دراسة: العمالة السورية زادت من اختلالات سوق العمل
دعا مركز الفينيق للدراسات الاقتصادية والمعلوماتية الحكومة إلى تصويب أوضاع سوق العمل وتنظيمه.
جاء ذلك عبر دراسة حول "تأثيرات العمالة السورية على سوق العمل الأردني"، حيث تهدف الدراسة الى حفظ مصالح الأردنيين وحقوق السوريين كلاجئين وغير لاجئين.
وأكد المركز أن دخول اللاجئين السوريين لسوق العمل الأردني، زاد من حدة ما يعاني منه هذا السوق من اختلالات أساسا.
واستعرض في الدراسة التي أصدرها مؤخرا بالتعاون مع مؤسسة فريدريش ايبرت، آثار دخول أعداد كبيرة من اللاجئين السوريين إلى سوق العمل.
وتركزت الدراسة على: المنافسة "غير العادلة" على العمالة الأردنية، بحيث أكدت أن كثافة العمالة السورية خلقت منافسة غير محسوبة وغير عادلة، بينها وبين العمالة الأردنية من جهة، و"الوافدة" (المصرية) من جهة أخرى.
وحسب الدراسة، كان واضحا أن درجة تأثر (المصرية) أكبر من "الأردنية" في العديد من القطاعات، بخاصة "الإنشاءات" غير المنظمة (تبليط، دهان، قصارة، حدادة البناء وغيرها).
وظهر ذلك جلياً في إقليم الشمال وبدرجة أقل في "الوسط"، موضحا أن العمالة الأردنية العاملة في هذه المهن، تأثرت سلبا أيضا، فمنهم من فقد عمله بسبب دخول السوريين للعمل في هذه القطاعات بكثافة.
وتابع التقرير أن "التأثير ذاته كان مشابها في قطاع المطاعم والحلويات على اختلاف أنواعها، بحيث تكثفت العمالة السورية فيها على نحو لافت وفي مختلف المحافظات، مع تمركزها في إقليمي الشمال والوسط".
أما في قطاع الزراعة، فتشير الدراسة إلى أن تكثف وجود العمالة السورية بهذا القطاع، كان مع بداية دخول السوريين للأردن، لكنه ومع التجربة، بدأ أصحاب الأعمال في القطاع الزراعي بالاستغناء عن العمالة السورية والعودة لتشغيل "المصرية"، لارتفاع مهارتها عن "السورية" واستقرارها بهذا القطاع.
وأكدت أن نسبة السوريات اللواتي دخلن لسوق العمل متواضعة مقارنة بالعمالة السورية من الذكور، مبينة أنه لا تتوافر أي إحصاءات في هذا الصدد، وهن يتركزن بمحلات بيع الملابس والمكاتب التجارية الصغيرة ومكاتب المهنيين.
أما المحور الثاني، فتمثل بالضغط على مستويات الأجور باتجاه تخفيضها، اذ أوضحت الدراسة أن انتشار العمالة السورية بهذه الكثافة في مختلف القطاعات، أدى إلى ضغوط كبيرة على مستويات الأجور وتخفيضها، استنادا إلى منطق العرض والطلب.
وبين أن العمالة السورية لديها استعداد للعمل بأجور منخفضة لظروفها الصعبة، بحيث وجد أصحاب عمل انفسهم أمام أعداد كبيرة من طالبي العمل بمختلف المهن، ما دفعهم إما لتخفيض أجور العاملين لديهم أو الاستغناء عن العديد منهم، وتوظيف عمالة سورية بأجور أقل.
بيد أن التقرير يؤكد أن القطاعات المنظمة في منشآت الأعمال المتوسطة والكبيرة، لم تتأثر في هذا الجانب، فدخول السوريين لهذا القطاع كان محدودا، نتيجة عدم حصول العمالة السورية على تراخيص عمل رسمية للعمل فيه.
من جانب آخر، أدى دخول السوريين لسوق العمل إلى الضغط على مستويات العمل اللائق وتراجعه، بينما أدى الوجود المكثف للعمالة السورية وعلى نحو ملموس لتراجع مؤشرات وشروط العمل اللائق والحقوق الأساسية بالعمل في غالبية القطاعات الاقتصادية غير المنظمة والمنظمة الصغيرة والمتوسطة.
وأثر ذلك التراجع على شروط مختلف العاملين من أردنيين ووافدين "مصريين أو سوريين"، إذ ازدادت ساعات العمل في العديد من هذه القطاعات، لتصل أحيانا إلى 12 ساعة يومياً، إلى جانب حرمانهم من إجازاتهم، وتأخير استلام الأجور.
وأشار التقرير إلى انتشار أطفال سوريين في سوق العمل على نحو لافت، ممن يعملون في مهن تؤثر سلبا على نموهم السليم.
وعرضت لوضع سوق العمل وما يعانيه من اختلالات وأبرزها تدني معدلات الأجور مقارنة بمستويات الأسعار المرتفعة لمختلف السلع والخدمات، وارتفاع معدلات البطالة عند مستويات تتراوح بين 12 و14 %، والأعداد الكبيرة من العمالة الوافدة غير المنظمة (غير القانونية).
ولفتت إلى أن عدد الوافدين المسجلين لدى وزارة العمل يقارب 275 ألف عامل، وهذه أرقام لا تشمل العمالة الوافدة غير القانونية، التي تشير تقديرات رسمية وغير رسمية إلى أن حجمها يبلغ ضعفي حجم العمالة القانونية إن لم يكن أكثر، والتوسع المتواصل للقطاع غير المنظم (غير الرسمي)، وضعف المشاركة الاقتصادية.
وأكد المدير العام للمركز أحمد عوض أن "دخول العمالة السورية بشكل كبير للسوق، زاد من حدة اختلالاته، والتي جاءت نتيجة للسياسات الاقتصادية الانتقائية التي اتبعتها الحكومات المتعاقبة في العقدين الأخيرين.
وشددت الدراسة على زيادة المجتمع الدولي مساعداته المتنوعة للأردن، لتمكينه من مواجهة التحديات الجديدة التي فرضها كثافة اللجوء السوري.
وأوضح أن حجم المساعدات المقدمة حتى الآن، لا يغطي كافة احتياجات السوريين سواء أكانوا لاجئين أم غير لاجئين، ما يضطرهم للدخول إلى سوق العمل على نحو غير نظامي وخلق حالة منافسة غير عادلة مع العمالة الأردنية.