الرفوع: الأوراق النقاشية الملكية أهم مرجعية لمناقشة القضايا الوطنية

أكد الوزير الأسبق وعميد كلية الأمير حسين للدراسات الدولية في الجامعة الأردنية الأستاذ الدكتور فيصل الرفوع، أهمية الأوراق النقاشية التي اطلقها جلالة الملك عبدالله الثاني خلال السنوات الماضية، مبينا أن هذه الأوراق يجب أن تبقى مرجعية عند مناقشة العديد من القضايا الوطنية، فهي تتضمن العديد من حوافز العصف الفكري والذهني.
وقال إن جلالة الملك عبدالله الثاني يوفر الإرادة الحقيقية لإحداث الإصلاح السياسي المنشود والتنمية الشاملة المستدامة وخصوصا النمو الاقتصادي والرعاية الاجتماعية التي هي في مقدمة أولويات جلالة الملك، وقد وجه جلالته لتوفير البيئة المناسبة بما يكفل تحقيقها بمختلف أبعادها السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
وأكد أن رؤية جلالة الملك لإحداث التنمية الاقتصادية والاجتماعية الشاملة والمستدامة، تنطلق من تبنّي مَواطن القوة في المجتمع، على أساس الالتزام بالقيم، والبناء على الإنجازات، والسعي نحو الفرص المتاحة، لأن تحقيق التنمية الشاملة وبناء اقتصاد قوي يعتمدان على الموارد البشرية المتسلحة بالعلم والتدريب، والتي ستمكّن من تجاوز التحديات والمعيقات بهمّة وعزيمة وبالعمل الجاد المخلص لتحقيق الطموحات.
واضاف: إن ممارسة الأردنيين لحقوقهم الدستورية يمثل ذروة سنام الديمقراطية التي نتغنى بها ونسعى للوصول إلى مضامينها، داعيا الى تظافر كل الجهود لإنجاح العملية الإصلاحية، وسيادة القانون وإعادة هيبة الدولة، وسيادة مبدأ العدالة والمواطنة الصالحة، وهي ذروة سنام المعاني السامية لأوراق الملك النقاشية.
وقال: إن الإصلاح السياسي والاقتصادي المنشود عند معظم شعوب العالم أصبح عنوان المرحلة الراهنة فيما يتعلق بالرؤى السياسية والاقتصادية، ليس للقادة والطبقات المثقفة فحسب، بل تعدى الأمر ليكون حالة شعبية عامة، فالكل يتناولها في حديثه، والجميع يخضعها للبحث والتدقيق، بغض النظر عن المستوى العلمي والمادي والطبقي للشعوب.
واضاف: إن التنمية السياسية في بلد كالأردن، تتطلب تظافر الجهود الرسمية والشعبية، من أجل مجتمع، ليس فقط إصلاحياً، وإنما يؤمن باًلنهج الإصلاحي كمنظومة حياتية لا يمكن الاستغناء عنها؛ من أجل المساهمة في تأطير العمل الديمقراطي بطريقة يمكن أن تساهم في نقل الأردن إلى عالم الديمقراطية ورحابة فضائها.
وحول الهوية الوطنية الأردنية، قال: لقد استطاع الأردن بكل اقتدار أن يتخطى كل مزالق مفهوم الأقليات الإثنية في المجتمعات الأخرى، سواء ما كان من معايير البعد الاجتماعي أو الكمي والنفعي أو المشاعر المشتركة أو الأهمية، فالوحدة الوطنية هي الأساس وان ما عدا ذلك ما هو إلا اختلاف يؤدي إلى الضعف ثم إلى الزوال، لذا، فإن مفاصل الهوية الوطنية الأردنية، كلها تصبّ بوحدة الأمة وتوحيد الصف والهدف.
واضاف: إن المجتمع الأردني هو من المجتمعات العربية والدولية النادرة في تجانسها، حيث يمثل مجتمعا عربيا مسلماً متجانساً، بعيدا عن الصراعات الدينية والمذهبية أو الإثنية أو الاجتماعية، فهذه الصراعات تعاني منها الكثير من المجتمعات المجاورة والعديد من الدول.
وأكد أن المجتمع الأردني هو من أكثر المجتمعات العربية بل والإسلامية الذي يتسم بصحية وسلمية علاقاته البينية، ووعيه لكل المشاكل التي يمكن أن يثيرها أي تمزق عرقي أو طائفي أو فكري أو عقائدي، والفضل هنا يعود إلى مقدرة مؤسستي العشيرة والحكم على استيعاب الجميع، بعيدا عن العنف واستعراض القوة، بالإضافة إلى مقدرة الجيش العربي والأمن العام وفرسان الحق على التعامل مع كل ما يمس الأردن والأردنيين بشديد الحرص وبعد النظر والحزم إذا اقتضت الظروف بمنظار واحد ضمن إطار الهوية الوطنية الأردنية.
وقال الرفوع: إن الأردنيين يعيشون تحت نظام حكم له ميزات لم تتوفر عند معظم الأنظمة العربية وحتى الإسلامية، فالقيادة هي لآل هاشم وهذا سياق تاريخي له معاني الشرف وتوارث نسب للمواطنة الشريفة، لذا فان إمامة الجمع الإيماني تكرست في الأردن وأصبحت مدلولا دينيا يفرض على القيادة حسن الرعاية والتضحية والمساواة والعدالة، إنقاذا لحق الموروث وصيانة للمبادئ والتعاليم والقيم الإسلامية، والمحافظة على الدستور وحمايته واحترامه.
وأضاف: من نتاج هذه المرحلة في القيادة والحكم تشكلت الشخصية الأردنية على ضوء تفاعل التقارب والتعاون وأصبحت نموذجاً في التماهي بين الاعتزاز بالوطن والإيمان بالعروبة والتعلق قبل ذلك بالإسلام.
واوضح أن الإرث التاريخي والشعور بالمسؤولية العامة والاعتدال في المواقف والتصدي للضغوطات الخارجية ومواجهة الازمات الخانقة، حددت معالم الشخصية الوطنية الأردنية وصقلتها ضمن إطار من المفاهيم الجديدة وخرجت رغم صعوبة المعادلة وتعقيداتها متوازنة في الحس الوطني والقومي والديني.
وأكد أن الدولة الاردنية استطاعت انتهاج خطواتٍ تنموية فيما يتعلق بالمفهوم الحضاري للوطن وللمواطنة، كما استطاعت أن تزاوج وبكل براعة بين بعدي المشروع النهضوي الوطني الاردني والقومي العربي، كما استطاعت أن تقيم معادلة واقعية ومقبولة للعلاقة بين العروبة والإسلام.
وحول مستقبل الاصلاح السياسي في الوطن العربي، لفت الرفوع الى إن التعليم يعتبر عاملاً مهماً في حياة أي مجتمع، والأداة الأكثر فاعلية وتأثيراً في التحول والتغيير الاجتماعي، وهو الذي يساهم في تطوير ونشر القيم الأخلاقية للمجتمع، كما يعمل على صقلها وتقدمها، وتقاس عظمة أي أمة ودورها بالمستوى العلمي لمواطنيها، ونسبة التعليم بين أبنائها، ودور المرأة في مجتمعها.
واضاف: إن العديد من العلماء الغربيين والمستشرقين، عزوا في محاولاتهم لدراسة أسباب المعوقات التي وقفت حائلاً أمام تطور المجتمعات العربية وتحولاتها الاجتماعية، إلى «طبيعة الثقافة العربية - الإسلامية المحافظة»، متجاهلين عن قصد أو بدون وعي وإدراك لحقيقة الثقافة العربية- الإسلامية، والدور الذي لعبته العوامل والتحديات الخارجية في الحد من الطموح العربي للتحول الاجتماعي.
وأشار إلى إن إلقاء نظرة موضوعية ومحايدة على الحالة الاجتماعية السائدة في المجتمع العربي، ودور التعليم وانتشاره في التحولات الاجتماعية والاقتصادية التي طرأت على مجمل حياة المجتمعات العربية، يؤكد دور التعليم في التفاعل مع معطيات العولمة وقواها الضاغطة من أجل الإصلاح في الوطن العربي بجوانبه المختلفة، كما أن رصد مستويات المعرفة العلمية للمجتمع العربي، وتحليلها لقياس تأثير انتشار التعليم في صياغة طرق الحياة والتفكير المختلفة لعامة الناس في المجتمعات العربية، ودور تعاليم الإسلام في ذلك، يؤكد على الدور الحيوي للتعليم وأهميته الكامنة في مستقبل الحياة العربية.
وأكد أن التعليم يساهم في إيضاح الصورة الحقيقية للمرأة العربية، ويعزز دورها في التنمية المستدامة، وتصحيح القراءة الخاطئة لدور المرأة في المجتمع العربي والإسلامي من قبل الغرب، والتحليل السطحي للثقافة العربية والإسلامية، والإدعاء أنها «ثقافة ذكورية»، ساهمت في تراجع دور المرأة ومحدودية مساهماتها الاجتماعية والثقافية والاقتصادية في بناء مجتمعها.
وشدد على دور التعليم في التأكيد على حقوق المرأة، والرد على القراءة الغربية الخاطئة للثقافة العربية والإسلامية، من خلال النصوص القرآنية، ومنجزات المرأة العربية التعليمية والاقتصادية والاجتماعية. الراي