استطلاع: 60% من الأردنيين متفائلون بتحالف الشام الجديد
خَلُصَ إستطلاع للرأي العام الأردني إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة العربية السعودية هما الأكثر أهمية للأردن. إذ وضعَ الأردنيون هاتين الدولتين بالمركزين الأول والثاني تبادلياً كأكبر داعم إقتصادي للأردن وكأقرب حليف للأردن خلال ثلاثة استطلاعات (2018، 2019، 2021). الاستطلاع الذي نَفَّذَته نماء للاستشارات الاستراتيجية بالتعاون مع مؤسسة كونراد اديناور على عينة احتمالية عنقودية طبقية عشوائية-منتظمة ممثلة لشرائح المجتمع كافة وبهامش خطأ 2.5% ونسبة ثقة 95% من 1223 مستجيب في الفترة بين 4-14 ايلول 2021، وهو الجولة الثالثة من أحد مشاريع "نماء" البحثية طويلة الأمد لدراسة العلاقات الخارجية الأردنية - وموضوعات أخرى - من وجهة نظر الرأي العام الأردني بهدف فهم العلاقة بين الرأي العام واولوياته والعلاقات الخارجية للأردن مع الدول العربية والاجنبية النشطة في المنطقة.
وتَظهر الأهمية التي يوليها الرأي العام الأردني للعلاقة مع الولايات المتحدة والسعودية من خلال وصف الأردنيين للعلاقات السياسية للأردن معهما. إذ بين الاستطلاع أن أكثر من ثلثي الأردنيين يصفون العلاقات السياسية مع الولايات المتحدة بـ "جيدة جداً"، تليها السعودية ومصر 55% لكل منهما، ثم بريطانيا 54%، وتركيا 53%، وقطر 51%، والامارات 50%. وأظهر الاستطلاع كذلك أن السعودية هي البلد العربي الذي يشاركه الأردن معظم مصالح السياسة الخارجية بنسبة 35% تليها مصر 16%. وأتت الولايات المتحدة بالمرتبة الأولى بين الدول غير العربية التي يشاركها الأردن مصالح السياسة الخارجية بنسبة 63% تليها تركيا بنسبة 9% ثم بريطانيا 8%.
وبالمقارنة مع استطلاع 2019، ارتفعت نسبة الذين يرغبون بتعزيز العلاقات بين 15% - 6% نقطة مئوية (من الأعلى للأدنى) مع مصر، السعودية، الولايات المتحدة، قطر، العراق، الامارات، سورية، و بريطانيا. وإرتفعت كذلك نسبة الذين يرغبون بالحد من العلاقات مع إسرائيل من 70% عام 2019 إلى 74% الآن. وتتيح هذه الاستطلاعات امكانية مقارنة التغيرات التي طرأت على الرأي العام الأردني تجاه العلاقات الخارجية للاردن خلال الأربع سنوات 2018-2021 وتؤسس نقطة مرجعية للقياس خلال السنوات القادمة.
الأدوار الاقليمية
ويُظهر الاستطلاع كذلك ثبات نسبة الاردنيين الذين يرغبون أن يلعب الأردن "دور أكبر" عموماً في المنطقة، إذ بلغت 90% هذا العام، ولكن الاختلاف هو الارتفاع الكبير بنسبة الذين يرغبون أن يلعب الأردن "دور أكبر بكثير" في المنطقة من 44% عام 2019 إلى 73% عام 2021. وارتفعت نسبة الأردنيين الذين يرغبون أن تلعب سوريا دور أكبر في المنطقة بنحو 10.6%، و 9.7% للعراق، 8.3% لمصر، 7.3% لقطر، 3.7% للسعودية، و2.4% للامارات. وزادت نسبة الذين يرغبون أن لا يكون لإسرائيل أي دور على الاطلاق (من 57% إلى 61%)، ودور أقل (من 6% إلى 9%). وقال الدكتور فارس بريزات، رئيس مجلس إدارة نماء للاستشارات الاستراتيجية، معلقاً على هذه النقطة "أن الرأي العام الأردني عقلاني وواقعي ويسنجم مع توجهات السياسية الخارجية للأردن إلى حد كبير "وأضاف" أن التوازن والثبات على ركائز السياسة الخارجية فيما يتعلق بمصالح الاردن داخلياً وخارجياً، ونجاح الأردن بتجنب ازمات المنطقة، جعل الرأي العام الاردني يؤيد أن يلعب الأردن دور أكبر بكثير مما يلعبه الآن لأن لديه سجل من الصدقية ويمكن الاعتماد عليه نظراً لمواقفه العقلانية والواقعية التي تخلو من الاندفاع غير المحسوب".
تحالف الشام الجديد
نُفِّذ هذا الاستطلاع، بعد سلسلة اللقاءات وقمم التعاون بين الأردن ومصر والعراق، وكان من النتائج الملفتة أن 58% من الأردنيين يعرفون عن التعاون المشترك بين هذه الدول، وأن حجم التفاؤل بين المواطنين بهذا التعاون بلغ نحو 60%، فيما قال 23% أن هذا التعاون سينجح في دمج اقتصادات الدول الثلاثة بشكل أكبر. وترتفع نسبة التفاؤل كلما زادت نسبة المعرفة بالتعاون.
الصراع الفلسطيني – الاسرائيلي
وعلى الرغم من موقف أغلبية الرأي العام الأردني الذي يرى في الولايات المتحدة الداعم الاقتصادي الأكبر والحليف السياسي الأهم وأن العلاقات السياسة معها هي الأفضل مقارنة ببقية الدول العربية والاجنبية، إلا أن مستوى عدم الرضا عن الطريقة التي تتعامل بها الولايات المتحدة مع الصراع العربي الاسرائيلي مرتفعة جداً. إذ بغلت نسبة "غير الراضين على الاطلاق" 83% فيما كانت عام 2019 نحو 92%، و 86% عام 2004. فيما لم تتجاوز نسبة "الراضون جداً" بالمعدل 2.5% منذ 2004 وحتى 2021. وعند السؤال عن تقيمم الأردنيين للسياسة الخارجية للولايات المتحدة بشأن القضية الفلسطينية قال 78% انها منحازة لإسرائيل مقابل 3% أنها منحازة للفلسطينيين. وتعتقد الأغلبية كذلك ان السياسة الخارجية لبريطانيا وفرنسا وروسيا والاتحاد الأوروبي منحازة لإسرائيل.
وتُحمّل النسبة الأعلى من الأردنيين إسرائيل مسؤولية عدم إحراز تقدم بين إسرائيل والفلسطينيين (42%)، تليها الولايات المتحدة (25%)، الدول العربية (20%)، والفلسطينيين 4%.
حل الدولة الواحدة يتقدم
وكشف الاستطلاع أنه ولأول مرة تكون نسبة تأييد حل الدولة الواحدة هي الأعلى لدى الرأي العام الأردني (31%) مرتفعاً نحو الضعف من (16%) عام 2019. وانخفضت نسبة تأييد حل الدولتين من 46% عام 2019 إلى 27%عام 2021. وترافق مع هذا التغير انخفاض نسبة من يقولون بابقاء الامور على ما هي عليه من 25% عام 2019 إلى 15% في هذا الاستطلاع.
وفي تعليقه على هذا التحول قال الدكتور فارس بريزات رئيس مجلس إدارة نماء للاستشارات الاستراتيجية "يمكن تفسير هذا التغير تجاه حل الدولتين وحل الدولة الواحدة بعدة أسباب لعل أهمها: 1. الاحساس بخيبة الأمل من قبل الرأي العام لأن عملية السلام لم تحرز نتائج بين الفلسطينيين واسرائيل وأصبحت عملية بلا سلام. 2. لم تُظهر إسرائيل جدية في السعي نحو السلام مع استمرار بناء المستوطنات وضم الاراضي بشكل غير قانوني، 3. عدم التزام إسرائيل بالاتفاقيات الانتقالية (اوسلو) الموقعة مع الفلسطينيين مما أدى إلى ان تصبح اتفاقيات شبه دائمة ولم تعالج قضايا الوضع النهائي. 4. عدم تطبيق إسرائيل لقرارات مجلس الأمن الدولي، مجمل هذه الاسباب ساهمت بتشكيل رأي عام اردني لا يثق بنوايا اسرائيل. ولهذه التحولات تداعيات على السياسة الخارجية الأردنية التي تعتبر حل الدولتين ثابت اساسي."
اتفاقيات السلام والتطبيع
وبين الاستطلاع أن الغالبية تعارض اتفاقيات السلام واتفاقيات تطبيع العلاقات التي وقعتها دول عربية مع إسرائيل. بالمعدل، يعارض ما نسبته 80% (معارض بشدة 70% و معارض لحد ما 10%) اتفاقيات السلام بين مصر ومنظمة التحرير والأردن من جهة وإسرائيل من جهة أخرى. وتعارض ذات النسب تقريباً اتفاقيات التطبيع بين الامارات والبحرين والمغرب والسودان من جهة وإسرائيل من جهة أخرى. وعند السؤال عمّا إذا قامت السعودية بتوقيع اتفاق تطبيع كانت نسبة المعارضة هي الأعلى (73% معارضة بشدة، 11%معارضة إلى حد ما).
وقال بريزات تعقيباً على هذه النتائج: "الدول العربية تُقدم الكثير من أجل الوصول للسلام، خصوصاً أن الرأي العام غير متحمس للعلاقات مع إسرائيل، ولكن إسرائيل لا تأبه وهذا لا يخدم جهود السلام ولا يخدم الاستقرار في المنطقة."
مصادر التهديد للاستقرار
وعن الاستقرار الاقليمي، على الرغم من إنخفاض نسبة الذين يعتقدون أن منطقة الشرق الاوسط "غير مستقرة وغير آمنة" من 84% عام 2019 إلى 76% الآن، إلا أن أكثر من ثلاثة أرباع الأردنيين يعتقدون أنها غير مستقرة. وعند السؤال عن الدولة التي يعتقدالاردنيون "أنها السبب الأكبر وراء عدم الاستقرار والعنف في المنطقة"، احتلت اسرائيل المركز الأول بنسبة 54%، تلتها الولايات المتحدة بنسبة 19%، ثم إيران 6%. وعن الدولة التي تشكل مصدر تهديد أمني للاردن، احتلت إسرائيل المركز الأول بنسبة 50%، مرتفعة من 47% عام 2019 وحلت بعدها ايران والولايات المتحدة بنسبة 7% لكل منهما. وعن الصراع الذي يهدد الاستقرار الاقليمي أكثرمن غيره، احتل الصراع الفلسطيني-الاسرائيلي المرتبة الأولى بنسبة 48%، وتبعه الصراع الامريكي-الايراني بنسبة 34%، ثم الايراني-السعودي بنسبة 9%.
مع من ينبغي أن يقف الأردن؟
تُفضِل الأغلبية من الأردنيين أن يقف الأردن على الحياد في الصراعات الاقليمية والدولية. ففي الصراع السعودي-الايراني انخفضت نسبة من يرغبون أن يبقى الأردن على الحياد من 67% عام 2019 إلى 59% الآن، ولكن بين الذين يرغبون باتخاذ موقف مناصر لطرف على حساب الآخر، فإن التفضيل هو للوقوف مع السعودية ضد ايران 34% الان، مرتفعةً من 31% عام 2019، فيما 3% مع ايران.
وعلى الرغم من أن نحو 80% من الأردنيين يرغبون بأن يبقى الأردن على الحياد في الصراع بين الولايات المتحدة من جهة وكل من روسيا والصين من جهة أخرى، إلا أن الموقف، بين من يرغبون أن يتخذ الأردن موقف، يميل لصالح الوقوف مع الولايات المتحدة.
الدول ذات النفوذ بالمستقبل
يعتقد 42% من الأردنيين أن الولايات المتحدة ستكون الدولة غير العربية التي سيكون لها أقوى تأثير في الشرق الأوسط في المنطقة خلال 10 سنوات وهي ذات النسبة عام 2019. فيما ارتفعت نسبة الذين يعتقدون أن الصين هي الدولة التي سيكون لها أقوى تأثير في الشرق الأوسط من 8% عام 2019 إلى 13% الآن. وتراجعت نسب كل من تركيا من 16% عام 2019 إلى 13% الآن، وإسرائيل من 17% إلى 10%، وإيران من 6.4% إى 5%، وروسيا من 6.4% إلى 4%.