الموازنة وطرح الثقة بحمّاد وفكرة التعديل على أجندة لقاءات الملقي والطراونة المُكثّفة
هوا الأردن -
يبدو أن التنسيق بين رئيس الحكومة هاني الملقي ورئيس مجلس النواب عاطف الطراونة بات على أشدّه خلال الأيام الأخيرة في محاولة لـ "فكفكة" الأزمات الطارئة التي بدأت تطفو أخيراً على السطح بين السلطتين.
الملقي والطراونة التقيا في غضون الأيام الأخيرة الثلاثة نحو (3) مرات وفق مصادر سياسية افادت تخللها جملة من الاتصالات الهاتفية في مساعٍ لبلورة خارطة طريق للمرحلة القصيرة المقبلة.
وبحسب المصادر فإن الملقي زار الطراونة في منزله بترتيب سريع للوقوف على آخر المستجدات المتعلقة بملفات عديدة تحمل عناوين كبيرة أبرزها مشروع قانون الموازنة وطرح الثقة بوزير الداخلية سلامة حماد، كما أن اللقاءات لم تخلو من الحديث عن فكرة تعديل وزاري اذا ما حصل الرئيس الملقي على ضوء أخضر لإجرائه.
ينهمك الرئيسان في ترتيب أوراقهما قبيل جلسة الثلاثاء المقبل التي سُتعرض خلالها مذكرة طرح الثقة بوزير الداخلية التي وقّع عليها نحو 47 نائباً، ويحاول الرجلان أن يستبقا الأحداث المفاجئة التي قد تفضي إليها نتائج لم تكن في الحسبان.
هذه الترتيبات التي يعكف عليها الملقي والطراونة مستمرة حتى يوم السبت عشية عطلة عيد الميلاد، وقبيل ايام قليلة من عودة الحراك السياسي في أعقاب عطل سبقها توتر بين السلطتين نتيجة الأحداث الأمنية التي وقعت في الجنوب خلال الأسبوعين الماضيين.
ومن المتوقع أن تصاغ جملة من الأفكار خلال هذه الأيام التي يتوقع معها استمزاج المرجعيات بإجراء تعديل وزاري على ما افادت مصادر سياسية، حيث يشعر الرئيسان بأنه اصبح اليوم ذا أولوية.
يخشى الرئيس الملقي من تضييق الخناق عليه في أي تعديل مستقبلي في حال لم يتمكن النواب من الإطاحة بالوزير حمّاد اذا طُرحت به الثقة، كما أن فشل هذه الخطوة قد تؤجّل خيار التعديل الوزاري الذي يطمح إليه لإزاحة عدد من الوزراء الذين اصبحوا عبئاً ثقيلاً عليه شخصياً.
على ما يبدو فإن التعديل – إن حصل – لا يتعلق بالوزير حمّاد فقط لـ "حلحلة" الأمور بل يطال الفريق الاقتصادي في وزارة الملقي، فقد بات الرئيسان أكثر قناعة بأن هذا الفريق لا يمكنه المضي في المرحلة المقبلة وسط ارتفاع حدة الأزمات الإقتصادية وانحسار الخيارات المتاحة.
وعلى صعيد مذكرة طرح الثقة فقد توقعت المصادر أن يستمهل الملقي مجلس النواب خلال جلسة الثلاثاء مدة الـ 10 أيام المتاحة له وفق الدستور لتأجيل الاقتراع على الثقة لمرة واحدة، وهو أمر تجيزه النصوص اذا طلب ذلك الوزير المختص أو هيئة الوزارة ولا يحل المجلس خلال هذه المدة.
يعول الرئيسان وفق تقديراتهما على إمكانية اتخاذ القرارات المناسبة خلال هذه المدة، وهي فترة زمنية مناسبة للعبور بمشروع قانون الموازنة اذا ما بدأ المجلس بنقاشات المشروع مطلع الأسبوع المقبل، ليصار بعد ذلك إلى إيجاد حل لقضية مذكرة طرح الثقة.
تأتي هذه التطورات وسط قناعة تولّدت لدى رئيس الوزراء بصعوبة سحب مذكرة طرح الثقة بالوزير حمّاد، وتلميحات صدرت عن الطراونة بتمسك النواب بالمذكرة وتصلب موقفهم إزاء هذه الخطوة.
يعمل الملقي على اضفاء نوع من الشراكة الحقيقية وتجسير أي هوة مع مجلس النواب وترميم العلاقة إن تعكرت بشكل فوري – وفق مراقبين-، وهو ما سمعه من الطراونة خلال الجلسة التي عقدت في دار البرلمان الخميس الماضي حينما ثمّن الأخير آلية التواصل التي يقوم بها الملقي في سبيل التعاون بين الطرفين.
الملقي الذي يسعى إلى تكثيف اللقاءات مع الطراونة والنواب ليكون على مسافة قريبة مما يفكر به المجلس بادر مرتين للقاء رئيس المجلس في منزله لبحث ملفات عالقة، وتوقعت المصادر في حديثها أن تتواصل اللقاءات والمشاورات مع رئيس مجلس النواب ورؤساء الكتل خلال يوم الأحد والى ما قبل يوم الثلاثاء.
ومن هذا المنطلق يستمع الملقي جيداً إلى طروحات مجلس النواب المتعلقة بضرورة تجنب رفع الأسعار على السلع الأساسية اذا ما جنحت الحكومة لخيار رفع الأسعار في سبيل رفد الموازنة بإلايرادات الزائدة المقدرة بنحو 450 مليون دينار، وهو ما عبّر عنه صراحة رئيس اللجنة المالية احمد الصفدي في حديث سابق لـ هلا أخبار حينما أكد أنه لن يُسمح برفع تلك السلع على المواطنين.
وفي المعلومات التي حصل عليها فإن الرئيس الملقي الذي اسمع النواب عبارة "لن نرفع الاسعار على السلع الاساسة" خلال اجتماعه بالمكتب التنفيذي ورؤساء الكتل الاسبوع الماضي، عاد مُجدداً للتوافق مع الطراونة على الأخذ بالنصائح النيابية وتجنب تعويض تلك الايرادات من الرفع المباشر للسلع الاساسية والمساس بالطبقتين الفقيرة والوسطى.
وبحث الملقي والطراونة جملة من الخيارات البديلة التي يمكن للحكومة أن تلجأ إليها في سبيل تخفيف الأعباء المالية، وهي خطوات تتماشى مع رؤية الطرفين بأن الأزمة مع النواب ليست سياسية بقدر ما هي "اقتصادية" ترافقها تحديات أمنية تتطلب تضافر الجهود من الجميع لعبورها بأقل الخسائر.
ومن ضمن الأفكار المطروحة في الشق الاقتصادي تخفيض النفقات الرأسمالية والبحث عن خيارات التأجير التمويلي الذي ينتهي بالتمليك بالشراكة مع القطاع الخاص لتخفيف الأعباء المالية الناجمة عن التوسع في الأبنية الحكومية.
وبرغم أن اللجنة المالية في مجلس النواب تقف اليوم على خواتيم أعمالها إلا أنها بانتظار الخطة الكاملة المقدمة من الحكومة عبر وزير ماليتها للوقوف على تفاصيل الأرقام المتعلقة بزيادة الإيرادات والأموال التي يمكن تحصيلها بعيداً عن ايقاع صدمات تنعكس على المجتمع الذي يعاني ظروف اقتصادية صعبة.
"الحراك الدبلوماسي" إن جازت تسميته الذي يقوده الملقي يلقى أرضية خصبة من قبل الطراونة وعدد من النواب طالما يرتكز على عنوان الشراكة مع المجلس والعودة إليه في سياق تخطي الأزمات المتتالية، وإن كانت الهواجس الإقتصادية تطغو بشكل أكبر في ذهن الرئيس الملقي.



















































