هل تؤثر إزالة الغابات في الشمال على تحولات هطول الأمطار؟

شهدت السنوات الأخيرة تحوّلات ملحوظة بأنماط هطول الأمطار في الأردن، وبينما تُعزى هذه التحوّلات غالبًا لتقلبات المناخ، إلا أن انكماش الغطاء الحرجي في شمال الأردن قد يكون عاملًا رئيسا.
فالغابات التي لطالما عُرفت بكونها مستودعات للتنوع البيولوجي تُعد بشكل متزايد مُنظّمات مناخية فعّالة، قادرة على جذب الأمطار.
وتفترض نظرية المضخة الحيوية أن الغابات تُطلق بخار الماء عبر التبخر والنتح، ما يؤدي لتكون السحب وانخفاض الضغط الجوي، ويجذب هذا الهواء الرطب من مصادر قريبة مثل البحر الأبيض المتوسط.
وتشير الدراسات إلى أن هذه العملية يُمكن أن تُعزّز هطول الأمطار بنسبة تصل لـ15 % في المناطق الحرجية، ما يؤكد على الدور المناخي للغابات بالإضافة لأهميتها البيئية.
وهذه النظرية ما تزال مثار جدل، وفق خبير الغابات د. ليث الرحاحلة الذي أكد على أن "فكرتها تقوم على أن الغابات عبارة عن مجموعة الأشجار التي تعمل على التبخر والنتح الذي يعرف بأنه فقدان الماء من النبات إلى الغلاف الجوي، عن طريق التبخُّر من الأوراق".
ولفت إلى أن عملية التبخر التي تتم عبر الأشجار الأبرية، أو تلك عريضة الأوراق يؤثر على الضغط البخاري المتواجد في الطبقة المجاورة والملاصقة للغابات".
وأوضح أن "التغير الذي يحدث للضغط البخاري ما بين الأرض وأقرب مسطح مائي، وتحديداً البحار والمحيطات، وفي حال إسقاط ذلك على الأردن فهنا الحديث يكون على الغابات في الشمال والبحر الأبيض المتوسط".
وهذا التغيير الذي يحدث يُسهم بزيادة حركة المنخفضات الجوية باتجاه الأراضي، الأمر الذي يؤكد بأن المناخ الرطب يتأتى من وجود الغابات، وهذا هو جوهر النظرية تبعا له.
وشدد على أن "زيادة مساحات الغابات يرفع معه معدلات التأثير على حركة المنخفضات الجوية وهطول الأمطار معها، وقد يكون لوجود الأشجار عريضة الأوراق تأثيراً أكبر من تلك الأبرية".
وبين أن "ذلك الأمر يعتمد على ما يسمى بمؤشر مساحة الورقة الذي تزيد من تأثير هذه النظرية، وتالياً فإن أي عملية إزالة للغابات عبر التحطيب، أو لأي عوامل أخرى سيخفف من قدرتها على إيجاد بيئة رطبة في المناطق التي تتواجد فيها، وتلك المجاورة لها".
وأشار إلى أن "الغابات الموجودة في شمال الأردن تُسهم بزيادة معدلات الرطوبة، لذلك لا بد من زراعة المزيد من الأنواع المناسبة من الأشجار، لتتسع رقعة بشكل أكبر مما هي عليها، وتالياً ضمان رفع معدلات هطول الأمطار عبر النظرية الاحيائية".
ولا بد من يرافق ذلك، ما يسمى بالتخطيط الشمولي للغابات، بحيث يتم زراعة الأشجار ذات الأوراق العريضة، وبمساحات شاسعة، بغض النظر عن أنواعها، بحد قوله.
ولكنه شدد على "ضرورة أن تقع هذه الغابات بالقرب من البحار وخاصة في المناطق الغربية والجبال، لأن معدلات الأمطار فيها تعد جيدة، وبالتالي فهي ستعمل على زيادتها".
ولا يقتصر الأمر على ذلك، بحسبه بل إن "تواجدها في تلك المناطق سيرفع من معدلات تحريك المنخفضات الجوية، في وقت أن الفائدة المحققة ستكون عالية وعلى المدى الطويل، مقارنة بتكلفة زيادة الاسترجاع للأشجار".
وفي الأردن، تقلص الغطاء الحرجي إلى ما يقارب 400 كلم2 فقط، أو 0.5 % من مساحة البلاد - أي أقل بكثير من النسبة المُتداولة وهي 1 %. يُعزى هذا الانخفاض بشكل كبير إلى إزالة الغابات، والرعي الجائر، والحرائق، وتوسع المستوطنات البشرية.
وقد شهدت المرتفعات الشمالية، التي كانت تتميز سابقًا بغابات كثيفة، أكبر انخفاض ملحوظ. الغد