ندوة حوارية في "الشرق الاوسط" تعرض لمفاهيم الحوكمة وطرق تطبيقها في الاعلام للارتقاء بالاداء وحماية الحرية
شدد خبراء إعلام على الارتباط الوثيق بين حوكمة الاعلام وتطوير التشريعات، بما يقود لرفع المهنية وتعزيز الحرية خصوصا وان الاعلام أداة من أدوات المساءلة التي تعتبر مكونا مهما من مكونات الحوكمة.
وقال وزير الدولة لشؤون الاعلام والناطق الرسمي باسم الحكومة الدكتور محمد المومني خلال ندوة عقدت اليوم الاثنين في جامعة الشرق الاوسط بعنوان (الاعلام الاردني –الواقع والتطلعات) إن الحكومة عملت على تطوير منظومة التشريعات الإعلامية بهدف تمكين الاعلاميين من ممارسة دورهم في البحث والإخبار عن الحقيقة، مشدداً على أن الحريات المسؤولة تخدم المجتمع".
وأضاف خلال الندوة التي نظمتها الجامعة بالتعاون مع مجلس حوكمة الجامعات العربية وهيئة الاعلام الاردني أن "الاردن يملك منظومة متقدمة من التشريعات الإعلامية أسهمت في تعزيز الحريات المسؤولة"، مشيراً إلى تقدم الأردن على سلم الحريات الإعلامية خلال السنوات الماضية مقارنة بالعديد من النماذج في المنطقة والعالم.
وشدد المومني على ضرورة استخدام مساحة الحرية المسؤولة في خدمة المجتمع، مبينا أن الضوابط القانونية تكفل الحرية للجميع، وتحمي دور الاعلام في ممارسة دوره بكل مسؤولية.
وتهدف الندوة الحوارية لصياغة محاور لمؤتمر دولي محكم لخبراء اعلام من أكاديميين وممارسين محترفين، ويتوقع عقده العام المقبل للخروج بدليل محكم في الاعلام يساعد على تعزيز وتطوير الممارسة المهنية لضمان مخرجات نوعية وهادفة لتطوير المؤسسات الاعلامية والاداء الاعلامي.
من جهته قال الأمين العام لمجلس حوكمة الجامعات العربية، المستشار العام للجامعة الدكتور يعقوب ناصر الدين إن "الحاجة الان تزداد لوضع الاطر التشريعية والقانوينة والاخلاقية لتوجيه الاداء نحو تعزيز مفاهيم الحرية المسؤولة، والديمقراطية الحقيقية، وصولا إلى ترسيخ قواعد دولة المؤسسات والقانون، التي تضمن أمن بلدنا واستقراره والتقدم به إلى الامام".
وأضاف أن حوكمة الاعلام مفاهيم ترتبط إما بحوكمة المؤسسات الاعلامية، أو دورها في نشر ثقافة الحوكمة، أو اعتماد الحوكمة كمعيار مهني وأخلاقي أو حوكمة مناهج كليات الاعلام وهي المحاور الابرز التي سيتم مناقشتها في جلسات عمل المؤتمر الدولي المرتقب، مبينا أن من أهداف مجلس حوكمة الجامعات العربية إشاعة ثقافة الحوكمة ليس في قطاع التعليم العالي وحسب ، بل في جميع القطاعات والمؤسسات، فهو يعمل كبيت خبرة لمساعدة هذه المؤسسات على تطبيق معايير الحوكمة التي أصبحت اليوم مقياسا عالميا لمدى سلامة التشريعات والقوانين والانظمة والتعليمات التي تنظم عمل تلك المؤسسات.
وفي هذا الصدد قال الدكتور يعقوب ناصر الدين أن الجامعة أولت كلية الاعلام عناية فائقة من منطلق رؤيتها ان الاعلام مهنة تحتاج لتعزيز وتطوير وإدماج الوسائل والطرق التعلمية التفاعلية التي تؤهل الطالب لسوق العمل وتمكنه من ادوات صياغة رسالة إعلامية مؤثرة ضمن ضوابط أخلاقية ومهنية وقانونية ، مبينا أهمية التشاركية بين القطاعين العام والخاص لتحقيق هذا الهدف.
وعقدت جلسة في ثلاثة محاور، تناول المحور الاول عنوان (حوكمة الاعلام والتشريعات والاخلاقيات الناظمة )، قدمها مدير هيئة الاعلام الاستاذ محمد قطيشات الذي عرض لستة متطلبات ضرورية في حكومة الاعلام من هذه الزاوية وهي : ضرورة الابتعاد عن التشريعات المؤقتة التي تصدر في ظروف استثانية لتنظيم الاعلام، وأن تخضع صياغة التشريعات وتعديلاتها للجهة صاحبة الاختصاص وهي مجلس الامة، والثاني ان تخضع الممارسة وعملية اصدار التشريعات الناظمة للاعلام لمبدأ "سيادة القانون"، وليس "السيادة بالقانون" التي تؤكد التجربة أن هذا المبدأ الاخير بأن القانون أعطى سابقا الحق للجهات الادارية حق فرض الغرامات والغاء الترخيص بدون الحق للمقاضاة وهذا مخالف للدستور.
والمتطلب الثالث، بحسب قطيشات، ضمان الحق في الحصول على المعلومات عبر توفير مصادر آمنة وسريعة للمعلومات للصحفيين، وهنا وجه النصيحة للصحفيين اللجوء لقانون المطبوعات والنشر لاعتماده في الحصول على المعلومات لانه يراعي فورية المعلومات ويفرض غرامات على المؤسسات والمسؤولين التي لا تستجيب للنص القانوني. اما المتطلب الرابع أن تستجيب الجهة المختصة لعملية تطوير التشريعات ومراعاة جميع مكونات الهرم التشريعي سواء الدستور، والمعاهدات الدولية المتعلقة بحرية الرأي والتعبير.
اما المتطلب الخامس فركز فيه على ان عملية تعديل التشريعات يجب أن تركز على ما هو ثابت وليس ماهو متغير، حتى لا تتركز عملية التعديل على التشريع ما ينفي ضرورة ضمان استقرار التشريع، في حين كان المتطلب السادس منصبا ، بحسب قطيشات، على ضرورة إيجاد قضاء مختص ومدرب في قضايا المطبوعات والنشر" فلا يتم التعامل مع الاعلامي كمرتكب أي جريمة أخرى، فعمله يتعلق بالافكار والمعلومات، ويجب منحه معاملة خاصة من حيث النصوص والممارسة".
وفي المحور الثاني الذي جاء بعنوان (حوكمة الاعلام في المؤسسات الاعلامية الأردنية) ، عرض الصحفي والاعلامي الاستاذ رمضان الرواشده رئيس مجلس إدارة المؤسسة الصحفية الأردنية (الرأي) للظروف التاريخية للصحافة الاردنية التي "أكد انها كانت تتمتع بمساحة واسعة من الحرية في ما سبق مقارنة مع الوقت الحالي"، مبينا ان التشريعات الناظمة للاعلام "وإن كانت متقدمة إلا أن الخلل في الممارسة والتطبيق، فالصحفي لا يعرف حقوقه وواجباته المنظمة في القانون، فعدم المعرفة بالقانون تمثل مشكلة حقيقية".
وقال إن الحوكمة نابعة بالدرجة الاولى من عملية تطوير التشريعات، مبينا أهمية مواثيق الشرف الصحفي في هذا الجانب، نظرا لطبيعة مهنة الصحافة التي تتيح لكل راغب في الممارسة أن يصبح صحفيا وليس على غرار مهنة الطب او المحاماة.
وذكر باهمية الاستراتيجية الوطنية للاعلام التي في أطار تخطيطها لعملية التنظيم الذاتي لقطاع الاعلام والمؤسسات الإعلامية شددت على أهمية وجود مجلس للشكاوى الذي يضبط عملية التظلم من قبل المواطن على الصحفي بطريقة تخدم حرية الاعلام ولا تصبح العقوبة كما هو موجود بالتشريعات سيفا مسلطا على رقاب الصحفيين".
وبين الأستاذ الرواشدة في إطار عرضه لواقع المؤسسات الاعلامية انها" لم تواكب التطور التكنولوجي الذي قدم نوعا جديدا من الاعلام الجديد التفاعلي الذي يتيح لمواطن أن يصنع محتواه ما أثار أسئلة مهمة هل هذا الاعلام الجديد سيكون بديلا عن الإعلام التقليدي أم مساندا له، وهل السوشال ميديا وسيلة اعلامية أم وسيلة رديفة للمعلومات، وإذاكانت ما حجم مصداقيتها.
وفي المحور الثالث عرض عميد كلية الاعلام في جامعة الشرق الاوسط الدكتور عزت حجاب "لمفهوم الحوكمة في مجال كليات الاعلام" وقال إن هذا المفهوم ظهر ليعبر عن الازمة الحقيقة التي تمر بها المؤسسات الجامعية ويطرح الحلول المقترحة من منطلق جوهري وهو ان الإدارات الجامعية وضعتها السلطة التنفيذية فوق الطلبة وأعضاء هيئة التدريس لاتخاذ القرارات دون إعطاء الطالب وعضو هيئة التدريس حق مناقشة القرارات أو الاعتراض عليها.
وأضاف : " للحوكمة ثلاث قواعد أساسية يجب أن تسير عليها أي مؤسسة وهي الشفافية أي الوصول إلى المعلومات والافصاح عنها، والمساءلة وهي تمكين المواطنين وذوي العلاقة من أفراد ومنظمات من مراقبة العمل، وقاعدة المشاركة بمعنى إتاحة الفرصة للمواطنين والمنظمات للمشاركة في صنع السياسات”
وتطرق الدكتور حجاب الى بعض إجراءات الحوكمة التي قامت بها كلية الاعلام ، تمثيل أصحاب المصالح في مجال الحوكمة في الجامعة والتي يجري اختيارها بطريقة ديمقراطية، وزيادة حصة التدريب العملي في البرامج الاكاديمية ، إشراك ممثلين عن المجتمع المحلي ومن الجسم الاعلامي في وضع خطط التطوير ، ومراعاة مبادىء المسؤولية والشفافية عبر التطبيق الامثل للقوانين والتعلميات على أعضاء هيئة التدريس والطلبة.
وفي نهاية الندوة الحوارية جرى نقاش موسع انصب على ضرورة أن تنعكس أهداف الحوكمة على المخرجات الاكاديمية لكليات الاعلام بما يؤثر ايجابا في الارتقاء بالرسالة الاعلامية وبناء الرأي العام الواعي والمدرك لحجم التحديات.