مصر تنتخب رئيسها السابع وسط إقبال جماهيري
يواصل المصريون تدفقهم للإدلاء بأصواتهم في الانتخابات الرئاسية المصرية، لاختيار الرئيس السابع، وتشكلت طوابير طويلة من الرجال والنساء خصوصا كبار السن، منذ الصباح الباكر امام العديد من مكاتب الاقتراع في القاهرة والمدن المصرية.
لاختيار رئيس مصر السابع من بين المرشحين القائد العام السابق للجيش عبد الفتاح السيسي، والقيادي اليساري حمدين صباحي.
وأدلى السيسي بصوته في مركز في منطقة مصر الجديدة. وداخل المركز قال للصحفيين "الدنيا كلها تشاهدنا لترى كيف سيصنع المصريون التاريخ والمستقبل اليوم وغدا"، مضيفا "المستقبل سيكون جميلا وعظيما".
وقالت له سيدة مسنة كانت تدلي بصوتها "كنا نعتزم ترك البلد ولكنك انقذتنا من الدمار الشامل" فرد عليها السيسي "ستظلون في البلد وستعيشون في أمان".
واتخذت اجراءات امنية مشددة حول مركز الاقتراع هذا اذ اغلقت الطرق المؤدية اليه بالاسلاك الشائكة وكان هناك كلاب بوليسية تطوف حوله كما حلقت مروحية فوق المدرسة التي أقيم بها مركز الاقتراع.
الا ان اجواء احتفالية سادت في الوقت نفسه حول المركز حيث كانت سيدات يزغردن وأخريات يصفقن وتلوحن بأعلام مصر.
واكد عدة ناخبين انهم جاءوا ليعطوا أصواتهم للسيسي. وقال ميلاد يوسف (29 عاما) وهو محام مسيحي أعطى صوته لصباحي في انتخابات 2012 وشارك في ثورة كانون الثاني(يناير) 2011 وفي تظاهرات 30 حزيران(يونيو) ضد مرسي "نحن بحاجة الى رجل قوي رجل عسكري".
اما عمر عبد الحليم وهو مهندس متقاعد في الرابعة والسبعين من عمره فقال "السيسي رجل المرحلة المقبلة فقد انقذ البلد من عصابة الاخوان ووقف موقفا بطوليا الى جانب الشعب".
ويرى المهندس عمرو عبد الفتاح المدير العام لشركة كونسترا جلوب العاملة فى الجزائر أن المشير السيسى امامه تحديات جسيمة وصعاب خلال الفترة القادمة ... كما أكد أن منصب الرئيس لم يعد مغنما كما فى السابق ولكنه حمل على كاهل الرئيس القادم .
وقال المهندس المصري ”إن المشير السيسي يتحلى بصفتين غاية في الأهمية هما القوة والأمانة وهو ما تحتاجه مصر في الفترة القادمة"، وأضاف ” أذكر في هذا الصدد بموقفه التاريخي المتمثل في تخليص مصر من مصير مجهول كان الله وحده هو الذي يعلم إلى أي مدى سيهوي بالبلد”، وأعرب عن الأمل في ان يوفق الله المشير السيسي ـ في حالة فوزه ـ في مهمته القادمة وإن كان قد جدد مخاوفه من زيادة الأعمال الإرهابية في حالة توليه منصب الرئاسة.
وتغطي صور السيسي جدران العاصمة منذ عدة اشهر. وهو يعد بالنسبة لغالبية المصريين الرجل القوي القادر على اعادة الامن والاستقرار للبلاد بعد ثلاث سنوات من الفوضى والاضطرابات ادت الى تدهور الاوضاع الاقتصادية وغلاء الاسعار وارتفاع نسبة البطالة.
لكن خصومه يقولون ان مع انتخابه المتوقع سيكرس الجيش سيطرته على السلطة التي استعادها مع اطاحة مرسي بعد عام على توليه الرئاسة ارتكبت خلاله جماعة الاخوان أخطاء أثارت غضب المصريين ضده.
وتعد نسبة المشاركة الرهان الرئيسي في هذه الانتخابات التي يريد السيسي ان يجعل منها دليلا على شعبيته الكبيرة وعلى شرعيته التي تشكك فيها جماعة الاخوان المسلمين المحظورة والملاحقة قضائيا وامنيا في اكثر من بلد عربي.
ودعا الاخوان الى مقاطعة الانتخابات التي يعتبرونها باطلة لانها جاءت نتيجة ما سموه "انقلابا" للسيسي على مرسي المنتخب ديمقراطيا.
وطلب السيسي نفسه الجمعة من المصريين التصويت بكثافة. وقال في مقابلة تلفزيونية "عليكم النزول الان اكثر من اي وقت مضى في تاريخ البلاد. انزلوا واظهروا للعالم كله انكم 40 او 45 (مليونا) وحتى اكثر" في حين يبلغ اجمالي عدد المسجلين في اللوائح الانتخابية في مصر 53 مليونا.
وتشهد البلاد حملة تعبئة واسعة من اجل تحفيز الناخبين على المشاركة. وتذيع التلفزيونات الخاصة والعامة منذ ايام اغاني وكليبات قصيرة تدعو المصريين الى "النزول" يومي الانتخابات.
وانضمت مؤسسة الازهر الى هذه الدعوة. وقال الامام الاكبر شيخ الازهر احمد الطيب ان "التقاعس عن المشاركة في التصويت عقوق للوطن". واضاف في ما اسماه "نداء الازهر الشريف الى الشعب المصري" انه يدعو "كل مصري ومصرية الى تلبية نداء الوطن بالمشاركة والنزول للادلاء باصواتهم في الانتخابات".
وفي اشارة الى دعوات لمقاطعة الانتخابات صدرت عن شيوخ مقربين من الاخوان المسلمين، ومن بينهم الشيخ يوسف القرضاوي الذي يعيش في قطر، قال الازهر ان "ما يصدر عن بعض المغرضين بالداخل والخارج من آراء مضللة واستدلال خاطئ بنصوص القرآن والسنة لتحريم المشاركة في الانتخابات الرئاسية انما هي آراء شاذة ومضلة".
ومنذ عزل مرسي، شنت السلطات حملة تطهير ضد انصار مرسي تم خلالها توقيف 15 الفا آخرين.
في المقابل قتل قرابة 500 من افراد الجيش والشرطة في اعتداءات مسلحة ضد قوات الامن عبر البلاد، بحسب الحكومة.
ومع استمرار تلك الهجمات بات غالبية المصريين يعولون على السيسي لاعادة الامن والاستقرار الى البلاد التي تعاني من تراجع للسياحة ومن نقص في النقد الاجنبي وارتفاع في معدلات البطالة والتضخم وانحسار للاستثمارات الاجنبية.
بالمقابل، يقدم القيادي اليساري حمدين صباحي نفسه باعتباره المرشح المعبر عن مبادئ واهداف ثورتي 25 يناير و30 يونيو التي عكسها شعارها الرئيسي "عيش، حرية، عدالة اجتماعية، كرامة انسانية".
وصباحي، الذي اكد انه قرر الترشح بناء على إلحاح الشباب الذين يخشون عودة نظام مبارك الاستبدادي، لعب دورا مركزيا في جبهة الانقاذ الوطني التي تشكلت في تشرين الثاني(نوفمبر) 2012 لمعارضة مرسي ونظمت تظاهرات واحتجاجات عديدة ضده مهدت لخروج الملايين في 30 حزيران (يونيو) الماضي للمطالبة برحيله.
وأعلن العديد من النشطاء السياسيين البارزين من بينهم علاء عبد الفتاح انهم سيصوتون لصالح صباحي لانهم يعتقدون ان حكم السيسي سيكون عودة الى عهد مبارك.
الى ذلك يرى عددا من المحللين العرب أن المرحلة القادمة تتطلب زعيما قويا قادرا على إخراج مصر من أزمتها .
وفى هذا الصدد ، أكد الدكتور اسماعيل دباش استاذ العلوم السياسية بجامعة الجزائر3 انه يتعين على الجميع احترام إرادة الشعب المصرى والأغلبية التي نزلت فى 30 يونيو الماضى من أجل الرغبة في التغيير .. مؤكدا أن ترشح السيسى في انتخابات الرئاسة هو مطلب شعبي قبل أن يكون رأيا شخصيا .
أما الدكتور مصباح مناس استاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية بجامعة الجزائر فقد تحدث عن القاعدة الشعبية الهائلة التى يمتلكها المشير عبد الفتاح السيسي نتيجة تطورات الاحداث وتلبيته لمطلب الشعب بازاحة مرسى من الحكم - حسب وصفه-، وقال “ إن السيسى رجل المرحلة الحرجة التي تمر بها مصر” ، واعرب الدكتور مصباح مناس لمراسلة وكالة انباء الشرق الاوسط بالجزائر عن يقينه التام بأن مصر مع السيسي ستصبح في وضع افضل مشيرا إلى ان رد فعل الجماعة الحالي - في إشارة إلى جماعة الأخوان الإرهابية - كان متوقعا ان يكون عنيفا نتيجة خروجهم من السلطة وضياع 80 عاما من العمل هباء .. مؤكدا أنه يجب على المعتدلين منهم ان يندمجوا فى اللعبة السياسية.
وقال الدكتور مناس إن مصر دول عريقة وبشيء من الجهد والصبر ومع قائد مثل السيسي ستفيق من هذا المخاض ، وأكد أنه غير قلق على الوضع في مصر إذا اصبح السيسي رئيسها .. وقال ” ما تدفعه مصر هو ضريبة طبيعية كانت متوقعة نتيجة الأحداث الاخيرة التي شهدتها ورد فعل الاخوان الذين أصبحوا في حالة “هياج” ويتخبطون ولكن عراقة مصر ومؤسساتها ومع انتخاب السيسي ستتحول إلى الاستقرار وسيحل الامن مجددا".