جدل بيئي بعد قرار اقتطاع جزء من محمية ضانا
اثارت محمية ضانا الجدل في الأردن خلال اليومين الماضيين عقب اعلان الجمعية الملكية لحماية الطبيعة قرار الحكومة اقتطاع جزء كبير من المحمية بهدف استخراج النحاس، قبل ان تعلنه الحكومة.
الجمعية الملكية انتقدت القرار الحكومي مهددة بالتصعيد القانوني، معتبرة أنه كان أولى بالحكومة أن تمنح ملف البيئة أولوية قصوى في هذه المرحلة تحديداً، إلا أن القرار جاء بعكس التوقعات ويخالف الأنظمة المعمول بها..
اما نقابة الجيولوجيين فأيدت القرار بشكل كبير، مشيرة الى انها تطالب منذ سنوات بتسليط الضوء على استغلال خامات النحاس وإعداد دراسات الجدوى الاقتصادية اللازمة وتخصيص المنطقة التي يتواجد فيها النحاس بمواصفات جيدة في ضانا بهدف استكمال الدراسات لتحديد الاحتياطي المتوقع.
وقالت إنها تقف الى جانب قرار مجلس الوزراء الاخير بخصوص تعديل حدود محمية ضانا ذات الثروات الطبيعية بغرض استثمار خامات النحاس.
بدورها نفت الجمعية الملكية لحماية الطبيعة وجود أي دليل علمي أو دراسة محايدة وعلمية تؤكد وجود كميات من النحاس في المنطقة.
أما محمية ضانا فهي أكبر محمية طبيعية في الأردن بمحافظة الطفيلة، تأسست عام 1989، وتتجاوز مساحتها 300 كم2 من المناظر الخلابة والتضاريس المتعرجة التي تواجه حفرة الإنهدام.
وتمتد المحمية على سفوح عدد من الجبال من منطقة القادسية التي ترتفع أكثر من 1500 متر عن سطح البحر وتنخفض إلى سهول صحراء وادي عربة، وتتخلل جبال المحمية بعض الوديان التي تتميز بطبيعتها الخلابة، وتتنوع التركيبة الجيولوجية ما بين الحجر الجيري والجرانيت.
وضانا هي المحمية الوحيدة في الأردن التي تحتوي الأقاليم الحيوية الجغرافية الأربعة: إقليم البحر الأبيض المتوسط، الإقليم الإيراني الطوراني، إقليم الصحراء العربية، والإقليم السوداني، ولذلك فهي أكثر المناطق تنوعاً في الأردن من ناحية الأنظمة البيئية والأنماط النباتية مثل نمط العرعر ونمط البلوط دائم الخضرة ونمط نبت الكثبان الرملية ونمط النبت السوداني وغيرها العديد، وتتميز بأنها موئل ما تبقى من غابات السرو الطبيعية المعمرة.
وتحتضن المحمية أكثر من 800 نوع نباتي، ثلاثة من هذه الأنواع لا يمكن إيجادها في أي مكان في العالم سوى محمية ضانا كما أن أسماء هذه النباتات باللغة اللاتينية تشتمل على كلمة ضانا.
ومحمية ضانا هي موطن للعديد من أنواع الطيور والثديات المهددة عالميا، مثل النعار السوري، والعويسق، الثعلب الأفغاني، والماعز الجبلي.
وتعتبر المحمية من أفضل الأماكن في العالم والتي تدعم تواجد النعار السوري، كما تدعم وجود وتكاثر صقر العويسق.
ويوجد في المحمية (656) نوعاً من الحيوانات منها (200 - 300) نوع من الحيوانات اللافقارية، ونوعين من البرمائيات، و39 نوعاً من الزواحف، منها أربعة أنواع مهددة بالانقراض كالحرباء والضب والورل والسلحفاة اليونانية، ويتراوح عدد الطيور في الأردن عمومًا ما بين 400 و430 نوعاً تتبع 20 رتبة و55 عائلة معظمها مهاجرة، وتمَّ تسجيل 209 انواع طائر في ضانا فقط منها 33 نوعًا لها أهمية عالمية.
وقالت الجمعية الملكية إن محمية ضانا للمحيط الحيوي أصبحت تعتبر من أهم المقاصد للسياحة البيئة حيث يعمل بها 85 موظفا من أبناء المجتمع المحلي في حين يستفيد من وجودها 200 عائلة بشكل غير مباشر من خلال شراء حاجيات المحمية من المجتمع المحلي واستخدام مركباتهم للتنقل وغيرها من أشكال الاستفادة غير المباشرة، كما أن قيمة منفعة المجتمع المحلي السنوية المتأتية من محمية ضانا بلغت 2.370 مليون دينار أردني، بالإضافة لوجود خطة لتطوير السياحة في المحمية لتحقيق أكبر فائدة ممكنة تصب بشكل مباشر في مصلحة المجتمع المحلي.
واختيرت ضانا مؤخرا من قبل مجلة "تايم" الأميركية العريقة، ضمن أفضل الوجهات العالمية التي تستحق الزيارة في عام 2021.
وتضم المحمية بيت الضيافة ومخيم الرمانة للسياحة البيئية ونُزل فينان البيئي الذي يقع ضمن نطاق المحمية، واعتبرت الجمعية أن تميز التنوع الحيوي في المحمية إرث وطني لا يمكن التفريط به، بل سيعكس صورة سلبية جداً عن الأردن في حال عدم الاكتراث لكل هذه القيم المقدرة على الصعيد الدولي وفي كل محافل المحافظة على التنوع الحيوي.
بدوره مجلس محافظة الطفيلة قال إن التنقيب عن النحاس والمنغنيز في ضانا فتح باب الامل في ايجاد استثمارات بقطاع التعدين، الذي من شأنه تحريك العجلة الاقتصادية، وتحقيق النمو وزيادة فرص التشغيل في محافظة بلغت نسبة البطالة فيها 28%.