الطراونة يقود "الاردنية" الى العالمية
هوا الأردن - تقرير : محمود الرواشدة وعبدالله القضاه و سفيان الحمايدة
باتت الجامعة الأردنية تخوض التصنيفات العالمية للجامعات، محققة خطوات متقدمة ومدروسة على طريق الطموح بأن تكون في نادي أفضل خمسمائة جامعة في العالم، رافعة اسم الأردن عالياً، وهي على بعد خطوة واحدة عن هذه المكانة، وكل المؤشرات التي تعكسها التقييمات العالمية المختلفة تدعم إمكانية وصول الأردنية لهذه المكانة في التقييم القادم في شهر أيلول من العام الحالي، ومن أبرز المؤشرات العالمية؛ تحقيق الأردنية في تصنيف ويبو ميتركس العالمي للمرتبة السابعة عربياً من بين 971 جامعة عربية شملها التصنيف وعلى المرتبة 1005 من بين ما يقارب 25000 جامعة مشاركة من كافة أنحاء العالم، ويعتمد ويبو ميتركس فى معاييره على جودة المواقع الالكترونية واحتوائها على الأبحاث العلمية والملفات الغنية وغيرها، وواصلت الجامعة الأردنية تقدمها في تصنيف "يو آي جرين ميتريكس" أيضاً حاصلة على الترتيب الثاني على الصعيد العربي، وتقدمها بستة مواقع عالميا في آخر تصنيف لتحل في الترتيب (98) عالمياً، ويعتمد جرين ميتريكس على ستة مؤشرات كمية ونوعية متعلقة ببيئة العمل والبنية التحتية، والطاقة والتغير المناخي، وإدارة النفايات، فضلا عن الاستخدام الأمثل للمصادر المائية، ووسائل النقل، ومدى توظيف التعليم في خدمة البيئة والتنمية المستدامة.
وتمضي الأردنية لتحقق في التصنيف الذي أعده المجلس العالي للبحث العلمي في مدريد/إسبانيا المعتمِد على قياس عدد الاستشهادات العلمية للبحوث التي تنتجها الجامعات ومدى تأثيرها وانتشارها عالمياً واعتماد الباحثين في العالم، لتحقق مرتبة متقدمة في مجال تأثير وقيمة البحوث العلمية فحصلت على المرتبة 881 عالميا والمرتبة السادسة على الصعيد العربي، مسبوقة بخمس جامعات نتائج ثلاث منها قريبة جداً من نتائج الأردنية، وذلك في قائمة ضمت أفضل 2000 جامعة من ضمن ما يقارب 25 الف أخرى مشاركة في العالم، وحصدت الأردنية في تصنيف QS للجامعات العربية هذا العام 2015 المرتبة الأولى على المستوى المحلي والثامنة على المستوى العربي من بين نحو (1000) جامعة في المنطقة العربية، وهو تصنيف يراعي كل من معايير السمعة الأكاديمية، والسمعة التوظيفية للخريجين، ونسبة أعضاء هيئة التدريس من حملة الدكتوراة وغيرها من المعايير.
هذه الإنجازات أتت إيفاءً بوعود قطعها رئيس الجامعة الأستاذ الدكتور اخليف الطراونة أمام مجتمع الجامعة الأردنية والتعليم العالي مع تسلمه رئاستها، وأمام جلالة الملك عبدالله الثاني في احتفالات الجامعة بعيدها الخمسين، وتسلم وسام الحسين للعطاء المميز من الدرجة الأولى الذي منح للجامعة.
مسيرة ليست سلهة أبداً ومليئة بالعقبات والتحديات، كان أولها العجز المالي الثقيل الذي تعاني منه الجامعة الأم، والذي كان قد وصل في الشهر الثاني لتسلم الطراونة لرئاسة الأردنية إلى حد يصعب معه تأمين الرواتب للهيئة الإدارية والتدريسية في الجامعة، وبعجز فعلي كالتزامات ملحّة بلغ 15 مليون دينار، وبعجز في الموازنة بلغ 49 مليون دينار.
عجز فاقمه انقطاع الدعم الحكومي وتضائله لحدود شبه معدومة، إذ بلغ مقدار الدعم الذي تلقته الجامعة خلال ال 3 سنوات الماضية 8.6 مليون بنسبة 3.9 من موازنة الجامعة، إضافة إلى عدم وجود سياسات واستراتيجيات ناجحة للاستثمار.
أما اليوم فالجامعة نجحت مع نهاية عام 2015 في جعل العجز الفعلي للالتزامات الملحة "صفر"، أما عجز الموازنة الذي كان 49 مليون دينار في عام 2012 بدأت الجامعة بتسديده بعد أن انتهت من تسديد العجز الفعلي عبر سياسات مالية يقودها الطراونة اعتمدت استراتيجيات استثمارية ناجحة، والانتقال إلى بناء وحدات منتجة تحت شعار " صنع في الأردنية " والذي أطلقة مع بدء العديد من الوحدات في الجامعة بإنتاج يدر دخل، ومنها مزارع النخيل الكبرى، ووحدات زراعية متطورة، وملفات استثمارية تحقق التوجهات الملكية بشراكة حقيقية مع القطاع الخاص، واليوم الأردنية باتت على مشارف مرحلة جديدة من توفير الطاقة، فجزء من عجز الجامعة يذهب على فاتورة الكهرباء، فالجامعة على موعد مع افتتاح محطة لتوليد الطاقة الكهربائية عبر الخلايا الشمسية في معان، تمكن الجامعة ليس فقط من تخفيض عجز فاتورة الكهرباء الذي يقارب (8 ملايين) دينار سنويا، بل من بيع الطاقة الكهربائية أيضاً.
نهوض في مختلف المجالات، شمل المجتمع الطلابي، في الجامعة التي تضم أكثر من 40 الف طالب وطالبة، وعانت في فترات سابقة من ظاهرة العنف الجامعي الذي أرّقها وعكس صورة سلبية عنها، لكن تعافت الجامعة باستراتيجية أطلقها الطراونة بشراكة مع لمظلات الطلابية للقضاء على العنف الجامعي، حتى وصلت الجامعة في عام 2015 لجامعة خالية من العنف، نجحت الاستراتيجية الى حد كبير في تجفيف منابع العنف، فاشتملت على إطلاق نهج جديد لخدمة المجتمع والأنشطة الطلابية، وتفعيل حواضن المبادرات الطلابية والابتكار والريادة والاختراع، وعلى استثمار الوقت والطاقة الشبابية لدى الطلبة، مع صرامة في تطبيق النظام وغلق أبواب الواسطة في العقوبات.
وفي كل فصل جامعي يشارك جميع طلبة الجامعة في نشاطين على الأقل في مجال خدمة المجتمع أو المجال الثقافي والفكري أو الإبداع العلمي وفقاً للنظام الجديد، وهذا خلق آفاق جديدة لدى الطلبة وأكسبهم مهارات تصقل شخصيتهم، كما ان إدارة الجامعة منفتحة تماماً على طلبة الجامعة، فالدكتور الطراونة يشارك الطلبة التعليقات والتفاعل على مجموعات وصفحات مواقع التواصل الاجتماعي الخاصة بالجامعة بشكل مباشر عبر حسابه الشخصي، وهناك لقاءات دورية تجمع الرئيس بالطلبة منها مبادرة "إفطار مع الرئيس" والتي تتنقل من اسبوع لآخر من كلية إلى كلية يلتقي خلالها رئيس الجامعة مع طلبة الكلية في ساحة الكلية او عند مدخلها او في الكفتيريا بكل عفوية ومباشرة، ويتلقى الملاحظات والمبادرات والشكاوى، ويتبادل الحديث مع الطلبة ويستمع لهمومهم، إضافة للقاءات دورية مع اتحاد الطلبة والقوائم الطلابية.
والأردنية ماضية بتنفيذ مشاريع كبيرة استكمالاً لسلسلة من الجهود التي خلقت واقعاً أفضل للعديد من الكليات والمرافق فيها، فباتت تجهيزات كثير من الكليات ضمن أحدث طراز خاصة الكليات الطبية مؤخراً والتي تم فيها إنجاز مختبرات ومشارح وقاعات ومدرجات مجهزة بأحدث التقنيات، وفي كليات الاعمال واللغات والهندسة وتكنولوجيا المعلومات والحقوق تم تحقيق تطور ملحوظ في البنى التحتية وتجهيزات القاعات وأساليب التعليم التي باتت متطورة ومتعددة وقد تم الانتهاء مؤخراً من إنجاز مبنى كلية الفنون والتصميم بأحدث المواصفات العالمية ومركز الخلايا الجذعية بكلفة وصلت لـ 13 مليون دينار، وطابق جديد في كلية التمريض، وانجاز (8) ملاعب ومنشآت جديدة في مقر كلية التربية الرياضية، وبوشر في بناء مبنى جديد لكلية الشريعة، وقد أثمرت تلك الجهود بأن حصلت كلية الهندسة والتكنولوجيا على الاعتمادية الدولية لبرامجها من ABET في تخصصات الهندسة الميكانيكية والكيميائية والكهربائية ، وحصلت كلية طب الاسنان على الاعتراف ببرامجها من ADEE عام 2013 ، فيما حصلت كلية علوم التأهيل على الاعتماد الدولي عام 2014 من WFOT ، كما حصل مستشفى الجامعة التعليمي التابع للجامعة على عدد من شهادات اعتماد المؤسسات الصحية HCAC مع التميز ل 3 سنوات ، وحصول كلية الاعمال على عضوية الاتحاد العالمي لتطوير كليات اﻷعمال (AACSB) لتنضم إلى كوكبة من أفضل كليات اﻷعمال في العالم التي تتميز بمعايير أكاديمية و بحثية رفيعة المستوى تؤهلها للحصول على الاعتمادية العالمية لبرامجها الأكاديمية المختلفة، والعديد من الكليات التي تخوض تنافسية الحصول على الاعتمادية الدولية في مجالاتها.
وفي خطوة رائدة عالمياً، تترجم تبني الأردن للقضية الفلسطينية ودعم الأهل هناك، ومواجهة تهويد مدينة القدس، فقد أعلن الدكتور اخليف الطراونة اطلاق جائزة تمنح كل عامين للباحثين، لحثهم على الكتابة والتوثيق والبحث في هذه القضية، ويقود الدكتور الطراونة جهود مباشرة لتدريس الطلبة من مدينة القدس المحتاجين في الجامعة الأردنية من خلال صندوق سهم الوفاء للقدس ورعاية الطلبة المقدسيين والذي يعتمد على المساهمات من خارج الجامعة الأردنية، بالتزامن مع قرار يعامل طلبة فلسطين معاملة خاصة، بحيث لايتم معاملتهم من خلال نظام القبول الدولي والخاص بالطلبة العرب والأجانب ورسومه عالية مقارنة بالبرامج الأخرى، بل من خلال برنامج الموازي كالطلبة الأردنيين، في خطوات تجسد وجهاً من أوجه الدعم الأردني للأشقاء الفلسطينيين.
عبر هذه الخطوات وغيرها باتت الجامعة الأردنية في مكانة عالمية مهمة، وعلى بعد خطوة من انضمامها لنادي أفضل 500 جامعة في العالم، وتستمر في عكس صورة مشرقة عن التعليم العالي في الأردن، وتجسد قدرة الإنسان الأردني على خلق النجاحات من رحم التحديات والصعوبات وهذا ما صنعه رئيس الجامعة خلال مدة قصيرة، بنت على إيجابيات متراكمة عبر مسيرة الأردنية الممتدة، وتلافت أخطاء متراكمة أيضاً بالمواجهة والتقييم السليم للواقع، ووضع خطط لمعالجتها.
والآن الجامعة على موعد مع تحديات جديدة منها معالجة بعض الظواهر السلبية التي برزت في نتائج المسح الشامل الذي أجراه مركز الدراسات الاستراتيجية في الجامعة الأردنية لدراسة خصائص وقيم واتجاهات طلبة الجامعة والتي علّق الدكتور الطراونة عليها بقوله: "إن نشر نتائج الدراسة بإيجابياتها وسلبياتها يأتي ضمن منهجية الجامعة الشفافة والمباشرة، مؤكدا التزام الجامعة أمام المجتمع الأردني لتعظيم نقاط القوة، والوقوف على مواطن الضعف من خلال ورش عمل متخصصة لمجلس عمداء الجامعة لتصويب ومعالجة المشكلات جنبا إلى جنب وإجراء دراسات معمقة وأكثر تخصصية للقضايا التي تستوجب البحث والتحليل".
هذا يجعلنا مطمئنين على مستقبلنا ومستقبل الجامعة الأردنية، ومتطلعين نحو واقع أفضل يجسد الطموح الشعبي والملكي لقطاعي التعليم والشباب، اللذان يتصدران أولويات تحقيق المستقبل الذي نريد.