حملة رقمية للتعريف بقضايا العنف المبني على النوع الاجتماعي
زوجة يضربها زوجها محملا إياها مسؤولية "إنجاب ست فتيات" لينتهي الأمر بتطليقه إياها، وأخرى غاب عنها زوجها أربعة أعوام وتسعى حاليا للطلاق، وثالثة صغيرة تحلم بأن تصبح أستاذة جامعية وهي غير مدركة لصعوبة تحقيق حلمها، نظرا لضعف نسبة الأساتذة النساء في الأردن، والتي لا تتعدى 6.7 % فقط، على الرغم من أن نسبة حملة شهادة الدكتوراة من النساء تصل إلى 36 %.
ويجمع بين هؤلاء النسوة قاسم مشترك يتمثل بأن "العنف الذي يتعرضن له مبني على النوع الاجتماعي"، هذا ما حاول برنامج الوكالة الأميركية للتنمية الدولية إلقاء الضوء عليه من خلال حملته (تكامل - النوع الاجتماعي) عبر إطلاق مبادرة رقمية بعنوان "وجوه تكامل الأردن"، وذلك مشاركة من البرنامج في احتفال الأردن بحملة "الـ16 يوما" الدولية الهادفة لمحاربة العنف ضد المرأة، بحسب مديرة البرنامج نيرمين مراد.
وقالت مراد لـ"الغد" أمس إن المبادرة الرقمية تقوم على أساس نشر صور ست عشرة شخصية أردنية من مختلف مناطق الأردن مع مقتطفات من الحديث معهم من خلال صفحة المبادرة على موقع الفيس بوك (Faces of Takamol)، ليقدم هؤلاء الرياديون والناجون والناجيات شهادات حيّة حول التحديات التي يواجهونها جراء "العنف" في حياتهم الواقعية، ولتستمر هذه المبادرة طوال فترة حملة "الـ16 يوما"، وسنويا في الفترة الواقعة ما بين الخامس والعشرين من تشرين الثاني(نوفمبر) الموافق لليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة، والعاشر من كانون الأول (ديسمبر)، الموافق لليوم العالمي لحقوق الإنسان.
وبينت مراد أن الحملة تهدف الى جذب الاهتمام إلى مختلف أشكال "العنف" الذي ينطلق من خلفية تقوم على "التمييز على أساس النوع الاجتماعي"، ولفت الانتباه للجهود القائمة والمستمرة على المستويين الدولي والوطني حول "العنف" بأشكاله المختلفة، ومنها الأسري/ المنزلي، والاتجار بالبشر، و"البلطجة" في مدارس البنين، والزواج المبكر، و"التحرُّش الجنسي" ضد الإناث والذكور على حد سواء.
وبدأت الحملة يومها الأول بكلمة للأمينة العامة للّجنة الوطنية الأردنية لشؤون المرأة سلمى النمس قالت فيها: "من الغريب أنه بعد كل التطور الذي مرت به الإنسانية، ما تزال هناك قوانين بعيدة كل البعد عن ضمان حقوقها، وما زالت المرأة تعاني من تهديدات حقيقيه في العالم، وما زالت هناك تفرقة وعنف يمارسان ضدها كل يوم، المطالبة بالقضاء على العنف ضد المرأة أهم اليوم من أي وقت مضى".
وتروي الحملة قصة (زهور) التي طلقها زوجها لأنها "لا تنجب إلا الإناث"، وخلال فترة زواجها منه كان يضربها بشكل مستمر، إلا أنها كانت تسامحه وتختلق له الأعذار، لعدم رغبتها بتعريض مستقبل بناتها للخطر وسط مجتمع ينبذ المرأة المطلقة.
غير أن طلاق زهور لم يكن "أكبر المصائب"، حيث تلاه اتخاذها قرارا بإبقاء بناتها عند أبيهن حماية لهن من حكم المجتمع الذي لا يرحم، خاصة أنها لم تكن تملك الوسائل لتنفق عليهن وتضمن لهن بيئة مناسبة.
وهناك قصة أخرى ترويها الحملة لشقيقتين تقدم لهما شابان من الضفة الغربية قبل خمسة أعوام للزواج، حيث كانت سميرة في السابعة عشرة من عمرها وأختها في الخامسة عشرة في ذلك الحين، فوافق الأب على الزواج بعد سؤال سريع عن الشابين في دائرة الإقامة والحدود.
وبعد عدة أشهر من الزواج، وبدون أي سابق إنذار، اختفى الشابان بدون أي تبرير، فقضت سميرة وأختها أربعة أعوام في البحث عن زوجيهما بدون جدوى.
"أنا وأختي إلنا أربع سنوات متشحططين في المحاكم حتى نتطلق ونستمر في حياتنا، نفسي أعرف إيش السبب اللي خلاه يروح ويتركني، نفسي أعرف شو عملتله عشان يستغلني بهاي الطريقة"، تقول سميرة.
ونسبة الى قانون الأحوال الشخصية للعام 2010، فإنه إذا "أثبتت الزوجة غياب زوجها عنها سنة فأكثر، وكان مجهول محل الإقامة، فيحق لها المطالبة بالطلاق على أساس الغيبة والضرر"، وتبدأ بعد ذلك إجراءات إثبات الغيبة، والتي قد تمتد حسبما تراه المحكمة مناسبا، وفق اتحاد المرأة الأردني.
"بالرغم من أن القانون يعطي المرأة حقها، إلا أن هناك مماطلة في الإجراءات في بعض الحالات"، يقول الدكتور عاكف المعايطة من مركز العدل للمساعدة القانونية، مبينا أن عدد حالات التفريق بناء على "الغيبة والضرر" بلغ 1069 حالة العام 2013 وفقا لإحصاءات دائرة قاضي القضاة.