وصايا الدكتور يعقوب ناصر الدين لفوج القدس .. قراءة تأملّية
هوا الأردن - كتبت الدكتورة جمانة مفيد السّالم
شَرُفت جامعة الشرق الأوسط برعاية الأمين العام لمجلس حوكمة الجامعات العربية الدكتور يعقوب ناصرالدين حفلَها المهيب بمناسبة تخريج طلبتها للفصل الدراسي الأول من العام الجامعي 2017/2018، من الفوج التاسع لطلبة البكالوريوس، والفوج الثاني عشر لطلبة الماجستير، وقد ارتأت الجامعة أن تمنح هذا الفوج من خريجيها لقب (فوج القدس)؛ وفاءً للقدس وعرفانًا، مؤكدة بذلك نقاء هُويّتها: إسلاميّة عربيّة، وعاصمة أبديّة لفلسطين الأبيّة، ومراهِنة بذلك اللقب على دور الشباب الذين أسهمت بإعدادهم وتهيئتهم، في إحقاق الحقّ، وصنع الغد القريب الواعد بالنصر.
وقد عوّدتْنا جامعة الشرق الأوسط على حفلات تخريج متميّزة راقية، انضمّ إليها حفلها هذا؛ فكان نجمة لامعة في سماء الوطن، عكس روح الفريق المحبّ لجامعته والمنتمي لها، وامتلأ بالبهجة والرضا في قلوب الطلبة وذويهم، والحاضرين من ضيوف الجامعة.
لكنّ كلمة الدكتور يعقوب ناصرالدين راعي الحفل أضافت إليه هذه المرة فرادة وتميّزًا، استشعرهما كلّ من استمع إليها، فلمس فيها أبوّة حانية، ولهفة حقيقية على بناته وأبنائه طلبة الجامعة، وهو الذي اختار الاستثمار في الإنسان أغلى ما يملك الأردنّ، واختصّ برعايته الماديّة والمعنويّة فئةَ الشباب عصب المجتمع، ووجّه إليه في الحفل- ممثّلا بفوج القدس- مجموعة من الوصايا في إطار ما وصفه بقوله إنه "حديث الأب لأبنائه وبناته"؛ لتُعَدّ هذه الوصايا بمثابة خارطة طريق رسمها الدكتور ناصرالدين لطلبة جامعة الشرق الأوسط بخاصة، ولفئة الشباب بعامّة.
وكان الدكتور ناصرالدين قد استهلّ كلمته بتذكير الخريجين أنّ جامعة الشرق الأوسط أخذت على عاتقها تطبيق رؤيتها المتمثّلة في الجديّة، والالتزام، والسعي للتعلّم؛ فهيّأت طلبتها بما يجعل كلاًّ منهم ذلك الإنسان القادر على التغيير نحو الأفضل في حياته الشخصيّة، وفي مسيرة وطنه، وفي تحقيق طموحات شعبه في التقدم والازدهار والتميّز.
ثمّ نبّه الدكتور ناصر الدين الطلبة الخريجين على ضرورة تطوير مهاراتهم وقدراتهم الذاتيّة، بما يليق بالدرجة العلميّة التي حصلوا عليها، ويتيح لهم الفرص التي يستحقونها.
واللافت أنّ كلمته للطلبة الخريجين حملت في الوقت نفسه رسالة مبطّنة إلى أولئك الطلبة المقبلين على المرحلة الجامعية في حياتهم؛ فذكّرَتْهم أنّ" سوق العمل هو الذي يحدد حاجته من خريجي الجامعات، بناء على طبيعة الوظيفة الشاغرة، ونوعية القطاع ومجالاته في التشغيل والإنتاج"، وعليه، فإنّ على الخريج بحسب كلام الدكتور ناصرالدين " أن يبدأ الخطوة الأولى حتى لو كانت دون طموحاته في المرحلة الأولى"، لكنّ هذه الوصيّة تحمل في سياقها تنبيهًا على أهميّة حسن اختيار التخصص، ومراعاة توافقه مع حاجات المجتمع، وهو الأمر الي تحرص عليه جامعة الشرق الأوسط، باستحداثها في كلّ عام تخصّصات جديدة بما يتّفق مع ذلك، ويلبّي رغبات الباحثين عن تخصّصات متميّزة مطلوبة.
وقد لفتني تحذير الدكتور ناصرالدين للطلبة الخريجين من أمرين خطيرين: الانتظار، والمقارنة، وأجدُهُ بذلك قد وضع يده على الجرح الدامي؛ لأنّ الانتظار والمقارنة يقودان إلى البطالة التي تفُتّ عضد المجتمع، مؤكدًا في وصيّته لبناتِه وأبنائِه أهمية كسب فرص العمل مهما كان نوعها؛ إذ يمكنهم بلوغ أعلى القمم من نقطة الصفر، بالاعتماد على العلم والمعرفة، والخبرة العمليّة.
ولأنّ الدكتور ناصرالدين صاحب رؤية منهجيّة ثاقبة، وفكر حداثيّ متوازن ومستنير؛ فقد ألفيتَه يوصي بناتِه وأبناءَه باكتساب لغة عصر الثورة والاتصالات، ومهارات التعامل مع أدواته ووسائله، بما يتيح لهم فرصًا كبيرة للتشغيل في جميع القطاعات.
ومن ثمّ ، فقد ختم الدكتور ناصرالدين وصاياه بالمِسْك، موجّها بناته وأبناءه إلى تقوية إيمانهم بالله، وزيادة الثقة بوطنهم، مؤكّدًا أنّ فئة الشباب محلّ الاهتمام الأول من جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين حفظه الله ورعاه، وأنهم القوة التي تنبني عليها الآمال، في إدامة الأمن، والأمان، والازدهار في بلدنا الأردنّ، الصامد في وجه التحديات. خاتمًا وصاياه بدعاء الأب لأبنائه أن يوفقهم الله ويرعاهم، ليشاركوا في مسيرة البناء، ويكونوا مواطنين صالحين، وفاعلين، ومخلصين في انتمائهم.
وبعدُ، فقد انتهت كلمة الدكتور ناصرالدين أمام حشد الخريجين، وجمهور الحاضرين، لكنّ أصداءها ظلّت تتردد في النفوس، وآثارها بقيت عالقة في القلوب، لأنها رسمت لفئة الشباب خارطة طريق، يسيرون عليها فلا يتعثرون، ويسلكون سبلها فينجحون، ويستهدون بها فيسعدون.