القوات الأمريكية شنت عملية سرية أخرى استهدفت مسؤولًا إيرانيًا رفيع المستوى باليمن في يوم مقتل سليماني
نشرت صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية تقريراً كشفت فيه عن ان القوات الأمريكية نفذت مهمة في غاية السرية ضد مسؤول عسكري إيراني رفيع المستوى باليمن في نفس اليوم الذي قُتل فيه قائد “فيلق القدس” التابع للحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني.
تقول الصحيفة في تقريرها الذي ترجمته صحيفة “شرق وغرب”: في اليوم الذي قتل فيه الجيش الأمريكي قائدًا إيرانيًا بارزًا في بغداد، نفذت القوات الأمريكية مهمة أخرى في غاية السرية ضد مسؤول عسكري إيراني رفيع المستوى في اليمن، وذلك وفقًا لمسؤولين أمريكيين.
وتضيف: الضربة التي استهدفت عبد الرضا شاهلاي، وهو ممول وقائد رئيسي لفيلق القدس الإيراني الذي كان ينشط في اليمن، لم تسفر عن مقتله، بحسب أربعة مسؤولين أمريكيين مطلعون على القضية.
وتتابع: ربما تشير العملية الفاشلة إلى أن قيام إدارة ترامب باغتيال اللواء سليماني الأسبوع الماضي كان جزءًا من عملية أوسع مما تم توضيحه في السابق، مما يثير التساؤلات حول ما إذا كانت المهمة تهدف إلى تعطيل قيادة الحرس الثوري الإسلامي أو لمجرد منع هجوم وشيك على الأمريكيين كما تم التصريح بالأصل.
وتشير إلى ان العمليات العسكرية الأمريكية في اليمن، حيث أدت الحرب الأهلية إلى أسوأ أزمة إنسانية في العالم، تكتنفها السرية.
وتنقل عن مسؤولين أمريكين قولهم أن العملية ضد شاهلاي ما تزال سريّة للغاية، لافتة إلى الكثيرين رفضوا تقديم تفاصيل أكثر من القول بأنها لم تكن عملية ناجحة.
وتكمل: كان المسؤولون في البنتاغون وفلوريدا يراقبون كلا الضربتين وناقشوا أمر الإعلان عنهما معًا، في حال ساروا على ما يرام، كما قال مسؤولون.
وتنقل عن مسؤول أمريكي كبير، تحدث كما الآخرين، شريطة عدم الكشف عن هويته لمناقشة عملية عسكرية سريّة ثوله: “لو أننا قتلناه، لكنا نتفاخر بذلك في نفس الليلة”
كما تنقل عن مسؤول كبير آخر قوله أنه أُذن بالهجومين في نفس الوقت تقريبًا وبأن الولايات المتحدة لم تكشف عن مهمة شاهلاي لأنها لم تجرِ وفق ما كان مخططًا.
وتلفت إلى ان المسؤول قال انه ربما يتم استهداف شاهلاي في المستقبل، على الرغم من أن كلا البلدين قد أبدى اهتمامًا بتخفيف حدّة الأزمة.
وتواصل: إن الأساس المنطقي لقرار إدارة ترامب بقتل سليماني تعرض للتدقيق في الكونجرس، مع موافقة المشرّعين في مجلس النواب يوم الخميس على قرارٍ يحدّ من سلطة الرئيس في ضرب إيران دون موافقة الكونجرس.
وتضيف: قال مسؤولون في وزارة الدفاع والخارجية أن الضربة التي استهدفت سليماني قد أنقذت “عشرات” إن لم يكن “مئات” الأرواح الأمريكية الذين كانوا تحت تهديد وشيك. إلا أن الضربة ضد شاهلاي ربما تعقّد هذه الحجة.
وتنقل سوزان مالوني، وهي باحثة في معهد بروكينجز قولها: “هذا يشير إلى مهمة ذات أفق تخطيط أطول وهدف أوسع، وهي بالفعل تثير الشكوك حول سبب محاولة تعليل ذلك بشكل علني على أساس وجود تهديد وشيك”
وتنوّه إلى ان إدارة ترامب تنظر إلى شاهلاي باعتباره عدوًا قويًا بشكل خاص.
وتستطرد: قالت القائدة ريبيكا ريباريتش، المتحدثة باسم البنتاغون، أن وزارة الدفاع لا تناقش “العمليات المزعومة” في الشرق الأوسط. وأضافت في بيانٍ صادرٍ عنها: “لقد رأينا التقرير عن الضربة الجوية بتاريخ 2 يناير/كانون الثاني في اليمن، والذي يُعرف منذ فترة طويلة أنه مكان آمن للإرهابيين وخصومٍ آخرين للولايات المتحدة.”
وتقول الصحيفة: عرضت وزارة الخارجية مكافأة بقيمة 15 مليون دولار الشهر الماضي لمن يدلي بمعلومات تقود إلى شاهلاي وإلى تعطيل الآليات المالية للحرس الثوري الإيراني. وجاء في الإعلان أن شاهلاي يتخذ من اليمن مقرًا له وأنه يمتلك “تاريخًا طويلًا من الضلوع في هجمات تستهدف الولايات المتحدة وحلفائنا، بما في ذلك مؤامرة عام 2011 ضد السفير السعودي” في مطعم إيطالي في واشنطن.
وتتابع: يزعم المسؤولون الأمريكيون أن شاهلاي ، المولود حوالي العام 1957، مرتبط بهجمات ضد القوات الأمريكية في العراق، بما في ذلك غارة مدروسة بدقة في عام 2017 قام فيها رجال ميليشيات مدعومين من إيران باختطاف وقتل خمسة جنود أمريكيين في مدينة كربلاء.
وتكمل: في مؤتمر صحفي العام الماضي، قال المبعوث الأمريكي الخاص بإيران، براين هوك، أن الولايات المتحدة لا تزال “تشعر بقلقٍ بالغ إزاء تواجده في اليمن ودوره المحتمل في تقديم أسلحة متطورة من النوع الذي منعناه عن الحوثيين.”، الذين يستمرون بمحاربة تحالف بقيادة السعودية من أجل السيطرة على اليمن.
وتضيف: قدمت إيران الدعم والتدريب للمتمردين الحوثيين في معركتهم ضد تحالفٍ تدعمه المملكة العربية السعودية، خصم إيران الإقليمي.
وتنوّه إلى انه من غير الواضح سبب عدم نجاح العملية، مشيرة إلى ان كل من وزارة الخارجية والبيت الأبيض رفضا التعليق على الموضوع.
وتشير إلى ان عملية اغتيال سليماني، وهي أول عملية اغتيال أمريكية تستهدف فردًا رفيع المستوى في جيش أجنبي منذ الحرب العالمية الثانية، قد دفعت إيران للانتقام في وقت مبكر من يوم الأربعاء داخل العراق عبر إطلاق صواريخ باليستية على مواقع أمريكية هناك، على الرغم من عدم ورود تقارير عن أيّ ضحايا.
وتلفت إلى انه بعد الضربة، قال الرئيس ترامب أن الولايات المتحدة ستردّ من خلال فرض عقوبات اقتصادية على إيران، وأشار إلى أن “الولايات المتحدة مستعدة لتبني سلام مع كل من يسعى إليه.”
وتقول الصحيفة: اصل كبار مساعدي ترامب الترويج للطبيعة “الوشيكة” للتهديد الصادر عن سليماني، رغم أنهم كانوا أقل دقة بشأن التوقيت.
وتضيف: قال وزير الخارجية مايك بومبيو لشبكة فوكس نيوز يوم الجمعة: “لا يوجد أدنى شك في أن سلسلة من الهجمات الوشيكة كان يخطط لها من قبل قاسم سليماني. لا نعرف متى وأين بالضبط، ولكنها كانت حقيقية.”
وتكمل: كما أن كلًا من الجنرال مارك ميلي، رئيس هيئة الأركان العامة المشتركة، ووزير الدفاع مارك إسبر، قد دعموا بالمثل قضية المؤامرة الوشيكة.
وتستطرد: قال ميلي للصحفيين هذا الأسبوع: “هل قال بالضبط من وماذا ومتى وأين؟ لا. لكنه كان يخطط، ينسق ويزامن لعمليات قتالية كبيرة ضد القوات العسكرية الأمريكية في المنطقة، وكان ذلك وشيكًا.” استمر ميلي في الدفاع عن الاستخبارات بشكل قاطع خلال إحاطة سرية مع أعضاء من الكونغرس يوم الأربعاء، وذلك وفقًا لشخص مطلع على القضية.
وتشير إلى انه غادر بعض المشرّعين الاجتماع وهم يتذمرون من عدم وجود تفاصيل فيما يتعلق بالمعلومات الاستخباراتية.
وتلفت إلى ان السيناتور جيرالد كونولي: “أعتقد أن هذه الإدارة تحاول، بعد الانتهاء من فعلتها، تجميع أساس منطقي لعملها الذي كان اندفاعيًا، متهورًا والذي يعرض أمن البلاد للخطر.”
وتنوّه إلى أن السيناتور مايك لي وصفها بأنها “ربما كانت الإحاطة الأسوأ على الإطلاق التي رأيتها خلال تسع سنوات كنت فيها موجودًا هنا، على الأقل فيما يتعلق بقضية عسكرية”
وتقول الصحيفة: وقف قادة جمهوريون في الكونغرس خلف قرار الرئيس بقتل قائد إيراني يزعم أنه على صلة بمقتل أكثر من 500 جندي أمريكي في أعقاب الغزو الأمريكي للعراق في عام 2003.
وتضيف: تحدث العملية التي تستهدف شاهلاي في الوقت الذي تضغط فيه الأمم المتحدة من أجل حل سياسي للحرب في اليمن، والتي بدأت في عام 2015 عندما شن تحالف عسكري بقيادة السعودية حملة ضد المتمردين الحوثيين. كافحت الحكومة اليمنية المدعومة سعوديًا من أجل استعادة هيمنتها على الحوثيين، مما سمح بتفاقم أزمة إنسانية ضخمة مات فيها عشرات الأف اليمنيين بسبب القتال، الحرمان أو المرض.
وتشير إلى ان المسؤولين الأمريكيين يعتقدون أن إيران قد وسعت دعمها للحوثيين بشكل منتظم، مرسلةً ما قالت أنه عدد صغير من العملاء الإيرانيين إلى اليمن لتقديم المشورة لحملة المتمردين.
وتلفت إلى ان الخبراء يقولون أن أعدادًا أكبر من أفراد حزب الله اللبناني يساعدون المتمردين أيضًا.
وتكمل الصحيفة: عرضت إدارة ترامب أسلحة إيرانية واضحة تم اعتراضها أو استردادها في اليمن وحوله كدليل على أن إيران تقوم بتسليح المتمردين الحوثيين، بما في ذلك صواريخ متطورة التي تستخدم لاستهداف المملكة العربية السعودية.
وتواصل: يقول الخبراء أن التحالف بقيادة السعودية قد قلل بشكل كبير من وتيرة غاراته الجوية ضد أهداف حوثية في الأشهر الماضية في الوقت الذي أوقف فيه المتمردون اليمنيون إلى حد كبير هجماتهم الصاروخية على المملكة العربية السعودية.
وتقول: ينقسم القادة الحوثيين ما بين أولئك الذين يريدون إظهار ولائهم لإيران، وأولئك الذين يعدون منفتحين للتوصل إلى صفقة مع جارتهم الشمالية.
وتشير إلى انه وفقًا لـLong War Journal، التي تتعقب عمليات مكافحة الإرهاب الخارجية، فقد نفذت الولايات المتحدة ثمانية غارات ضد ميليشيات في اليمن في عام 2019، منخفضة من حوالي 125 غارة في عام 2017. وقد استهدفت تلك الغارات تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية والفرع المحلي من تنظيم الدولة الإسلامية.
وتستطرد: كما أن محاولة تنفيذ الضربة على شاهلاي تمثل رحيلا لمهمة البنتاغون في اليمن، التي سعت إلى تجنب التورط المباشر في القتال بين القوات الحوثية وتلك التي يدعمها التحالف بقيادة السعودية. في عام 2018، أوقف الجيش برنامجًا عملت من خلاله الطائرات الأمريكية على تزويد الطائرات المقاتلة الخليجية بالوقود في خضم انتقادات للخسائر البشرية التي تسبب بها الطلعات الجوية التابعة للتحالف.
وتخلص الصحيفة تقريرها الذي ترجمته “شرق وغرب” بالقول: لم تنفذ الولايات المتحدة من قبل أي هجمات معترف بها علنًا ضد قادة حوثيين أو إيرانيين في اليمن، على الرغم من أن قوات العمليات الخاصة قد سعت إلى تعقب الحركات الإيرانية وتعطيل التهريب المزعوم للأسلحة الإيرانية إلى داخل البلاد.