الأردن يحيد اقتصاده عن كورونا ويدفع عجلة النمو الاقتصادي في 2020
هوا الأردن - عرار الشلول
يحرص الأردن على احتواء تداعيات فيروس كورونا المستجد في العام 2020 عبر جملة إجراءات صحية واقتصادية صارمة؛ ترمي إلى المحافظة على صحة الإنسان، وتحييد عجلة النمو الاقتصادي عن تبعات كورونا، منذ سريان محددات طالت شتى مناحي الحياة منتصف آذار منعا لانتشار الفيروس في البلاد.
وتتصدر التوجيهات الملكية السامية التي أكدت أن أولوية التعامل مع جائحة كورونا، هي صحة المواطن وسلامته، والاستمرار في حماية الاقتصاد الوطني، وخطط وبرامج العمل للسلطات الثلاث؛ التشريعية والتنفيذية والقضائية، في التعامل مع تداعيات فيروس كورونا، في وقت تكبح فيه الحكومة جماح كورونا عبر سلسلة إجراءات اقتصادية لتجنيب البلاد من آثار جائحة الأقسى عالميا منذ سنين.
وأعلنت الحكومة عن العمل بقانون الدفاع رقم 13 لسنة 1992 بعد بضعة أيام من إقرار إجراءات وقرارات اتخذتها للتعامل مع الفيروس منتصف آذار الماضي، نظرا للظروف الطارئة، وإعلان منظمة الصحة العالمية انتشار الوباء ولمواجهته على المستوى الوطني وحماية السلامة العامة في جميع أنحاء المملكة.
ووفقا لرصد وكالة الأنباء الأردنية (بترا)، صدر بموجب قانون الدفاع 24 أمر دفاع، اختص نصفها بمعالجة ما يطرأ من تحديات اقتصادية متنوعة نتيجة لظهور كورونا، في حين كرست قرارات البنك المركزي الأردني نفسها كلقاح اقتصادي مع أوامر الدفاع ينجي الناس من براثن الجائحة، عدا عن إجراءات صحية واقتصادية محكمة شملت القطاعات التي توقفت بفعل كورونا.
وسارع أول أوامر الدفاع الصادر في 19 آذار إلى إيقاف العمل بأحكام قانون الضمان الاجتماعي رقم 1 لسنة 2014 وتعديلاته، وعدد من الأنظمة والتعليمات ذات الصلة، وجرى تعليق تطبيق تأمين الشيخوخة لآذار ونيسان وأيار لعام 2020 للعمال الخاضعين لأحكام قانون العمل في منشآت القطاع الخاص، مع استثناءات وبنود تنظم تطبيقه بما يصب في مصلحة المواطنين اقتصاديا في ظل نفاذ أحكام القانون.
وأنشئ في 30 آذار صندوق "همة وطن" عبر أمر الدفاع رقم 4 لدعم المجهود الوطني لمكافحة وباء كورونا ومواجهة آثاره الاقتصادية والاجتماعية، ولدعم الجهود الحكومة لمواجهة تلك الظروف، مع استمرار حساب الخير لصالح الأسر الفقيرة والمحتاجة لدى وزارة التنمية الاجتماعية وحساب تبرعات وزارة الصحة لدى البنك المركزي الأردني في تلقي التبرعات المقدمة لكل منهما.
وجاء أمر الدفاع رقم 6 في 8 نيسان لتقليل الآثار الاقتصادية السلبية على المشغلين وشركات القطاع الخاص والعاملين فيها في ظل حظر التجول المفروض لحماية الأردنيين، ولتمكين الاقتصاد من استعادة عافيته بعد انتهاء الأزمة الحالية، وحماية حقوق العمال وأجورهم.
وصدر منتصف شهر نيسان أمر الدفاع رقم 9 لضمان الاستقرار المعيشي والوظيفي للعمال وإدامة عمل القطاع الخاص حماية للاقتصاد الوطني، ولتكريس مفهوم التضامن والتشاركية والتكافل بين مؤسسات القطاع العام والخاص والأفراد، ولمساندة القطاع الخاص في تحمل الالتزامات المترتبة عليه بمقتضى أمر الدفاع رقم 6، واستحدثت بموجبه برامج التضامن والمساندة.
ومدد أمر الدفاع رقم 10 في 30 نيسان تقديم إقرارات ضريبة الدخل، وتوريد الضريبة المقتطعة، وتقديم البيانات الضريبية خلال العطلة الرسمية المقررة أثناء العمل بقانون الدفاع حتى 30 حزيران الماضي.
وفي 14 حزيران، أصدر رئيس الوزراء أمر الدفاع رقم 13 لدعم القطاعات المتضررة بسبب الجائحة وتحديدا القطاع السياحي، ولمساعدته على تأمين السيولة النقدية وتخفيف الأضرار الواقعة عليه حتى يتمكن من استعادة عافيته.
وبعد يوم واحد فقط، صدر أمر الدفاع رقم 14 كاستكمال لإدامة عمل القطاع الخاص حماية للاقتصاد الوطني، ومساعدته على تحمل الأعباء المترتبة عليه خاصة ما يتعلق بالقطاعات والأنشطة الاقتصادية الأكثر تضررا ولدعم مرحلة التعافي، ولاستحداث برامج الحماية والتمكين التي استفادت منها منشآت القطاع الخاص وعاملوها.
وصدر أمر الدفاع رقم 15 في 9 آب استكمالا لمبادرات المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي لدعم مرحلة التعافي الاقتصادي واستدامة القطاع الخاص، وتخفيفا للأعباء المالية المترتبة على المنشآت والأفراد في القطاع الخاص، والمتضمن تقسيط أو إعادة جدولة المبالغ المستحقة عليهم بنسب متفاوتة والحصول على إعفاءات مجزية من فوائد التأخير والغرامات.
وفي الأول من تشرين الأول الماضي، وسعت الحكومة شريحة المؤمن عليهم والمنشآت المستفيدة من أوامر الدفاع 9 و 14 و 15 عبر إصدارها أمر الدفاع رقم 18.
وفوض رئيس الوزراء في 15 تشرين الثاني وزير الصحة بوضع اليد على أي مستشفى كليا أو جزئيا ومحتوياته وتكليف إداراته والعاملين فيه بالاستمرار بتشغيله لاستقبال مرضى وباء فيروس كورونا المحولين من وزارة الصحة فقط، ووضع تسعيرة لعلاج مرضى كورونا الذين يعالجون على نفقتهم في المستشفيات الخاصة عبر إصدار أمر الدفاع رقم 23 لمواجهة تفاقم انتشار وباء فيروس كورونا، ولضمان توافر العناية الصحية للمصابين.
وحرصت الحكومة على استقرار العمالة الأردنية في القطاع الخاص والمحافظة عليها، وتخفيف الأعباء الاقتصادية المترتبة على منشآت القطاع الخاص التي تأثرت بالجائحة، ومساندة العاملين في القطاعات والمنشآت الأكثر تضررا بها والقطاعات والمنشآت غير المصرح لها بالعمل، إذ أصدر رئيس الوزراء أمر الدفاع رقم 24 الذي استمر معه العمل والتوسع في تنفيذ برامج؛ مساند، تمكين اقتصادي، حماية المنصوص عليها في أوامر الدفاع 9 و 14.
وأعاد أمر الدفاع 24 الذي طوت به الحكومة أوامر الدفاع للعام 2020، العمل بتأمين الشيخوخة وفق آليات ومدد تحددها المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي، كما أنشئ بموجبه برنامج "استدامة" الذي تستفيد منه عدد من القطاعات والمنشآت الاقتصادية.
وفي ضوء التطورات العالمية المتسارعة الناتجة عن أثر كورونا، وما يشكله من تحديات للاقتصاد الوطني، قرر البنك المركزي اتخاذ حزمة من الإجراءات الاحترازية بهدف احتواء التداعيات السلبية للفيروس على أداء الاقتصاد المحلي.
وشملت إجراءات البنك تأجيل أقساط التسهيلات الائتمانية، وتخفيض أسعار الفائدة، وضخ سيولة إضافية للبنوك بمبلغ 1050 مليون دينار، إضافة إلى خفض كلف تمويل برنامج البنك لتمويل ودعم القطاعات الاقتصادية التنموي، كما أجل الأقساط والفوائد المستحقة كافة ضمن البرنامج حتى نهاية شهر حزيران، والطلب من البنوك إعادة جدولتها بالاتفاق مع عملائها.
ودعم البنك الشركات الصغيرة والمتوسطة بمبلغ 500 مليون دينار ضمن برنامج تمويلي ميسر لدعم الشركات الصغيرة والمتوسطة وبكفالة الشركة الأردنية لضمان القروض والتي تبلغ حصة البنك المركزي فيها 45 بالمئة، إذ امتاز البرنامج بكلف متدنية للقروض لا تتجاوز 2 بالمئة، ومستوى ضمان 85 بالمئة مقارنة مع 70 بالمئة للبرامج العادية، وفترة سماح تصل إلى سنة.
وخفض البنك المركزي عمولات ضمان القروض وزيادة تغطية برنامج ضمان المبيعات المحلية والصادرات، كما أجل الأقساط والفوائد المستحقة على مؤسسة الإقراض الزراعي، إلى جانب إجراءات خاصة للتعامل مع الشيكات وتسويتها.
وأعاد الأردن في 8 أيلول تسيير الرحلات الجوية المنتظمة عبر مطار الملكة علياء الدولي استنادا إلى ضوابط وشروط تضمن السلامة العامة والوقاية والاحتراز، بعد تعليق جميع الرحلات الجوية من المملكة وإليها في 17 آذار، باستثناء حركة الشحن التجاري، في حين أعيدت الرحلات الجوية الداخلية منذ حزيران.
وأوقف في 8 نيسان العمل بمنح رخص تصدير وإعادة تصدير المواد الغذائية في إطار الاجراءات الاحترازية المتخذة للمحافظة على المخزون في ظل أزمة وباء فيروس كورونا المستجد، والتداعيات التي قد تنجم عنها، وآثارها المحتملة على الأسواق العالمية، وما يشهده العالم من تزايد انتشار الوباء وما يتبعه من إغلاقات في الأسواق العالمية والعربية، وما يلحقه من أضرار على الأسواق التجارية المحلية.
كما سمحت الحكومة في 9 نيسان للشركات بعقد اجتماعات مجالس الإدارة وهيئات المديرين الضرورية خدمة للاقتصاد الوطني وبدون موافقة مسبقة من دائرة مراقبة الشركات.
وضخت الحكومة في 16 حزيران سيولة نقدية مباشرة وغير مباشرة في القطاع السياحي تصل إلى 190 مليونا من خلال دعم قروض ميسرة، وتحفيز وتمكين السياحة الداخلية عبر تخفيض بعض الضرائب المباشرة، ودعم برامج السياحة الداخلية من خلال دعم مختلف مكونات النشاط السياحي كالنقل السياحي، ومكاتب السياحة والسفر والمنشآت السياحية المختلفة، والإقامة والفعاليات، والتوسع في برامج الحماية والمساندة الموجهة للعاملين في القطاع السياحي.
وأعلنت المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي في 27 كانون الأول الحالي عن صدور بلاغ رئيس الوزراء المتعلق بتطبيق برنامج استدامة الذي أطلقته الحكومة بالشراكة مع المؤسسة بقيمة 200 مليون دينار، وهو برنامج موجه للمنشآت غير المصرح لها بالعمل والقطاعات والمنشآت الأكثر تضررا بجائحة كورونا.
وشملت الإجراءات الرسمية للتعامل مع تداعيات فيروس كورونا وتحفيز القطاعات الاقتصادية، تعديلات حكومية في 30 كانون الأول الجاري على قانون الاستثمار لسنة 2020، بهدف تعزيز دور هيئة الاستثمار باعتبارها الجهة الوطنية المعنية بتحسين واقع البيئة الاستثمارية، والمرجع المختص في جذب الاستثمارات ورعاية شؤون المستثمرين، إضافة إلى جذب استثمارات ذات ميزة تنافسية من خلال منحها حوافز محددة.
وأولت الحكومة صحة المواطن وسلامته، والاستمرار في حماية الاقتصاد الوطني من آثار أزمة كورونا، والموازنة بينهما، جل الاهتمام للعام المقبل، وضمنت موازنتها بنودا منها إنفاق ما يلزم صحيا للحفاظ على حياة المواطن في ظل المخاطر الصحية المترتبة على جائحة كورونا، وعدم فرض ضرائب جديدة أو زيادة الحالية، وتعزيز وتطوير شبكة الأمان الاجتماعي وربطها بمنظومة التعليم والصحة والعمل، وتحسين واقع النظام الصحي ورفع جاهزيته وقدرته والارتقاء بمستوى الخدمة الصحية المختلفة، ورفع الطاقة الاستيعابية للمستشفيات وأسرة العناية المركزة.
والتزمت الحكومة بإعادة صرف الزيادة على نسبة العلاوة الإضافية المعتمدة والمقرة بموجب قرار مجلس الوزراء في 6 كانون الثاني 2020، والزيادة المقررة على رواتب ضباط وأفراد القوات المسلحة الأردنية والأجهزة الأمنية، والزيادة المقررة بموجب أحكام النظام المعدل لنظام رتب المعلمين رقم 35 لسنة 2020.(بترا)