محاولات لاغتيال سيدة الجامعات والانجازات
هوا الأردن - إبراهيم عبد المجيد القيسي
لا يمكنني أن أتهم حزب جبهة العمل الاسلامي، أو جماعة الاخوان المسلمين بالوقوف خلف عمليات مستمرة للإساءة الى جامعة البلقاء التطبيقية، ومعهد البوليتكنيك، فالنائب الذي وجه التهم "المعلبة" للجامعة ولرئيسها خلال لقاء تلفزيوني، لا يمثل أي من الكيانين التنظيمين المذكورين، ولا يتحدث باسمهما، لكنه بلا شك مطالب بإثبات هذه التهم التي وجهها على الهواء لرئيس الجامعة الأستاذ الدكتور عبدالله الزعبي الذي كان يشارك في الحلقة التلفزيونية، وكان هادئا جدا ورصينا في رده على النائب، حين قال له النائب أنت رئيس فاشل، وما كان من الدكتور الزعبي إلا أن وجه له الشكر، وهو رد أعتقد أنه كبير جدا وفيه من طيب الأخلاق ما يفهمه النائب الذي يحمل رتبة أستاذ دكتور في علوم القرآن وتفسيره !..ولا أذكره الا بما قيل عن النبي صلى الله عليه وسلم بأنه "كان خلقه القرآن".
النائب المحترم؛ إن نسي فيجب أن نذكره، بأن مجلس التعليم العالي قام قبل أشهر باتخاذ قرارات بتغيير رؤساء جامعات حازوا على درجات متدينة بين جميع رؤساء الجامعات ضمن آلية أو نظام تقييم أداء الجامعات ورؤسائها، ويجب أن نذكره أيضا بأن هذه السياسة الجديدة التي تنتهجها وزارة التعليم العالي ومجلسه، كفيلة باتخاذ كل الاجراءات الضامنة بأن يكونوا رؤساء الجامعات على قدر من المسؤولية والإنجاز والالتزام بالقانون وبالحاكمية وسائر عناصر الإدارة المثلى لمؤسسات التعليم العالي، فكيف يتجاوز عن هذه الحقائق ويطلق التهم جزافا بلا أدلة؟ وإن كان هكذا طرح نائب وأستاذ دكتور وعلى الملأ، فماذا يفعل الناس العاديون والطلبة الذين لا يملكون صلاحيات ولا آليات دستورية للرقابة على الحكومة ومسؤسساتها ومساءلتهما؟!..ما دليله على اختفاء 12 مليون دينار من معهد البوليتكنيك كما عبر خلال تلك الحلقة التلفزيونية؟ هات الدليل لننشره ونتبنى الحديث عنه؟ وما هو موقف مجلس النواب من كلام النائب تجاه مؤسسة أكاديمية وتجاه رئيسها؟ وما موقف وزارة التعليم العالي كذلك؟.
في الحديث الدائر حول معهد البوليتكنيك، واعتصام بعض طلبته، وقيام الجامعة بإقرار عقوبات تأديبية ضد طلبة، فالقصة تكمن في أنه وقبل عدة أشهر قامت جهة أمنية باعتقال شاب على خلفية قضية أو مسألة أمنية ما، وتبين بأنه طالب في المعهد، علما أن الاعتقال او الاستدعاء تم في أي مكان سوى حرم المعهد او الجامعة، فهي مسألة لا علاقة لها بجامعة البلقاء ولا بمعهد البوليتكنيك، وعلى إثر هذا الاستدعاء او الاعتقال للشاب، قام زملاؤه في البوليتكنيك بإعلان اعتصام للافراج عنه، وهو موقف جدلي لا يمكنني أن أؤيده أو اقف ضده، فمن حق الناس أن يعبروا عن آرائهم السياسية بطرق ديمقراطية أقرها الدستور والقانون، لكن تحفظي على مكان الاعتصام، فكان وما زال حري بنا أن نبعد صروح العلم والتربية عن قضايا الشأن العام الأخرى، التي لا تتعلق بالعلم والتعليم وتنزع قداسة مطلوبة على أماكن العلم، ولهذا فأنا أؤيد عدم سماح الجامعة بأن يتحول الاعتصام الى مرابطة ومبيت للطلبة داخل الحرم الجامعي مهما كانت أسباب الاعتصام وقضيته، علما أن الشاب الذي اعتصم زملاؤه وأصدقاؤه من أجل الإفراج عنه قد تم الإفراج عنه منذ مدة طويلة، وما زال الطلبة يعتصمون في أوقات من يومهم الدراسي وهذا شأنهم كما تقول الجامعة، مع تأكيد الجامعة على منعها لأي اعتصام ليلي و"نوم" في المعهد أو أي كلية من كليات الجامعة الكبيرة.
أما عن القضية الأخرى التي يشار إلى أن النائب المذكور يتبناها أيضا، وبطريقة ممنهجة من خلال الاعلام والحث على الاعتصام وشحن الساحة الطلابية بما ليس له علاقة بالعلم والتعليم، فهي المتعلقة بالعقوبات التي اتخذتها الجامعة بحق بعض طلبة البوليتكنيك، وهي عقوبات "بحرمانهم فصولا دراسية، جراء ارتكابهم لمخالفات صريحة"، فأحدهم حرم فصل دراسي لأنه يعتصم داخل الحرم الجامعي ويحمل سلاحا أبيض، وآخر حرم فصل كذلك لأنه اعتدى على أملاك الجامعة حين قام بقطع أسلاك "الشيك" المعدني الذي يحيط بالمعهد!، وآخران حرما فصلان دراسيان لكل منهما، لأنهما قاما بالكتابة لوزير التعليم العالي حول وجود فساد في المعهد، وحين طالب الوزير الجامعة بالتحقيق حول الاتهام، خلصت التحقيقات الى عدم وجود أدلة على ما كتبه الطالبان للوزير، ولا مبرر يدعو لكل هذه الاجراءات التي أشغلت الوزارة والجامعة..ولا أعلم إن كانت الجامعة قامت بتحويل القضية الى القضاء، فهي تنطوي على اغتيال للشخصية وتشويه سمعة مؤسسة علمية وسمعة موظفيها، علما أن كل ما سبق من عقوبات يمكن للطلبة الاعتراض عليها لدى القضاء.
الجامعات وسائر مؤسسات التعليم العالي والنظامي، لم تعد حواضن سياسية لأحزاب وجهات ما، وهذا ما يجب علينا أن نفهمه في هذا الزمن، حيث تغير الزمن ولا حاجة للعمل السري أو استخدام صروح العلم لتحقيق مكاسب حزبية، فالديمقراطية "ضاربه طنابها" في كل تفاصيل حياتنا، والتواصل وأدواته هي أكثر ما يملك الناس، ولا أعلم ما حجم صواب موقف بعض الأحزاب حين تتسابق للسيطرة على الساحة الطلابية في مؤسسة تعليمية ما !، هل يوجد عائق في تواصل الحزبيين وغيرهم خارج اسوار الجامعات؟ ..ألا تتفقون معي بأن القصة صارت تقليدية حد السخافة !.
ibqaisi@gmail.com