الحكومات خفضت الضرائب على الشركات والبنوك ورفعتها على المواطنين
طالب خبراء اقتصاديون ونواب ونقابيون وناشطون الحكومة بالتراجع عن أية تعديلات على قانون ضريبة الدخل قد تؤدي إلى استهداف 'ما تبقى' من الطبقة الوسطى والفقيرة.
وحمّل المشاركون في الملتقى الوطني الذي عقدته الحملة الوطنية للدفاع عن الخبز والديمقراطية 'خبز وديمقراطية'، الحكومة مسؤولية ما آلت إليه الأوضاع الاقتصادية من فقر وبطالة ومديونية وصلت حدوداً غير مسبوقة، مشيرين إلى فشلها في إدارة الملف الاقتصادي.
وكانت حملة 'خبز وديمقراطية' عقدت ملتقًى وطنياً تحت عنوان 'السياسات المالية الحكومية انحياز لرأس المال وجباية من الفقراء'.
وقدم عضو لجنة المتابعة للحملة محمد البشير ورقة من إعداد حملة 'الخبز والديمقراطية' حول قانون ضريبة الدخل وأهم الملاحظات عليه، حيث تطرقت الورقة إلى أن خضوع الحكومات الأردنية المتعاقبة لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي كمرجعيات لوضع السياسات المالية والنقدية للأردن وما يتفرع عنهما من سياسات اقتصادية ، كرس تبعية الاقتصاد الوطني لمراكز الرأسمال العالمي ، وحول الحكومة إلى أداة لخدمة الطبقة الحاكمة وتغولها على باقي طبقاته الشعبية ، كما أضعف تطور القطاعات الصناعية الانتاجية'.
ولفت البشير في الورقة التي قدمها إلى أن حكومة سمير الرفاعي فرضت في عام 2009 القانون الساري (28/2009) الذي خَفض النسب والفئات الضريبية وزاد من إعفاءات ذوي الدخول العليا من الأفراد والمؤسسات، حيث انخفضت مساهمة ضريبة الدخل في الواردات المحلية بشكل ملحوظ.
كما تم إخضاع الضريبة لجهات أدت إلى ضرب مبدأ العدالة. من الأمثلة التي نسوقها على الدخول التي أخضعت للضريبة وتضرب مبدأ العدالة إخضاع القانون للضريبة لــ (50%) من تعويض نهاية الخدمة ابتداءً من سنة 2010، وفق البشير.
وأشار إلى أن إعفاء الدخل الذي يحققه المستثمر الأجنبي من استثمار رأسماله الأجنبي والفوائد والأرباح وحصيلة تصفيته استثماراته أو بيع مشروعه أو حصصه أو أسهمه فيه مبالغة في الإعفاء ولا يحقق العدالة مع الاستثمارات المحلية، فجميعنا يتفق على ضرورة هذه الاستثمارات لكن ليس بأي ثمن.
المحلل الاقتصادي خالد الزبيدي أكد في مداخلته أهمية وفلسفة الضرائب الاقتصادية والاجتماعية (إذا كانت بعدالة): هي شكل من أشكال إعادة توزيع الثروة بين المجتمع، ولكن عندنا في الأردن نأخذ ضرائب كثيرة ولا نعيد صرفها بشكل رشيد وما يقدم من خدمات ضعيف جداً.
وقال إن المشكلة الحقيقية في الاقتصاد الأردني أن المُشرع ينظر للاقتصاد ككل بعين واحدة بنظرة المحاسب، والأساس أن ينظر إلى الاقتصاد للتنمية وإنتاج سلع وخدمات وحساب ومراجعة صحيحة. مثلاً الموازنة ترتفع من 7 – 8% سنوياً. حيث يتم تغطية هذا الارتفاع في الموازنة عن طريق الاستدانة. والدَّين هو ضرائب إما فورية وإما مؤجلة.
وبالتالي آخر خمس سنوات ارتفع الدين العام الأردني من 11.5 مليار دينار إلى 24.4 مليار دينار، وفق الزبيدي الذي قال: 'هذا عدا عن الديون التي تحت الطاولة، فعلى سبيل المثال هنالك 600 مليون دينار ديون للمصفاة، وديون لشركات توزيع الكهرباء بحوالي 400 مليون، وكذلك المياه، ومستحقات المقاولين، والجامعات بحدود 120 مليون، الأدوية... إلخ هذه الديون غير مدرجة في الدين العام'.
وتطرق الخبير الاقتصداي فهمي الكتوت إلى اعتماد الموازنة العامة على الإيرداات الضريبية بشكل كبير، ففي بداية التسعينات عندما خرجت الأردن من أزمة اقتصادية عميقة جداً، كانت الإيرادات الضريبة تمثل في عام 10991 ما يقارب ال48% من الإيرادات المحلية، أما في موازنة 2016 الحالية في مشروع القانون المطروح أمامنا، تشكل الإيرادات الضريبية 69% من الإيرادات المحلية، وهذا مؤشر على ارتفاع نسبة مساهمة الإيرادات الضريبية من الإيرادات المحلية، مع ضرورة الإشارة إلى أن هذا الرقم تضليلي، فالنسبة الحقيقية ليست 69% بل هي 87% وذلك عند احتساب ثمن الخدمات والرسوم والسلع والذي قيمته مليار دينار، فعلى سبيل المثال هناك 300 مليون دينار إيرادات ثمن طوابع، و260 مليون دينار رسوم أراضي، 16 مليون دينار مصاريف لدائرة الأراضي.
النائب مصطفى الرواشدة لفت إلى أن النهج الاقتصادي للحكومات الأردنية المتعاقبة، وهذه الحكومة بالذات، هو نهج فاشل بامتياز، بدلالة العجز في الموازنة، ارتفاع نسبة المديونية، العجز والخلل في الميزان التجاري، وتراجع قطاعات الصناعة والزراعة والاستثمار، هذه أدلة واضحة على فشل الحكومة في إدارة الملف الاقتصادي وقد نبهنا على ذلك من خلال لجان مجلس النواب بضرورة إعادة نظر الحكومة في نهجها الاقتصادي.
ونبه إلى أن أرقام الموازنة بالذات، هي أرقام وهمية، فالكثير من النفقات الرأسمالية التي تدرج في الموازنة هي نفقات جارية وليست رأسمالية، والنمو في الموازنة هو نمو غير حقيقي ووهمي، فلو حسبنا النمو بالنسبة إلى زيادة السكان، لوجدناه في الناقص، فموازنتنا وهمية وفيها الكثير من المغالطات.
وختم الرواشدة حديثه بالتأكيد على أن الحكومة الحالية هي من وقّع ونفّذ اتفاقية صندوق النقد الدولي، وبشهادة الصندوق نفسه، بأنه قال بأن الحكومة غالت بزيادة في الملف الاقتصادي. وبالتالي هذه الحكومة فاشلة بامتياز في نهجها الاقتصادي .