شروط "داعش" لإطلاق الرهينة الياباني .. خطوة لـ"خلط الأوراق" و "إحراج الأردن"
لم يخفِ محللون سياسيون، اندهاشهم، من طلب تنظيم "داعش"، مبادلة الرهينة الياباني لدى التنظيم، بالسجينة لدى الأردن، ساجدة الريشاوي، بل ووصفوا الطلب بـ"الخبث والدهاء"، لأن استجابة الأردن لمثل هذا المطلب، قد تؤجج الشارع الأردني، حول "أولوية" مبادلة الريشاوي بالطيار الأردني الأسير معاذ الكساسبة، رغم إدراك هذا الشارع أن "داعش"، لم تطرح التفاوض على تبادل الكساسبة علنيا لغاية الآن.
في وقت، يرى فيه خبراء، أن "داعش" وضع التحالف الدولي ضد الإرهاب، برمته، في "حرج كبير"، إثر طلبه تلك المبادلة، لأن الأردن واليابان عضوان في هذا التحالف، ما قد يجعل الرأي العام في البلدين، يضغط باتجاه الخروج من هذا التحالف.
وفيما ما يزال الغموض يكتنف مصير المفاوضات الجارية في هذا الصدد، والتي تدار من غرفة عمليات رئيسية في الأردن، فإن السؤال المطروح لدى بعض المراقبين، هو: "هل إن اقتراح "داعش" مبادلة الرهينة الياباني بالريشاوي سيفتح الباب أمام التفاوض مع التنظيم من أجل الكساسبة أيضا؟"، كما تساءل البعض عن السبب، الذي قد يجعل الأردن يتنازل، ويقبل بالتبادل، في الوقت الذي لم تتنازل اليابان نفسها، ولم ترضخ لمطلب فدية الـ 200 مليون دولار، مقابل رهينتها، الذي لقي حتفه على ما يبدو.
ويتحدث هنا الخبير في الجماعات الإسلامية، حسن أبو هنية، معتبرا أن "باب التفاوض مع الأردن مفتوح"، وأنه "من الواضح أن "داعش" يريد إحراج الأردن واليابان، بنفس الوقت، فطلب مبادلة ساجدة بالرهينة، هو محاولة لخلط الأوراق مرة أخرى".
وعبر أبو هنية عن اعتقاده بأنه "إن استجاب الأردن، فهذا سيولد غضبا لدى الشارع الأردني، الذي سيتساءل: لماذا لا يتم التفاوض على الكساسبة؟ رغم أن التنظيم لم يطرح هذا بالأساس، وبنفس الوقت، فإن الأردن يتلقى مساعدات من اليابان لذلك هو محرج منها".
إذن، فالمقصود من هذا الطلب "الداعشي"، هو "إحراج الأردن"، لأن التنظيم يعرف أن هذا "الطلب سيخلق مشاكل في الأردن، والاستجابة له صعبة"، وخلص أبو هنية الى أن "الأردن ليس مضطرا لأن يتنازل، لكنه محرج، بحيث إنه إذا ظهر أن لديه أوراقا للتفاوض، فلماذا لم يستخدمها للإفراج عن الكساسبة؟!".
وكان مصدر رسمي أردني، رفض الإجابة عن سؤال إن كان الأردن سيقبل بطلب "داعش"، في حال تم التأكد من صحة فيديو الرهينة الياباني، بإطلاق سراح الريشاوي، مقابل إطلاق سراح الرهينة الياباني، واكتفى المصدر بالقول: "أي معلومات ستتوفر سيتم الإعلان عنها بالوقت المناسب".
وفي ذات السياق، يرى الخبير في شؤون الجماعات "الجهادية" مروان شحادة، أن الأردن "غير معني" بطلب الإفراج عن ساجدة مقابل الياباني بشكل مباشر، "إلا إن كانت هناك مصالح، تخدمه سياسيا، أو لناحية الأمن القومي، وإن هذا الإفراج قد يمهد للإفراج عن الكساسبة".
من ناحية أخرى، يرى شحادة أن تنظيم الدولة، وضع التحالف الدولي في "حرج كبير"، نظرا لأن الدولتين المعنيتين، الأردن واليابان، عضوان في التحالف، ما قد يؤدي إلى "رأي عام داخلي ضد مشاركة الدولتين في التحالف".
ويشرح "إذا رفضت اليابان الضغط على الأردن، فسيكون هناك رأي عام غاضب في اليابان، والأردن إن تساهل، وأفرج عن ساجدة، دون ربط ذلك بالإفراج عن الكساسبة، فقد يؤثر سلبا أيضا، على الرأي العام الأردني، ويضع الأردن في حرج من مشاركته بالتحالف".
دبلوماسي رفيع، فضل عدم نشر اسمه، رأى أنه، إن كان الأردن سيفاوض، فلا بد أن يفاوض على الكساسبة، وليس على الرهينة الياباني، وأبدى استغرابه من طلب "داعش"، قائلا "لماذا لا يطلبون مقايضة الكساسبة؟".
ورأى أنه في حال تعرض الكساسبة لأي مكروه "لا سمح الله"، فإن هذا سيؤجج الشارع الأردني، لذا على الأردن المفاوضة على الطيار، وسبق للأردن أن فاوض بقضايا مشابهة، وقد نجح بها، وهي "حادثة اختطاف السفير العيطان"، وهذا هو "السيناريو المحبذ لدى الجميع".
ويعتقد هذا الدبلوماسي أن الأردن "لن يوافق على مبادلة الريشاوي بالياباني".
إلى ذلك، أعلن رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي أن بلاده على اتصال وثيق مع الحكومة الأردنية، بعد نشر "داعش" للفيديو الأخير.
وقال آبي، في ظهور له على محطة تلفزيونية يابانية، إنه تحدث أول من أمس السبت، مع جلالة الملك عبدالله الثاني، وإنهما اتفقا على التعاون في بعض الأمور، و"منها تبادل المعلومات الاستخباراتية".
إلا أن رئيس الوزراء الياباني رفض أن يعلق على كيفية الاستجابة لمطلب "داعش"، لأن هذه المسألة "جارية حاليا".
وكان الفيديو، الذي بثه التنظيم عبر الإنترنت أول من أمس، أظهر الرهينة الياباني، وهو يقول لحكومته، إن التنظيم يطالب بساجدة الريشاوي، المسجونة في الأردن، مقابل إطلاق سراحه، وإن بلاده لم تأخذ تهديدات "داعش" على محمل الجد.