هنا الجامعة الأردنية وحكاية وطن ومواطن ! هند خليفات
في البداية علي القول أن الكتابة عن الجامعة الأردنية ليست بأقل كثيراً من الكتابة عن مؤسسة الجيش الذي يشكل نياشين هويتنا ورفعتنا؛ في الأردنية يصنع مستقبل الأردن ويتم إنتاج خط معظم القيادات التي تقود قطاعات التنمية في البلد وحتى بالدول الأخرى .
عملت مع الرجل الصعب قرابة عام ؛ الرجل الذي يذكرني بتفانيه الوطني بزمن حابس المجالي ووصفي التل حين كانت الأردن تلد نخبة رجالاتها وتدكهم في ميادين الوغى فيصمدوا ويرابطوا على المبدأ..
الوطن حين يكون مبدأ وغاية هذا المنهج الدقيق الذي تعلمته من المواطن اخليف الطراونة الذي يصادف أن يكون رئيس الجامعة التي لا يمكن الحديث عن الأردن وإغفال أسمها ومكانتها..
جاء الرجل لرئاسة الجامعة الأردنية في الوقت الدقيق الذي كانت فيه الحكومة قد قررت أن ترفع يدها عن مساندة موازنة الجامعات؛ وبدينْ ليس خفيف مرمي على كاهل الأردنية أم الجامعات ؛ وملفات ثقيلة عالقة ومعلقة واتفاقيات كاسدة مجمدة ؛ الرجل الذي يأتي بخبرة عريضة في معايير الجودة العالمية ينقض على الكاسد والمجمد ويشمر عن ساعديه ويبدأ بتشكيل مهام دقيقة لإعادة صبا الجامعة...
وحدات يتم حقنها بالتدريب والكفاءات ودوائر يتم دمجها ومراكز بحثية بالمسطرة والقلم يُعيد رجل الجودة رسمها من جديد..
لا أنكر أن حين يحصل أن أكون في عمل ويكون اخليف الطراونة حاضرا للعمل أضع يدي على قلبي من كمية العناية بالتفاصيل والمتابعة الشديدة وأدرك منذ اول يوم أن العمل ضمن فريق يقوده هذا الرجل سيكون بمثابة إختبار .. إختبار للوطنية ..
حين نتكاسل أو نشكو التعب من مناغمة فكره الذي يذهل حتى كبار زوار البعثات الدولية ورؤساء الجامعات العالمية في قيادة دفة العمل أدرك أن بعدها أن دم الوطنية والمهنية من سلالة واحدة لا تتجزأ ..
ارتفع عدد الطلاب الأجانب في زمن إدارته؛ وكذلك عدد الأساتذة الزائرين من جامعات عريقة؛ حققت الجامعة في كلية طب الأسنان الإعتمادية الأوروبية وكذلك مستشفى الجامعة وايضاً كلية الهندسة والتكنولوجيا على طريق الأعتمادية؛أما المراكز البحثية خلية بحث وإصدار براءات علمية. ؛ كل هذا حدث في إدارته وخطته الدقيقة لمركز الإعتماد الذي سيقود الجامعة جامعة كل أردني وأردنية للعالمية؛ مركز الجودة والإعتماد الذي اتصور أن فريق عمله حتى في ساعات الليل يعمل؛ فلديهم رجل " واقف ع رأسهم" أسمه أيضاً اخليف !
لا أتصور أن هناك ربيع إدارات حقيقي وعصري مر على هذا الصرح الضخم أكثر من هذه السنوات التي قاد فيها هذا المايسترو جوقة العمل الجامعي وكان فيها بذات الوقت بين طلابه والذي كنت أعجز كيف يتحمل هذا الكم الضخم من إقبال الطلبة عليه والحديث الودي معهم .. كان أب لا رئيس جامعة ببساطة ..
تم ترتيب بيت الأردنية برؤيته ؛وكان رب العمل الجماعي الحقيقي الذي كان يتباهى بأساتذة الكليات والباحثين كما يتباهى الأب بتميز أبناءه ..
تأتي الجامعات الأوروبية لتعقد اتفاقيات التعاون والتبادل الأكاديمي ؛ وهنا يحضر ذكاء الرجال الذي لا يفوت فرصة لجلب الفرص الأكاديمية للباحثين والطلبة؛ ولن يوفر حتما اخليف فرصة أن يذكر تفوق قطاعات دقيقة من الأردن ويرتب برنامج دقيق يجلب للطلبة والأساتذة فرص أكاديمية وبحثية وأحيانا منح.. يأتي الوفد الأجنبي بفكرة ويخرج بمجموعة أفكار وخطط عملية واتفاقيات جميعها لصالح الوطن .. فقد علمنا ان كل فرد مبدع ومتميز هو فرصة حقيقية لمستقبل هذا الوطن ..
كان يستثمر كل وفد وكل جهة ليس فقط للجامعة بل حتى الأردن ..
كانت الجامعات الأجنبية توقع الاتفاقيات وتدعو رئيس الجامعة؛ وكان يعود محملا بفرص واتفاقيات وكان يحمل الجامعة معه ويسوقها ويتحدث عنها في المحافل الدولية وكان آخرها في مختبر قطر العالمي لمكافحة المنشطات .. قد تكون بضعة أيام لكن نفعها على الجامعة ومكانتها يبقى طويلا.. كان يحمل هدايا الجامعات التي يزورها من ماله الخاص وأقسم أن عرفت أن حتى ما توفره الجامعة من مزايا بدل السفر لم يتمتع بها هذا الرئيس لانه آثر أن يطير بالجامعة ومكانتها ومراكزها وسمعتها على جناحه ومن ماله الخاص .
حققت الجامعة الآن برؤيته العلمية الواقعية مركز يرتفع على مؤشر الجودة؛ أنفتحت الجامعة على المجتمع اكثر وقرابة ٣٦ مدرج لا يأتي يوم دون ورشة سياسية أو ندوة ثقافية رفيعة المستوى ؛ وخطة صيانة شرسة تنقض على مباني الجامعة القديمة وتعيد تأهيلها ؛ تطبيق ذكي مجاني على هواتف الطلبة وإنترنت لاسلكي مجاني لجميع من يملك رقم جامعي..كل هذا جزء بسيط من منظومة إنجازات مستمرة يقودها هذا المواطن الحقيقي ..
بابه المفتوح وصدره الذي أتسع كل صرعات وإبتداعات بعض الأقلام التي اعتادت أن تكون الجامعة مصدر تمويل لها ولكن في عهده جفت تماما منابعها، حيث تحترف يبدو صناعة الخبر من العدم ؛ وكانت تريد النيل ليس من هذا الرئيس الديناميكي بل كانت تحاول فاشلة النيل من مؤسسات الوطن والجامعة أحدها وجوهرها ..
اخليف الطراونة ببساطة ووضع مرآة أمام صورة ووضع الجامعة؛ وبدأ بعدها التشخيص العلمي ثم مد مبضعه وعمل جراحة دقيقة.. فحتما أن هناك بعض الأورام التي مازالت تبث سمومها وتحشدها هنا وهناك .. لكن يبقى الأصيل الطيب أصيلا والورم دخيلا ..
حمى الله الأردنية أيقونة الأردن حماها لكل من يراها شامة على وجنة الوطن ..
Hindkh79@yahoo.com