مطالبات بتعديل تشريعي يقر تقاسم الأموال المشتركة بين الأزواج بعد الطلاق
هوا الأردن -
بين ليلة وضحاها وجدت (أم رهف) نفسها بلا مسكن يجمعها من أبنائها، بعدما طلقها زوجها ليتزوج بأخرى، دون أن يكترث بأولاده ووالدتهم.
الخمسينية (أم رهف) وهو اسم مستعار ليست الوحيدة التي واجهت هذا المصير، (فأم أيمن) وتعمل في صالون للتجميل، عاشت مع أولادها بعد الطلاق في بيتها وكان يدفع النفقة للأولاد بصورة منتظمة، لكن قرر الزوج عرض المنزل للبيع، وهو ما أثار مخاوفها من أن تجد نفسها وأولادها بلا مأوى.
ولا يقتصر قلق الزوجات على المسكن، بل على عدم قدرتهن على إعالة أولادهن بعد الطلاق، إذ أنهن خلال حياتهن الزوجية لا يدخرن أو لا يفكرن بإثبات ما أنفقن على المنزل من أموال، فيذهب مجهودهن سدى ويبقين بلا دخل أو معيل.
وبينت المحامية سميرة زيتون أن العديد من حالات لنساء انظلمن عند الطلاق لأن الأموال المنقولة وغير المنقولة باسم الزوج.
وهو ما أكدته مديرة مركز العدل للمساعدة القانونية هديل عبد العزيز التي قالت ل»الرأي» عندنا حالات لزوجات ظلمن لان الأموال باسم الزوج، مشيرة إلى أنه لا يوجد إحصائية تحصر عدد الحالات.
ويدرس قانونيون وناشطات نسائيات بدائل تمكن المرأة من حفظ حقوقها، في حالة الطلاق، من بينها إجراء تعديل على قانون الأحوال الشخصية المؤقت لعام 2010 بالنص على تقاسم الأموال المتحصلة بين الزوجين خلال الحياة الزوجية، في حالة الطلاق.
وشددت الرئيسة التنفيذية لجمعية معهد تضامن النساء الأردني المحامية أسمى خضر، على أن تطور الحياة المعاصرة والمساهمة الفعالة للنساء في تكوين ثروة الأسرة وتحقيق رفاها من خلال عملها الرسمي وغير الرسمي، بات يوجب تحقيق العدالة والإنصاف بإعادة النظر بالتصرف في الثروة المتحصلة للزوجين بعد الزواج، بصورة تحقق للمرأة الأمان والثقة بمستقبلها أيا كان مصير هذا الزواج.
فيما ذهب القاضي الدكتور إسماعيل نوح القضاة في مداخلته في نقاش هذه المسألة في ورشة مشتركة بين الشبكة القانونية للنساء العربيات والبنك الدولي حول تشجيع المرأة في ملكية الأراضي والميراث عقدت في وقت سابق، إلى القول «بالسماح للزوجة بإثبات ملكيّـتها في كل العقارات سواء كانت أراضي أو بيوتا أو شققا وكذلك السيارات التي تسجّل باسم الزوج أُثناء الحياة الزوجيّة والتي تكون الزوجة قد ساهمت في دفع ثمنها أو دفع جزء منه من أموالها الخاصة.
وبين أن يمكن ذلك بكل وسائل الإثبات القانونية، وعدم حصرها في الوسائل المنصوص عليها في التشريعات النافذة حالياً، والتي تمنع أي شخص – بما فيهم الزوجة-من الادعاء بالملكية أو بجزء منها في الأموال غير المنقولة أو في المركبات بخلاف ما هو مسجل في سجلات دائرة تسجيل الأراضي، أو دائرة الترخيص.
ورأى أن تمكين الزوجة من إثبات ملكيّتها في الأموال المكتسبة بجميع وسائل الإثبات يحمي حق الملكية لها من الاعتداء، وتجاوز المانع الأدبي الذي قد يمنعها من مطالبة زوجها من تسجيل هذه الأموال باسمها أو بالشراكة معها بالرغم من مساهمتها الفعلية في ذلك.
ولفت إلى أن هذا الاقتراح بحاجة إلى تعديل التشريعات الخاصة بإثبات الملكية، وليس قانون الأحوال الشخصية، والذي يختص بالعلاقات بين الزوجين والناشئة عن عقد الزواج، وليست هذه المشكلة من هذا النوع.
وشغلت مسألة (حق السعي) أو تنظيم الحقوق مشتركة بين الزوجين، المنظمات النسائية، التي ترى فيها المخرج من مازق اقتصادي واجتماعي يواجه المرأة بعد الطلاق، ويعزز التكامل في النوع الاجتماعي.
والمعنى القانوني للأموال المشتركة هو المطالبة باستحداث نص في قانون الأحوال الشخصية، يقضي بأنه لكل من الزوجين ذمة مالية مستقلة، ولكل من الزوجين الحق في تقاسم الأموال المنقولة وغير المنقولة التي تحققت نتيجة الكد والسعي أثناء الزواج مناصفة في حال الطلاق و/أو الوفاة.
وينادي قانونيون أن يبقى الاشتراك في الأملاك بين الزوجين نظاما ماليا اختياريا يتفق عليه الزوجان عند إبرام عقد الزواج أو حتى بعده، بمقتضى كتاب لاحق مستقل عنه.
وينطبق نظام الاشتراك على العقارات المكتسبة بعد تاريخ الزواج والمعدة للاستغلال العائلي، ولا ينسحب أثره على المنقولات والعقارات غير المعدة للاستعمال العائلي على غرار العقار المعد للاستعمال المهني لأحد الزوجين، وكذلك على العقارات المكتسبة بعد الزواج بدون مقابل، أي بإرث أو هبة أو وصية أو ما شابه ذلك، ولو كان مخصصا لاستعمال العائلة.
وتطالب اللجنة الوطنية الأردنية لشؤون المرأة تعديل المادة 155 التي تنص على التعويض في حالة الطلاق التعسفي بمقدار سنة نفقة على ألا تزيد عن ثلاث سنوات.
بحيث تصبح وفقا للتعديل المقترح من اللجنة كالتالي: “في حال انقضاء الحياة الزوجية يتم اقتسام الأموال المتحصلة أثناء الحياة الزوجية مناصفة بين الزوجين».
وبينت الأمينة العامة للجنة الوطنية الأردنية لشؤون المرأة الدكتورة سلمى النمس، أن اللجنة تعد ورقة سياسات مبنية على دراسة أعدت حول الأموال المشتركة بين الزوجين، سترفع للحكومة لحثها على إدخال تعديل تشريعي يضمن حق المرأة في حالة الطلاق بالأموال المتحصلة أثناء الحياة الزوجية.
وقالت ل»الرأي» إن النساء يساهمن بدخل الأسرة، لكن بعد الطلاق تخرج بلا شيء، لافتة إلى أنه يترتب على المرأة تكاليف عالية من مسكن ومأوى ومصاريف أخرى لا تستطيع الإيفاء بها، في ظل أن نفقة الأولاد لا تغطي مصاريف الأولاد.
وأشارت د. النمس أن اللجنة ستعمل على حملة لكسب تأييد مجتمعي حول القضية، إذ أنه لا يجب السكوت على انتهاك حق المرأة في هذا الجانب.
وتؤيد المحامية زيتون في تصريحها ل»الرأي» إجراء تعديل تشريعي في هذا السياق، بحيث يتم النص على تقاسم الأموال المتحصلة خلال الحياة الزوجية، بعد الطلاق بين الزوجين، مشددة على أنه لا يوجد ما يمنع استحداث مثل هذا النص.
ولفتت إلى أن المرأة مقصرة بحق نفسها فهي تصرف كل ما بين يديها من أموال على أسرتها دون أن تفكر بالادخار، ولا تتنبه لتقاسم الشقة عند شرائها بينها وبين زوجها إن كانت شريكة بثمنها، داعية إلى زيادة الوعي في هذا الجانب.
وفي هذا الجانب أكدت خضر ل»الرأي» أنه في مواجهة الأمر أنه وفقا لأحكام قانون الأحوال الشخصية فإنه يجوز للمرأة أن تشترط ما شاءت من شروط في عقد زواجها، كأن تشترط تقاسم الأموال بينها وبين زوجها مناصفة أو بأي نسبة يتم الاتفاق عليها سواء في حالة الطلاق أو الوفاة، أو لأي أسباب انفضاض عرى الزوجية.
ودعت إلى تطوير التشريعات بحيث تكفل للمرأة حقها بالأموال المنفقة على الأسرة من مالها، في حال الخلافات الزوجية أو الطلاق أو الوفاة، دون حاجة لإثبات أن ما قدمته دين أو قرض على الزوج، واعتبار أن هذه الأموال هي جزء من الأموال المشتركة بين الزوجين، ستتحقق لها في حاء انتهاء الحياة الزوجية.
وشددت خضر على أن قيمة العمل المنزلي والتفرغ لإدارة شؤون المنزل وتربية الأطفال وتحمل مسؤوليات العائلة، هي جهود يفترض أنها مقدرة معنويا وماليا أيضا، لأنها تحرمها العمل الذي يمكن أن يوفر لها أمان مادي في حالات العجز والشيخوخة أو وفاة المعيل.
وأكدت أنهلا بد من تطبيق قواعد عادلة لتقاسم الأموال على أساس السعي المشترك المتفق عليه بين الزوجين ضمانا للعدل والكرامة بين لزوجة، وتأكيدا على أن الزواج هو شراكة بكل معانيها ومخرجاته. "الرأي"














































