فتوى شرعية تثبت أمومة زوجة السائق ل"طفل التاكسي"
في الوقت الذي ما تزال وزارة التنمية الاجتماعية تدرس تحضين "طفل التاكسي" الذي نشرت "الغد" قصته الأسبوع الماضي، إلى أسرة السائق، حسمت دائرة الإفتاء أمس الرأي الشرعي بـ"تثبيت أمومة زوجة السائق للطفل بالرضاعة".
وكانت زوجة سائق التكسي محمد عبدالرحمن صالح توجهت أمس الى دائرة الإفتاء العام، بسؤال نصه: "قمت بإرضاع طفل لقيط دون الحولين مرات عديدة، فهل يصبح ابنا لي من الرضاع؟".
وردت دائرة الإفتاء، ردا رسميا بفتوى تنص على انه "إذا أرضعت امرأة مولودا فقد أصبح ابنها من الرضاع"، مستشهدة بحديث الرسول صلى الله عليه وسلم "يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب"، متفق عليه.
وقالت دائرة الإفتاء: "وعليه فإن المذكورة (زوجة السائق) تصبح أما لهذا الطفل وتأخذ جميع أحكام الأمومة من جواز الخلوة والنظر وحرمة النكاح، وثبوت المحرمية".
كما استندت الفتوى الى نص قانون الأحوال الشخصية الأردني في المادة 27 على ان "الرضاع المحرم هو ما كان في العامين الاولين، وأن يبلغ خمس رضعات متفرقات، يترك الرضيع الرضاعة في كل منها من تلقاء نفسه دون ان يعود اليها، قل مقدارها أو كثر".
وبينت الفتوى أنه "جاء في تبين الحقائق شرح كنز الدقائق "حرم بسبب الرضاع ما حرم من الناس بسبب النسب، إذا وجد في ثلاثين شهرا ولو كان الرضاع قليلا"، كما قال الصاوي المالكي في حاشيته "ولو مصة واحدة"، وذهب الشافعية والحنابلة الى أن خمس رضعات يحرمن، ولا عبرة بما نقص عنهن، لقول النبي صلى الله عليه وسلم "لا تحرم المصة والمصتان"، رواه مسلم، ولما روى مسلم أيضا عن عائشة رضي الله عنها، قالت "كان فيما أنزل من القران: عشر رضعات معلومات يحرمن، ثم نسخن بخمس معلومات"".
وجددت الفتوى الأمل في نفس محمد وزوجته، في إمكانية أن تعزز من وضع الاسرة القانوني في احتضان الطفل، اللذين اعتبراه هبة من الله لهما بعد سنوات من العقم. وتتلخص القصة بترك سيدة لرضيع في تكسي، سائقه متزوج منذ 17 عاما، لكنه غير قادر على الإنجاب، وبعد أن تقدم السائق ببلاغ للجهات الامنية وتم ايداع الطفل في مستشفى الزرقاء الحكومي، وبقي فيه لمدة شهر، حرص السائق وزوجته على زيارة الطفل، وخلال تلك المدة در الحليب من الزوجة، وأرضعته عدة رضعات.
ورغم موافقة وزارة التنمية الاجتماعية على طلب محمد وزوجته بالاحتضان كون شروط الاحتضان تنطبق عليهما، فوجئ الزوجان بمعوقات تقف في طريقهما، نظرا الى ان التعليمات تنص على ضرورة "اعتماد الاقدمية في طلبات الاحتضان"، حيث يبلغ عدد الأسر المتقدمة بطلبات احتضان 134 أسرة.
لكن وزارة التنمية الاجتماعية أكدت انها "لغاية الساعة لم تحسم بقرار تحضينها للطفل من عدمه"، لافتة الى أنها "تدرس كافة الجوانب القانونية والشرعية لهذه الحالة الاستثنائية، خصوصا الجزئية المتعلقة بإرضاع الزوجة للطفل".
وحازت قضية سائق التكسي وزوجته على تعاطف كبير من الرأي العام، وسط مناشدات للوزارة بضرورة الالتزام بروح القانون وليس إطاره فقط، مدللين على الجوانب الشرعية والإنسانية التي تجعل الأسرة التي وجدت الطفل أحق باحتضانه من غيرها إلى جانب المصلحة الفضلى للطفل التي تتمثل في وجوده في بيئة محبة وراعية للطفل.