آخر الأخبار
ticker مجلس الوزراء يطلب استمرار ضبط الاعتداءات على آبار المياه ticker الحكومة توافق على 5 اتفاقيات ومذكرات تفاهم ticker مشروع معدل للتَّنظيم الإداري لوزارة التَّنمية الاجتماعيَّة ticker غوتيريش قلق من التصعيد في لبنان ticker بالصور .. الجيش ينزل مساعدات إنسانية على جنوب غزة ticker هيئة الخدمة ترفع تعليمات "الموارد البشرية" إلى الحكومة ticker الطيران المدني: الاجواء الأردنية آمنة ونحو 400 طائرة عبرت الجمعة ticker الحكومة تقر نظام القيادات الحكومية وتشمل وظائف المجموعة الثانية ticker الغاء ترخيص المراكز الثقافية من وزارة التربية والتعليم ticker هجوم على مدن عدة في الاحتلال وصفارات الإنذار تدوي ticker الجيش: صاروخ (غراد) سقط في منطقة صحراوية خالية بالموقر ticker معلمون يطالبون بتمديد الإجازة بدون راتب للعاملين في الخارج ticker رئيس الحكومة اللبنانية يعتذر عن التقصير ticker بايدن: اغتيال نصرالله يحقق العدالة ticker حصر جلسات الوزراء بيومي السبت والثلاثاء ticker هآرتس: نتنياهو طلب تأجيل قرار اغتيال نصر الله حتى عودته من نيويورك ticker بايدن يأمر البنتاغون بتعديل وضع الجيش الأمريكي في الشرق الأوسط ticker بن معروف في شيكاغو قريبا ticker 3 مباريات بدوري الدرجة الأولى لكرة القدم الأحد ticker سلطة وادي الأردن تؤكد دعم المزارعين وأهمية جاهزيتهم للموسم الجديد

بالوثائـق .. تحقيق يكشف مبالغات بارقام حملة التشغيل

{title}
هوا الأردن -
جاء وقع خبر محاولة خمسة شبان الانتحار بسبب البطالة، يوم الأربعاء الماضي، صادما للأردنيين، إذ طفا على سطح النقاشات المجتمعية بين متعاطف ومستنكر، مع توافق جماعي بأن البطالة في الأردن أصبحت "وحشا يبتلع أعدادا كبيرة من الشباب"، في ظل عدم وجود خطط حكومية جدية للتصدي للظاهرة.

وأثار هذا الخبر النقاش حول فاعلية الحملة الوطنية للتشغيل، التي تنفذها وزارة العمل منذ ثلاثة أعوام، انسجاما مع الاستراتيجية الوطنية للتشغيل، التي تؤكد أرقامها الصادرة عن الوزارة بأنها "نجحت بتشغيل أكثر من 26 ألف عاطل عن العمل".

غير أن استطلاعا ميدانيا، أجرته "الغد" على مدى الأشهر الخمسة الماضية، أظهر خللا في طريقة التعامل مع هذا الملف من عدة زوايا، منها اتجاه الوزارة لتوفير فرص عمل في قطاعات غير مغرية، أو لا يتحمس لها الأردنيون، نظرا لتدني الرواتب، وعدم توفر شروط العمل اللائق فيها، ما يعني أنه حتى ولو عمل الباحث عن العمل فيها فإنه لا يستمر، ويعود من جديد إلى دائرة البطالة.

أرقام متكررة
تواصلت "الغد" مع 76 باحثا عن العمل، حصلت على أسمائهم وأرقامهم من كشوفات وزارة العمل ممن عملوا عبر الحملة الوطنية للتشغيل، ليجيب 43 منهم على هاتفه النقال، في حين كانت الأرقام المتبقية إما مفصولة أو مغلقة أو ليست للمذكور اسمه في الكشف، فيما تبين أنه من ضمن الـ43 المستجيبين للاتصالات، ترك 16 منهم العمل بعد فترة تراوحت بين يومين و45 يوما.

وانحصرت أسباب ترك العمل بين "تدني الراتب" وعدم تغطيته للضروريات الأساسية للعامل، وبذلك يشعر بأن بقاءه في البيت خيار أفضل، خاصة بظل اضطراره لدفع بدل مواصلات وطعام خارج البيت.

كما قال بعضهم إنه "عانى من وجود انتهاكات في مكان العمل، مثل تعامل أصحاب العمل بطريقة غير لائقة، كالصراخ على الموظفين وشتمهم، أو الخصم من رواتبهم لأسباب واهية، كالتأخر عن العمل لدقائق قليلة أو الخروج للتدخين".

أما المفاجأة، فكانت عندما تم سؤال الـ43 فيما إذا كانو اشتغلوا عن طريق الحملة الوطنية للتشغيل، فأجاب 17 من الـ27 الذين ما زالوا على رأس عملهم، أنهم "لم يسمعوا بهذه الحملة ولم يشتغلوا عن طريقها، كما أكد الشيء نفسه 11 من الـ16 الذين لم يستمروا في العمل".

وعندما سئل من قالوا إنهم "لم يسمعوا بالحملة الوطنية للتشغيل"، كيف وجدوا فرصة العمل، أجاب أغلبيتهم بأنهم تقدموا بطلبات مباشرة لموقع العمل، أو عن طريق علاقات شخصية ومعارف وأقرباء.

ولدى البحث الميداني لمعرفة السر وراء عدم معرفة الباحثين عن عمل بالحملة الوطنية للتشغيل، رغم أن أسماءهم وأرقامهم موجودة ضمن جداول وزارة العمل، التي تؤكد أنهم عملوا ضمن الحملة، تبين من خلال زيارة أصحاب شركات وموظفين في وزارة العمل ومطلعين على هذا الملف أن الوزارة ، ومن ضمن إجراءاتها لتجديد تصاريح العمل للعمال المهاجرين الذين يعملون في بعض المصانع والشركات، "تطلب من صاحب العمل إحضار كشف بأسماء الأردنيين العاملين في شركته، للتأكد من التزامه بتشغيل ما لا يقل عن %20 منهم".

كما تطلب الوزارة من أي شركة تود الانضمام للقائمة الذهبية التابعة لها كشفا يضم أسماء موظفيها للتأكد من تسجيلهم في الضمان الاجتماعي.

ويؤكد مصدر مطلع "أن وزارة العمل تضيف هذه الكشوفات الى قائمة العاملين ضمن الحملة الوطنية للتشغيل، وهذا ما يفسر عدم معرفة الباحثين عن عمل بهذه الحملة".

أما الأمر الآخر الذي كشف ضخامة الرقم الذي أعلنت عنه الوزارة والمتمثل بنجاحها بتشغيل ما لا يقل عن 26 ألف باحث عن عمل خلال الحملات الأربع التي نفذتها على مدى ثلاثة اعوام والمستمرة حتى الآن، فكشفه المصدر نفسه وأكدته إعلانات صادرة عن الوزارة منشورة في وسائل إعلام محلية، حيث يتبين من متابعة إعلانات الوزارة أن هناك تكرارا للإعلان عن حاجة شركة ما لموظفين.

ويقول المصدر إن الوزارة "بذلت جهودا كبيرة للتشبيك مع أغلب الشركات في الأردن، وبذلك عندما تتوفر لدى هذه الشركات فرص للعمل فإنهم يتواصلون مع الوزارة لتعلن الأخيرة عن توافرها، وبما أن أغلب الشركات والمصانع تعلن عن فرص عمل غير مرغوبة من قبل الأردنيين نظرا لعدم توفر شروط العمل اللائق بها، فإن نسبة ترك مكان العمل مرتفعة جدا في هذه الشركات، ما يضطرها لتكرار تواصلها مع الوزارة طالبة تأمين موظفين لها".

ويضيف "ما يحدث في الوزارة أنها تعيد حساب فرص العمل المكررة، ما يعني أن فرصة العمل الواحدة قد تحسب ست أو سبع مرات، وهو ما يجعل الرقم المعلن عن أعداد المشتغلين ضخما".

مبررات أصحاب عمل
مدير منشأة كبيرة قال، لـ"الغد"، إنه "يجد صعوبة في تشغيل أردنيين في منشأته، نظرا لعدم إقبالهم على العمل فيها، وهو يعلم أن ضآلة الراتب تمنع الأردني من العمل لديه، لذلك يضطر لتشغيل المهاجر كونه أقل تكلفة عليه، فهو أيضا لا يستطع تحمل دفع رواتب أعلى لأنه سيخسر، كونه يدفع الكثير من الضرائب وغيرها من مستلزمات فتح استثمار، لكنه مضطر لتوفير ما لا يقل عن 20 % في منشأته من الأردنيين عملا بأنظمة وزارة العمل".

وأضاف "كل فترة أتواصل مع الوزارة لأطلب عمالا أردنيين، وتؤمن لي عمالا، لكن أكثر من 90 % منهم لا يستمرون في العمل، فأعاود طلب عمال جُدد".

أما وزارة العمل، وعلى لسان ناطقها الإعلامي محمد الخطيب، فأكدت أنها تبذل جهودا "جبارة" للتشبيك بين صاحب العمل والعامل، وبالتالي "من حقها أن تقول أنها أمنت هذا العدد من الوظائف"، لكنها في الوقت نفسه لا تستطيع إجبار الموظف على الاستمرار في عمله.

وفي هذا الصدد، يقول الخطيب "نحن لسنا رقباء، وينتهي دورنا بتأمين فرصة العمل"، مضيفاً إن الفيصل في عملية ازدياد فرص العمل من عدمه هو عدد المشتركين في الضمان الاجتماعي.

لكن مصدرا موثوقا بالضمان قال إن "سوق العمل الأردني يوفر كل عام بين 50 ألفا الى 60 ألف فرصة عمل، وبأن أرقام المشتركين في الضمان الاجتماعي هي ضمن هذه النسب، ولا أعتقد أن حملات التشغيل ساعدت فعلا بخلق فرص عمل جديدة".

وتشير أرقام "الضمان" إلى أنه حتى نهاية العام الماضي بلغ عدد المؤمنين إلزاميا 1.4 مليون مشترك ومشتركة.

البطالة والسياسات الاقتصادية الخاطئة
بدوره، يؤكد مدير مركز الفينيق للدراسات الاقتصادية أحمد عوض أن وزارة العمل "فشلت في التعامل مع ملف البطالة في الأردن"، موضحاً أنها "تصر على لعب دور وكالات التوظيف، بالربط بين صاحب العمل والعامل، في حين أن دورها الأهم هو رسم السياسات وإيجاذ حلول جذرية لمشكلة البطالة وليس الاستعراض بأرقام وهمية".

ويقول إن "المتابع لطريقة عمل الحملة الوطنية للتشغيل، يتأكد أن الفرص التي تقول الوزارة إنها استحدثتها هي أساسا موجودة في سوق العمل ولا إقبال عليها، والدليل على ذلك أن نسبا كبيرة ممن تم توظيفهم لم يستمروا في العمل".

ويضيف "مشكلة البطالة معقدة جدا، وسببها تراكم العمل بسياسات حكومية خاطئة استمرت أكثر من عقدين ونصف العقد"، مبينا أن "السياسات الحكومية التي اعتنقت فكرة وجود المدن الصناعية المؤهلة، استنادا إلى العمل في اتفاقيات التجارة الحرة، قضت على الاقتصاد الصناعي الوطني، حيث اضطرت الصناعات الوطنية مثل صناعة الألبسة والسيراميك إلى الإغلاق، وهذا يعني فقدان الآلاف عملهم".

ويتابع عوض "ترافق ذلك مع أعباء على القطاع الصناعي، تتمثل بالعبء الضريبي الذي يحول دون تمكن صاحب العمل من توفير رواتب جيدة لموظفيه، ما يعني ضعف القدرة الشرائية للموظفين نظرا لتدني رواتبهم، كما يعني أن دائرة الاقتصاد المحلي ضعيفة".


كما يرى في محاولة خمسة شبان على الانتحار بشكل جماعي، "رسالة لأصحاب العلاقة تقول إن الأمور وصلت الى حد خطير، وعليهم التنبه لذلك".


من جهتها، تقول مديرة منظمة النهضة العربية للديمقراطية والتنمية "أرض العون" سمر محارب "من خلال عملنا مع فئات مختلفة من الشباب في الأردن، كانت البطالة الهم الأكبر لهم، ليس فقط لحاجتهم للموارد المالية وإنما لرغبتهم باستثمار طاقاتهم وتكريس وجودهم الإنساني الطبيعي كأعضاء فاعلين في مجتمعاتهم، وقيامهم بدورهم تجاه عائلاتهم، والحصول على فرصة عادلة تمكنهم من صوغ مستقبلهم والعيش بكرامة".


وتضيف إن اللافت في تطورات اليوم أن أسلوب التعبير تطور، معتبرة أن محاولة الانتحار "مؤشر يدفعنا للحذر من اتجاه الشباب إلى أساليب تتسم بالعنف والقسوة للفت النظر لمطالبهم، وجعل أصواتهم مسموعة من قبل الإعلام أكثر".


وتؤكد محارب أنه "رغم سعي الحكومة الدائم لتأمين احتياجات الشباب وفتح المجال أمامهم للتعبير من خلال عدة منابر، ومحاولة إشراكهم في عملية صنع القرار عن طريق خلق فرص الانخراط في العمل المجتمعي والعمل العام، إلا أن الظروف السياسية في المنطقة التي أثرت على سوق العمل الأردني، والسياسات الاقتصادية المتبعة للتصدي لهذه الأزمة، والتي بات المجتمع يتحسس مدى ضعف إنتاجيتها، أدت إلى تفاقم المشاكل التنموية والاقتصادية".


وتوضح أن ذلك "يدفعنا للتفكير بحلول عاجلة وجديدة لتعزيز الثقة أكثر بين الشباب وصانعي القرار، بعيدا عن التقليدية في التعاطي مع هذا الموضوع".


بدورها، تؤكد مديرة مركز تمكين للدعم والمساندة لندا كلش أن "أرقام البطالة تتزايد في الأردن بشكل متسارع، رغم الأرقام التي تعلن من خلال الحملة الوطنية للتشغيل، وأن لذلك سببين، إما أن ظروف العمل طاردة لمن يلتحق بهذه الأعمال من خلال الحملة، وإما أن الأرقام المعلنة غير حقيقية".


وتضيف "كان ينبغي أن تعمل الدولة على خلق فرص عمل جديدة، وأن تشجع الاستثمار والصناعات المتنوعة، ولكن بدلا من ذلك عملت على تطفيش المستثمرين القائمين والمحتملين، وبدلا من أن توفر فرص عمل تساعد في خفض رقعة البطالة، نلاحظ أن سوق العمل يعاني من فوضى شديدة، ويجب أن تكون هناك دراسة واسعة للسوِّق حتى يتم ربطها بمخرجات التعليم".

 
 
تابعوا هوا الأردن على