"البيروقراطية" تحد من إنتاج القمح والشعير لمشروع زراعي ريادي أردني في الظليل
هناك في عمق الصحراء الأردنية الشرقية، وعلى بعد نحو 20 كيلو مترا شرق بلدة الظليل في محافظة الزرقاء، يعمل مشروع زراعي ريادي على مستوى عالٍ من الجودة وحجم الانتاج، حيث يختص المشروع بإنتاج محاصيل استراتيجية وحيوية مثل القمح والشعير وأعلاف المواشي، إضافة الى أنه نهض باجتهاد شخصي وسواعد وطنية لمزارعين أردنيين على مدار سنوات طويلة من الخبرات المتراكمة في هذا القطاع.
المزارعان رائد المشاقبة وزيد القطاونة يرويان لـ عمون، قصة نجاح في قطاع يعانيان فيه صعوبات وتعقيدات كثيرة تواجه مشروعهما أوجدتها "البروقراطية" والتعليمات وضعف التسهيلات والتعاون المقدم من الجهات المعنية والمختصة في هذا القطاع المهم والحيوي.
ويقول المشاقبة، إن المشروع قائم حاليا على نحو 10 آلاف دونم على زراعة "سيلات" الأعلاف للمواشي وخاصة الأبقار التي يتم استيراد الطن الواحد منها بمبلغ 170 – 200 دينار، بينما يوفر الانتاج المحلي من هذا المحصول سعر الطن بنحو 100 – 120 دينارا وبجودة أعلى من المستورد لكون الزراعة المحلية عضوية ولا تعتمد على المواد الكيميائية أو "التهجين"، مشيرا الى الاعتماد على التقنيات والوسائل الزراعية الحديثة مثل الري بالتنقيط والمرشات.
وأضاف المشاقبة أنه قام بإنشاء سدين ترابيين "حصاد مائي" في تلك المنطقة لتجميع مياه الامطار تقدر سعتهما بنحو 6 ملايين متر مكعب بتكلفة تقدر مليون ونصف المليون دينار، لتزويد الأرض المزروعة بالمياه وري المحاصيل شرق الظليل وتحديدا في منطقة الحلابات الصحراوية وغير المستغلة، مشددا على أن المشروع يعاني من ضعف التزود المائي من المصادر الحكومية وارتفاع سعر البذور التي يتم شراؤها من وزارة الزراعة بمبلغ 450 دينارا للطن الواحد، مؤكدا على انه على استعداد تام لزراعة أرض في منطقة الخربة السمرا لإنتاج أكثر من 5 آلاف طن شعير سنويا.
وبدوره انتقد المزارع زيد القطاونة، عدم تجاوب وزارة الزراعة او سلطة المياه والجهات المعنية مع مطالبهم او تقديم أي تسهيلات لتوسعة المشروع او منحهم رخص لحفر آبار او التزود من السدود الشرقية في الصحراء بالمياه أو تمكينهم من استئجار أراض مملوكة للدولة.
وأكد القطاونة في حديثه لـ عمون، أن كل الكتب والمطالبات التي تقدم بها لهذا المشروع انتهت بتشكيل لجان للنظر فيها دون أي نتيجة تذكر لمصلحة الوطن او المواطن، في حين أننا نتحدث عن انتاج محاصيل استراتيجية تمثل الأمن الغذائي للبلد.
وشكا المزارعان ايضا من استغلال كبار التجار لحاجتهما لبيع نتاج المحاصيل مباشرة، حيث يقوم أولئك التجار باستغلالهما وشراء الأعلاف منهما بنظام الدفعات او الأقساط ليقوموا بدورهم بتوريدها وبيعها الى صغار التجار في السوق المحلي وبأسعار مرتفعة، مطالبا بتسويق منتجاتهم لوزارة الزراعة مباشرة وبأسعار تفضيلية أقل من المستورد لتصل بالتالي الى مربي المواشي وتجار الحبوب بأسعار معقولة.
ومن أبرز التحديات التي تواجه زراعة هذه المحاصيل، عدم السماح للمزارعين باستغلال مياه الآبار المملوكة لسلطة المياه أو إعطاء المزارعين صلاحيات لحفر آبار لاستخراج المياه الجوفية وعدم استغلال اراض مملوكة للدولة في مناطق صحراوية خالية، وكذلك عدم منح التراخيص والبنية التحتية وباقي التسهيلات الحكومية وصولا الى الاقراض الزراعي ودعم شراء البذور للمزارع، في حين أنه يكفي الحفر على عمق 110 أمتار لاستخراج مياه صالحة للري والشرب، ما يعني تقليل الاعتماد على مصادر مياه الشرب وتوفيرها لغايات اساسية بحسب المشاقبة.
وطالب كلا من المشاقبة والقطاونة، بضرورة دعم مشروعهما الزراعي الاستراتيجي معنويا وتوفير التسهيلات البسيطة لتوفير اكثر من 25% من حاجة السوق المحلي وبحجم انتاج يزيد عن 200 ألف طن خلال السنة الأولى، كما طالبا بتوفير مياه للزراعة والسماح باستغلال مياه الامطار او حفر الآبار وإتاحة زراعة أراض إضافية وحفر آبار لتجميع واستخراج المياه، وبالتالي زيادة فرص العمل وتوفير مواد ومحاصيل زراعية اساسية تكفي البلد وتغنيه عن الاستيراد بأسعار مرتفعة وتخفف التكاليف على مربي المواشي، مشددان على أن هذا كله يصب في مصلحة المواطن وأسعار المنتجات "الحليب والاجبان واللحوم" وغيرها.
واشار المزارعان، الى أن جلالة الملك، وجه الحكومة بضرورة التوجه للمشاريع الزراعية وإزالة أي معيقات تواجه القطاع، حيث يمكنهما العمل لتوسعة المشروع لنحو 20 ضعف وبمعدل انتاج يقدر بـ 150 ألف طن سنويا من الاعلاف والحبوب، في حين ان المشروع ينتج حاليا نحو 70 ألف طن سنويا وبفارق سعري عن المستورد بنحو 50 دينارا وبجودة أعلى للقيمة الغذائية التي تستفيد منها المواشي والأبقار.
يذكر أن منطقة الظليل، تشكل مركزاً اقتصادياً وطنيا هاماً، حيث تتواجد فيها العديد من مراكز الإنتاج الزراعي بفرعيه النباتي والحيواني، وأُنشئت فيها نحو 50 مصنعا متنوعا، و250 مزرعة أبقار تقدم يوميا نحو 320 طن حليب بما يعادل 70% من مجموع الناتج المحلي الوطني من هذه المادة الأساسية، كما يوجد في الظليل مجمع صناعي مؤهل يحقق نحو 40 مليون دينار سنويا، وبقعة زراعية خضراء هي الأكبر بعد منطقة الاغوار، واليوم تعاني الظليل من ضعف في الخدمات وتراجع في المساحات الزراعية والإنتاج، في حين أنها وعلى امتداد المناطق الصحراوية الى الشرق تعتبر من المناطق الخصبة زراعيا وذات كثافة مطرية، ويمكن الاستفادة منها بطرق عديدة لرفد الاقتصاد الوطني وتحقيق الاكتفاء في بعض المنتجات والمحاصيل التي يستوردها الأردن من الخارج.
وبحسب تقارير إحصائية اطلعت عليها عمون يحتاج الأردن لـ2000 طن يوميا من القمح لإنتاج الخبز لإطعام نحو 10 ملايين شخص يعيشون في المملكة، ويبلغ معدّل إنتاج الأردن من القمح 20 ألف طن سنويًا، بينما تقول وزارة الصناعة والتجارة والتموين إن الإنتاج السنوي لا يتجاوز 13 ألف طن.