حلة بيضاء تكسو جبل عرفات بالركن الأعظم للحج
استقرت جموع حجاج بيت الله الحرام على صعيد عرفات الطاهر، بعد توجههم إليه صباح هذا اليوم السبت التاسع من شهر ذي الحجة؛ ليؤدوا ركن الحج الأعظم، ويشهدوا الوقفة الكبرى في مشهد إيماني مفعم بالخشوع والسكينة، ملبين متضرعين، داعين الله عز وجل أن يمّن عليهم بالعفو والمغفرة والرحمة والعتق من النار.
وتوافدت جموع غفيرة من حجاج بيت الله الحرام منذ وقت مبكر إلى مسجد نمرة في مشعر عرفات اليوم لأداء صلاتي الظهر والعصر جمعاً وقصراً؛ اقتداء بسنة النبي المصطفى محمد صلى الله عليه وسلم والاستماع لخطبة عرفة.
وامتلأت جنبات المسجد الذي تبلغ مساحته ( 110 ) آلاف متر مربع والساحات المحيطة به التي تبلغ مساحتها ثمانية آلاف متر مربع بضيوف الرحمن.
وألقى عضو هيئة كبار العلماء الشيخ محمد بن حسن آل الشيخ، خطبة عرفة - قبل الصلاة - استهلها بحمد الله والثناء عليه على ما أفاء به من نعم ومنها الاجتماع العظيم على صعيد عرفات الطاهر.
واكتسى المسجد اليوم حلة بيضاء كأنه قطعة إحرام منسوجة في رداء واحد بالتصاق والتئام ضيوف الرحمن بعضهم ببعض، الذين توافدوا إليه منذ وقت مبكر من صباح اليوم التاسع من ذي الحجة، ليشهدوا خطبة عرفة ناسجين لوحة زاهية داخل المسجد وفي الساحات الخارجية، في ملمح يتكرر مرة واحدة كل عام.
واكتسب المسجد أهمية كبرى من الناحية الدينية والتاريخية، ففيه خطب النبي - عليه الصلاة والسلام - خطبته الشهيرة في حجته الأخيرة التي تسمى خطبة الوداع.
وبدأ الحجاج بدخول مسجد نمرة منذ وقت مبكر من صباح اليوم التاسع مشكلين لوحة بيضاء، مسجد نمرة من المواقع التاريخية المهمة في الحضارة الإسلامية، ومسجد نمرة بفتح النون، وكسر الميم من أهم معالم مشعر عرفات ويتسع لمئات الآلف من الحجاج الذي أتوا إلى خالقهم تائبين مطيعين منيبين إليه.
يقع مسجد نمرة إلى الغرب من مشعر عرفات، إلا أن جزءا منه في وادي عرنة وهو أحد أودية مكة المكرمة الذي نهى عليه الصلاة والسلام من الوقوف فيه حيث قال المصطفى صلى الله عليه وسلم: "وقفت ها هنا وعرفة كلها موقف" وقال صلى الله عليه وسلم: "ارتفعوا عن بطن عرنة"، وبطن وادي عرنة ليس من عرفة، ولكنه قريب منه.
وبني المسجد في الموضع الذي خطب فيه الرسول - عليه الصلاة والسلام - في حجة الوداع وذلك في أول عهد الخلافة العباسية، في منتصف القرن الثاني الهجري.
ويتربع مسجد نمرة في مشعر عرفات، وهو من أهم معالمها التاريخية فيها ، ويعرف في العديد من الكتب التاريخية بعدة أسماء مثل مسجد النبي إبراهيم - عليه السلام - ، ومسجد عرفة ، ومسجد عرنة.
وأُخذ اسم مسجد عرفة من قرية كانت خارج عرفة أقام فيها النبي - صلى الله عليه وسلم - ، ثم سار منها إلى بطن الوادي حيث صلى الظهر والعصر وخطب في المسجد.
ورجحت المصادر التاريخية أن مسجد نمرة شيد في المرة الأولى منتصف القرن الثاني الهجري على الأرجح، وحظي باهتمام خلفاء وسلاطين وأمراء المسلمين، حيث عمره "الجواد الأصفهاني" عام 559هـ، وأجريت له في العصر المملوكي عمارتان مهمتان الأولى بأمر الملك "المظفر سيف الدين" عام 843هـ، والثانية بأمر "السلطان قايتباي" عام 884هـ، وتُعد الأفخم والأكثر جمالاً واتقاناً في ذلك الحين، ثم جددت عمارته في العهد العثماني عام 1272هـ ، إلا أنه شهد في عهد الدولة السعودية أضخم توسعاته، ليصبح بذلك ثاني أكبر مسجد بمنطقة مكة المكرمة من ناحية المساحة بعد المسجد الحرام.