التنمر والعنف الإلكترونيان يلاحقان مترشحات للانتخابات النيابية
هوا الأردن -
بسبب صورة لها نشرتها مرفقة مع بيانها الانتخابي، تعرضت مترشحة للبرلمان في إحدى القرى، لتنمر إلكتروني تمثل بتعليقات قاسية انتقدت شكلها وطريقة لبسها، في حين تعرضت مترشحة أخرى لتحرش إلكتروني بعد نشرها صورتها أيضا، وقبل ذلك تعرضت مترشحة "كفيفة” للتنمر أيضا بسبب إعاقتها.
تقرير صدر مؤخرا عن مركز "قلعة الكرك” للاستشارات والتدريب، أكد تعرض المترشحات للسخرية والتهديد والضغوط العامة للانسحاب من الانتخابات، فضلا عن معاناتهن من الافتقار إلى الاستقلال المالي، الأمر الذي يفرض عليهن تحديات كبيرة في تمويل أنشطة الحملات عند المقارنة مع نظرائهن من الذكور.
وقال التقرير، "بالرغم من أنه لدى الهيئة المستقلة للانتخابات سياسات وآليات لحماية المسؤولين عن العمليات الانتخابية من العنف، إلا أنه لا يوجد سياسات محددة فيما يتعلق بالعنف القائم على النوع الاجتماعي تجاه الموظفات والعاملات في الانتخابات”.
وأكد، أن "التخفيف من العنف المرتبط بالانتخابات يتطلب استراتيجيات لتوفير حقوق اقتصادية متساوية، وحماية ضحايا العنف المنزلي والأسري والانتخابي، وتوفير الموارد للنساء للمشاركة المستقلة في الحياة العامة”.
التقرير استند الى إجراء مقابلات مع 128 سيدة من 12 محافظة ودوائر البدو الانتخابية الثلاث و40 مسؤولة سابقة في العملية الانتخابية و88 مترشحة سابقة في الانتخابات البرلمانية والبلدية السابقة، وخلص إلى أن "مجموعتي النساء من المترشحات، والمسؤولات عن العملية الانتخابية اللواتي تمت مقابلتهنّ تتفقان على أن العنف الانتخابي ضد المرأة موجود في الأردن، حيث تعززه التقاليد الثقافية التي تسمح لأرباب الأسر الذكور بحرمان المرأة من استقلاليتها للمشاركة على قدم المساواة ناخبات ومترشحات في العملية الديمقراطية”.
ويشدد التقرير على أن "شكل مهم من أشكال العنف ضد المرأة هو الترهيب والإكراه على خيارات التصويت للنساء، في حين تعتقد 86.4 % من المترشحات السابقات أنه يتم منع النساء من التصويت أو إكراههن على التصويت بطريقة معينة، وتعتقد 77.5 % من مسؤولات الانتخابات السابقات بذلك أيضاً”.
نائب رئيس جمعية الحقوقيين، المحامية نور الإمام، تبين أن ظاهرة التنمر ضد بعض المترشحات، هي شكل من أشكال العنف الموجه ضد النساء وتمييز ضد المرأة من قبل فئة من المجتمع، تتطلب أن تكون المرأة "سوبر وومن” لكي تنال الثقة ولا توجه سهام النقد ضدها.
وبحسب الإمام، يشتمل هذا التنمر على عنف معنوي ولفظي يتضح في تعليقات بعض الأشخاص على مواقع التواصل الاجتماعي، بهدف النيل من كرامة بعض المترشحات من خلال استخدام ألفاظ تضعف من الهمة والعزيمة وتقلل الشأن وتنتقد الصور الفوتوغرافية باستهزاء وتوسمها بأوصاف مسيئة.
وقالت: "يعاقب قانون الجرائم الإلكترونية في المادة 11 منه، "كل من قام قصدا بإرسال أو إعادة إرسال أو نشر بيانات أو معلومات عن طريق الشبكة المعلوماتية أو الموقع الإلكتروني أو أي نظام معلومات تنطوي على ذم أو قدح أو تحقير أي شخص بالحبس مدة لا تقل عن ثلاثة أشهر وبغرامة لا تقل عن 100 دينار ولا تزيد على ألفي دينار”.
وتمنت الإمام على المشرع الأردني مستقبلا، "أن يحذو حذو المشرع المصري في تعريف التنمر الذي عرفه وميزه عن الذم والقدح والتحقير بألفاظ وتجريم أوضح للأفعال التي تشكل جريمة التنمر، حيث صادقت مصر في شهر أيلول (سبتمبر) من هذا العام على تعديل قانون العقوبات لمواجهة ظاهرة التنمر بأن أضافت إلى القانون تعريف التنمر بأنه استعراض للقوة أو السيطرة للجاني، واستغلال لضعف أو حالة تسيء للمجني عليه، كذلك الجنس، والدين، والعرق، والأوصاف البدنية، والحالة الصحية أو العقلية أو المستوى الاجتماعي، وتضمنت المادة أن استغلال كل ما سبق بقصد التخويف أو السخرية أو التقليل من الشأن أو الإقصاء عن المحيط الاجتماعي يعاقب عليه بالحبس والغرامة”.
برنامج "عين على النساء” الذي تنفذه جمعية تضامن النساء، يؤكد أن الانتخابات البرلمانية لمجلس النواب التاسع عشر تعتمد بشكل كبير على وسائل التواصل الاجتماعي في الدعاية الانتخابية بسبب تداعيات جائحة كورونا والقيود المفروضة على التجمعات، وحظر التجول نهاية كل أسبوع، وهنا يبرز التساؤل عن احتمالية ارتفاع حالات العنف الإلكتروني الممارس ضد النساء المترشحات والنساء الناخبات، حيث أفادت دراسة حديثة بأن النساء العربيات السياسيات عانين من عنف إلكتروني وكان الأعلى بين جميع أنواع العنف الممارس ضدهن.
دراسة "العنف ضد النساء في السياسة: البرلمانيات العربيات نموذجاً”، والتي نفذتها شبكة البرلمانيات العربيات للمساواة "رائدات”، وأعلنت نتائجها نهاية العام 2019، أفادت بأن 79.6 % من إجمالي عينة الدراسة تعرضن لواحد أو أكثر من أنماط العنف الممنهج. وشملت الدراسة 216 برلمانية من 15 دولة عربية (21 برلمانية من الأردن)، 43.8 % منهن برلمانيات حاليات و56.2 % برلمانيات سابقات.
ويشير برنامج "عين على النساء”، إلى أن أكثر أنواع العنف انتشاراً بين البرلمانيات كان العنف النفسي 76.2 %، تلاه العنف الاقتصادي 34.3 % والعنف الجسدي
6.6 % والعنف الجنسي 5.7 %، فيما تعرضت
47.1 % منهن إلى العنف اللفظي المميز جنسياً، و32.9 % تعرضن للتهديد بالخطف أو القتل أو الاغتصاب أو الإيذاء الجسدي.
47.1 % منهن إلى العنف اللفظي المميز جنسياً، و32.9 % تعرضن للتهديد بالخطف أو القتل أو الاغتصاب أو الإيذاء الجسدي.
وتصدر الذكور قائمة مرتكبي العنف ضد البرلمانيات وبنسبة 47 %، وكلا الجنسين بنسبة 42.2 %، فيما كانت الإناث مصدراً للعنف بنسبة 10.6 %. وحول علاقة العنف بالسلطة والقوة، فقد أظهرت النتائج بأن 31.1 % من البرلمانيات اللاتي تعرضن للعنف أفدن بأن مرتكب العنف شخصية ذات سلطة، تلاه المواطنون العاديون 30.5 % وأشخاص مجهولون 27 % والزملاء البرلمانون 23.4 % وزملاء في الأحزاب 22.8 %.
وأفادت برلمانية واحدة من كل 3 برلمانيات تعرضن للعنف بأنهن تعرضن له على وسائل التواصل الاجتماعي 32 %، تلاه وسائل الإعلام التقليدية 19.6 %، والتجمعات الانتخابية ومقرات الأحزاب 16 % لكل منهما، والشوارع 15 %، والندوات واللقاءات 12.2 %، والأسرة 11.2 % واخيراً العشيرة 7.5 %.
وأقدمت 77.8 % من البرلمانيات اللاتي تعرضن للعنف على تقديم شكوى أو إبلاغ، وتصدر الأصدقاء والعائلة 34.7 % الجهة التي اشتكين لها، تلاها المراكز الأمنية (الشرطة) وبنسبة 31.7 %، والقضاء 15 % وآخرها كان الإعلام 5.4 %، فيما لم تشتك أو تبلغ أبداً ما نسبته 22.1 % منهن.
وحول نتيجة الشكوى أو الإبلاغ، فقد أفادت 61.6 % منهن بأنه لا نتائج تذكر لهذه الشكاوى أو الإبلاغات، مقابل 28.7 % منهن أفدن بأن الشكاوى والإبلاغات حققت نتائج.
ومن ناحية الآثار المترتبة على العنف الممارس ضد البرلمانيات، فقد أفادت 47.3 % من اللاتي تعرضن له بأنهن شعرن بالخوف، و32.3 % تعرضن لضغوطات أسرية، 37.7 % حد من حريتهن في التعبير، و31.7 % حد من نشاطهن السياسي، و19.1 % منعهن عن المشاركة في الأحداث العامة، فيما انسحبت 12.5 % منهن من العمل السياسي، وحرمت 19.7 % منهن من فرص اقتصادية أو تسبب لهن بخسائر مالية، وتراجعت 13.1 % منهن عن الترشح لمنصب أو موقع سياسي، ولم يؤثر العنف بشكل مباشر على 18.5 % منهن.
ويؤكد "برنامج عين على النساء”، أهمية عدم إقصاء النساء عن الشأن العام بشكل خاص، ويدعو إلى حظر وتجريم التعرض للحريات الشخصية المكفولة في الدستور الأردني الذي نص على أن "الحرية الشخصية مصونة”، أو إطلاق الأحكام الجزافية المسيئة لهن، أو مهاجمتهن بسبب أفكارهن أو مظهرهن أو سلوكهن الشخصي ما دام في إطار المباح في المجتمع الأردني، أو نشاطهن المدني أو التطوعي أو إبداعاتهن الأدبية أو الفنية أو الفكرية، أو عملهن السياسي أو الإعلامي أو غيره.
وطالب بـ”حماية المدافعات عن حقوق النساء وحقوق الإنسان ونشيطات المجتمع المدني والمنخرطات في الحياة العامة من أي مساس بحقوقهن أو بسلامتهن أو بسمعتهن وأخلاقهن في مواجهة ما يتعرضن له. فالنساء يسعين الى المساهمة وبشكل فاعل في بناء الدولة المدنية الديمقراطية العصرية المنتجة، دولة القانون والمؤسسات الكافلة لحق الإجتماع والتجمع والتنظيم والحريات الشخصية والإعلامية والأكاديمية، دولة العلم والمعرفة والتقدم، دولة العدالة الاجتماعية، دولة تُعلي قيم العمل والإنتاج والإبداع وتعزز التنوع والتعددية الثقافية والسياسية والفكرية، دولة تكفل الحق في الاختلاف وتعزز أسس الحاكمية الرشيدة وتضمن حقوق الشعوب في المراقبة والمساءلة والمحاسبة”.