إفتتاح مؤتمر فيلادلفيا الدولي "النقد الحضاري في الوطن العربي"
افتتح صباح أول أمس في كلية الآداب بجامعة فيلادلفيا المؤتمر الدولي الـ 21 للجامعة والذي جاء بعنوان:»النقد الحضاري في الوطن العربي»، بحضور مستشار الجامعة د. مروان كمال ورئيس الجامعة د. معتز الشيخ سالم، ورئيس اللجنة المنظمة للمؤتمر د. غسان عبد الخالق وضيفا الشرف د. هاينز ثايس من»المانيا»، والمفكر العربي الكبير د. فهمي جدعان، والمشاركين في المؤتمر من الأردن و الدول العربية وحشد كبير من طلبة الجامعة وأساتذتها، وأدار حفل الإفتتاح الزميل الكاتب والإعلامي رمزي الغزوي.
واشتمل الحفل في افتتاحه على كلمة مستشار الجامعة د. كمال، الذي قال في كلمته: تحتفل جامعة فيلادلفيا بمرور خمسة وعشرين عاما على إنشائها وبدء مسيرتها الأكاديمية، وقد شكل عقد مؤتمرها الدولي السنوي هذا أهم معالم مسيرتها الصاعدة، إذ تحوّل من طموح واعد إلى مكوّن أساسي من مكونات الجامعة، فصار يستقطب كل عام نخبة من الباحثين العرب والأجانب، للبحث والتدوال في أهم المشكلات الفكرية والاجتماعية، وصياغة أقرب التوصيات والحلول إلى الواقع والحقيقة، مشيرا إلى أن موضوع هذا المؤتمر الراهن «النقد الحضاري في الوطن العرب»، فرصة للبحث في أصول التحديات والأزمات التي تهدد حاضرنا ومستقبلنا، كونها تتعمق وتتسع وتستعصي على الحل، وموضوع النقد الحضاري كما نفهمه، يتمثل بالواقع العربي نفسه، وبخطاباته العلمية والفكرية التي تحتاج الآن إلى تصويب ونقد جذري.
من جهته رئيس الجامعة د. الشيخ سالم، قال في كلمته: يرتدي موضوع مؤتمركم في هذه الدورة تحت عنوان:»النقد الحضاري في الوطن العربي»، أهيمة بالغة، نظرا للظروف الحرجة والاستثنائية التي تعاني منها المنطقة العربية، دولا ومجتمعات، من تفكك وصراعات وتقاعس حضاري، غضافة لما برز في الآونة الأخيرة من تعصب مذهبي وتطرف سياسي بعيد كل البعد عن ديننا وحضارتنا، مشيرا إلى النقد الحضاري الذي يزداد أهيمة يوما بعد يوم، قد تحول إلى أداة لتشخيص الواقع وقد تمثلت كفاءته المنهجية في قدرته على كشف الأخطاء والتجاوزات في ممارستنا المعرفية والاجتماعية، والغوص في البنية الحضارية العربية، لكشف أسرارها وأسباب تخلفنا الراهن.
وألقى كلمة المشاركين في المؤتمر الدكتور كنازة محمد فوزي من «الجزائر»، أكد فيها أن هذ المؤتمر أنه قد جاء في حينه، وفي سياق عالمي وإقليمي على قدر كبير من الخطورة، فنحن حين نتحدث اليوم عن الأهمية الكبيرة للنقد الحضاري في مختلف المنظومات المعرفية من أجل غحداث التغيير المنشود داخل المجتمعات، فإنما نتوخى استقراء ما في ثنايا هذه المناهج من قدرة على إحداث الأثر الإيجابي في مجتمعاتنا العربية، وذلك من خلال ممارسة النقد كمنهج وكسيرورة فكرية تفترض التحرر من عوائق التفكير الحر، ومن الوصاية المفروضة من جانب القوى الخارجية والإرتكاسية.
أما رئيس اللجنة المنظمة عميد كلية الآداب والفنون د. عبد الخالق في كلمته قال متسائلا: كيف استطاعت جامعة فيلادلفيا أن تستقطب كل هذه المشاركات الرصينة المتخصصة، يسعدني أن أجيب: إنها المصداقية الكبيرة التي راكمها هذا المؤتمر عاما بعد عام، والتي تمثل أوراقه العلمية المحكمة الموثقة بسلسلة من المجلدات المرموقة دليل هذه المصداقية الساطع، شاكرا كل المؤسسات الأردنية الرسمية التي لم تدخر وسعا لتسهيل قدومه الضيوف العرب، إنطلاقا من قناعتها الراسخة بأن مؤتمرها الدولي لا يمثل جامعة فيلادلفيا فقط، بل يمثل كل المؤسسا الأكاديمية الأردنية، وكما رحب بضيفي المؤتمر.
إلى ذلك قدم المداخلة الأولى الألماني د. ثايس وكانت كلمته باللغة الإنجليزية وتحدث فيها عن «التعايش والتعاون بين الحضارات»، ورقته لم يتم ترجمتها ترجمة فورية للحضور.
المداخلة الثانية كانت للمفكر د. فهمي جدعان حول «الوضع الحضاري عربيا وطلبات المستقبل»، أكد فيها حين قال: إن الوضع الحضاري العربي الراهن يشهد حالة «تضاد» شديدة معقدة في وجه أول يشخص واقع التفكك والانفصال السياسي والدروب المتباعدة، إن لم نقل المتنافرة، وفي وجه ثان، مقابل، يشخص واقع التواص والتراسل والتماثل في الأنماط الحياتية والاجتماعية والأدبية والفنية والجمالية والقيمية لينسج روحا عامة - إيحابية وسالية - من التوحد والتماثل والاجتماع والتواصل.
وأضاف د. جدعان، لم يُقصر الفكر العربي النقدي في تحليل وتشخيص ومناهضة الاختلالات والآفات السياسية والاجتماعية - السياسية «قضايا الاستبداد، والحريات الاساسية، والعدالة والمواطنة، والفقر، والفساد، وحقوق الإنسان..إلخ»، مبينا أن الفكر العربي النقد قصّر تقصيرا خارقا، تقصيرا لا يغتفر، في المجابهة الجذرية للانهيارات والتحللات التي لا توصف في القيم الأخلاقية والفنية والجمالية.
وأشار د. جدعان، أنه ومع الغياب للتقدمات العلمية والتقنية والمادية، فإن أقل ما يمكن أن يوصف به «الوضع الحضاري العربي»، الراهن هو أن «وضع سابق للحضارة»، أو على الأقل «سابق للحضارة الحديثة»، وأن بناء «وضع حضاري»، راق، جدير بالأزمنة الحديثة، يطلب قبل أي فعل آخر التوجه إلى نقد معرفي معمق - مسلح بعلوم الإنسان والمجتمع - لنظام القيم الحاكمة في الفضاءات الفينة والجمالية والإخلاقية، لا في القطاعات «العالمة»، فقط أنما أيضا في مظاهر «الحياة اليومية»، العامة.
وخلص إلى القول: لكن التغيير المباشر المشخص من مأجل المستقبل لا يقف عند الطبقات الاجتماعية المقشرية المتوسطة والعليا، إنما يجب أن يبدأ بما يسميه «غارديز»، الثقافة القاعدية الأساسية، التي تقترن بمرحلة التربية المبكرة وتشكل «الأسكيما» أو المخطط الأولي لدي الطفل، والبرمجة الوجدانية - العاطفية والانفعالية والفكرية - الحاكمة الشخصية والفردية الاجتماعية، وههنا يتعين تشكيل نظام جديد من القيم الثقافية رؤوسه:المسؤولية، والنزاهة والنظام والصدق والإتقان والاحترام والاعتراف والإنصاف والفاعلية والحوار والتداول والفعل التواصلي، حينذاك فقط يكون «وضعنا الحضاري حضاريا».
وبعد ذلك تم افتتاح المعرض الفني في القاعة المتعدد الأغراض.
إلى ذلك بدأت فعاليات المؤتمر، في يومه الأول، واشتملت على ثلاث جلسات، الجلسة الأولى، أدارها د. عصام نجيب، وشارك فيها: «معوقات النقد الحضاري عند الشباب العربي»، د. أعمر ناصر باي، جامعة محمد بوضياف المسيلة/ الجزائر، «مأزق الدراسات الثقافية العربية المعاصرة: نقد الإشكاليات، والمناهج، والمشروعات» سالم ساري، جامعة فيلادلفيا، «نقد الخطاب الديني للتطرف والإرهاب بما هو مدخل للإصلاح الديني في الإسلام»، سعود الشرفات، «الألسنية والأثنولوجيا والهوية الحضارية في النقوش العربية القديمة»، د. سلطان المعاني، «الواقع الحضاري في الوطن العربي في ظل العولمة»، د. عمران علي عليان، «النقد الثقافي سلطة مؤسساتية أو جماهيرية» فضيلة بولجمر- الجزائر.
الجلسة الثانية، ترأسها د. عز الدين المناصرة، «مفهوم النقد الحضاري وإشكالياته»، وشارك فيها:»النقد الحضاري في الوطن العربي من منظور فكري - سياسي د. أماني جرار، و»نشوء الحضارة الإسلامية بين الآراء والنظريات»: د. توفيق فروخ، «التفكير الحضاري العربي المعاصر ومعوقاته»: د. عبدالرحيم مراشدة، «النقد الحضاري والفعل الثقافي»: عبدالمجيد جرادات، «التفلسف الحضاري: إعادة إنتاج العالَم»: معاذ بني عامر.
أما الجلسة الثالثة وعنوانها «النقد الحضاري والفنون»، ترأسها د. محمد عبد العال، وشارك فيها: «قراءة نقدية لتصاميم المطبوعات الحضارية العربية على وفق المنهج السيميائي»: د. دينا محمد عناد «بغداد»، «فلسفة الأسلوب في الفن/ قراءة تحليلية»: د. شهاب السويدي و د. مروان العلان، «اللون كعنصر إبداعي في تنمية الإدراك الحسي والبصري لمتلقي تصميم الجرافيك المطبوع»: د. عبد المجيد محمود صباغ – السعودية، «الهولوجرام وأثره في تطور تصميم واتصال الجرافيك» : د. ياسر - مصر.