار نقابي ينظم عملها، حيث بلغت نسبة الاحتجاجات التي نفذها عاملون خارج إطار نقابي عمالي 59 بالمئة من مجمل الاحتجاجات العمالية، الأمر الذي يشير إلى ضعف وغياب قنوات الحوار والتفاوض بين العاملين والعاملات الذين لا ينضمون تحت أي تنظيم نقابي من جهة، والإدارات وأصحاب الأعمال من جهة أخرى، ما يؤدي إلى زيادة أعداد الاحتجاجات العمالية.
وفي هذا الشأن، لفت التقرير إلى أن القطاعات العمالية التي تتمتع بشروط عمل لائقة في الأردن هي القطاعات التي يتمتع العاملون فيها بحقهم بالتنظيم النقابي، ولا تتجاوز نسبتهم عن 5 بالمئة، حيث لا يذهب هؤلاء العاملين باتجاه تنفيذ الاحتجاجات العمالية لتحسين شروط عملهم، فلديهم من قنوات الحوار والمفاوضة والخبرة ما يمكنهم من المطالبة بحقوقهم دون اللجوء إلى تنفيذ احتجاجات، وما يثبت ذلك أن نسبة الاحتجاجات العمالية التي نفذتها النقابات العمالية ولجانها (الرسمية والمستقلة) بلغت 3.4 بالمئة فقط عام 2020.
وعن الجهات الأخرى التي نفذت الاحتجاجات عام 2020، فقد نفذت النقابات المهنية بمن فيها نقابة المعلمين وأعضائها ما نسبته 23.9 بالمئة من نسبة الاحتجاجات، كما ونفذ المتعطلون عن العمل ما نسبته 11.2 بالمئة من مجمل الاحتجاجات العمالية.
وحول توزيع الاحتجاجات العمالية على المحافظات احتلت العاصمة عمان المرتبة الأولى في عدد الاحتجاجات العمالية التي جرى تنفيذها خلال عام 2020، بواقع 65 احتجاجاً وبنسبة 44.8 بالمئة، تلتها الاحتجاجات التي نفذت في أكثر من محافظة بعدد 31 احتجاجا ونسبة 21.4 بالمئة، مما يدل على أن الأسباب التي احتج الناس من أجلها كانت مشتركة في عام 2020.
أما بالنسبة لتوزيع الاحتجاجات وفقاً للأشهر، فقد احتل شهر شباط المرتبة الأولى بواقع 32 احتجاجا عمالياً وبنسبة 22.1 بالمئة، تلاه شهر كانون الثاني بواقع 25 احتجاجا وبنسبة 17.2 بالمئة، ويلحظ أن هذه النسب سجلت في أعلى أرقامها قبل إعلان تفعيل قانون الدفاع واتخاذ قرار الحظر العام الذي شل حرية التنقل والحركة في كل أنحاء البلاد لتبقى حركة الاحتجاجات هادئة وتتراوح بين شهر آذار ونيسان وأيار بين 3-4 احتجاجات كل شهر، حتى بدأت بالارتفاع في شهر حزيران وتموز بنسبة 7.6 بالمئة و20.6 بالمئة على التوالي. ومما يفسر عودة ارتفاعها هو إعلان الحكومة إجراءات جديدة لتخفيف ساعات حظر التجول، وانخفاض أعداد الإصابات بشكل ملحوظ حينها.
وأوصى التقرير بضرورة تعديل نصوص قانون العمل المتعلقة بمفهوم النزاع العمالي وآليات تسوية النزاعات العمالية لافتا إلى ضرورة استخدام آليات وأدوات جديدة لتسوية النزاعات العمالية، وبما ينسجم مع نصوص اتفاقية منظمة العمل الدولية رقم 98 المتعلقة بحق التنظيم والمفاوضة الجماعية التي صادق عليها الأردن منذ أكثر من 50 عاما.
كما أوصى التقرير بضرورة تعديل نصوص قانون العمل المتعلقة بتشكيل النقابات العمالية والسماح لجميع العاملين بأجر في الأردن بتشكيل نقاباتهم بحرية، وإلغاء احتكار تمثيل العمال من النقابات العمالية القائمة التي تفتقر لأبسط قواعد العمل الديمقراطي، ولا تسمح بتجديد قياداتها.
وأوصى كذلك بتعديل نصوص نظام الخدمة المدنية ليسمح للعاملين في القطاع العام من تأسيس نقاباتهم بحرية وبما يضمن حقوقهم المنصوص عليها في التعديلات الدستورية التي جرت في عام 2011 وقرار المحكمة الدستورية التفسير رقم 6 لعام 2013، والذي ضمن للعاملين في القطاع العام حق تشكيل نقابات خاصة بهم.
إضافة الى ذلك، أوصى التقرير بإعادة النظر بمنظومة تفتيش العمل المعمول بها في وزارة العمل من أجل زيادة فاعليتها لضمان تطبيق أحكام قانون العمل والضمان الاجتماعي بشكل يضمن للعاملين والعاملات في القطاع الخاص شروط عمل لائقة، وتوفير كافة أدوات وسبل عمل المفتشين والمفتشات وتوفير الحماية لهم، بما يعزز استقلاليتهم في العمل.
وطالب التقرير أيضا بوقف العمل بأوامر الدفاع التي أضعفت معاير العمل في القطاع الخاص ووقف خصم أجزاء من أجور العاملين والعاملات، وخفضت الحمايات الاجتماعية، والتي تتركز في القطاعات الأكثر تضررا من جائحة كورونا. وطالب التقرير بأن تقوم الحكومة بتوفير الدعم لمنشآت الأعمال التي تضررت من جائحة كورونا وما زالت تتضرر من سياسة الاغلاقات دون المساس بحقوق العاملين والعاملات فيها.
الى جانب ذلك، طالب التقرير بإعادة النظر بمنهجية تصنيف الأنشطة الاقتصادية الأكثر تضررا، لتصبح أكثر عدالة.