لماذا التضامن مع الشعب الكشميري المضطهد ..؟؟
هوا الأردن - كتب عمر العرموطي
نشأة يوم التضامن:
يحتفل الباكستانيون في الداخل والخارج بيوم التضامن مع كشمير في الخامس من فبراير كل عام لتجديد النضال ولتأمين حقهم غير القابل للتصرف في تقرير المصير.
فقد احتلت الهند كشمير ومنعتها من تقرير مصيرها رغم حرص الكشميريين على الإصرار على حقهم المشروع.
وحاولت الهند سحق هذه الحركة الشعبية ورفضت حكومة فاروق عبدالله التي تطالب بحق تقرير المصير وعينت جاغموهان مالهوترا سيء السمعة بسبب كتابه المعادي للمسلمين حاكما للإقليم في 19 يناير 1990.
وبعد فترة وجيزة من ذلك، انطلقت حركة الإرهاب في كشمير، وفي الـ 20 من يناير تحرشت القوات الهندية بالعديد من النساء في سرينجار خلال مداهمات للمنازل، وقد خرج آلاف الناس إلى شوارع المدينة للإحتجاج على الأعمال الوحشية، وفتحت القوات الهندية النار بشكل عشوائي على المتظاهرين في منطقة جوكادو مما أسفر عن مقتل أكثر من 50 شخص وإصابة المئات، وُأُعلن عن تسمية يوم الخامس من فبراير بـ (يوم العطاء)، وهو يوم المذبحة التي
سببت استياء الشعب الباكستاني في جميع أنحاء البلاد، ويجري الإحتفال سنوياً بهذا اليوم منذ ذلك التاريخ على مستوى الدولة، وفي هذا اليوم يتم تنظيم المؤتمرات والندوات والمظاهرات لتسليط الضوء على الجوانب المهمة في النزاع على كشمير، وبيان الإنتهاكات المستمرة والإعتدء على حقوق الإنسان الكشميري التي ترتكبها القوات الهندية، ويُرتب الباكستانيون والكشميريون في الخارج فعاليات خاصة في عواصم العالم، لتذكير المجتمع الدولي بأن حل النزاع ضروري لضمان السلم في جنوب آسيا، وفي هذا العام يتم الإحتفال على خلفية التحرك الهندي غير الشرعي وغير الدستوري في الأراضي الواقعة تحت الحصار العسكري وقطعهم الإنترنت لعدة شهور لطمس الحقائق وإخفائها.
تاريخ نزاع كشمير:
إحتلت الهند أراضي جامو وكشمير من خلال احتلال قواتها لسيرينجار يوم 27 أكتوبر 1947 في انتهاك صارخ لخطة التقسيم وضد رغبات الشعب الكشميري ذو الأغلبية المسلمة، وكان من المقرر تقسيم المستعمرة البريطانية-الهندية إلى دولتين (الهند وباكستان).
حيث كانت المناطق ذات الأغلبية الهندوسية تشكل الهند، بينما كانت المناطق ذات الغالبية المسلمة في المقاطعات الغربية والبنغال الشرقية تشكل الباكستان حسب خطة التقسيم، وتم منح الولايات الأميرية خيار الإنضمام إلى الهند أو باكستان، مع الأخذ بعين الإعتبار، الجغرافيا والديموغرافيا السكانية، حيث تضم الدولة المسلمة 87% من المسلمين، وكان المنحنى الطبيعي لذلك أن تنضم كشمير للباكستان، ولكن الهند احتلت الإقليم من خلال المطالبة بتوقيع صك الإنضمام المتحدي مع حاكم كشمير الهندوسي آنذاك مهراجا هاري سنغ، ولم يقبل الشعب الكشميري هذا الإحتلال غير القانوني وبدأ الكفاح، مما أجبر الهند على طلب مساعدة المجتمع الدولي لتسوية النزاع.
وبعد أن شعرت الهند بالهزيمة لقواتها ذهبت إلى مجلس الأمن الدولي في كانون ثاني 1948. وقد أوقفت هيئة الأمم المتحدة قرارات الغزو الهندي، ووعدت بإجراء استفتاء غير متحيز تحت إشرافها للسماح للشعب الكشميري بتقرير مصيره، ولا تزال هذه القرارات والتعهدات غير منفذة رغم انقضاء عقود عليها.
العوامل الكامنة وراء التضامن:
يعتقد الباكستانيون بهذا التضامن مع الشعب الكشميري المضطهد أنهم يقفون مع إخوانهم في الدين والثقافة والاقتصاد والطموح، وهي تعتبر حركة باكستانية بالإتجاه الصحيح لنيل الشعب الكشميري حقه، فهو جزء لا يتجزأ من الشعب الباكستاني، فهناك مئات الآلاف الذي هاجروا من كشمير إلى باكستان منذ عام 1947 بسبب العدوان الهندي، مما يدل على الارتباط العاطفي للشعب الكشميري مع شقيقه الباكستاني.
وعندما تولى جواهر لال نهرو الرئاسة في الهند عام 1965، أجاب على سؤال بقوله: "سيُصوّت الكشميريون للإنضمام إلى باكستان وسنخسرهم"، وأصدر المؤتمر الإسلامي لجامو وكشمير قراراً عام 1947، يوضح أن جامو وكشمير تعتبر جزءاً من الباكستان، وهذا قبل قيام دولة الباكستان، وكان يتردد صدى وادي كشمير من وقت لآخر في الأيام الوطنية للبلاد، في حين يعتبر الكشميريون أيام الهند أياماً سوداء.
دعم باكستان لقضية كشمير
كان قادة باكستان يمثلون دائماً الشعب الكشميري مما دفع قائد الأمة الأعظم محمد علي جناح لزيارة جامو وكشمير ثلاث مرات قبل عام 1947، وقال عن كشمير: (أنها الوريد الجلدي) لباكستان.
أما رئيس الوزراء الحالي عمران خان، فمنذ توليه منصبه في آب/أغسطس 2018، فقد أولى قضية كشمير اهتماماً كبيراً في جميع المحافل العالمية، ففي الأمم المتحدة تحدث عن محنة الشعب الكشميري خاصة بعد الخامس من أغسطس، وأعلن قائد الجيش اللواء قمر باجوا قوله: "سنلتزم تجاه كشمير حتى آخر طلقة وآخر جندي وستذهب باكستان إلى أبعد حد لدعم الشعب الكشميري المضطهد".
ثورة كشمير وإرهاب دولة الهند:
إستنفذت الهند جميع مواردها خلال عقود سبعة لكنها فشلت فشلاً ذريعاً في تخويف الشعب الكشميري وإخضاعه وقمعه واستشهد 95471 كشميري، وترملت 22109 إمرأة ويتم 107708 طفل وتعرضت للتحرش والإغتصاب 111775 إمرأة كشميرية، واختفى الكثير من الشباب في مقابر جماعية، مما أثار مخاوف كثيرة بشأن سلامتهم.
الانتفاضات الجماعية:
أقام الكشميريون انتفاضات جماهيرية بالآلاف في الأعوام 2008 و2009 و 2010 و 2016 وتعرض الجنود وأفراد الشرطة الهنود للمتظاهرين السلميين باستخدام الأسلحة المفرط والقوة الغاشمة مما أسفر عن مقتل العديد منهم أو موتهم جوعاً، ومنها القتل خارج نطاق القضاء، كزعيم الشباب برهان واني في يوم 8 يوليو 2016، وقتل المئات كما تسببت بإصابة 28 ألف شخص خلال إطلاق الكريات والرصاص وقذائف الغاز المسيل للدموع خلال هذه الفترةـ، وقد عانى أكثر من 10300 شخص من إصابات الحبيبات وفقد 147 منهم بصرهم في كلتا عينيه، و215 في عين واحدة، ومع ذلك فشلت هذه الوحشية في قمع الشعب الكشميري.
هجوم الهند في الخامس من آب/أغسطس 2019
في عام 2019 وفي الخامس من آب، عرّضت حكومة مودي السلام في المنطقة للخطر من خلال إلغاء المادة 370 من الدستور الهندي التي منحت وضعاً خاصاً لجامو وكشمير وضمها للهند، بعد إلغاء المادة 370، ووضعت نيودلهي الأراضي المحتلة تحت قيود صارمة واحتجزت الملايين في منازلهم في كشمير المحتلة لإحداث تغيير في التركيبة السكانية، وأظهر شعب كشمير استياءً قوياً من هذه الخطوة من خلال تنظيم مظاهرات حاشدة في جميع البلاد، وأبرزت الحكومة الباكستانية بشكل فعال معاناة الشعب الكشميري في العديد من المنتديات ومن خلال الاتصال بقادة العالم.
قلق العالم
الوضع الكئيب في كشمير وعقب تحرك "أوست 5" الهندي في مجلس الأمن ولأول مرة منذ 50 عاماً من أجل انعقاد جلسة خاصة لمناقشة الأمر، حيث تم رفض مطالبة الهند بأن كشمير هي شأن داخلي، وكانت تدفع عن حقيقة أن كشمير نزاع معترف به دوليا، وأعرب زعماء ومنظمات عالمية بما في ذلك الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس، والمفوض السامي لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة ميشيل باشيليت والنواب الأمريكيون والاتحاد الأوروبي ومنظمة التعاون الإسلامي ومنظمة العفو الدولية و"هيومن رايتس ووتش" عن قلقهم إزاء الوضع الخطير لحقوق الإنسان، وعرض رئيس الأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس ورئيس الولايات المتحدة الأمريكية دونالد ترامب الوساطة لتسوية النزاع في كشمير، وحتى من الشعب الهندي مثل قادة المعارضة أمثال راهول غاندي وتشيدامبارام ، وساشي ثارور، وبريانكا غاندي، وسيتارام يشوري، و د. رجا، وشاراد ياداف، ومانوج جا، والصحفيون بارخا دات ونيروباما سوبرامانيان، بالإضافة إلى الحائزين على جائزة نوبل أمثال الدكتور أمارتيا سين، ممن انتقدوا فرض الحصار وقطع الاتصالات عن كشمير المحتلة.
الخلاصة
ليس هناك من ينكر حقيقة أن جامو وكشمير نقطة اشتعال، فالخصمان يمتلكان السلاح النووي والموقف خطير. والاحتفال بيوم التضامن في كشمير ما هو إلا رسالة واضحة للهند مفادها أنه يتعين عليها الاعتراف بحق الكشميريين في تقرير المصير حسب قرارات الأمم المتحدة، مطالبين الأمم المتحدة بتنفيذ قراراتها من أجل إيجاد حل سلمي للنزاع.
كتب هذا التقرير ميديا سيرفيس، إسلام أباد، وعنوانه الإلكتروني
Razamalik849@yahoo.com