الوزير الاسبق تيسير الصمادي يوضح حيثيات إقالة مدير الإحصاءات العامة
أوضح الوزير الاسبق تيسير الصمادي حول حيثيات احالة مدير عام الاحصاءات العامة قاسم الزعبي الى التقاعد.
وقال الصمادي في منشور له عبر فيسبوك بدأه بكلمة "توضيح بلا تلميح!"، إنه لم يعد خافيا على المتابعين والمراقبين رغبة بعض أعضاء الفريق الاقتصادي بتجميل بعض البيانات أو حتى حظر نشرها.
وبين الصمادي، أن أي محاولة لدفع دائرة الاحصاءات العامة للقيام بتزويد البيانات "الإفرادية" التي تم جمعها من خلال بعض المسوحات الإحصائية لأي جهة، عامة أو "خاصة"، تمثل سابقة بالغة الخطورة تخالف نص القانون بشكل لا يقبل اللبس.
واضاف، "تستحق دائرة الإحصاءات كل الشكر والتقدير إذا صح ما يتناقله بعض المتابعين عن تصديها لمثل هذه المحاولات ورفضها جملة وتفصيلا".
واعرب عن استهجانه حدوث ذلك قائلا: "من الغريب فعلا أن يحدث ذلك في ظل حكومة النهضة التي جعلت من سيادة القانون محورا رئيسيا من محاور برنامجها النهضوي!".
وتاليا منشور الصمادي:
إشارة إلى ما نشرته على هذه الصفحة، يوم الثلاثاء الماضي، من تساؤلات حول حيثيات "إنهاء خدمات" مدير عام الإحصاءات، وفي ضوء عدم صدور أي تصريح حكومي رسمي حول أسباب ذلك القرار، فقد أصبح لزاما علي توضيح ما ذكرته في المنشور المذكور، وعلى النحو التالي:
أولا، على خلاف ما ذكره البعض فإن ما كتبته لم يتضمن أي تهديد لأي جهة كانت؛ فما طالبت به، بكل بساطة، كان توضيحا رسميا لخلفيات ذلك القرار، مع إعطاء الحكومة وقتا كافيا للرد، ولكن دون جدوى! وهنا لا بد من الاشارة إلى مكالمة هاتفية جرت بيني وبين وزير التخطيط والتعاون الدولي، د. وسام الربضي، مساء اليوم الذي ظهر فيه المنشور؛ حيث جاءت تلك المكالمة بمبادرة مشكورة من معاليه.
وقد أوضحت لمعاليه المقصود مما جاء في المنشور، دون التطرق للتفاصيل. ومن جانبه أشار معاليه إلى بعض الحيثيات التي وافقته عليها، مع تأكيدي له بأنه لم يكن مقصودا بما جاء بالمنشور مطلقا.
ثانيا: لا بد التأكيد أن ما كتبته لم يكن دفاعا عن مدير عام الاحصاءات، رغم إحترامي وتقديري له ورغم الصداقة التي جمعتنا منذ أن عملنا سويا في دائرة الأبحاث في البنك المركزي. فأنا شخصيا كان لي ملاحظات على أداء دائرة الإحصاءات، وقد دأبت على مناقشتها مع عطوفته بكل صراحة ووضوح، حيث كان يتقبلها بكل رحابة صدر. أما المنشور فقد كان هدفه الدفاع عن استقلالية الدائرة وعدم التدخل في عملها بما يخالف القانون، أو بما يحيدها عن رسالتها وواجبها بنشر البيانات حول المؤشرات الإقتصادية والإجتماعية.
ثالثا: لم يعد خافيا على المتابعين والمراقبين رغبة بعض أعضاء الفريق الاقتصادي بتجميل بعض البيانات أو حتى حظر نشرها! ولعل أبرز الأمثلة على ذلك منع نشر جزء من البيانات المتعلقة بخط الفقر؛ وهو ما يخالف نص وروح "قانون ضمان حق الحصول على المعلومات"؛ علما بأن توفير مثل هذه البيانات مهم جدا لصناع القرار والباحثين والأكاديميين وحتى المواطنين على العموم، ناهيك عن تشكيل لجنة لإعادة النظر في بيانات الناتج المحلي الإجمالي؛ وتحديدا بحث آلية زيادة قيمة الناتج بنسبة معينة من حجم القطاع "غير المنظم". ومن المعروف أن هذا التعديل سيؤدي إلى "انخفاض صوري" لنسب العديد من المؤشرات إلى الناتج، ومنها الدين العام وعجز الموازنة العامة!
وفي هذا المجال لا بد من الإشارة هنا إلى بدء وزارة المالية بنشر حجم ونسبة الدين العام بدون الدين الحكومي العائد لصندوق إستثمار أموال الضمان الإجتماعي! أي أن الفريق الاقتصادي، أو بعض اعضاءه، يسعون جاهدين إلى تخفيض نسبة الدين العام للناتج المحلي الإجمالي من خلال تصغير البسط تارة، ومن خلال تضخيم المقام، تارة أخرى، أو من خلال الأمرين معا؛ وهو ما ينفعهم بشكل أكبر في تحقيق بعض الإنجازات "الورقية والافتراضية" التي تميزت بها هذه الحكومة عن سابقاتها!
رابعا: إدراكا منه لأهمية الحفاظ على سرية البيانات "الإفرادية" التي تقوم دائرة الإحصاءات بجمعها، وقصر إستخدامها على إعداد المؤشرات المختلفة التي تدخل ضمن مهام الدائرة، فقد أكد قانون الإحصاءات العامة، رقم (١٢) لعام ٢٠١٢، على ضرورة الحفاظ على سرية البيانات "الإفرادية" بكل السبل الممكنة.
كما نص القانون على عقوبات تصل إلى الحبس لمدة سنة إلى جانب غرامات مالية، تطال كل من يخالف ذلك (أنظر المادتين (١٥ و ١٦ لمزيد من التفصيل). وبالتالي فإن أي محاولة لدفع الدائرة للقيام بتزويد البيانات "الإفرادية" التي تم جمعها من خلال بعض المسوحات الإحصائية لأي جهة، عامة أو "خاصة"، تمثل سابقة بالغة الخطورة تخالف نص القانون بشكل لا يقبل اللبس!
وتستحق دائرة الإحصاءات كل الشكر والتقدير إذا صح ما يتناقله بعض المتابعين عن تصديها لمثل هذه المحاولات ورفضها جملة وتفصيلا.
ومن الغريب فعلا أن يحدث ذلك في ظل "حكومة النهضة" التي جعلت من سيادة القانون محورا رئيسيا من محاور برنامجها النهضوي!
وهذا يذكرني بمحاولة بعض الوزراء التدخل بآلية عمل دائرة الموازنة العامة قبل حوالي عامين؛ الأمر الذي دفع مديرها العام السابق إلى تقديم استقالته بعد أن قال عبارته الشهيرة "لن أقبل بأن تصبح هذه الدائرة مجرد صندوق بريد"، وبعدها خرج الرئيس الرزاز بتصريحات توحي بأن تلك الاستقالة قد جاءت لعدم تقبل المدير المستقيل للمنهجية "النوعية" الجديدة التي سيتم اعتمادها في إعداد الموازنة؛ وكانت النتيجة أن موازنة العام ٢٠١٩ استحقت، بكل جدارة، المرتبة الأولى في قائمة الموازنات العامة الأكثر سوءا في تاريخ الموازنات الأردنية؛ من حيث التباين الشديد بين تقديرات الإيرادات والنفقات وبين بيانات إعادة التقدير الأمر الذي رفع قيمة العجز المالي بنسبة صاروخية!