غوتيريس: 40 % من عائلات سورية تدعمها "المفوضية" تعيلها نساء

كشف مفوض الأمم المتحدة الأعلى للاجئين انتونيو غوتيريس، عن أن 40 % من عائلات اللاجئين السوريين، التي تدعمها المفوضية شهريا بمبالغ نقدية في الأردن، "تعيلها امرأة"، مؤكدا أن المنظمة الأممية "لا تستطيع" إعالة جميع اللاجئين من فئة "الأمس حاجة"، وهي الفئة الأكبر، بسبب قصور الدعم الدولي.
وشدد غوتيريس، في مؤتمر صحفي عقده أمس في عمان، وأطلق خلاله تقريرا عن "المرأة السورية اللاجئة"، على أهمية دور الإعلام في لفت الانتباه "لمدى مأساوية" ان تكون لاجئة مسؤولة ومعيلة لأسرتها، وسط ما تتعرض له من اعباء مالية ونفسية، وتحرشات تصل إلى حد الاغتصاب أحيانا.
ودعا المتبرعين، والحكومات المضيفة ومنظمات الإغاثة، إلى اتخاذ إجراءات جديدة طارئة، بهذا الصدد، مشيرا إلى المشقة التي تعيشها هؤلاء النسوة، اللواتي "نفد منهن المال، ويواجهن تهديدات يومية لسلامتهن، ويتم نبذهن لسبب واحد، وهو خسارة أزواجهن في حرب ضارية".
وفيما أشار المسؤول الأممي، إلى أن أكثر من 600 ألف لاجئ سوري، مسجلين رسميا في المملكة، ويشكّلون 150 ألف عائلة، بيّن أن المفوضية تقدم دعما نقديا مباشرا فقط لـ"20 الف عائلة" منهم، من بينها 8 الاف "تعيلها نساء"، من اصل 60 ألف عائلة "تعيلها نساء" موجودة في الأردن وتحتاج للدعم النقدي.
على مستوى المنطقة، وجد التقرير الجديد، الصادر عن المفوضية، أنّ أكثر من 145 ألف عائلة سورية لاجئة في مصر ولبنان والعراق والأردن، "تعيلها نساء"، يخضن بمفردهن كفاحاً من أجل البقاء على قيد الحياة.
وكشف التقرير، الذي نشرته "المفوضية" على موقعها الإلكتروني الرسمي، النقاب عن الصراع اليومي من أجل تدبر الأمور المعيشية، فيما تناضل النساء للحفاظ على كرامتهن، والاهتمام بعائلاتهن في منازل متداعية ومكتظة، وملاجئ مؤقتة وخيام غير آمنة.
واستند التقرير، الذي يحمل عنوان "نساء بمفردهن.. صراع اللاجئات السوريات من أجل البقاء"، إلى شهادات شخصية لـ135 من هؤلاء النساء، أدلين بها على مدى ثلاثة أشهر من المقابلات بداية 2014، وهن "نسوة علقن في دوامة من المشقة والعزلة والقلق، بعدما أرغمن على تحمل مسؤولية عائلاتهن بمفردهن، بسبب تعرض أزواجهن للقتل أو الأسر أو انفصالهن عنهم لسبب أو لآخر"، بحسب التقرير.
وبيّن غوتيريس ان "نقص المال"، يعتبر "الصعوبة الأولى التي أبلغت عنها اللاجئات"، وان معظمهن يكافحن من أجل سداد الإيجار، وتأمين الغذاء وشراء المستلزمات المنزلية الأساسية، وقد أنفقت الكثير منهن مدخراتهن كاملة، وبعضهن اضطررن لبيع أطفالهن أو إرسالهم للعمل، أو طفلاتهن للزواج.
وحث على ضرورة تحسين الدعم المباشر للأسر، التي هي بأمس الحاجة، لأن "هذه وسيلة مهمة جدا للسماح للناس للحفاظ على كرامتهم"، "وسويا مع بقية شركاء المفوضية، ما يزال هناك نقص في التمويل، لاستكمال هذا البرنامج للدعم النقدي لهذه العائلات".
وكشف التقرير عن أن واحدة من خمس نساء فقط، يجدن عملاً مدفوع الأجر، في حين تجد الكثير منهن صعوبة في الحصول على وظيفة، أو أنهن منهمكات جداً بأمور أخرى، وأن واحدة من خمس، تتلقى دعماً من أقرباء راشدين آخرين، وأن بعضهن يستفدن من كرم المجتمع المحلي، كملاك العقارات، الذين يسمحون لهن بالسكن دون سداد الإيجار، أو المساجد.
وتتلقى ربع النساء مساعدة نقدية من المفوضية وغيرها من منظمات الإغاثة، بحسب التقرير، وتعتمد ثلثا اللواتي يتلقين المساعدة على منظمات الاغاثة بشكل كامل، فيما نقل التقرير ان "ثلث النساء يقلن إنهن لا يملكن كفايتهن من الغذاء".
وعبّر 60 % من المشمولات في التقرير عن شعورهن بانعدام الأمن، وأعربت امرأة من بين ثلاث عن خوفها الشديد أو عجزها حتى عن مغادرة المنزل، كما اشتكت كثيرات من تحرشات لفظية منتظمة صادرة عن سائقي سيارات الأجرة والباصات، وملاك العقارات، ومقدمي الخدمات، والرجال في المتاجر والأسواق والمواصلات العامة، وحتى في نقاط توزيع المساعدات، بحسب التقرير.
وفي حين "أبلغت إحدى النساء عن تعرّضها للاغتصاب"، اشار التقرير الى ان "كثيراً من النساء لم يكنّ على استعداد لمناقشة العنف الجنسي والقائم على نوع الجنس"، كما عبرت معظمهن عن "القلق من تأثير ذلك على أطفالهن".
وفيما قدمت أكثر من 150 منظمة خدمات دعماً للاجئات وعائلاتهن، أظهر التقرير ان عدة لاجئات يأخذن المبادرة، ويدعمن بعضهن البعض، ويعملن على إيجاد حلول لصراعهن اليومي، كما أن الدول والمجتمعات المضيفة، قدمت مبادرات تنم عن اللطف والكرم.
لكن التقرير بيّن أنّ هذه المساعدة "لم تكن كافية"، ودعا المتبرعين إلى بذل مزيد من الجهود لمساعدة اللاجئات للوقوف مجدداً على أقدامهن وكسب المال الكافي للعيش، اضافة الى انه ومع قيود التأشيرات وغيرها التي تفصل واحدة من خمس عن أزواجهن أو عائلاتهن، دعا التقرير أيضاً الحكومات المضيفة إلى إيجاد الحلول لجمع شملهن مع عائلاتهن، كما اكد ان المجتمعات المضيفة تحتاج لدعم كبير، لأن "كثيرا من الصعوبات التي تواجهها النساء، والضغوط المتزايدة، هي انعكاس لمخاوف أكثر شمولية في المجتمعات المحيطة".
إلى هذا، اكد غوتيريس ان عدد اللاجئين السوريين وصل الى حوالي 2.9 مليون، إضافة لـ"ملايين النازحين داخلياً"، واعتبر أن "سورية أكبر أزمة للنزوح في العالم".
كما بيّن أنه منذ بداية العام 2014، تم تسجيل أكثر من 100,000 لاجئ سوري شهرياً، في البلدان المجاورة، ومن المتوقع أن يصل إجمالي عدد اللاجئين إلى 3.6 مليون بحلول نهاية العام.