بدران: حكومتي رحلت بسبب قوى الشد العكسي وحرب أصحاب المصالح
هوا الأردن - د. محمد أبو بكر
رغم أنه تولّى العديد من مواقع المسؤولية على مدى نحو نصف قرن وصولا لرئاسة الحكومة، إلا أن الأستاذ الدكتور عدنان بدران يشعر بالحنين لتلك السنوات التي أمضاها في جامعة اليرموك، وعلى مدى ما يقارب العشرة أعوام، وهو الذي ترك عمادة كلية العلوم ليذهب إلى شمال المملكة للعمل على إنشاء الجامعة الثانية في المملكة.
لا شك أن الحنين لأيام الجامعة لا يضاهيه حنين آخر، ورغم أن رئيس الحكومة الأسبق الذي نحاوره أمضى عشرات السنوات في العمل الجامعي؛ سواء في الولايات المتحدة أو الأردن، إلا أنه ما زال أسيرا لهذا العمل، فهو اليوم رئيس لمجلس أمناء الجامعة الأردنية.
في الحوار معه؛ الذي يندرج ضمن سلسلة حوارات مع شخصيات سياسية اردنية تجريها “الغد” لتسليط الضوء على محطات من التاريخ السياسي الاردني الحديث، تنقلنا بين العديد من المحطات، منذ دخول د. عدنان بدران العمل الحكومي لأول مرّة كوزير للزراعة ثم التربية والتعليم وصولا إلى الدوار الرابع الذي لم يمكث به سوى أقل من ثمانية أشهر، أضف إلى ذلك رئاسة مجلس أمناء المركز الوطني لحقوق الإنسان، والمسؤول الأول عن مناهجنا التربوية اليوم بترؤسه المركز الوطني للمناهج.
في ذاكرة بدران الكثير، وتشعر بالاستمتاع لحوار قد يبتعد عن السياسة في بعض الأحيان، لأن المسيرة العلمية له شدّتني كثيرا، فهو ليس مجرّد أستاذ أو عميد كلية أو رئيس جامعة، لقد وصل إلى رتبة الأستاذية في سنوات قليلة نتيجة للبحوث العديدة التي قدّمها ، وكذلك الاختراعات المسجلة باسمه.
يشعر الدكتور بدران بزهو عصر ذهبي عاشه وعايشه، وخاصة خلال فترة السبعينيات والثمانينيات، ولكنه في الوقت نفسه، تراه يشعر بأسى يمتزج بالغضب عندما يتحدث عن بعض القضايا؛ كالأجندة الوطنية التي أنجزت في عهده عام 2006، وتراكم فوقها غبار الزمن، فنحن أمّة تجيد التنظير ليل نهار، ونفتقر إلى التنفيذ والتطبيق الحقيقي على أرض الواقع، رغم آلاف الاجتماعات ومئات اللجان والملايين من الدنانير التي أهدرناها للمؤتمرات والندوات.
وفي كل الأحوال؛ كانت جلسة استمرت لأكثر من ساعتين في رحاب الجامعة الأردنية، وكان لقاء صباحيا مع رئيس الوزراء الأسبق، هذا (الشاب) المتوقّد ذهنيا وروحيا، رغم سنوات عمره التي جاوزت حاجز الثمانين عاما.. وفيما يلي الحلقة الأولى من أصل حلقتين.
وفيما يلي نص الحوار:
* لنتحدث أولا دكتور عدنان حول البداية من الجامعة الأردنية وفي كلية العلوم تحديدا؟
– حصلت على البكالوريوس من جامعة أوكلاهوما بالولايات المتحدة، ثم الماجستير والدكتوراه من جامعة متشجن، وعدت بإجازة للأردن، وصدف خلالها تأسيس كلية العلوم بالجامعة الأردنية، وأذكر أول أعضاء هيئة تدريس فيها؛ الأساتذة صبحي القاسم وموسى الناظر و عدنان أفرام وكذلك عيسى خبيص وليلى حنانيا، وقد انضممت إليهم في العام 1966.
وبعد نكسة حزيران 1967، رجعت إلى الولايات المتحدة باحثا في جامعة بوسطن، وكان عملي يتطلب الإقامة في دول بأميركا الوسطى والجنوبية، ووصلت إلى رتبة أستاذ العام 1970، وبفترة قياسية نتيجة لعدد كبير من البحوث والإختراعات.
في ذلك الوقت كان بكلية العلوم أربعة تخصصات؛ الفيزياء، الكيمياء، الأحياء والرياضيات، وكنّا بكل عام نقبل 120 طالبا فقط في الأقسام الأربعة، واستخدمنا حينها أحدث الطرق العالمية والعلمية والمراجع والتجهيزات المخبرية وغيرها، ووقع اختيارنا على قطعة أرض داخل الحرم الجامعي لإنشاء مبنى للكلية.
أشير هنا الى أن معظم مباني الجامعة كانت عبارة عن تبرعات من شخصيات أردنية وعربية، فمثلا مبنى الجيولوجيا تبرعت به دولة الكويت وبمبلغ 95 ألف دينار، وتبرعت مصفاة البترول بإنشاء مبنى قسم الكيمياء، وتبرع الملك حسين رحمه الله بتكاليف إنشاء قبة التلسكوب، لذلك أدخلنا مادة علم الفلك كمساق لطلاب العلوم.
كنّا متحمسين جدا، لا نسأل عن رواتب أو مكافآت إضافية، كنا نجلس كأسرة واحدة، نقوم بالتخطيط مع المكتب الهندسي بالجامعة ونعمل على التنفيذ فورا وبدون تكاليف إضافية، كنا نشعر بأن الجامعة هي بيتنا الثاني، لقد كان عصرا ذهبيا بحق.
في ذلك الوقت كان رئيس الجامعة المرحوم الدكتور ناصر الدين الأسد، ثم جاء الدكتور عبد السلام المجالي العام 1971 وكنت عميدا لكلية العلوم، وقمنا بإنشاء كلية الدراسات العليا بدعم من اليونسكو والوكالة الدولية للإنماء .
وهنا شهادة حق بالدكتور المجالي الذي كان محفّزا لنا بكل أفكاره النيّرة، واعتماد مبدأ اللامركزية بالعمل، وتمتعه بإدارة حكيمة جدا للجامعة، كان يراقب فقط ولا يتدخّل بعملنا، لذلك منح عمداء الكليات صلاحيات واسعة في عهده.
وكانت هناك خطط طموحة ، فأنشأنا كلية الطب، وكان عميدها الدكتور بسام أبو غزالة، ثم كليتي التمريض والزراعة، وهنا لا أنسى الأسماء التي لها الفضل أيضا كالدكتور محمود السمرة عميد كلية الآداب، والدكتور رشيد الدقر عميد كلية الاقتصاد.
بعد ذلك تمت دعوتي للعمل على إنشاء جامعة ثانية في شمال المملكة، ومن هنا بدأنا بتأسيس جامعة اليرموك.
* يقال إنك رفضت في البداية الانتقال إلى اليرموك، بعد أن تم تشكيل اللجنة الملكية الخاصة بها؟
– كنت منغمسا بالعمل بكلية العلوم، وعندما جرى تشكيل اللجنة الملكية الخاصة بجامعة اليرموك ، طلب مني الذهاب لتأسيسها فرفضت، وكان رئيس اللجنة السيد مضر بدران، ومورست الضغوط عليّ من قبل المرحوم ذوقان الهنداوي والدكتور محمد سعيد النابلسي وعلي سحيمات، وفي نهاية المطاف رضخت لهذه الضغوط وذهبت إلى هناك، وقمنا بتأسيس الجامعة في الموقع المؤقت لها بأبنية جاهزة، وخلال شهور قليلة كنا نستقبل الفوج الأول (620) طالبا، وتحوّل هذا الموقع المؤقت إلى دائم ، حيث بوشر أيضا بإنشاء جامعة العلوم والتكنولوجيا على مساحة ( 12000) دونم، أي أننا كنّا نبني بجامعتين في نفس الوقت، كنّا نشعر براحة كبيرة ، فالتمويل موجود وتم تأمينه من خلال رسوم الجامعات، لم يكن هناك أي عجز مالي أبدا.
في ذلك الوقت استقدمنا خيرة الأساتذة للجامعة وأذكر منهم علي نايفة وفكتور بلّه ومحمد حمدان ومحمود الغول وغيرهم، وبفضل الله أشعر بسعادة غامرة وقد شاركت بتأسيس ثلاث جامعات أردنية باتت اليوم منارات علمية على مستوى العالم.
* بعد ذلك، جاء تأسيس المجلس الأعلى للعلوم والتكنولوجيا وصولا للموقع الوزاري الأول، ومشاركتكم في حكومة المرحوم الشريف زيد بن شاكر؟.
– حينها طلبني الأمير الحسن بن طلال لتأسيس المجلس المذكور داخل حرم الجمعية العلمية الملكية، وقمنا بوضع سياسة العلوم والتكنولوجيا وإستراتيجية تنفيذها، والأمير في ذلك الوقت كان مسؤولا عن تنفيذ الخطط الخمسية، وكنّا نقوم بمساعدته في ذلك .
ومرّت ظروف اقتصادية سيئة بالأردن العام 1989 ، وشهدت البلاد موجة من الاضطرابات ومظاهر الاحتجاج على السياسة الاقتصادية فأقال الملك الحكومة وألغيت الأحكام العرفية وبدأ الانفراج الديمقراطي، وكلّف الملك الراحل الشريف زيد بتشكيل الحكومة للخروج من هذه الأزمة، وجئت فيها وزيرا للزراعة، وهذه الحكومة قامت بالإشراف على الانتخابات النيابية في نهاية ذلك العام .
كنت سعيدا بوزارة الزراعة، فانا أعشق الزراعة، ففتحت أبواب التصدير، وأعدنا النظر بالنمط الزراعي، فأنا أؤمن باقتصاد السوق، وكنّا نعقد اجتماعات المجلس الزراعي الأعلى أسبوعيا بعد أن كان ميّتا.
وبالإضافة لوزارة الزراعة تسلمت وزارة التربية والتعليم بعد استقالة وزيرها د.عبد الله النسور لرغبته الترشح للانتخابات في تلك السنة.
* وزارة التربية من الوزارات المهمة، وتقلّب عليها العديد من الوزراء، ماذا أنجزتم فيها؟
– المشكلة عندنا التغيير الدائم للحكومات، فالوزير لا يستمر بالوزارة طويلا، ولذلك لا تستطيع التنفيذ والإنجاز، لا توجد استدامة أو استقرار في الموقع الوزاري، لذلك لا يمكن للوزير تحقيق شيء في فترة وجيزة ، وهذه علّة مرضية نعاني منها ، لقد كنت منهمكا بإعداد المناهج من خلال مجلس التربية والتعليم وتابعت ذلك، وما زلت حتى اليوم .
* لا شك دكتور؛ فهذه مشكلة نعاني منها ، كثرة التغييرات والتعديلات الوزارية، لماذا لا يعطى الامين العام صلاحيات واسعة حتى يتفرّغ الوزير للشأن السياسي؟
– نحن بحاجة لمنظومة جديدة، وما تفضلت به صحيح، يجب أن يمنح الامين العام صلاحيات واسعة، فهو الأدرى بشؤون الوزارة ، حتى نستطيع تنفيذ وبناء الإستراتيجيات، وكي يبقى الوزير سياسيا، والوزير نفسه يحتاج لإستراتيجية مدتها لا تقل عن عشر سنوات، حتى لو ذهب وغادر موقعه فهناك الامين العام وطاقم الوزارة هم الذين سيقومون بالتنفيذ، أما أن تبقى الأمور على هذا النحو ، فهذا ضياع في واقع الأمر .
* كنت رئيسا للوزراء، وأنجزتم الأجندة الوطنية، مجلّدات عديدة، واجتماعات وطواقم .. الخ ، أين أصبحت الأجندة يا سيدي ، تلك التي تغنينا بها حين تم إنجازها؟
– بعهد حكومتي أنجزنا الأجندة الوطنية وخرجت في سبعة مجلّدات، كان جهدا كبيرا جدا، واليوم يعتليها الغبار، جئنا حينها بالدكتور مروان المعشر نائبا لرئيس الوزراء من أجل البدء بالتنفيذ، وإذا ما تصفّحنا تلك الأجندة سنجد أنها تحتوي كل شيء ، لم نترك شاردة ولا واردة إلّا وضمّناه فيها، سواء من حيث الإصلاحات أو قانون هيئة مكافحة الفساد، والإصلاح الاقتصادي ، وتطوير القضاء والقوانين الناظمة للعمل السياسي.. الخ .
غادرت الحكومة بعد أقل من ثمانية أشهر على وجودي بهذا الموقع، ثم تعاقبت الحكومات، ركنتها جانبا ولم تتابع العمل فيها للأسف الشديد، لقد بذلنا جهودا كبيرة بالعمل، وفي النهاية أين هي اليوم!؟
يجب القول هنا؛ بان الأجندة الوطنية يجب ان تكون عابرة للحكومات، وعلى ذكر حكوماتنا الكثيرة والمتعددة، التقيت بالسيد نجيب ميقاتي رئيس وزراء لبنان حينذاك الذي خاطبني مازحا “صرنا مثلكم .. كل سنة عندنا حكومة في لبنان!”.
* لنعد قليلا للوراء لنسأل عن كيفية وصولكم لموقع الرئاسة، وكنت قبلا رئيس لجامعة فيلادلفيا؟
– اتصل بي رئيس التشريفات الملكية ودعاني لمقابلة جلالة الملك عبدالله الثاني، استقبلني جلالته وتحدّث معي حول الإصلاح وموضوع الاجندة الوطنية، لأن الملك يريد إصلاحا شاملا وحقيقيا، ويرغب بفريق جديد، وبصراحة كان الملك يريد فريقا من خارج الصندوق الذي اعتدنا عليه، فالرغبة الملكية كانت العمل على إيجاد فريق حكومي إصلاحي، كان يريد وجوها غير مألوفة لديها القدرة على إحداث التغيير، ويمتازون بالريادة والإبداع، ثم طلب منّي تشكيل الحكومة .
* ولكن السؤال هنا؛ لماذا لم تستمر الحكومة زمنا أطول، فقد كانت فترة رئاستكم أقل من ثمانية أشهر؟
– ماذا ستفعل حين تتجمع عليك قوى الشد العكسي؟ علما بأننا في الحكومة أنجزنا الكثير، وخاصة بالموضوع الاقتصادي، خفّضنا النفقات الجارية عشرة بالمائة وعدنا وخفّضناها مرة أخرى وبنفس النسبة، لم أكن مثلا أوافق على تغيير الآثاث، وكذلك المياومات، سواء للحكومة ومؤسساتها أو الجامعات، حتى الجيش والأجهزة الأمنية قمنا بتخفيض النفقات فيها، وإزاء ذلك، ووجهت بحرب شعواء من أصحاب النفوذ وأدوات وشخصيات لم يكن لها مصلحة في استمراري بموقع رئيس الوزراء.
وخلال وجودي بالحكومة نجحنا بخفض عجز الموازنة من مليار دينار تقريبا إلى 150 مليونا، ولجأنا لإجراء جريء وهو تحرير النفط (المحروقات) ورفع الدعم على مرحلتين، فحذّروني من عدم نيل الثقة في مجلس النواب ثم حصلنا عليها.
في ذلك الوقت كان يمكن للخزينة أن تفلس، وكنّا مضطرين لاتخاذ مثل هذه القرارات، لقد وصل سعر برميل النفط إلى مائة دولار، ولذلك تمكّنا من إنقاذ الخزينة والدينار .
* كنت رئيسا للوزراء، ألا توجد طريقة أخرى لتخفيض العجز غير فرض الضرائب، إنها إسطوانة مللنا سماعها؟
– ليس هناك من طريق أمام أي حكومة للقضاء على العجز أو العمل على تخفيفه إلا بترشيق الدولة، فليفهم ذلك من يريد أن يفهم، وليغفلها من يريد ذلك.
لماذا كل هذه الوزارات والمؤسسات، لدينا ما يقارب الثلاثين وزارة في بعض الاحيان وستين هيئة مستقلة، لماذا كل ذلك ونحن دولة صغيرة مساحة وسكانا، يجب العمل على تقليص أجهزة الدولة للحد الأدنى، خذ مثلا اليابان يوجد فيها ست عشرة وزارة، وكذلك الولايات المتحدة بعدد قريب من اليابان، لماذا لا نمنح القطاع الخاص دورا كبيرا في إدارة بعض الشؤون؟ حينها سأجد بأن مواردي تكفيني، وهذا من خبرتي وليس عبثا، وعندما يتحدثون عن دمج الوزارات، فهل تولّي الوزير أكثر من وزارة يعني أننا قمنا بالدمج؟
الدمج بين الوزارات يهدف إلى تقليص عددها ويجب قبلا معرفة وظيفة كل وزارة وصولا لعملية الإلغاء والدمج حتى نصل إلى عدد محدود، لأنه لا يجوز بأي حال من الأحوال تضخيم الحكومة.
* لكن كل سنة عندنا زيادة في عجز الموازنة، المواطن أصبح تائها ويتحمّل كل يوم المزيد من الأعباء، إلى متى نستمر في ذلك؟
– كل سنة نواجه ذلك، لماذا لا نقف عند حد معين؟ لماذا أصلا الوصول بموازنة تتجاوز التسعة مليارات ولا أقف عن حدود الثمانية فقط؟
لماذا لا تقوم الحكومة بتغطية كل الموظفين تحت مظلة الضمان الاجتماعي بما في ذلك التأمين الصحي؟
* دعنا نتوجه إلى قضية المناهج، فأنت رئيس المجلس الأعلى لتطوير المناهج، ماذا قدّمنا وماذا أنجزنا ؟ لماذا هذا التراجع في التعليم .. إلى أين نسير؟
– ما دام العقل يفكّر فعملية المناهج مستمرة ولا تتوقف، ولكن للأسف توقّفت عندنا فترة لأننا شعب نخضع لنظام الفزعات ثم نذهب للاسترخاء والاستراحة، والمناهج ليست عملية فزعة، بل تتطور مع عقل الإنسان والفكر والتطور الإنساني، فأنت في منافسة شديدة مع العالم، وعلينا القول أن الموارد البشرية هي الأهم، لأن الدول تعتمد على العقل البشري الذي يؤدي للعلم والاختراعات والتقدّم .
التقدم العلمي بدولة فنلندا سببه التعليم والاهتمام به، فقدّمت لنا هذه الدولة أفضل أجهزة الهواتف المتنقلة (نوكيا) ، وكوريا الجنوبية بسبب العلم أنتجت سامسونج العملاقة، وكذلك سنغافورة التي وضعت العلم والتعليم في مقدمة أولوياتها بعد أن كانت رمزا للفساد في العالم، وها هي اليوم أروع مثال سواء في خلوها من الفساد أو من خلال تصنيفها كأكثر مكان آمن في العالم .
* وما هو المطلوب إذن حتى نبدأ بصورة صحيحة؟
– علينا في الأردن أن نبدأ جديّا بعملية تربوية نذهب من خلالها من عملية التلقين باتجاه التفكير، وهذا يبدأ من الطفولة المبكرة ، من رياض الأطفال ومن سن أربع سنوات، وعلينا أن نحوّل التعليم من عبء إلى متعة، وأن ينهي الطالب كل دراسته داخل المدرسة ويذهب إلى البيت للراحة واللهو فقط، مع أهمية تواصل أولياء الأمور مع المدارس بصورة دورية لا تزيد على أسبوعين ، أضف إلى ذلك الاستخدام السليم للإرشاد النفسي وتدريب المعلمين، وهذا أمر مهم جدا، فلا بدّ من تحويل المعلم إلى (مسهّل) للمادة الدراسية وتحديث طرق التعليم، واستخدام تقنيات حديثة، والتركيز على اللغات وخاصة الإنجليزية، لأن العالم يتغيّر، وهناك تفاعل كبير بين الثقافات، وباختصار لدينا اليوم حوالي مليوني طالب، هؤلاء يجب أن يكونوا محكا للنمو، لأن التعليم هو الأساس في تقدّم الدول، وتجارب الدول ماثلة أمامنا.