الروابدة: تجذر الديمقراطية يرقى بالمواطنة ويحصن المجتمع من الفتن
قال رئيس الوزراء الاسبق الدكتور عبدالرؤوف الروابدة ان الديمقراطية كلما تجذرت ارتقى مفهوم المواطنة في وجدان الشعب وممارسة الحكم واصبح المجتمع عصيا على الاختراق والفتن الداخلية التي تغذيها الصراعات العرقية والطائفية والجهوية .
واوضح الروابدة في محاضرة له بعنوان « المواطنة المفهوم والحقوق والواجبات « القاها امس في جامعة فيلادلفيا « ان للمواطنة اركانا اولها الانتماء للارض , الوطن وثانيها المساواة وثالثها المشاركة والتي يقصد بها ان كل مواطن له حق الشيوع في الوطن غير قابل للتقسيم .واضاف الروابدة « لما كانت المساواة بين جميع المواطنين في ممارسة الحقوق السياسية والاجتماعية ركنا اساسيا في المواطنة فانه ينبني عليه ان هناك علاقة وثيقة بين الديمقراطية والمواطنة « .
وقال ان واجب الدولة السعي بجميع الوسائل لإيصال جميع المواطنين الى مراكز قانونية متماثلة ما يحتاج الى جهد كبير وكلفة هائلة ومدى زمني طويل ، موضحا انه لا بد من حد ادنى من الاستثناءات على مبدأ المساواة .
واعتبر الروابدة ان هذه الاستثناءات تمييز ايجابي كتحديد سن الناخب في قوانين الانتخاب والتمثيل الخاص للأقليات العرقية والدينية والاجتماعية والمرأة في البرلمانات ، وتحسين تمثيل المناطق البعيدة على حساب المناطق القريبة واعفاء ذوي الدخول المتدنية من التكليف الضريبي ووضع شروط ابسط للقبول في الجامعات .
وتناول الروابدة موضوع المواطنة والفكر العقائدي ، مبينا ان الفكر العقائدي القومي والديني في البلاد العربية لم يتعرض الى مفهوم المواطنة ، حيث ركزت الاحزاب القومية على الهوية العربية الجماعية منكرة بذلك الاقليات العرقية او همشت دورها او زورت هويتها بإدماجها بالهوية القومية ، لافتا الى ان هذه الاحزاب حين وصلت الى سدة الحكم اكتشفت بان الدولة الوطنية حقيقة واقعية يصعب انكارها فبدأت بالتنظير على استحياء للقطرية التي حاربتها فاخترعت لها تعبير « الخصوصية الوطنية «.
وقال الروابدة ان العالم منذ اواخر القرن العشرين شهد متغيرات اثرت بشكل واضح على مفهوم المواطنة حيث نقلتها من مفهوم وطني الى عالمي ومن ابرز مظاهرها بروز الهيمنة الدولية احادية القطب وانفجار العنف والتطرف والابادة الجماعية وثورة التكنولوجيا والاتصالات التي حولت العالم الى قرية صغيرة ، وسيطرت العولمة على جميع مناحي الحياة والهجرات القسرية الواسعة والاختيارية وتغول التطرف الليبرالي الذي اضعف الاقتصاديات الوطنية .
وقال : ان المواطنة بمفهومها المبسط « حب الوطن واتخاذ المواقف الايجابية المؤيدة له « الذي هو الملاذ والموئل ولا يحس بقيمته الحقيقية الا من فقد وطنه مؤكدا على ان الحقوق والواجبات في الوطن أمران متلازمان لا يمكن فصلهما عن بعضهما كما لا يمكن قبول احدهما دون الآخر .
واشار الى ان التعبير عن «الوطنية « يتم من خلال عدة وسائل ابرزها « الالتزام بالهوية الوطنية واعلان ذلك وتعزيزه باستمرار وان الانتماء الوطني هو حاضنة الهوية الوطنية والخصوصية الحضارية وان ركن المواطنة هو الانتماء للوطن والتعلق به والحفاظ عليه والدفاع عنه والاعتزاز به وان التعددية في العرق اوالدين او الاصل او الثقافة صفة طبيعية في كل مجتمع مع الاصرار على المشاركة في العمل العام والحفاظ على الممتلكات العامة والانجازات الوطنية ودفع الضرائب واحترام النظام العام واحترام حقوق المواطنين الاخرين «.
واستعرض الروابدة التطور التاريخي لمفهوم المواطنة في الاردن منذ مرحلة تأسيس الدولة التي انشئت كقاعدة لتحرير بلاد الشام بعد انهيار الحكم الفيصلي اثر معركة ميسلون وقد سميت انذاك « حكومة الشرق العربي حتى العام 1927 وتعاقب عليها حتى العام 1946 سبع عشرة حكومة لم يرأس احداها اردني ، تلتها مرحلة وحدة الضفتين حيث استطاع الاردن في حرب 1948 الحفاظ على القدس العربية والضفة الغربية وجرت فيهما الانتخابات حتى العام 1950 حيث تمت الموافقة بالاجماع على مشروع الوحدة شريطة المحافظة على الحقوق الكاملة للشعب الفلسطيني في ارض فلسطين .
وقال تلت هذه المراحل مرحلة الشيوع الحزبية العقائدية ومرحلة العمل الفدائي ومرحلة عودة الديمقراطية والتي شكلت الرافعة الحقيقية للمواطنة وأضعفت الشروخ العمودية والأفقية في بنيان المجتمع .
وفي نهاية المحاضرة التي ادارها الدكتور خالد العمري رئيس جمعية الاكاديميين الاردنيين وحضور الدكتور مروان كمال ورئيس الجامعة الدكتور معتز الشيخ سالم و مستشار الرئيس الدكتور محمد أمين عواد وعمداء الكليات واعضاء الهيئات التدريسية وطلبة الجامعة دار نقاش موسع بين الحضور والمحاضر اجاب فيه على تساؤلاتهم .