بالصور .. جامعة فيالدلفيا تبحث في مستقبل الدولة العربية
برعاية معالي السيدة ليلى شرف رئيسة مجلس امناء جامعة فيالدلفيا ، افتتح االستاذ الدكتور معتز الشيخ سالم رئيس الجامعة الندوة الفكرية التي اقامها مركز الدراسات المستقبلية في الجامعة بعنوان اعادة بناء الدولة العربية الحديثة ، بتاريخ 2015 10 25 في قاعة البتراء –فندق الريجنسي عمان .
وكان القاسم المشترك بين الباحثين والمعقبين في الندوة -التي ادارها الدكتور ابراهيم بدران ان المواطنة والمؤسس ية والشراكة السياسية والديمقراطية هي االركان الرئيسية في بناء الدولة الحديثة، التي اصبحت ضرورة حيوية للدول العربية القائمة. وهي الفكرة التي اكد عليها االستاذ الدكتور رئيس الجامعة في مستهل كلمة االفتتاح، مضيفا : ان المنطقة العربية لم تمر في تاريخها في ظروف اعقد مما تمر به في المرحلة الراهنة، وان اهم ما كشفته االحداث السياسية التي ما زالت تتفاعل يشكل مأساوي هو هشاشة بعض الدول العربية التي كانت مثاال للقوة والتماسك ، واصبحت نموذجا للهشاشة والفشل، نظرا لما تعانيه من صراعات طائفية ومذهبية مسلحة، وانهيار سلطة القانون والنظام العام والمؤسسات العامة ، وتفشي الفوضى والفساد في مفاصل الدولة العربية القائمة .
وفي الجلسة االفتتاحية التي شارك فيها كل من معالي العين الدكتور جواد العناني نائب رئيس الوزراء االسبق و معالي المهندس سمير الحباشنة وزير الداخلية االسبق . وفي مستهل الجلسة تحدث معالي المهندس سمير الحباشنة الذي استذكر تاريخ الدولة العربية ومدنيتها وتطلعها الوحدوي ، وعرض الكثير من المؤشرات واالدلة التاريخية على ان البدايات كانت باتجاه دولة المؤسسات وتطبيق القانون ومكافحة الفساد وبعد ذلك عرض تصوره الشامل إلعادة بناء الدولة العربية من خالل : الديمقراطية كخيار وحيد في العمل الوطني والوحدوي تعزيز مبدا دولة القانون والمؤسسات بعيدا عن الفردية والشخصنة الفصل بين السلطات رعاية االحزاب السياسية الاخذ دورها الوطني الحقيقي في العملية السياسية وحرمان االحزاب الدينية والجهوية والطائفية من العمل السياسي وهي األحزاب التي تقسم المجتمع وتفتت مكوناته تمتين الوحدة الوطنية ومكافحة االتجاهات االنقسامية التي تبذر بذور الفتنة واالنشقاق في المجتمع اعالء قيمة المواطنة على حساب الهويات الفرعية التنمية المتوازنة استعادة روح االباء المؤسسين في التربية الوطنية والتعليم الحر كالمفكر القومي ساطع الحصري احياء فكرة االمن القومي العربي اقامة عالقات عربية وحدوية ديمقراطية بعيدا عن النماذج المتعسفة السابقة.واخيرا عبر معالي المهندس سمير الحباشنة عن تفاؤله بنهوض االمة العربية من جديد وتجاوز صراعاتها وازماتها الراهنة .
اشار الدكتور جواد العناني اوال الى عالقة الدولة الحديثة باالقتصاد وتطور االسس االقتصادية لبناء الدولة الحديثة مذكرا بمساهمات علماء االقتصاد السياسي من ادم سميث وريكاردو الى علماء االقتصاد المحدثين والمعاصرين في مختلف انحاء العالم الذين اشاروا الهمية االقتصاد االجتماعي ف ثم انتقل الى التنويه بركائز بناء الدولة الحديثة وهي : العدل والمساواة والمؤسسية في بناء الدول ،وتطبيق القانون ،وتبني المفهوم الديمقراطي ،ورعاية البحث العلمي ،واالبداع والتفكير الحر حتى يستطيع المجتمع ان يتجدد ويحقق الديمومة واالستمرارية .
والتطلع الدائم للمستقبل وحرية التقاضي ونزاهة القضاء .وشدد على النظام التبادل في العصر الحديث الذي يتميز بكونه بناء مؤسسياً ويعمل ضمن منظومة متكاملة واضحة وتكون مهمته تنفيذ سياسة الدولة وضمان وصول الناس الى حاجاتهم .. الدولة الحديثة ال تكتفي بما هو راهن وحاضر؛ بل تتطلع للمستقبل وتعمل لتحقيق التنمية المستدامة ،وفي استعراضه ألسباب فشل الدول وانهيار االمم استدعى من التاريخ ابن خلدون وجيبون اللذين تطابقت وجهات نظرهما في تشخيص اسباب الفشل والخراب الذي ضرب االمم والحضارات الماضية - رغم فارق الزمان والمكان – واهمها الظلم والفوارق الطبقية بين االغنياء والفقراء واالسراف ومعاداة الثقافة والجمال وتدهور قيمة العمل واالنتاج ونزعة الترف واالستهالك .
وفي الجلسة الثانية التي شارك فيها كل من معالي المهندس صالح ارشيدات والدكتور حسين محادين والدكتورة هند ابو الشعر و اللواء المتقاعد الدكتور محمود ارديسات ، اشارت الدكتورة هند أبو الشعر: لحاجتنا في هذه المرحلة الى خطاب ديني معتدل ، وترسيخ المؤسسية والمحافظة على تاريخ الدولة االردنية وتراثها المدني ، واضافت : لقد كانت صورة الدولة واضحة في فكر وممارسات الفئة المتنورة من أعضاء الجمعيات الثقافية واألدبية في بيروت ودمشق وحلب وغيرها من الحواضر في بالد الشام في القرن التاسع عشر الميالدي ، ويبدو من كتاباتهم الوعي الواضح بكيان الدولة والمواطنة ووضع األقليات والعروبة ونظام الدولة ، و هذه هي األرضية التاريخية الصلبة التي يجب أن ننطلق منها ، وبناء عليه تم االتفاق على حدود الدولة العربية بين الشريف وأحرار سوريا من منظري فكرة الدولة العربية الحديثة ، وتم بناء أول دولة عربية حديثة في دمشق ومع هؤالء من أصحاب الفكر السياسي الناضج والتجربة العسكرية في الميدان ، ومن يطلع على الفكر السائد سيجده يتكرر هذه األيام .وأشارت أبو الشعر إلى أن ما نحتاجه لبناء الدولة الحديثة هو عادة الهيبة هو خطاب ديني معتدل ، وترسيخ المؤسسية والمحافظة على تاريخ الدولة وا للدولة التي توارثناها كلنا والقبول بالتنوع واحترامه .
وعلى مستوى التعليم دعت الدكتورة هند ابو الشعر الى التخطيط لثقافة المستقبل واعالن ثورة ادارية تضع االفضل في الموقع المؤثر ورفض العشائرية والمناطقية واالثنية والواسطة من جهته اشار معالي االستاذ صالح ارشيدات االمين العام لحزب التيار الوطني االردني : الى دور االحزاب السياسية ومؤسسات المجتمع المدني في بناء الدولة العربية الحديثة وقال أن اعادة بناء الدولة الوطنية يتطلب ارادة سياسيه سياديه، ورؤية وطنية موضوعية انسانية جديدة تستشرف المستقبل،وشروط ومتطلبات دول العصر الحديث وقيمه ومبادئه، وفي مقدمتها، مشاركة شعبية ضمن مؤسسات مدنية فاعلة ، تحت سيادة القانون من خالل تفعيل دور المواطن الحر، الذي يتمتع في الدوله الوطنية بحقوق متساوية دون تحيز على صعيد الجنس او العرق او االصل او اللون او المذهب او المعتقد او الفكر، ويكفل الدستور والقانون الحماية المطلقة لحقوق المواطنه دون اقصاء او تهميش او اختزال سياسي او اقتصادي او اجتماعي او مدني الي من مكونات الدولة .واشار الى ان خيار الدولة المدنية الديمقراطية الحديثة هو االنسب إلعادة بناء الدولة الوطنية ، واعتبر االحزاب اآللية المناسبة لنشر الثقافة الديمقراطية وتكوين الحكومات البرلمانية .
واعتبر ان المواطنة بجميع ابعادها القانونية والحياتية هي اهم مبدا في مكونات الدولة الحديثة ومبدا الديمقراطية وفضيلتها السياسية وتحقيقها وهو بداية بناء المجتمع المدني وتماسكه ، أما المواطنة المقصودة فهي المواطنة الفعلية التي تتحقق في المشاركة في العمل العام.ودعا الى تفعيل مكونات المجتمع المدني لضبط التغير المتواصل في بنية الدولة والمجتمع .
اما الدكتور حسين محادين أستاذ علم االجتماع في جامعة مؤتة فقد أشار إلى أهمية القيم ُ االجتماعية والثقافية في بناء الدولة وتماسكها ، بين إبعاد السلوك المرغوب فيه كونها البوصلة التي ت لدى األفراد والجماعات ؛ فالقيم مفاضالت حاضرة في ثنايا السلوكيات االجتماعية و الثقافية عدل تحضر هذه الجماعة او تلك ؛ حيث يقبع و ارء كل سلوك ُ واالقتصادية، وبغض النظر عن م ِظ قيمة اجتماعية تحمل خصوصية المكان والمش م من خاللها األف ارد في تركات االجتماعية التي ينت هذه الجماعات كثقافات فرعية في المجتمع األردني سواء البادية او الريف أو المخيم او الحضر.
وهناك نوعية القيم الساكنة في دواخل الفرد و هي التي يتشرب مضامينها من خالل مؤسسات التنشئة االجتماعية انطالقا من األسرة مرورا بالتعليم ومؤسساته المتعددة ومرورا في المسجد والكنيسة وانتهاء بوسائل اإلعالم معا كثمن وسبيل ضمني لقبول عضويته في المجتمع الذي ينتمي اليه . واشار الى القيم الواجب تعميقها في بناء الدولة العربية الحديثة وهي : قيم المواطنة بالمعنى الدستوري والقانوني . و قيم العدالة النسبية والفرص المتوازنة .
و قيم العمل وضرورة نشرها وتعميقها. و اشاعة قيم الحوار التي لن تنتشر اال بسيادة مفاهيم التنوع والثقافة المشتركة .
و نشر قيم التقانة وترشيد استخدامها. و تفهم قيم الشباب قاعدة الهرم السكاني في المجتمع االردني .
اما اللواء المتقاعد الطيار محمود إرديسات فقد أكد على دور المؤسسة العسكرية في تماسك الدولة الوطنية وضمان امنها واستقرارها ، واعتبر األمن الوطني وخاصة في دولة المواطنة إنعكاس حقيقي لعناصر قوة الدولة وما القوة العسكرية إالّ وجه من وجوه مسالة األمن الكبرى. فالقوات المسلحة يمكنها أن تساعد في توفير النظام واألمن ولكن االمن الوطني الحقيقي ال يتحقق إالّ اذا استكمل عناصره المختلفة و بقدر يتناسب مع الوجود الفعلي لقاعدة صلبة من القانون والنظام والتنمية والمشاركة والمؤسسية في المجتمع". ووضح إرديسات أن بناء مستقبل الدولة العربية ً عن اإلستبداد وتحقيق أمنها وا والقهر وتحقيق دولة المواطنة يتطلب ثالثة عناصر ستق اررها بعيدا رئيسية دائمة :السلطة )القوة بما فيها المؤسسات العسكرية واألمنية(، و الفكرة )فلسفة الدولة – تراثها اإلجتماعي(، و المؤسسة )التنظيم(.
ومن نافلة القول بأن محاولة إختصار التعاطي مع الدولة من خالل عنصر واحد فيه تفريط بوحدة الدولة وعناصرها التي ذكرناها سابقاً وفيه عجٌز عن التعاطي مع شمولية الدولة )الجغرافيا والديمغرافيا ونظام الحكم(.فالدولة ليست السلطة بشكل منفرد )بمؤسساتها ( كما كانت الحال في ليبيا والتي لم يجد شعبها بعد إنهيار هذه السلطة ت ارثاً سياسياً العسكرية واألمنية للدولة للرجوع إليه فكانت النتيجة الفوضى والحرب األهلية.
وفي الختام شكر الدكتور ابراهيم بدران المشاركين والحضور على امل اللقاء في الندوة القادمة .