"البحث العلمي" يوصي بحماية الشباب من التطرف
نبهت الخطة التنفيذية للدراسات التفصيلية العلمية التي أشرف عليها صندوق دعم البحث العلمي حول "الشباب في مواجهة الفكر المتطرف" من وجود صراعات حقيقية في الجوار (العراق وسورية) تأخذ المنحى الطائفي الديني.
وتأتي هذه الخطة التي وأعدت من قبل فريق بحث لكل محور من المحاور، تأكيدا لمبادرة ولي العهد سمو الأمير الحسين بن عبدالله الثاني لدور الشباب في إحلال السلام باعتباره القوة الفاعلة في التغيير المستقبلي"، وفق مدير عام صندوق دعم البحث العلمي الدكتور عبد الله الزعبي.
وأكد الزعبي أن الخطة تأتي أيضا "انطلاقا من الواجب تجاه حماية الشباب وتحصينهم من الفكر المتطرف أيا كان مصدره".
وقال إن هذه الخطة تأتي لكشف حقيقة ظاهرة انتشار الفكر المتطرف بين الشباب ودواعي انخراطهم فيه ووقوعهم فريسة لدعاته، وبيان العلاج الناجع لهذه الظاهرة المقلقة والتي تعد مرضا خطيرا يفتك بهؤلاء الشباب المغرر بهم للقضاء على مستقبل الامة ومستقبلهم معا.
وأوصت الخطة في مجال التعليم العام بتعديل التشريعات وإضافة مادة الأخلاق والقيم ضمن المنهاج التعليمي، وإضافة مادة للبحث العلمي، وأخرى للتربية الإعلامية، لافتة إلى اهمية اتاحة تدفق المعلومات، وسهولة الحصول عليها لمن يطلبها من أفراد المجتمع وتعزيز قدرة الشباب على المشاركة، وتفعيل منظومة القيم الاجتماعية للتواصل بين الأجيال، وإعادة اللحمة للنسيج المجتمعي، وتفعيل الدور التنسيقي والتكاملي بين الأسرة والمؤسسة التربوية.
واكدت أهمية تحقيق العدالة الاجتماعية والسياسية من أجل الحد من الظلم الذي يساهم في انتشار ظاهرة التطرف، وتفعيل لغة الحوار وتعزيز ثقافة تقبل الرأي والرأي الآخر لدى الشباب، وتعزيز قيم الشفافية والنزاهة ومحاربة الفساد بكل أشكاله.
وفي الوقت نفسه دعت إلى تعزيز المساواة أمام القانون، وتعزيز حرية الرأي والتعبير المسؤول، وتعزيز هيبة الدولة، والعمل على نشر الوعي من قبل جميع مؤسسات التنشئة، مشددة على ضرورة تضمين مناهج التعليم والخطاب الاعلامي كل ما يعزز الولاء الوطني والقومي، واتخاذ الاجراءات الوقائية والعلاجية الرادعة لمكافحة الجريمة، وتعزيز القيم والعادات الايجابية في مواجهة التطرف وتشجيع الشباب على الانخراط في التنظيمات الاجتماعية والعمل التطوعي.
وطالبت الخطة بتغيير الوجوه الإعلامية في البرامج الدينية وإعداد قوائم جديدة للضيوف الذين يظهرون في هذه البرامج، وبناء معايير واضحة لبث البرامج الدينية من حيث المحتوى.
واشارت إلى اهمية تدريب شباب لتقديم برامج دينية بروح عصرية، ومتابعة شبكات التواصل الاجتماعي من حيث المحتوى المنشور، والذي يتضمن لغة كراهية وتطرف، وخاصة تلك التي تجذب بعض فئات الشباب التي تنزع نحو الأعمال الإرهابية.
وأكدت في توصياتها ضرورة تفعيل دور مؤسسة المسجد بوصفها جهة وعظ وإرشاد ديني.
وتضمنت الخطة أربعة محاور هي "الديني، التربوي التعليمي، الثقافي، السياسي، الاجتماعي والاقتصادي، والإعلامي".
وضم فريق كل محور عددا من الباحثين المتخصصين (خمسة إلى سبعة أعضاء)، واتبعت فرق العمل جمع المعلومات وتحليلها منهجا -كالاستبانات التي تجاوزت الالفي استبانة- والحوار المباشر، والمقابلات الشخصية، واستقراء الادبيات المتعلقة بالموضوع من الدراسات السابقة، والتجارب العملية في معالجة ومحاورة الفكر المتطرف.
وأوضح الزعبي أن ظاهرة التطرف "اخذت تلقي بظلالها على مجتمعاتنا مع زيادة معدلات الفقر والبطالة واختراق حاجز الأمن الثقافي للأمة وطغيان المادة وضعف دور الأسرة في البناء العقلي والتربوي والديني للناشئة وتشكيل شخصية الفرد بشكل سوي متوازن في بيئة محيطة تتميز باحتدام الصراع الإقليمي والدولي ونشوء حالات من الاقتتال الطائفي "جعل الشباب في حيرة من امرهم، وفريسة سهلة لدعاة الفكر المتطرف عن طريق وسائل الاتصال الحديثة".
وأكد أن ذلك يفسر أهمية وجود دراسات وخطط منهجية تعتمد الواقع وجمع البيانات واعتماد منهجية علمية واضحة، مستخدمة الدراسة الإحصائية والحوار المباشر مع المتلبسين بالفكر المتطرف واخذ رأي الخبراء في التعليم والتربية والعلوم الشرعية وطلبة الجامعات.
وتعاملت الخطة مع التطرف على أساس أنه يمثل كل انحراف عن الوسطية الإسلامية أو القواعد الاجتماعية المتعارف عليها او غيرها من قواعد الانضباط بمفهومها الشامل كتعريف اجرائي ويعرف عمليا بأنه "الغلو في عقيدة أو فكرة أو مذهب أو غيره يختص به دين أو جماعة أو حزب" ويؤدي إلى سلوك العنف والانحراف عن الجادة ومخالفة الأصول المعتبرة في الشريعة في قضايا التدين والحكم على الآخرين بالكفر والخروج من الدين.
وتهدف الخطة إلى البحث في أسباب انتشار هذا الفكر وتأثيره على الشباب، ووضع خطة عمل وطنية تتضمن مجموعة من الإجراءات التنفيذية العملية لمواجهة الفكر المتطرف ومحاصرته، وتحصين الشباب من الوقوع فريسة لهذا الفكر المخالف لمقتضيات الوسطية والاعتدال.
وأخذت الخطة بعين الاعتبار أنه على الرغم من ان المجتمع الأردني لم يعرف الصراع المذهبي في السابق؛ إلا أن الانفتاح على مواقع التواصل الاجتماعي وانتشار الفضائيات المختلفة أدى إلى اختراق حاجز الامن الثقافي للمجتمع الأردني.
وقد راعت خصوصية الصراع الدائر في فلسطين ومواقف بعض المذاهب والدول والتيارات تجاه هذا الصراع والتأثير إسلاميا من حيث العاطفة؛ مع ملاحظة الارتباط الوثيق بين المجتمع الأردني والقضية الفلسطينية وتراوحها بين كونها قضية إسلامية او عربية او فلسطينية، وعلاقة الغرب في استمرارها وربطها بأحداث المنطقة.
ولفتت إلى عامل التأخر في حل هذه القضية وتصرف المجتمع الدولي تجاهها بمكيالين وعدم تنفيذ القرارات الدولية بشأنها، باعتبار ذلك من أسباب انتشار الفكر المتطرف.
واشارت إلى ضعف، بل غياب، "فقه التدين" وخاصة في مجموعة من المسائل والقضايا التي يثيرها دعاة الفكر المتطرف لجذب الشباب وزعزعة معتقداتهم وافكارهم، ومن ثم جذبهم لتبني هذا الفكر والانخراط فيه على أساس أنه الفكر الصائب المتضمن اتباع الرسول صلى الله عليه وسلم ونصرة الدين.
وأكدت أن الأمراض والأوبئة لا تتكاثر إلا في بيئة تساعد على نموها ولا تصيب إلا الأجسام التي لا تتمتع بالحصانة ضدها؛ وكذلك الأفكار المنحرفة والمتشددة والشاذة (الأمراض الفكرية) والتي تجد البيئة المناسبة لها في الجهل والفقر والشعور بالوحدة والغربة في المجتمع.
وتوصلت الخطة إلى ان شريحة الشباب وهي النسبة الاعلى بين الأردنيين ونواتها الطلاب من أكثر شرائح المجتمع تأثرا بالفكر المتطرف، وعملت على الوصول إلى اجابات حول "كيف تنظر هذه الشريحة إلى الغلو والفكر المتطرف؟ وكيف يتم استدراجها إلى شرك الغلو والتطرف؟"..