جلسة طارئة لـ "لتعليم العالي" لا تطفئ أزمات الجامعات
أجبرت «الازمات» التي شهدتها جامعات رسمية مجلس التعليم العالي على التداعي لعقد جلسة غير تقليدية اليوم، لمناقشة هذه التداعيات واسبابها ودوافعها، بحيث تكون هذه الجلسة «طارئة».
ويفرض واقع الجامعات الرسمية، وليس فقط الجامعات الثلاث (البلقاء التطبيقية، مؤتة، ال البيت)، أن يكون مجلس التعليم العالي في حالة انعقاد مستمر للوقوف على واقع الحال ولتدارك وضمان عدم توالي «شرارة» الازمات بالاندلاع تواليا في باقي الجامعات، التي في اغلبها تشهد واقعا صعبا.
الدعوة الى جلسة «طارئة»، لن يقدم ولن يؤخر في عملية معالجة التحديات والمشاكل والخلل، الذي تعاني منها تلك المؤسسات، وستكون هذه الجلسة بمثابة «استعراض» وتسجيل حضور في المشهد فقط، ولاعتبارات واضحة تتمثل في غياب التخطيط الاسترايتجي لمستقبل الجامعات، التي يتداخل في عملها ابعاد متنوعة وكثيرة منها: الثقافة المجتمعية والتشريعات القاصرة والاوضاع الاقتصادية وغيرها.
فبعد الحديث عن العنف الطلابي داخل الجامعات، وفشل مجلس التعليم العالي والجامعات نفسها من القضاء على مثل هذه الظاهرة بشكل مطلق، هل سيكون الحديث في المرحلة الثانية عن عنف العاملين في تلك الجامعات؟ وهل سيتبع ذلك انواع جديدة من العنف يكون ابطالها مكونات ما يضمه الحرم الجامعي؟
ما يتطلبه تصحيح مسار قطاع التعليم العالي، الذي خرج عن «السكة»، الى إجراءات تصحيحة قائمة على خطط استراتيجية ثابتة لا متغيرة بتغير شخوص المسؤولين، وان تكون قابلة للتنفيذ ضمن خطط زمنية قصيرة ومتوسطة وبعيدة المدى.
ومنذ سنوات لم تثبت سياسات التعليم العالي ازاء اي موضوع، بسبب التغيير الذي كان يطرأ على راس الهرم بقطاع التعليم العالي، بحيث كانت النظرة الفردية تطغى على المشهد، وفق مبررات ومسببات سرعان ما تذهب ادراج المكاتب مع التغيير الذي يطرأ على شخص الوزير، والامثلة كثيرة.
كما تتطلب حلول «ازمة القطاع» أن يكون هنالك اسس ومعايير واضحة لتقييم المؤسسات للنهوض بها لا فقط لتغيير شخوص القائمين عليها، لان تبديل الوجوه، لا يعد إنجازا بقدر ان يكون مبنيا على اسس ومعايير واضحة تعزز الانجازات وتعالج السلبيات.
وعلى مدار السنوات الماضية، وضعت العديد من الاسترايتجيات والخطط لتطوير قطاع التعليم العالي وانعقدت العديد من المؤتمرات الوطنية، إلا أن شيئا لم يطرأ على واقع تلك المؤسسات.
ما حدث في الجامعات الثلاث، مع مراعاة مستويات «الازمة» في كل منها واسبابها، ينذر بواقع خطير، يتطلب من مجلس التعليم العالي اولا ومجالس الامناء ثانيا تحمل المسؤوليات تجاه القطاع، لا لاخماد «الازمة» والابقاء على «الجمر تحت الرماد» إنما التفكير الجدي لاطفاء «الازمة» من جذروها، وفق منظور عملي واقعي قابل وملزم للتنفيذ القائم على التقييم الواقعي.
انتقاد اسلوب المطالبة في الحقوق، ليس هو الحل فقط، بل المعالجة يجب ان تكون بناء على رؤية شاملة للواقع، وهذا لا يمكن ان يتحقق دون تواصل مستمر وانخراط مباشر من قبل جميع الجهات المعنية بقطاع التعليم العالي، وانهاء حالة التعامل «عبر الورق» و «اسلاك الهاتف» كما هو الحال الان، وانتهاج اسلوب التواصل الحقيقي الرامي الى تحقيق المصلحة الوطنية بالمحافظة على تلك المؤسسات التي تعتبر «مصانع جيل المستقبل».
ما تضمنته الدعوة لعقد جلسة اليوم، بحسب بيان صادر عن وزارة التعليم العالي، بانه سيناقش تداعيات الاحداث وما آلت اليه الأمور في الجامعات (البلقاء ومؤته وآل البيت ) للوقوف على الأسباب والدوافع، تؤشر على حضور عنصر «المفاجأة» لدى المجلس وتؤشر الى وجود «فجوة» بين راسم سياسات القطاع والمؤسسات المعنية.
التأكيد على «الحرم الجامعي ككيان وطني محترم يجب الحفاظ على هيبته وعدم المساس بها تحت اي ظرف لقدسيته ومكانتة الخاصة ولا يمكن السماح أو التجاوز عن المعتدين عليه وعلى العاملين فيه»، لا تقتصر فقط على ممارسات عاملين في تلك المؤسسات اثناء مطالبتهم بحقوق لهم، بل تتطلب من راسمي سياسات واستراتيجيات هذا القطاع ومراعاة قدسية ومكانة هذا الحرم، وعدم تحميل المسؤولية على طرف من الاطراف دون الاخر.