قصف "داعش": تواضع الحصيلة يعزز نزعات التدخل البري
تبدو شائكة ومعقدة مهمة إلحاق الهزيمة بتنظيم "الدولة الإسلامية" دون تدخل بري تجد فكرته رواجا كبيرا في اوساط غربية مؤثرة ترى أن انجازه بفعالية لن يكون إلا بقيادة عربية إسلامية.
ولا تبدو حصيلة الأسبوع الأول من قصف مواقع "داعش" مبددة للقلق من التنظيم الذي بات مقاتلوه على مشارف مدينة عين العرب السورية، فيما يقف رفاقهم في العراق على ابواب بغداد.
ويعزز تواضع حصيلة الاسبوع الاول في قصف "داعش" نزعات التدخل البري، الذي تقول دراسة أجرتها الباحثة الاميركية "جيسيكا لويس" لدى مركز "دراسات الحرب" ان "الجيوش العربية لا يمكنها إنجاز المهمة وحدها، فلو أمكنها ذلك ما احتاجت أصلاً إلى مساعدة أميركية من الأساس".
الدراسة تؤكد ان "هزيمة دولة داعش، واستبدالها بنظام سياسي آخر أمر له مصاعبه، ولنا فيما يحدث في ليبيا عبرة. فهزيمة داعش يستلزم وفق أي سيناريو وجود قوات برية. وإن لم تكن قوات أميركية، فمن أين تأتي إذن؟".
تجيب الدراسة: "الجيش السوري؟ كلا. المعتدلون السوريون الذين وصفهم أوباما الصيف الجاري بأنهم "وهْم"؟ كلا. أم أنه الجيش العراقي الطائفي؟!
على نقيض ذلك، ترى الدراسة أنه "ربما يكون العلاج هو دخول القوات البرية الأميركية، على الأقل، كطليعة لتحالف قوات عربية -إن وجدت- ولكن المفارقة هي أن ذلك هو ما قد يأمل تنظيم "داعش" ويرغب في حدوثه تماماً".
وتتساءل الدراسة عما اذا احتاجت القوات العراقية أو قوات دول عربية أخرى مساعدة الجيش الأميركي؟ فهل سنتركهم وشأنهم يواجهون الهزيمة وتبعاتها؟
وقالت ان "الجيوش العربية لا يمكنها إنجاز المهمة وحدها، فلو أمكنها ذلك ما احتاجت أصلاً إلى مساعدة أميركية من الأساس"، لافتة الى انه "مع استبعاد وهْم كون القوات العربية يمكنها القيام بمهمة القوات الأميركية، فلن تكون هناك هزيمة وشيكة لقوات تنظيم "داعش" وسيستمر ذلك لفترة طويلة جداً.. لمدة لا تقاس بالأشهر وربما لا يمكن تقديرها بسنوات قليلة أيضاً.
وقالت انه "على الرغم من أن احتواء التنظيم عن طريق الضربات الجوية أمر ممكن، إلا أن هذه العملية قد تستغرق سنوات مديدة على أقل تقدير. وبالنظر إلى تجربة احتواء القوات الجوية الأميركية للجيش العراقي عقب حرب الخليج الأولى، فقد استغرق ذلك 12 عاماً على الأقل حتى حدث الغزو البري للعراق في العام 2003".
.. بلا تردد يقف الرئيس التركي رجب طيب اردوغان في طليعة الداعين للتدخل البري، ويسنده في ذلك رئيس الوزراء البريطاني "ديفيد كاميرون"، فضلا عن عدد من قادة الجيش الأميركي نفسه والذين أجمعوا على ضرورة التدخل البري للقضاء على الخطر الكبير الذي تشكله "داعش".
قادة عسكريون ميدانيون يرون أن الجهود الأميركية لن تكون مجدية إلا في حالة تضافرها مع "قوات المعارضة السورية" للقتال المشترك ضد التنظيم "داعش".
فالقائد الميداني لحماية الوحدات القتالية الكردية "سيفقان سايا"، يؤكد حسبما نقلت "نيويورك تايمز" أن الضربات على معاقل التنظيم لن تكون فعالة إلا في حالة توحيد الجهود مع قوات المعارضة السورية على الأرض.
وقال مدللا: "لقد استمرت القوات الكردية تقاتل "داعش" وحدها لمدة سنة، كما أنها شنت عددا من الهجمات عليهم بفضل الجهود الذاتية، كأن الولايات المتحدة والمجتمع الدولي يتعمدان تجاهل هذه المعركة".
الموقف ذاته يتخذه رئيس أركان الدفاع البريطاني ريتشاردز، الذي تقاعد العام الماضي، معتبرا أنه "في نهاية المطاف القوات الأميركية في حاجة إلى جيش على الأرض لتحقيق الأهداف التي حددتها قوات التحالف".
وأضاف: "كل الضربات الجوية التي تهدف لتدمير التنظيم لن تكون فعالة بدون مساعدات أرضية تضمن السيطرة على المواقع التي يشغلها التنظيم"، موضحًا أن الطريقة الوحيدة للقيام بذلك على نحو فعال هو استخدام الجيوش الغربية.
ريتشاردز، يشدد على ضرورة "تنفيذ عملية عسكرية على غرار الحملة التي أطاحت بصدام حسين"، معتبرا أن الحكومات الغربية تخطئ في استبعاد احتمال نشر قوات برية من شأنها القضاء على الجماعة المتطرفة، واستعادة الأراضي التي استولت عليها عبر عملية عسكرية تقليدية.
وينضم رئيس الائتلاف الوطني السوري هادي بحرة، الى المنادين بالتدخل البري "لأن القصف الجوي لن يكون كافيا لهزيمة "داعش".
المحلل البريطاني صني هاندال، يحذر من مغبة تدّخل الغرب عسكريا للقضاء على تنظيم الدولة الإسلامية، وقال إن القضاء على هذا التنظيم لن يكون إلا بقيادة عربية إسلامية.
هاندال يرى أن تنظيم "داعش" مشكلة عربية، وعلى القادة الإقليميين التعامل معها؛ "فطبيعة هذه المشكلة لا يمكن للعسكرية الأميركية حلها، على أن أميركا يمكن أن تكون من بين دول عديدة تتعامل مع التهديد الشامل الذي يمثله هذا التنظيم غير أنها لن تتولى القيادة".
وتقدر المساحة التي يسيطر عليها تنظيم "الدولة الإسلامية" بأكبر من مساحة بريطانيا.
ويعد التنظيم حسب محللين "من أسرع التنظيمات الإرهابية نموا وأكثرها ثراء بفعل الابتزاز والتهريب وسرقة الأموال من البنوك والاستيلاء على حقول النفط وبيع منتجاتها في السوق السودا، فضلا عن الاستيلاء على ترسانة من الأسلحة العصرية في العراق مما أدى الى تراجع قوات البيشمركة الكردية على التراجع أمامها".
هاندال يرى أن قوة "داعش" تكمن في تطلعاتها الداخلية بعكس القاعدة، حيث "إن تنظيم "داعش" يسعى لتوطيد حكم داخل منطقة الشرق الأوسط، قبل النظر في مسألة تحدي القوة الأميركية".
محللون آخرون يعتبرون أنه دون فرض حظر جوي على مناطق نشاط "داعش" فإن تدخلا بريا لن يكون خيارا مجديا.
على أن تقارير أميركية تؤكد "أن هناك توسعا في تعريف الفصائل المعتدلة في المعارضة السورية بل سيكون هناك نوع من التسامح للتعامل مع بعض الجماعات الإسلامية مثل حركة (أحرار الشام) وغيرها لتوسيع قدرات القوات الجوية".
أمّا إعلان الإدارة الأميركية، من أن الحرب على "داعش" ستستمر 3 سنوات، فيراه محللون "دعما سياسيا للحزب الديمقراطي في انتخابات الرئاسة الأميركية العام المقبل".