لبنان: عون يصعّد والحريري يؤكد عودته لبيروت
هوا الأردن -
صعّدت الرئاسة اللبنانية موقفها تجاه بقاء رئيس الوزراء المستقيل سعد الحريري في الرياض، واتهم الرئيس اللبناني ميشال عون، السعودية باحتجاز رئيس الحكومة المستقيل سعد الحريري، رغم تكرار الأخير أنه بخير وينوي العودة قريباً الى بيروت من دون تحديد موعد ثابت.
في الوقت نفسه، بدأت فرنسا تحركاً دبلوماسياً لتوضيح الملابسات المحيطة باستقالة الحريري ومسألة وجوده في الرياض. وعبر الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون عن رغبته في أن يتمكن الحريري من "تأكيد رغبته في الاستقالة" في لبنان "اذا كان ذلك خياره".
وقدم الحريري استقالته بشكل مفاجئ من رئاسة الحكومة في الرابع من الشهر الحالي من الرياض. ومنذ ذاك الحين، يتم التداول بإشاعات وسيناريوهات متعددة حول وجوده في "الإقامة الجبرية" أو توقيفه، ما دفع أطرافاً خارجية الى التعبير عن قلقها.
وقال عون في سلسلة تغريدات نشرها حساب الرئاسة على موقع "تويتر" امس الأربعاء "لا شيء يبرر عدم عودة الرئيس الحريري بعد مضي 12 يوماً، وعليه نعتبره محتجزاً وموقوفاً، ما يخالف اتفاقية فيينا وشرعة حقوق الإنسان".
وأضاف "لن نقبل بان يبقى رهينة لا نعلم سبب احتجازه".
وقال عون خلال استقباله وفداً من المجلس الوطني للاعلام المرئي والمسموع، وفق بيان صادر عن مكتبه الاعلامي، ان احتجاز الحريري "هو عمل عدائي ضد لبنان لا سيما أن رئيس الحكومة يتمتع بحصانة دبلوماسية وفق ما تنص عليه اتفاقية فيينا" الراعية للعلاقات الدبلوماسية بين الدول.
واضاف "ما حصل ليس استقالة حكومة بل اعتداء على لبنان وعلى استقلاله وكرامته وعلى العلاقات التي تربط بين لبنان والسعودية".
وبعد أقل من ساعة على صدور موقف عون، جدد الحريري التأكيد في تغريدة على تويتر أنه بخير وسيعود قريباً. وكتب باللغة العامية "بدي كرر وأكد أنا بألف ألف خير وأنا راجع ان شاء الله على لبنان الحبيب مثل ما وعدتكم، وحا تشوفوا".
من جهته خرج بهاء الحريري، شقيق رئيس الوزراء اللبناني المستقيل سعد الحريري، عن صمته، بشأن الاستقالة، وكشف عن موقفه من استقالة شقيقه، قائلا إنه يدعم قرار أخيه.
وانتقد بهاء الحريري، في بيانه العام الأول، إيران و"حزب الله" بالسعي إلى "السيطرة على لبنان"، معربا عن امتنانه للمملكة العربية السعودية على "عقود من الدعم" للمؤسسات الوطنية في لبنان .
وجدد عون امس الأربعاء التأكيد بأنه "لا يمكن البت باستقالة قدمت من الخارج"، مضيفاً "فليعد الى لبنان لتقديم استقالته أو للرجوع عنها أو لبحث أسبابها وسبل معالجتها".
وأوضح الحريري في مقابلة تلفزيونية ليل الأحد أن من أبرز أسباب استقالته عدم احترام حزب الله المدعوم من ايران، أحد أبرز مكونات حكومته، سياسة النأي بالنفس التي يتبعها لبنان ازاء الصراعات الاقليمية.
وانتقد الدور الذي يلعبه حزب الله بدعم من ايران في نزاعات مختلفة في المنطقة على رأسها سوريا واليمن، متسائلاً "خلال تجربتنا، هل حدث نأي بالنفس فعلياً الجواب كلا".
وربط الحريري تراجعه عن الاستقالة "باحترام النأي بالنفس والابتعاد عن التدخلات التي تحدث في المنطقة".
وأثارت استقالة الحريري الخشية من تأجيج التوتر السياسي في البلاد ومن انعكاسات سلبية على الوضع الاقتصادي الهش أصلاً.
إلا أن عون طمأن اللبنانيين الأربعاء قائلا "لا تخافوا، لا اقتصادياً ولا مالياً ولا أمنياً، البلد آمن والسوق المالية تعمل كما يجب، والوحدة الوطنية صمام الأمان".
وشكل الحريري حكومته قبل عام بموجب تسوية سياسية أتت أيضا بعون، أبرز حلفاء حزب الله، رئيساً للجمهورية بعد عامين ونصف عام من الفراغ الرئاسي. وشهد لبنان منذ ذلك الحين هدوءاً سياسياً نسبياً.
وترافق غياب الحريري مع حملة دبلوماسية يقوم بها الحكم اللبناني مع دول غربية وجهت دعوات الى عودة رئيس الحكومة المستقيل الى لبنان.
وصرح المتحدث باسم الحكومة الفرنسية كريستوف كاستانير الاربعاء في باريس بالقول "فرنسا متمسكة باستقلال واستقلالية" لبنان، وإن "رئيس الجمهورية يتمنى ان يتمكن رئيس الوزراء (اللبناني) من ان يؤكد ويعيد إعلان رغبته رغبته بالاستقالة من لبنان اذا كان ذلك خياره".
وسيلتقي وزير الخارجية الفرنسي جان ايف لودريان رئيس الوزراء اللبناني المستقيل خلال زيارته الى السعودية التي تبدأ الاربعاء كما أفاد مصدر مقرب منه.
وقال المصدر إن لودريان سيجري محادثات مع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان على ان يلتقي الحريري اليوم مبدئياً، موضحاً في الوقت ذاته أن الموعد "قابل للتعديل" اذ انه مرتبط بـ"متى يعتزم الحريري مغادرة السعودية" للعودة الى لبنان.
وقام ماكرون في التاسع من الشهر الحالي بزيارة خاطفة الى الرياض التقى خلالها ولي العهد السعودي.
وشدد رئيس الوزراء الفرنسي أدوار فيليب خلال جلسة مساءلة للحكومة أمام البرلمان على ضرورة أن يتمكن الحريري من "العودة بحرية" الى بلده.
وقال "المطلوب هو أن يتمكن الحريري من العودة بحرية الى بلده لتوضيح وضعه طبقاً للدستور اللبناني"، موضحاً أن استقالة هذا الأخير من السعودية فتحت الباب أمام "مرحلة من الشكوك (لا بد) من انهائها سريعاً".
من جهة اخرى كشف مصدر في الرئاسة الفرنسية أمس الأربعاء أن رئيس الوزراء اللبناني المستقيل سعد الحريري سيأتي إلى فرنسا "في الأيام القادمة".
ويأتي ذلك بعدما أعلن مكتب الرئيس الفرنسي أن ايمانويل ماكرون "دعا" الحريري إلى القدوم مع عائلته إلى فرنسا.-(وكالات)