آخر الأخبار
ticker مجلس الوزراء يطلب استمرار ضبط الاعتداءات على آبار المياه ticker الحكومة توافق على 5 اتفاقيات ومذكرات تفاهم ticker مشروع معدل للتَّنظيم الإداري لوزارة التَّنمية الاجتماعيَّة ticker غوتيريش قلق من التصعيد في لبنان ticker بالصور .. الجيش ينزل مساعدات إنسانية على جنوب غزة ticker هيئة الخدمة ترفع تعليمات "الموارد البشرية" إلى الحكومة ticker الطيران المدني: الاجواء الأردنية آمنة ونحو 400 طائرة عبرت الجمعة ticker الحكومة تقر نظام القيادات الحكومية وتشمل وظائف المجموعة الثانية ticker الغاء ترخيص المراكز الثقافية من وزارة التربية والتعليم ticker هجوم على مدن عدة في الاحتلال وصفارات الإنذار تدوي ticker الجيش: صاروخ (غراد) سقط في منطقة صحراوية خالية بالموقر ticker معلمون يطالبون بتمديد الإجازة بدون راتب للعاملين في الخارج ticker رئيس الحكومة اللبنانية يعتذر عن التقصير ticker بايدن: اغتيال نصرالله يحقق العدالة ticker حصر جلسات الوزراء بيومي السبت والثلاثاء ticker هآرتس: نتنياهو طلب تأجيل قرار اغتيال نصر الله حتى عودته من نيويورك ticker بايدن يأمر البنتاغون بتعديل وضع الجيش الأمريكي في الشرق الأوسط ticker بن معروف في شيكاغو قريبا ticker 3 مباريات بدوري الدرجة الأولى لكرة القدم الأحد ticker سلطة وادي الأردن تؤكد دعم المزارعين وأهمية جاهزيتهم للموسم الجديد

مؤتمر لندن .. مكتسبات اقتصادية حجبتها مخاوف سياسية

{title}
هوا الأردن -

تسارعت الأحداث التي سبقت وأتبعت مؤتمر لندن للمانحين، واختطلت أوراقه بأخرى أنتجتها الحالة الدبلوماسية التي تطارد بدورها الوقائع المتغيرة على الأرض في الداخل السوري، وبدأت تتوالى الأخبار حول المؤتمر حتى قبل أن يستقل ممثلو الحكومة الأردنية طائرتهم عائدين إلى عمان، وكان العنوان الذي أثار جدلاً متصاعداً يتعلق بأوضاع اللاجئين السوريين في المملكة، ويتحدث عن إتاحة مائتي فرص عمل أمامهم، وبما يضع نتائج المؤتمر برمتها أمام مأزق سوء الفهم والتأويل، وعلى الرغم من انتفاء الدقة عن هذه العناوين، إلا أن الاهتمام الذي أبداه المتابعون في الأردن يدلل على القلق الذي يعتري أوساطاً واسعة في المملكة من بقاء ملف اللاجئين السوريين على وضعه الراهن متسماً بالغموض ومفتوحاً على مختلف الاحتمالات.

حاول رئيس الوزراء الدكتور عبد الله النسور أن يعيد ترتيب المشهد من خلال إعادة ترتيب المشهد ليتوجه بالتركيز على الإيجابيات التي شرحت عن المؤتمر، وإزالة سوء الفهم الذي تعلق بعبارات معينة اجتزأت من سياقها العام في عملية التداول الإعلامي، منوهاً بأن الحكومة بدورها لم تتمكن من الحصول على الفرصة المناسبة في ظل أجندة مزدحمة للتحضير للخطوات القادمة التي ستمكن الأردن عملياً من جني الثمار الاقتصادية للمؤتمر، ونوه الرئيس في اجتماع عقده مع مجموعة من الصحفيين في مقر رئاسة الوزراء إلى أن الأردن تمكن من التوصل إلى بيان يعلن الالتزامات التي ستقدمها الدول والجهات المانحة وذلك بضمانة الدور الذي ستتخذه حكومة المملكة المتحدة في التنسيق والمتابعة والتزامها بضمان حزمة المساعدات التي ستقدم في صورة منح وقروض بشروط تفضيلية، وأوضح وزير التخطيط والتعاون الدولي الدكتور عماد فاخوري بدوره أن الأردن ملتزم بما يخصه من تعهدات لتحسين أوضاع اللاجئين طالما استمرت الدول والجهات المانحة في الوفاء بالتزاماتها.

أتت أبرز مخرجات المؤتمر في تعهد المانحين بتوفير منحة سنوية بواقع 700 مليون دولار أمريكي وعلى مدار ثلاث سنوات مقبلة توظف في مشاريع استثمارية تسعى لاستيعاب مزيد من العمالة في الاقتصاد الأردني، وتتوفر هذه الفرص على للمواطنين الأردنيين واللاجئين السوريين في المناطق التنموية المتخصصة الخمسة، كما أن الأردن سيتيح فرص العمل في المهن التي تشهد أصلاً تواجداً كثيفاً للعمالة الأجنبية فيها، ومنها قطاعي الزراعة والبناء بنسبة عاملين مغتربين تجاوز 85% فيهما، وبذلك ستنحصر المزاحمة في القطاعات التي تعاني نقصاً في إقبال العمالة الوطنية عليها، إن حدثت، فإنها ستكون بين اللاجئين السوريين والوافدين من الدول الأخرى، ومن ناحية اقتصادية فمن المتوقع أن تؤدي عملية الاحلال في قطاع العمالة الوافدة إلى انخفاض في نسبة التحويلات النقدية الموجهة لخارج المملكة، مقابل تدوير الأموال التي يجنيها السوريون في القطاعات التجارية وخاصة الاستهلاكية منها.

وأكد وزير العمل نضال القطامين أن المهن المغلقة على الأردنيين لن يجري المساس بها، وأن عملية التصريح للعمالة السورية ستؤدي إلى القدرة على تنظيم قطاع العمل والرقابة عليه بصورة فاعلة، خاصة أن مفتشي العمل واجهوا إشكاليات متعلقة بالإجراءات القانونية بخصوص المخالفين من اللاجئين الذي حصلوا على فرص للعمل في الأردن حتى في مجال المهن التي تستقطب العمالة الوافدة.

وأوضح رئيس الوزراء أن الالتزام الأخلاقي في المملكة بتقديم التعليم والرعاية الصحية للاجئين السوريين أتى دائماً ضمن الإمكانيات المتاحة، ومشروطاً بعدم تراجع مستوى الخدمات المقدمة للأردنيين، واستطاعت الأردن الحصول على تعهد بتمويل يصل إلى مليار دولار يوجه حصراً لمباني المدارس لاستيعاب المزيد من الطلبة الأردنيين والسوريين، ووجه الحكومة للبحث في مواقع المدارس الجديدة لتحقق توازناً بين احتياجات الأردن للمنشآت التعليمية في المدى البعيد وعلى مستوى جميع المحافظات وبين مواقع تركز اللجوء السوري في المملكة، مشيراً أنه ليس في مصلحة المملكة توجيه مشاريع البناء لمناطق معينة وبحيث تصبح فائضاً عن الاحتياجات المستقبلية لأهالي المناطق المعنية بعد انتهاء أزمة اللجوء السوري.
وعلى مستوى الوضع المالي للمملكة، وفجوة التمويل المتوقعة للسنوات الثلاثة القادمة أشار رئيس الوزراء أن هذه الفجوة بحدود 1.9 مليار دولار كان من المتعذر على الأردن تدبرها من خلال الاقتراض في المرحلة المقبلة لأسباب تتعلق بسقوف الإقراض التي تتحدد من قبل المنظمات المختصة، وسيحصل الأردن على مجموعة من القروض الميسرة بصورة استثنائية وبأسعار فائدة منخفضة تترافق مع فترات سداد طويلة، وهو ما يمكن السياسة المالية من معالجة التشوهات في مجال المديونية وعجز الموازنة، مع تحقيق وفورات كبيرة في تكلفة الاقتراض يمكن أن تصل إلى نحو مائتي مليون دولار سنوياً وهو ما يتحدد وفق الموقف التفاوضي الذي ستتخذه وزارة المالية وتجاوب المؤسسات الإقراضية بجانب الدعم الذي ستوفره الحكومة البريطانية في مساندة الأردن أثناء مفاوضاته حول تفاصيل القروض التي تعهدت بتوفيرها الدول والمنظمات المانحة، وفي سياق متصل، حصلت الأردن على منحة سنوية لثلاث سنوات بواقع 300 مليون دولار لمساندة الموازنة العامة، وهو الأمر الذي سيسهم في تصحيح الاختلال المالي، وفي الحد الأدنى الحد من تفاقمه الذي يمكن أن يدفع الاقتصاد الأردني إلى التباطؤ والانكماش لما يمثله الإنفاق الحكومي من أثر على الفعاليات الاقتصادية في المملكة.

وعلى الرغم من عدم تأثيره المباشر على حياة المواطنين، إلا المكتسب الأهم من مؤتمر لندن أتى في صورة اعفاءات استثنائية للأردن بخصوص قواعد بلد المنشأ المطبقة في أوروبا، والتي كانت تحتم على المصدرين الأردنيين الالتزام بمكون محلي من أي سلعة فوق 65% من جميع مدخلاتها، وهو ما «يقترب من المستحيل» على حد تعبير النسور ذلك أن معظم مدخلات الإنتاج غير أردنية في الأساس بينما تصر قواعد المنشأ المنظمة لواردات الاتحاد الأوروبي تعتبر المدخلات التي يستوردها البد المصنع مثل القطن أو الكتان في حالة صناعات النسيج والملابس خارج نسبة مساهمة البلد المصنع في عملية الإنتاج، ويتوقع أن تنخفض نسبة المكون المحلي إلى 35% وهو ما سيعيد بعضاً من الصناعات الأردنية إلى موقع التنافسية في السوق الأوروبية، كما وسيستقطب مستثمرين من خارج المملكة لانتهاز فرصة الميزة النسبية المتمثلة في المعاملة التفضيلية في مجال قواعد المنشأ، وترتبط هذه المزايا تحديداً بقضية اللاجئين السوريين، وكانت توقعات الخبراء أن توفر هذه المزايا قاعدة اقتصادية لاستيعاب مائتي ألف لاجئ سوري، بجانب العمالة الأردنية، وبما ينفي تقديم الأردن أي التزام بخصوص رقم المائتي ألف فرصة عمل للاجئين التي تناقلتها وسائل الإعلام، فالفرص مرتبطة باستثمارات جديدة تحقق عوائد اقتصادية مجزية في النهاية، وقدرة الأردن على توليد هذه الفرص الجديدة مرتبطة بالتزام المانحين بالبرامج المتفق عليها.

يذكر أن وزير التخطيط والتعاون الدولي أشار بدوره إلى أن المكتسبات التي وصلت من الناحية المالية إلى 9.7 مليار دولار تجعل الأردن أكبر المستفيدين من مؤتمر لندن قياساً برقم اللاجئين الذي جرى التوافق عليه بحدود 630 ألف لاجئ نزحوا للأردن لأسباب تتعلق بالأزمة بصورة مباشرة، بينما اعتبر الأردن الرقم الحقيقي 1.3 مليون لاجئ باعتبار المتضررين من السوريين ممن وقعوا في وضعية اللجوء نتيجة الأزمة حتى لو كانت اقامتهم في المملكة سابقة زمنياً على التطورات المأساوية على المستوى الإنساني الذي شهدته سوريا، وأشار فاخوري إلى أن البيان الخاص بالمملكة تحدث عن مراجعات محتملة من شأنها مواجهة أي احتياجات اضافية بناء على معطيات الوضع السوري والتطورات المحتملة فيه، إلا أن وزير الخارجية ناصر جودة أشار في رده على تساؤلات حول زيادة محتملة في أعداد اللاجئين نتيجة الوقائع الميدانية في الجنوب السوري إلى أن التجمعات السكانية المتبقية في الجنوب ليست بالكثافة التي يمكن أن تشكل موجة لجوء واسعة جديدة. 

كانت التطلعات الأردنية تفوق ما تحقق فعلاً، وطبيعة المشكلات التي تواجهها الأردن تحتاج إلى المزيد من الدعم والمساندة على المستوى الاقتصادي، ولكن يمكن أن يعتبر مؤتمر لندن بمثابة طوق النجاة للاقتصاد الأردني بشكل عام، فالاستثمارات العالمية عزفت عن المنطقة في السنوات المضطربة الأخيرة، والأردن كانت تعاني من تراجع وضعيتها التنافسية بسبب طبيعة بعض القطاعات الاقتصادية القائمة وخاصة المساندة منها، ومع قواعد المنشأ الجديدة يمكن أن يحدث اختراق مهمة على مستوى الاستثمار الأجنبي، كما أن الدعم الذي سيتخذ الصورة النقدية سينتهي إلى تنشيط الاقتصادي بمعدلات مقبولة لأنه وإن لم يصحح الوضع القائم بين معاملي الإنتاج والاستهلاك إلا أنه سيرفع السيولة المتوفرة ويجعلها تتدفق بين القطاعات الاقتصادية بناء على قدرة كل قطاع على استقطابها وتوظيفها، ويضاف إلى الاعتبارات السابقة أن المؤتمر يمثل مخرجاً للأردن في المدى المتوسط الذي يتوقع ألا يشهد أية تطورات ايجابية على مستوى أسعار النفط الأمر الذي سيسفر عن تراجع ملموس في قدرة دول الخليج العربي على تقديم المنح والمساعدات المالية والاقتصادية للمملكة، كما أن سيحد من قدرة المستثمرين الخليجيين على التوسع بأعمالهم في المملكة، وفي المقابل، فإن معظم المنح والمساعدات التي اشتمل عليها البيان الخاص بالأردن في المؤتمر تأتي من دول من المتوقع أن تجني مكاسب مختلفة من أسعار النفط المتراجعة.

عادة ما يتعذر أن تترجم المواقف السياسية إلى معطيات اقتصادية، والأردن تمكن من تجنب الانزلاق في أي مغامرة غير محسوبة العواقب تدفعه للدخول في قلب الأزمة السورية، وهو الأمر الذي دفعه لتحمل تكلفة كبيرة فعلياً ولكنه أدى إلى تجنبيه نتائج يمكن أن تعتبر كارثية في حالة تحققها، ومع مؤتمر لندن يجري تعويض الأردن جزئياً عن الإجحاف الذي لحقه نتيجة الوضع السياسي المعقد في المنطقة، ولكن تبقى مسؤولية الحكومة في اتخاذ القرارات الصحيحة في التوقيتات المناسبة ووضع الآليات اللازمة لاستدامة عوائد المساعدات والخروج بالمعادلة في مصلحة المحسوس من قبل المواطنين والذي ينعكس في مستويات المعيشة وفرص العمل والارتفاع بسوية الخدمات التي تقدمها الدولة.

تابعوا هوا الأردن على