"التنمية الاجتماعية" تهدد بالقاء 2486 معاقا الى الشوارع
هو الوصف الوحيد الذي يمكن اطلاقه على وزارة التنمية الاجتماعية التي تتمدد بكل الاتجاهات الجغرافية دون ان يكون لها على الارض اي انجازات تذكر، لا في الشأن الاجتماعي ولا حتى في الشؤون العامة .
عندما نتحدث عن وزارة التنمية الاجتماعية لا نستهدف الوزارة او وزيرتها بل نتحدث عن النهج والاسلوب والممارسة في ادارة العمل والذي افضى الى نتائج زادت الفقراء فقرا والمحتاجين حاجة بدءا من الغاء المعونة الطارئة ومرورا بوقف عمليات التشغيل وانتهاء بوقف مساعدات الايتام المالية المخصصة للزواج.
وزارة التنمية الاجتماعية التي هي عنوان الفقراء في جميع دول العالم اخذت في الاردن شكلا مختلفا فقد منع الفقراء من زيارتها وطلب منهم مراجعة مديرياتها المنتشرة في ارجاء البلاد ليفاجا الفقراء ان مدراء التنمية دون صلاحيات تذكر وان الهدف وراء منعهم من دخول الوزارة ما هو الا للحفاظ على 'اناقة' الوزارة لاعتقادها ان مراجعة الفقراء لها يفسد هذه 'الاناقة'
لا نريد الخوض في تفاصيل الاخفاقات المتتالية لوزارة التنمية الاجتماعية او الحديث عن فشل استراتيجية مكافحة الفقر التي انفق عليها ما انفق من اموال دون ان تحقق ما يمكن الاشارة اليه او الحديث عنه والثابت الذي يمكن لنا ان نشير اليه بوضوح هو نجاح الوزارة في تعميق الشرخ بينها وبين الفقراء وعجزها عن لملمة شتاتهم رغم 'الامبراطورية الجغرافية' التي تتمدد فيها الوزارة بلا مبررات تذكر.
ما دفعنا لـ 'نبش القبور' ما حملته استراتيجية الوزارة للحد من الفقر حيث تضمن البند المخصص لرعاية المعوقين تخصيص مبلغ مليونين و362 الف دينار لرعايتهم في العام 2014 مع العلم ان الارقام تشير لوجود 160 الف معاق عقلي في الاردن يحتاجون الى اضعاف مثل هذا المبلغ لرعايتهم ولم تقل لنا الوزارة بوضوح عدد الذين ترعاهم ولماذا تخلت عن مسؤولياتها تجاه 36 مسنا من المعاقين باتوا الان يعيشون في الشوارع بعد ان اغلقت مركز سحاب لرعاية وتاهيل المسنين المعاقين علما بان مجلس الاباء في المركز كان يتحمل مسؤولية الانفاق على اغلبهم.
الحديث عن رعاية المعاقين يفتح الباب واسعا امام تساؤلات كبيرة ابرزها استهداف الوزارة بشكل مباشر للمراكز الخاصة التي تعمل على رعاية المعاقين والتي تتجاوز 52 مركزا يستفيد من رعايتها نحو 2486 معاقا من اصل 160 الف معاق ولم تقل لنا الوزارة ان كانت ترعى 157514 معاقا وكيف ترعاهم واين تضعهم.
لا يمكن لنا ان نفهم كيف تضع وزارة التنمية الاجتماعية شروطا تعجيزية على مراكز رعاية المعاقين الخاصة التي ترعى ما نسبته 2% من اصل الـ 160 الفا وتطلب منها تسليم الوزارة مبلغ الف دينار عن كل معاق فيها فيما لا تستوفي هذه المراكز من ذوي المعاق هذا المبلغ اصلا.
كنا سنقف الى جانب الوزارة في شروطها القاسية وغير المبررة لو انها تملك القدرة على تامين الرعاية لجميع المعاقين بنفس المستوى الذي تقدمه لهم المراكز الخاصة والذاكرة ما زالت تحفل بالكثير من القصص المثيرة والمحزنة والغير انسانية لما يجري في مراكز الايواء التابعة لوزارة التنمية الاجتماعية .
ان الاستهداف الممنهج الذي تتعرض له فئة المعاقين في الاردن ليس له ما يبرره فاستهداف مراكز خاصة ترعي 2% منهم فقط يضع علامات استفهام كبيرة على القصة برمتها مع اعترافنا ان قله من المراكز الخاصة تستحق الاجراءات المشددة ولا يجوز ان تعمم هذه الاجراءات على مراكز تقدم خدمات انسانية وعلمية متطورة للمعاقين وهو حال ايضا ينطبق على مراكز التنمية ذاتها فمنها ما هو جيد ومنها ما هو سيىء.
ان اجراءات وزارة التنمية الاجتماعية الجديدة بحق مراكز المعاقين الخاصة باتت تهدد بعودة ما نسبته 2% من اصل 160 الف معاق الى الشوارع وهي عودة خطيرة لا نريد لها ان تتمدد وتكون نتائجها سلبية على المجتمع تماما كما فعلت استراتيجية الوزارة للحد من الفقر فمنذ اعلان هذه الاستراتيجية وعدد الفقراء في ازدياد وعدد المتسولين بات يفوق الوصف.
وعمليا، لا ندري من هو صاحب القرار في معاقبة المراكز الخاصة ولا ندري ايضا ما هي حكمة الزام هذه المراكز بدفع مبلغ الف دينار عن كل معاق كتامين لدى الوزارة وطلب ارقام الحسابات البنكية لهذه المراكز في اجراء غير مبرر باعتبار عمل هذه المراكز يندرج تحت مسمى الاستثمار الخاص علما بانه من المفترض ان تكون قرارات واجراءات التنمية اكثر واقعية خصوصا انها من اكثر الوزارات تشغيلا للمستشارين في شتى المجالات.
اجراءات وزارة التنمية وفقا للنظام الذي وضعته دون مشاركة مع الشركاء الاساسيين في ملف المعاقين سيؤدي في النهاية الى اغلاف المراكز الخاصة لانها ستكون عاجزة عن دفع مبالغ طائلة للوزارة كامانات وهي اصلا لا تملك مثل هذه المبالغ وبالتالي فان مصير 2486 معاقا موجودين في هذه المراكز سيكون الشارع حتما حتى تنتهي المهلة التي حددتها الوزارة مطلع الشهر المقبل.