خبراء وإعلاميون يدعون الحكومات إلى مواكبة الثورة الرقمية
ركزت الجلسة الحوارية الثالثة ضمن فعاليات اليوم الأول من المنتدى الدولي للاتصال الحكومي، الذي انطلقت فعالياته أمس الأربعاء في مركز إكسبو الشارقة على آليات إطلاق حملات الاتصال الداخلي في المؤسسات الحكومية لتغيير النظرة التقليدية للاتصال الحكومي وتحديد دوره الجديد، والتوقعات المرجوة منه وطرق إلهام العاملين فيه.
وتناولت الجلسة التي حملت عنوان "تحدي شح القدرات في عصر اتصال التغيير"، أربعة محاور حول بناء ثقافة الاتصال لتمكين الإنسان في الجهات الحكومية، والتدريب وبناء القدرات، واستقطاب كفاءات الاتصال، وإدارة حملات الاتصال، ومستقبل الاتصال الحكومي وآليات التوظيف في هذا القطاع.
وشارك في الجلسة التي أدارتها الإعلامية منتهى الرمحي كل من الدكتور عبد الله المغلوث، المتحدث الرسمي باسم وزارة الإعلام السعودية، ومدير عام مركز الاتصال الحكومي في المملكة العربية السعودية، وكريغ أوليفر مدير الاتصال والسياسة لرئيس الوزراء البريطاني السابق، ديفيد كاميرون، ومايك كوجاوسكي شريك مؤسس مركز التميز لتسويق القطاع العام في كندا.
وأكد المتحاورون في الجلسة أن تطوير دور الاتصال الحكومي يركز بشكل أكبر على تمكين الإنسان وتفعيل مشاركته في التنمية والتصدي لتحدياتها، يشكل نقلة كبيرة للكثير من فرق الاتصال الحكومي عبر العالم وخصوصاً في المنطقة العربية، مشيرين إلى أن الاستمرار بالاضطلاع بجميع وظائف الاتصال الحكومي الحالية على أكمل وجه يتطلب عدداً من المهام والمهارات الجديدة التي تتضمن دراسة علمية للجوانب النفسية الاجتماعية والاقتصادية لمبادرات وأنشطة الاتصال الحكومي.
ولفتوا إلى أن هذه النقلة المستهدفة يمكن أن تولد عدداً من التحديات التي سيتعين على فرق الاتصال الحكومي التعامل معها، حيث من الممكن ألا تتقبل الجهات الحكومية، وحتى العاملين في مجال الاتصال هذا التغيير، الأمر الذي يتطلب إطلاق حملات اتصال داخلي عبر الحكومة لتغيير النظرة التقليدية للاتصال الحكومي وتحديد دوره الجديد.
ورجحوا في هذا السياق، أن تواجه فرق الاتصال الحكومي تحدي شح الخبرات في هذه المجالات الجديدة، وهو ما يتوجب عليه تعديل سياسات ومعايير التوظيف في هذا القطاع لاستقطاب هذا النوع من المهارات وعقد الشراكات مع الجهات المتخصصة لتأمين الكفاءات وتوفير التدريب المتخصص لبناء قدرات الاتصال الحكومي في مجال علم السلوك الاجتماعي والاقتصادي، ووضع آليات قياس تأثير حملات الاتصال وتدريب الكوادر على استخدامها ومشاركة نتائجها مع جميع الشركاء المعنيين.
وتساءل المتحاورون ما إذا كانت فرق الاتصال الحكومي جاهزة لهذا الدور الجديد؟ وكيف يمكن ضمان هذه الجاهزية بأسرع وقت ممكن للبدء بتمكين الإنسان ومساعدته على التغيير الذي يتوقف عليه إلى حد كبير نجاح البشرية في مواجهة تحدياتها التنموية والاستعداد للمستقبل؟.
وقال عبد الله المغلوث: "إن قطاع الاتصال الحكومي يشهد اليوم حراكاً نشطاً الأمر الذي يدفع الحكومات إلى تبني استراتيجيات أكثر فاعلية وتأثيراً، بهدف تحقيق الكفاءة المطلوبة"، مؤكداً أن الوطن العربي يزخر بالكوادر البشرية التي تلزمها الأدوات الأكاديمية بشأن تطوير الاتصال الحكومي.
وأوصى المغلوث بضرورة استحداث التخصصات الجامعية التي تحيط بشتى مجالات الاتصال الحكومي، بهدف التأهيل الأكاديمي، بالإضافة إلى الاعتماد على الدراسات المحلية التي يقدمها المتخصصون والخبراء في البلاد العربية وعدم الاعتماد بشكل كلي على الدراسات الغربية نظراً لاختلاف الثقافات".
وبدوره أوضح كريغ أوليفر أن قطاع الاتصال الحكومي يفتقد إلى مفاهيم التسويق السلوكي، مما يؤدي إلى ضياع فرص كثيرة لدى المسؤولين والحكومات بشأن حملات تغيير السلوك، موصياً بتفعيل دور التسويق في القطاع العام، باعتباره محوراً مهماً من محاور تغيير سلوك الأفراد وتحسين حياة المجتمعات".
وأضاف أوليفر" لا بد للحكومات من التطرق إلى العلوم الاجتماعية كافة، بالإضافة إلى تفرعاتها بهدف الإحاطة بها وتسخيرها في الاتجاه الصحيح ضمن الحملات التي تستهدف تغيير السلوك نظراً لمخرجاتها الإيجابية التي تنعكس على المفاهيم العامة في المجتمعات، والتي تؤدي بالضرورة إلى تحقيق أهداف الحملات نحو تغيير السلوكيات".
ومن جانبه، طالب مايك كوجاوسكي بإيجاد صيغ عملية للتعاطي مع مختلف السياقات الاجتماعية، التي تشهد تأثيرات كبيرة ناتجة عن التطورات المتسارعة التي يشهدها العالم والتي تلعب فيها وسائل التواصل الاجتماعي دوراً محورياً، لا سيما وأن الحكومات تقابل تطورات الثورة الرقمية ببطئ شديد يؤثر في صيغ ونتائج حملاتها، مما يؤدي إلى خسائر مادية، وفقدان الحملات قيمتها أمام الأفراد".
ودعا كوجاوسكي الحكومات إلى التخلي عن الآليات الدفاعية في مقارباتها لتغيير السلوكيات المجتمعية، وأن تواكب السرعة التي تحدثها الثورة الرقمية، ووسائل الاتصال الاجتماعي، واكتساب المهارات اللازمة مع تحقيق سرعة الاستجابة لتحقيق الأهداف المطلوبة، مؤكداً في الوقت ذاته أن الحكومات تعاني من مشكلة تحيط بأنماط الاتصال الحكومي مما يستدعي الارتقاء بهذا القطاع من خلال الكوادر المؤهلة.
يذكر أن المركز الدولي للاتصال الحكومي التابع للمكتب الإعلامي لحكومي الشارقة ينظم على مدى يومين، تحت شعار "تغيير سلوك ..تطوير إنسان"، بمشاركة عدد من مسؤولي الاتصال الحكوميين ونخبة من خبراء الاتصال المحليين والدوليين.