هيومن رايتس: الجماعات المسلحة السورية تجند أطفال اللاجئين السوريين
أشاد تقرير حقوقي بالإجراءات الاخيرة التي اتخذتها الجهات الرسمية، والتي اسهمت بالحد من أعداد الأطفال السوريين العائدين وحدهم إلى سورية من مخيم الزعتري، بمن فيهم "اولئك الذين خططوا للعودة إلى سورية للانضمام الى صفوف الجماعات المسلحة".
وقال تقرير حقوقي، صدر اخيرا عن منظمة "هيومان رايتس ووتش"، ركز حول "تجنيد الاطفال السوريين في الصراع الدائر في بلادهم" بعنوان "قد نعيش وقد نموت"، إن الاجراءات الرسمية اشتملت شرط ان "يمثل الطفل الراغب في العودة إلى سورية وحده مع والديه أمام رئيس المخيم/ مسؤول من وزارة الداخلية الأردنية"، لشرح أسباب المغادرة والحصول على الموافقة على العودة.
ووفقا للتقرير، فإن هذا الاجراء، بحسب منظمات انسانية ومسؤولين عن الاشراف على عودة السوريين من الزعتري، "قلل كثيراً من عدد الأطفال العائدين وحدهم إلى سورية، بمن فيهم من عادوا للقتال".
وبين أن "جماعات مسلحة معارضة قامت في بعض الحالات بتجنيد وإلحاق أطفال بصفوفها من مخيمات اللاجئين ومن تجمعات سكانية بالدول المجاورة، وكذلك من داخل سورية نفسها".
وكان تقرير صادر عن منظمة الامم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) بعنوان "الحياة المحطمة" في حزيران (يونيو) العام الماضي، قال ان "هناك اطفالا يقيمون الآن في الزعتري كانوا متورطين مع المجموعات المسلحة التي تقاتل في سورية"، مشيرا الى أن "بعض الاطفال الذكور يعودون الى سورية بعد ان استخدام مخيم الزعتري كمأوى مؤقت لتلقي العلاج الطبي".
وقالت (اليونيسيف)، ان "بعض اللاجئين ومقدمي الخدمات يعتقدون ان هؤلاء الصبية يعودون الى سورية للقتال بمحض ارادتهم"، مشيرة الى "تداول ادعاءات مؤخرا بأن مجموعات مسلحة قادمة من سورية تجند اطفالا من المخيم".
وبحسب "هيومان رايتس ووتش"، فإن عدد الأطفال السوريين الذين شاركوا في النزاع المسلح السوري غير معروف، لكن حتى أيار (مايو) الماضي كان مركز توثيق الانتهاكات "جماعة رصد ومراقبة سورية"، وثق مقتل 194 طفلاً "غير مدنيين" من الذكور، منذ أيلول (سبتمبر) 2011.
ووفقا لتقرير للمنظمة فإنه "منذ بدأ النزاع المسلح السوري في أواخر2011، وقعت انتهاكات جسيمة كثيرة للقانون الدولي، "تتحمل القوات المسلحة السورية النظامية بالأساس المسؤولية عنها"، لكن الجماعات المسلحة التي تقاتل الحكومة ارتكبت بدورها انتهاكات جسيمة كثيرة، "ومنها تجنيد واستخدام الأطفال تحت سن 18 في القتال، والاضطلاع بأدوار دعم مباشر للقتال".
ووثقت المنظمة هذه الممارسة للمرة الأولى في تشرين الثاني (نوفمبر) 2012، حيث وجدت أن فتية تبلغ أعمار أصغرهم نحو 14 عاما ساعدوا في أدوار "داعمة للجيش السوري الحر"، وهو مصطلح يشير لجماعات مسلحة تقاتل القوات النظامية.
وأشارت الى ان عدد الجماعات المسلحة في سورية ازداد منذ ذلك التوقيت، وأصبح منها جماعات إسلامية متطرفة مثل "جبهة النصرة، والدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش)"، والتي لجأت بشكل ممنهج إلى تجنيد الأطفال، بحسب سكان محليين وجنود أطفال سابقين.
ويوثق التقرير ما تعرض له 25 طفلاً يخدمون حاليا أو سابقاً في صفوف الجماعات المسلحة المعارضة.
ولأسباب لوجستية وأمنية، لا يغطي التقرير جميع الجماعات التي تناقلت التقارير "استخدامها للأطفال في سورية، لا سيما الذين ظهرت تقارير عن قيامهم بدعم القوات النظامية أو الميليشيات الموالية للحكومة ومن شاركوا في صفوفها"، رغم وجود مصادر موثوقة تشير إلى هذا.
وتبين "هيومن رايتس ووتش" أن جماعات المعارضة المسلحة استخدمت صبية تصل أعمار أصغرهم إلى 15 عاماً كمقاتلين، و14 عاماً في أدوار داعمة، وأن بعض الذين شاركوا تعرضوا للاحتجاز او القتل في ساحة المعركة.
وقام صبية أجرت معهم "هيومان رايتس ووتش" مقابلات، بالقتال على الجبهات، وبأعمال تجسس على قوات العدو، وعملوا كقناصة، وعالجوا الجرحى في ساحات المعارك، ونقلوا ذخائر وإمدادات أخرى لخطوط المعارك التي يستعر فيها القتال.
ووصف أحد الأطباء علاجه لصبي عمره بين 10 و12 عاماً، "كانت مهمته جلد المحتجزين في مركز اعتقال يتبع لـ"داعش"، بحسب مقاتل بالغ قام بجلب الصبي المصاب إليه.
ولم يقتصر استخدام الأطفال في صفوف جماعات المعارضة المسلحة على جماعة واحدة، أو عقيدة أو عرق واحد، بحسب تقرير المنظمة الذي يقول إن "هناك أطفالاً قاموا بالخدمة في كتائب وفصائل على صلة بالجيش الحر، وقوات إسلامية متطرفة مثل النصرة و (داعش)، وفي وحدات حماية الشعب وقوات شرطة الآسايش بالمناطق الخاضعة للسيطرة الكردية شمالي سورية".
وطالبت المنظمة مجلس الأمن بإحالة الوضع في سورية إلى المحكمة الجنائية الدولية، "للسماح بالملاحقة على جرائم الحرب، بما في ذلك جريمة تجنيد أو إدراج أطفال تحت سن 15 في صفوف القوات المسلحة أو صفوف الجماعات المسلحة غير التابعة للدولة"، وعلى مشاركتهم الناشطة في أعمال القتال.
ودعت الحكومات التي "توفر الدعم للجماعات المسلحة في سورية، الى مراجعة سياسات هذه الجماعات بشأن تجنيد الأطفال، وتجميد جميع المبيعات والمساعدات العسكرية"، ومنها التدريب الفني والخدمات الفنية، المقدمة لقوات توجد مؤشرات موثوقة على تورطها في ارتكاب الجرائم الممنهجة والمنتشرة، ومنها استخدام الأطفال كجنود، حتى تكف عن ارتكاب هذه الجرائم وتتخذ إجراءات تأديبية مناسبة ضد الجناة، ومنع مواطنيها من توفير الدعم العسكري لهذه الجماعات.
وطالبت المنظمة الهيئات الإنسانية الناشطة في سورية أو التي تساعد اللاجئين في دول الجوار الى دعم جهود توفير فرص التعليم الثانوي للأطفال، والتصدي لاحتياجات الصبية المستضعفين بوجه خاص في أعمار 13 إلى 18 عاما والمتعلقة ببرامج حماية الطفل.