الملك خلال زيارته لمنزل اللوزي يدعو إلى التحلي بروح المواطنة الفاعلة
أكد جلالة الملك عبدالله الثاني أن الأردن قادر دوماً على تجاوز مختلف التحديات بكل عزم واقتدار وثبات.
وأشار جلالته، خلال لقائه أمس، عددا من الشخصيات الوطنية في منزل رئيس الوزراء الأسبق أحمد اللوزي، إلى أن المملكة نجحت في مراحل كثيرة بتحويل التحديات إلى فرص بوعي وحكمة "مواطنينا" وبجاهزية مؤسساتها الوطنية.
ولفت جلالته إلى "أن مسيرة وطننا تستند إلى رسالته القائمة على قيم الاعتدال والتسامح وصون كرامة الإنسان، وإلى إنجازات تاريخية حققها أبناء وبنات الوطن في مختلف مواقعهم وبفكر الشخصية الوطنية الأردنية الحريصة دوماً على صون استقرار الأردن ومنجزاته".
وجدد جلالته التأكيد، في هذا السياق، على اعتزازه بما تبذله القوات المسلحة والأجهزة الأمنية من جهود متميزة لتعزيز أمن واستقرار الوطن وصون مصالحه العليا.
وشدد جلالته على أن الأردن يشكل حالة فريدة ومتميزة من العيش المشترك بين المسلمين والمسيحيين على أساس التنوع وقبول الآخر، مشيراً إلى جهود المملكة في تعزيز لغة الحوار والتسامح والاعتدال ونبذ العنف والتطرف.
وأكد جلالته، في هذا الصدد، أن الأردن مستمر في دوره التاريخي للعمل بأقصى الطاقات لحماية المسيحيين العرب، الذين يشكلون دوماً جزءاً لا يتجزأ من تاريخ وحضارة "منطقتنا"، ماضياً وحاضراً ومستقبلاً.
واستعرض جلالته الإنجازات التي حققها الأردن في مسيرته الإصلاحية والتنموية الشاملة، التي يلتزم بها وينتهجها بتدرج وثبات وتوازن، وفق خريطة طريق ترتكز على الأولويات الوطنية، التي يجمع عليها أبناء وبنات الوطن.
وأشاد جلالته، في هذا الإطار، بوعي الأردنيين والأردنيات بالمصالح العليا للوطن، وبالجهود التي بذلتها جميع المؤسسات الرسمية، خصوصاً السلطة التشريعية في إقرار سلسلة من التشريعات بدءاً بالتعديلات الدستورية وما تلاها من قوانين ناظمة للحياة السياسية، والتي أسهمت في الوصول بالمملكة إلى هذه المرحلة المتقدمة، وجعلها أنموذجاً إصلاحياً في المنطقة.
ودعا جلالته الجميع إلى التحلي بروح المواطنة الفاعلة عند طرح قضايا الشأن العام، واعتماد الأدوات والآليات الديمقراطية وضمن المؤسسات والقنوات الدستورية.
وشدد جلالته على ضرورة المحافظة على هيبة الدولة والممتلكات العامة، والتعامل مع جميع الاعتداءات والمخالفات حسب المقتضى القانوني، مؤكدا أن هذا الأمر هو مسؤولية مشتركة على الجميع، وبما يضمن تطبيق القانون.
وبموازاة ذلك، أشار جلالته إلى جملة من التحديات التي تواجه المملكة، لاسيما التحديات الاقتصادية، التي ستبقى وفق ما أكده جلالته، على رأس الأولويات الوطنية.
وقال جلالته: "أؤكد من جديد أن الارتقاء بالمستوى المعيشي للمواطن هو شغلي الشاغل ومحور التوجيهات لجميع الحكومات والمسؤولين".
وتناول اللقاء الانعكاسات السلبية للتحديات الإقليمية، خصوصاً الأزمة السورية وتبعات أزمة اللجوء السوري على الاقتصاد الأردني، الذي لم يرق حجم الدعم الدولي المقدم له إلى مستوى الأزمات التي يواجهها والأعباء الضخمة التي يتحملها.
ولفت جلالته إلى أنه وفي ظل تنامي أعداد اللاجئين وما يسببه ذلك من تزايد الضغوطات المالية غير المسبوقة على موارد الأردن المحدودة أصلاً، فإن التأثير المباشر لها يزداد في محافظات الشمال، التي تعتبر مجتمعاتها المحلية الأكثر تأثرا من اللاجئين السوريين.
وخلال اللقاء، الذي تناول آخر المستجدات على الساحة الإقليمية، أعاد جلالته التأكيد على مواقف الأردن الثابتة حيال مختلف القضايا، والدور المحوري الذي تقوم به المملكة في تعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة.
وفي هذا الصدد، أكد جلالة الملك مواصلة الأردن، بعد وقف العدوان الإسرائيلي الغاشم على قطاع غزة، بالوقوف وبكل طاقاته وإمكاناته إلى جانب الأشقاء الفلسطينيين عبر تقديم العون والمساعدات الإغاثية والطبية اللازمة لهم، وتعزيز قدرات المستشفى العسكري الميداني الأردني في القطاع.
كما شدد جلالته على ضرورة بلورة تصور واضح لإعادة إعمار غزة، في ضوء ما تعرض له القطاع من عدوان إسرائيلي أدى إلى تدمير كبير للبنية التحتية والخدمات فيه، وهي مسؤولية دولية مشتركة.
وبموازاة ذلك، دعا جلالته إلى ضرورة تكثيف المساعي الدولية باتجاه إعادة استئناف المفاوضات التي تعالج جميع قضايا الوضع النهائي، وبما يحقق تطلعات الشعب الفلسطيني المشروعة في إنهاء الاحتلال الإسرائيلي وإقامة دولته المستقلة على ترابه الوطني على أساس حل الدولتين، ومبادرة السلام العربية وقرارات الشرعية الدولية.
وفي ما يتعلق بتزايد الاعتداءات الإسرائيلية على المقدسات في القدس، شدد جلالته على أن الأردن مستمر في بذل كل جهد ممكن لحماية القدس ومقدساتها وتقديم كل الدعم للمقدسيين لتمكين وجودهم في المدينة المقدسة والحفاظ على مصالحهم وحقوقهم، والتصدي للإجراءات الإسرائيلية الأحادية التي تستهدف تغيير هوية المدينة وإفراغها من سكانها العرب المسلمين والمسيحيين.
وجرى خلال اللقاء استعراض تطورات الأوضاع على الساحة العراقية، حيث أكد جلالته دعم الأردن لكل الجهود المبذولة للحفاظ على وحدة العراق أرضا وشعبا من خلال إطلاق عملية سياسية وطنية جامعة تشارك فيها جميع مكونات الشعب العراقي.
بدورهم، ثمن الحضور النهج التواصلي لجلالة الملك بشكل مستمر، خصوصاً زياراته لأبناء الوطن في بيوتهم، والاستماع لهم ولآرائهم حيال مختلف قضايا الشأن المحلي والعربي والدولي.
وأعربوا عن اعتزازهم بدور القوات المسلحة والأجهزة الأمنية في حماية الأردن، والتعامل بكل عزيمة واقتدار مع التحديات المحيطة به، وصون منجزاته ومصالحه الوطنية العليا، وهو نتاج الرعاية المباشرة والاهتمام الكبير الذي يوليه جلالة الملك لها.
وأشادوا بدور الأردن، بقيادة جلالة الملك، في التعامل بكل حكمة مع الاضطرابات التي تشهدها المنطقة، خصوصاً في ظل تزايد حدة العنف والتطرف والإرهاب.
وتطرقوا إلى المؤتمرات التي تستضيفها المملكة والمبادرات التي يطرحها جلالة الملك على مستوى العالم في مجال تعزيز حوار الأديان ومحاربة التشدد والتعصب، لما لها من أهمية في ترسيخ الحوار والتفاهم وقيم التعايش والتسامح والعيش المشترك، ونبذ العنف والتطرف.
وطالبوا، في هذا المجال، بدعم القوات المسلحة والأجهزة الأمنية وجميع المؤسسات المعنية، لتمكينها من أداء دورها على أكمل وجه، وليبقى الأردن كما هو دوماً واحة أمن واستقرار، وأنموذجا يحتذى في المنطقة والعالم.
وأبدى الحضور وجهات نظرهم حيال مختلف قضايا الشأن المحلي، مشيرين إلى جملة من الموضوعات الملحة التي تتطلب تعاون جميع مؤسسات الدولة للتعامل معها بروح الفريق والمسؤولية الوطنية.
وحضر اللقاء رئيس الديوان الملكي الهاشمي، ومدير مكتب جلالة الملك.