حلقة نقاشية في جامعة الشرق الاوسط نظمها مجلس حوكمة الجامعات العربية
شدد خبراء أكاديميون على ضرورة مراعاة النطاق المجتمعي والسياسي والاقتصادي لدى حوكمة الجامعات باعتباره معوقا أمام عملية تعميم مباديء الشفافية والمساءلة والتشاركية في الجامعات.
وقال الخبراء، في حلقة نقاشية عقدت اليوم الثلاثاء في جامعة الشرق الاوسط نظمها مجلس حوكمة الجامعات العربية المنبثق عن اتحاد الجامعات العربية، إن حوكمة الجامعات تعتبر بمثابة المحرك الاساسي للتغيير الايجابي في المجتمع.
وفي هذا الصدد قال أمين عام مجلس حوكمة الجامعات العربية الدكتور يعقوب ناصر الدين إن الجامعات العربية لم تعد تملك خيارا غير مواكبة التقدم الذي تم إحرازه على المستوى الدولي في مجال الحوكمة حيث يشكل التنظيم الداخلي لأي جامعة القاعدة الرئيسة التي يبنى عليها نجاح العملية التعليمية ، ونتائجها وانعكاساتها على المجتمع والوطن ومن ثم الفضاءات المحلية والقارية والدولية .
وأضاف أن مجلس حوكمة الجامعات العربية يعمل بجدية ، لاقتراح الحلول الناجعة لنشر ثقافة حوكمة الجامعات ، ومساعدة الجامعات على تطبيقها ، وتقديم المشورة لها ، والسعي إلى توحيد المعايير على مستوى الجامعات العربية.
وعرض في هذا الاطار لنشأة المجلس وأهدافه وجهوده في إعداد دليل الحوكمة الذي جاء كمبادرة من جامعة الشرق الاوسط وأعدته نخبة من أساتذتها المتخصصين في هذا المجال.
من جهته قال رئيس هيئة اعتماد مؤسسات التعليم العالي الاستاذ الدكتور بشير الزعبي إن حوكمة الجامعات تعبر عن ازمة حقيقية تمر بها هذه الجامعات، في ظل إدارات بسلطة أعلى من الطلبة وأعضاء هيئة التدريس ، وتتفرد باتخاذ القرارات التي تخص شؤونهم دون إشراكهم في ذلك، مبينا أن الحوكمة تقوم على مباديء ثلاثة هي المساءلة والتشاركية والشفافية وتعتمد أسلوب توزيع المهام والسلطة بين الوحدات الادارية والافراد.
وبين الدكتور الزعبي دور هيئة الاعتماد في تطبيق الحوكمة ومنها أجراء الدراسات وجمع المعلومات وأعداد التقارير والتقييم الذاتي في أطار تطبيق الجودة لضمان تطبيق الجامعات مباديء الحوكمة لكنه استدرك قائلا :" نتمنى ان تقوم الجامعات بهذا الدور وتقيم نفسها ذاتيا".
وعرض الدكتور الزعبي لعدد من الدراسات التي أجريت على مستوى جامعات ودول لتقييم تجربتها في تطبيق الحوكمة، مثل مصر وفلسطين والمملكة المتحدة، لكنه خص جامعة الشرق الاوسط التي بين أنها وبموجب دراسة أجريت عام 2012 على عينة دراسية شملت (113) عامل فيها، نتج عنها ان تعامل الجامعة مع الحوكمة وأجراءاتها كان ايجابية ومرتفعة بشكل عام موصية الدراسة بضرورة تحفيز العامين على الالتزام بمباديء الحوكمة.
بدوره قال رئيس جامعة فلسطين التقنية خضوري- جامعة حكومية- الدكتور مروان عورتاني أن الجامعة تدرك تماما الدور الحيوي لبناء منظومة الحاكمية الرشيدة في تعزيز البناء المؤسسي للجامعة وفي الإرتقاء بجودة مخرجات التعليم وفي تحقيق العدالة والمساواة وتكافؤ الفرص ، كما تدرك أهمية الحوكمة في تطوير منظومة العمل الإداري و الأكاديمي على المستويات كافة
و أضاف أن جامعة خضوري أنجزت في هذا المجال خطوات جديدة من أبرزها العمل على إعداد إصلاح تشريعي لمرجعيات الجامعة القانونية مما سيشكل رافعة لنهضتها وازدهارها .
و أشار الدكتور عورتاني الى التحديات الكبيرة التي تواجه جامعة خضوري بل والجامعات الفلسطينية كافة خصوصا فيما يتعلق باستمرار الإحتلال الإسرائيلي الغاشم في وضع العقبات أمام تحقيق الجامعات الفلسطينية لرسالتها البحثية والتعليمية النبيلة .
اما الدكتور عبدالرحيم الحنيطي ، رئيس اللجنة الأكاديمية في مجلس التعليم العالي ، عرض لسبل إشاعة الحوكمة في الجامعات العربية والصعوبات والمعيقات امام ذلك.
وقال إن الحوكمة تفرضها الطابع الدولي للتعليم العالي والرغبة في زيادة القدرة التنافسية للجامعات ورفع الكفاءة لدى القائمين على إداراتها، مستدركا أن هناك صعوبات عديدة لتحقيق ذلك ومنها "الشللية والمحسوبية والواسطة وتغول السلطات الامنية والسياسية وثقافة المحاصصة التي صارت الاولى والأحق في التطبيق" فضلا عن معيقات أخرى أهمها أن "منصب رئيس الجامعة يطغي عليه الطابع السياسي ما يجعله خاضعا للضغوطات والتأثيرات".
في هذا السياق أعلن رئيس جامعة الشرق الاوسط الدكتور ماهر سليم عن أن جامعته صارت "في مراحلها النهائية في أنجاز تقرير تقييمها الذاتي في أطار تطبيقها للجودة".
و شدد على أن الحوكمة تبدأ من رئيس الجامعة وأن القسم الاكاديمي هو اللبنة الاولى والحقيقية في تطبيقها، مبينا في أطار حديثه عن دور الاقسام في تطبيق الحوكمة أن "صلاح القسم الأكاديمي يعني صلاح الجامعة والعكس صحيح".
وقال إن تطبيق الحوكمة على مستوى القسم يكون عبر أمور عديدة منها " إيجاد التعددية والتشاركية الواسعة بين أصحاب المصالح، وإيجاد الاليات الرقابية " بهدف تعظيم القدرة التنافسية وايجاد المناخ الجيد للعمل الجماعي، وتعزيز مباديء التشاركية والمساءلة والشفافية لتحسين الخدمات".
غير أن رئيس جامعة الشرق الاوسط الدكتور سليم بين أن رؤساء الاقسام "غير متخصصين في الادارة"، ما يجعل تطبيق الحوكمة عبر توجيههم لأداء مهامهم وضرورة رفع معرفتهم بكيفية وأصول الادارة .
و أوصى الخبراء في نهايه الحلقة النقاشية بوضع معايير تفصيلية قابلة للقياس و آليات عمل لمؤشرات الأداء على المستوى العربي لتطبيق الحوكمة في مؤسسات التعليم العالي العربية، و منها معايير و أسس اختيار رئيس المؤسسة ومجالس العمداء و الكليات و الأقسام بالإضافة الى تطوير رؤى ورسائل وأهداف واقعية بالتشارك مع ادارات الجامعات وأصحاب المصالح كي يقف الجميع عند مسؤولياته ويسهل تحقيقها . كما أوصوا باحترام الحريات الأكاديمية، وتفعيل مبادئ حقوق الطلبة وأعضاء هيئات التدريس، والشفافية والوضوح، والمعاملة العادلة، وتفعيل هياكل المسائلة والمراقبة والتقييم على أسس تقوم عليها الحوكمة الجديدة. وتشجيعهم على ممارسة حقوقهم بتوفير أجواء الحرية والرضا الوظيفي، والأمان الوظيفي، وضمان تطبيق نظام الحوافز والعقوبات و وضع أنظمة و قوانين تضبط الحوكمة في مؤسسات التعليم العالي العربية.بالإضافة الى تفعيل رؤساء الأقسام في تبنيهم للحوكمة ومتابعة تنفيذ مبادئها في أقسامهم و طرح مساق خاص بالحوكمة ضمن متطلبات الجامعة
وجرى في نهاية الحلقة النقاشية حوار موسع بين المتحدثين والحضور من أعضاء هيئة التدريس والطلبة حول سبل تجاوز المعيقات والصعوبات لجعل الحوكمة حقيقة راسخة بما يصب في مصلحة الارتقاء بالعمل الاكاديمي ودور الجامعات في خدمة المجتمعات والاوطان.