تحقيق: الطائرات السورية لم تقصف قرى أردنية في 12 آب
أثبت تحقيق ميداني أجراه مرصد مصداقية الإعلام الأردني (أكيد) أن خبر اختراق الطيران السوري للحدود الأردنية وقصفه مناطق داخل الحدود الأردنية الذي تداولته وسائل الإعلام المحلية وخصوصا الإلكترونية الأربعاء، الثاني عشر من آب (أغسطس) الحالي "غير دقيق”، وأن الطائرات السورية "المقصودة” لم تقصف أي أهداف داخل الأراضي الأردنية.
وكانت التغطية الإخبارية لحادثة "اختراق الطيران السوري الحدود” وقصفه مواقع "زراعية” أو "عسكرية” في بلدتي "الدفيانة وصبحا وصبحية” في محافظة المفرق و”تحليقه فوق البلدتين”، أثارت اهتمام الرأي العام والمراقبين والصحفيين، خصوصا "بعد نفي القوات المسلحة الأردنية وقوع الحادثة”، وإعلانها نيتها إحالة "كل من نشر هذه الأخبار الكاذبة إلى محكمة أمن الدولة لأنها تضر بأمن الوطن والمواطن”.
فريق "أكيد” قام بزيارة ميدانية للمنطقة وجال على المنطقة الحدودية المتاخمة للأراضي السورية، و”تحقق من سكانها عن حقيقة الحادثة”، كما تثبّت الفريق من بعض ناشري ومحرري المواقع الإلكترونية، ومن مديرية التوجيه المعنوي في القيادة العامة للقوات المسلحة.
ويرى استقصاء "أكيد” أن الخبر الذي تناقله العديد من وسائل الإعلام، اعتمد مصدرا رئيسا واحدا معرّفا "هو رئيس بلدية الدفيانة وصبحا وصبحية بخيت العيسى”، أما المصادر الأخرى فهي مجهولة مثل "شهود عيان” أو "عدد من سكان المنطقة”.
ويضيف التحقيق "مع انتشار الخبر بسرعة بين هذه المواقع، كان من الصعب التعرف على ما إذا كان المنشور في العديد من المواقع هو فعلا تصريحات من العيسى لجميع هذه المواقع، أم أنها نقلته عن مواقع أخرى”.
وباستثناء قناة "رؤيا” الفضائية ووكالة أنباء الأناضول، فإن أياً من وسائل الإعلام والإلكتروني تحديدا، لم يزر المنطقة أو يجُل فيها ليتقصى ميدانيا عن حقيقة ما جرى، وإنما اكتُفي بالاتصالات الهاتفية مع المصدر الرئيس العيسى”.
فريق "أكيد” قام بزيارة ميدانية وعاين واستمع إلى شهادات من سكان صبحا وصبحية التي انتهت إلى عدم "صحة الخبر المنشور” بوسائل الإعلام والمنقول عن البخيت، رغم أن الفريق يؤكد في تحقيقه أنه التقى العيسى وتحدث إليه، غير أنه "اعتذر نهائيا عن الإدلاء بأي تصريح”.
وتصريح العيسى في حينه هو أن "طائرة عسكرية سورية أطلقت صاروخين على أرض زراعية بمحيط البلدة صباح الاربعاء الموافق 12 آب (أغسطس) الحالي”.
والتقط الفريق صورا للشريط الحدودي المحاط بحراسة الجيش الأردني وبساتر ترابي، "تظهر من عنده حركة النقل على الطريق الموجود ضمن الأراضي السورية الذي تم استهدافه بصاروخين” وفق ما قال العيسى.
ونقل الفريق عن الشيخ زايد العون أن الطائرة السورية "لم تقصف أي هدف أردني ولم يكن بالإمكان تحديد ما إذا كانت الطائرة تحلق في السماء الأردنية.. كل ما شاهدناه أن طائرة من نوع (ميج) أغارت على منطقة قريبة من الحدود الأردنية داخل سورية”.
وتابع العون، وهو عسكري متقاعد، "استمرت العملية عشر دقائق تقريباً، وأحدثت الانفجارات دويا شديدا في المنطقة وأثارت سحابة من الغبار والدخان على الشريط الحدودي”.
وهذا ما أكده ايضا عليان العكش السردي، أحد أبناء المنطقة بقوله إن العملية "جرت داخل الحدود السورية، لكن لأنها قرب الحدود شعر الناس بأن القصف وكأنه داخل الأراضي الأردنية”.
وعلى بعد مئات الأمتار من الشريط الحدودي حيث منطقة كوم الرف، تحدث عبدالعزيز الجمعان عن العملية التي وقعت على مقربة من بلدته، وقال إن الطائرة السورية "حلقت فوق أطراف بلدة كوم الرف ومن هناك وجهت صاروخين لشاحنة كانت داخل الاراضي السورية”.
مدير التوجيه المعنوي العميد عودة الشديفات أوضح أن "القوات المسلحة تتعامل بشفافية مع قضايا مماثلة”، وهي "أعلنت أكثر من مرة عن الخروقات” التي كانت تحدث، وكانت تتحقق منها وتتخذ الإجراءات المناسبة الكفيلة بحماية حدود المملكة، وكان آخرها قبل أيام عندما أعلنّا عن قصف للساتر الترابي”.
وأكد أن تحديد اختراق سماء المملكة "لا يتم إلا بالرادار”، وهو ما لم يحدث في الواقعة الأخيرة، حيث لم يدخل الطيران السوري نهائيا، و”إن كان قريبا جدا من الحدود”.
وأشار إلى أن المنطقة الحدودية لا يفصلها إلا السياج والسواتر الترابية، والمسافة في بعض الأماكن تتراوح بين أمتار قليلة إلى كيلومترين أو ثلاثة، ما يعني أن "سقوط القذائف متوقع في أي وقت في مناطق شمال الرمثا والقرى المتاخمة للحدود والبادية الشمالية”.
وأوضح الشديفات، أن "البراميل المتفجرة التي تقذف من الطائرات العمودية أو المقاتلة من ارتفاعات منخفضة تحدث دويا هائلا يجعل السكان المتاخمين للحدود يشعرون وكأنها قريبة جدا منهم”.