تقرير حالة البلاد يوصي برفع جاهزية القطاع الصحي للتعامل الاستباقي مع الأزمات
أوصى تقرير حالة البلاد 2021، بإعادة تنظيم القطاع الصحي لرفع جاهزيته وقدرته على التعامل مع الأزمات الصحية الوطنية باتباع النموذج الاستباقي، ويضرورة إعادة هيكلة المركز الوطني لمكافحة الأوبئة والأمراض السارية ليصبح تحت مظلة وزارة الصحة.
وقال التقرير الذي أطلقه المجلس الاقتصادي والاجتماعي، واطلعت عليه "المملكة"، إن القطاع الصحي في الأردن حقق نجاحا في مجال مكافحة الأمراض المعدية والمزمنة، وانخفاض معدلات الوفيات لكنه ما زال يعاني من مشاكل وتحديات كثيرة قبل جائحة كورونا وخلالها.
وأضاف، أن "النظام الصحي في الأردن حقق تقدماً بارتفاع معدل العمر المتوقع للفرد واحتلاله مواقع متقدمة في الطب المتخصص والسياحة العلاجية، وارتفاع نسبة المؤمنين صحياً، ووجود نظام وطني لاعتماد المؤسسات الصحية".
وركز التقرير على أبرز مشكلات القطاع في الأردن، مثل؛ ضعف الحوكمة والإدارة، وتعدد الجهات الحكومية التي تدير الخدمات الصحية وتقدمها، وغياب التنسيق بينها أو ضعفه، واعتماده على النموذج الطبي التقليدي الذي يركز على المرض ولا يأخذ بمفهوم الطب الشمولي الاستباقي.
وأشار إلى الاستخدام غير الفعال للموارد المتاحة، وصعوبة الاحتفاظ بالكوادر البشرية المدربة، وعدم رضا متلقي الخدمة عن جودة الخدمات الصحية، وارتفاع تكلفتها على المستويين الوطني والفردي، إضافة إلى ضعف أذرع الرقابة على القطاع الصحي الخاص، وغياب الآليات والروافع الحكومية المحفزة له.
- محددات اجتماعية -
التقرير، لفت النظر إلى أن ثمة محددات اجتماعية كثيرة من خارج النظام الصحي أثرت سلباً على القطاع الصحي في الأردن، وأعاقت نموه بالاتجاه المطلوب، مثل زيادة النمو السكاني الطبيعي، والهجرة القسرية نتيجة لتردي الأحوال الأمنية في بعض دول الجوار، والنمو العشوائي للمدن.
وبيّن أن تباطؤ النمو الاقتصادي، وارتفاع كل من الأسعار، ونسبة الدين العام، ونسب البطالة والفقر، وهجرة الكوادر الصحية المدربة، والتحول النمطي للأمراض من الأمراض المعدية التقليدية إلى الأمراض المزمنة المكلفة، نتيجة شيوع السلوك المجتمعي غير الصحي، وخاصة الغذاء، والنشاط البدني، وزيادة معدلات التدخين، وحوادث السيارات، زادت من المحددات الاجتماعية التي أثرت سلباً على القطاع.
ويسلط تقرير الصحة لهذا العام الضوء على تجربة القطاع الصحي في مواجهة جائحة كورونا، ومدى استعداد النظام الصحي لعبور هذه الجائحة ومواجهة الآثار الممتدة لها، والتقدم الذي أحرز في تنفيذ بعض التشريعات الصحية المهمة والخطط الصحية الرئيسة.
- توصية بإعادة تنظيم القطاع -
وأوصى التقرير بإعادة تنظيم القطاع الصحي لرفع جاهزيته وقدرته على التعامل مع الأزمات الصحية الوطنية باتباع النموذج الاستباقي (التخطيط للأزمة والاستعداد لها) بدلاً من النموذج الانعكاسي (رد الفعل الآني).
وأشار إلى ضرورة إعادة هيكلة المركز الوطني لمكافحة الأوبئة والأمراض السارية ليصبح تحت مظلة وزارة الصحة، بالإضافة إلى إيجاد مظلة إدارية ومرجعية واحدة ينضوي تحتها مقدمو الخدمات الصحية الرسمية، تمنع ازدواجية تقديم الخدمات الصحية وتمويلها، وتضبط الإنفاق على الصحة وتحقق العدالة.
كما طالب التقرير، بإدخال نظام محاسبة التكاليف والموازنات المنفصلة لكل مستشفى ومركز صحي لمعرفة التكاليف الفعلية وضبطها وتحديد المسؤوليات، وإدخال نظام الفوترة الإلكتروني لتحديد تكلفة كل مريض ولضبط صرف المستلزمات الطبية والأدوية والرقابة عليها ومعرفة المستهلك النهائي لها.
ودعا إلى تسريع تسجيل الدواء الأردني ليتم تسجيله خلال 6 أشهر من تقديم الطلب، ووضع خطة وطنية لإعادة هيكلة المراكز الصحية الحكومية أفقيا وعموديا بناء على معايير وأسس علمية محددة.
واقترح المجلس إنشاء "معهد وطني للصحة العامة" يشمل الوبائيات وصحة البيئة والصحة المهنية وصحة المسنين والسلوكيات الصحية، والإدارة الصحية.
وأوصى المجلس بإنشاء نظام وظيفي للسلك المهني الصحي على غرار نظام السلك الدبلوماسي، وتعديل نظام التقاعد المدني للأطباء والمهن الصحية بوضع آلية شفافة وعادلة تمكن وزارة الصحة من الاحتفاظ بمن تحتاجهم من ذوي الكفاءات الفنية العالية.
وأشار إلى أهمية فصل مقدم الخدمة عن ممولها عن طريق توحيد صناديق التأمين الصحي المدني والعسكري والجامعي في صندوق واحد من خلال إنشاء صندوق وطني مستقل للتأمين الصحي الاجتماعي، بالإضافة إلى تبني نموذج الشراء الاستراتيجي لدفع تكاليف المعالجة لمقدمي الخدمات الصحية بدلا من النموذج السائد حالياً.
- تحديات في مواجهة الجائحة -
وكشف التقرير عن العديد من التحديات التي واجهت القطاع الصحي في موجهة الوباء، كضعف الالتزام المجتمعي باتباع وسائل الوقاية الصحية، وخاصة بعد قرار الحكومة بفتح كل القطاعات.
وحول اللقاح الواقي من فيروس كورونا، ما زالت نسبة ليست بالقليلة وخاصة من المواطنين الأكثر عرضة للإصابة بالفيروس ومضاعفاته، غير مقتنعين باللقاح، وفق التقرير.
وأشار المجلس إلى ضعف المراقبة والمتابعة الصحية والمعلوماتية لحالات الإصابة بكورونا أثناء العزل، وارتفاع الوفيات بسبب كورونا بين الكوادر الصحية، مما يثير تحديات كثيرة حول مدى توافر أنظمة الوقاية وأدواتها ومستلزماتها التي تحمي الكوادر.
ولفت التقرير النظر إلى أن حادثة نقص الأكسجين في مستشفى السلط الحكومي وراح ضحيتها 9 مرضى كشفت هشاشة الإدارة الصحية وضعفها في القطاع الحكومي، وغياب تطبيق الأدوات الحديثة على المستويين المركزي والمؤسسي.
وأكّد ضعف الرقابة على القطاع الصحي الخاص، وغياب الآليات الفعالة للسيطرة على النزعة التجارية.
ومن التحديات أيضاً: تعدد الجهات الطبية المسؤولة عن الوباء (وزارة الصحة ممثلة بالأمين العام للأوبئة والأمراض السارية، والمركز الوطني لمكافحة الأوبئة والأمراض السارية، واللجنة الوطنية للأوبئة، ومستشار رئاسة الوزراء للشؤون الصحية ومسؤول ملف كورونا).
- تقدم في البرنامج الوطني للتطعيم -
قال المجلس الاقتصادي والاجتماعي، إن البرنامج الوطني للتطعيم ضد كورونا نجح نتيجة للدعم الحكومي المتواصل لهذا البرنامج، فقد شهد تقدماً كبيراً ساعد النظام الصحي في السيطرة على الوباء نتيجة الوقاية، وتخفيف مضاعفات الإصابات، وتوسيع قاعدة المناعة المجتمعية للفيروس.
ولقد أظهر الأردن، بحسب التقرير، تفوقا واضحا في إدارة حملة التطعيم ضد كورونا والقدرة العملية واللوجستية، حيث بلغ عدد المسجلين على المنصة الإلكترونية حتى نهاية شهر آب/أغسطس 2021 حوالي 4 ملايين شخص، وتلقى الجرعتين الأولى والثانية حوالي 3 ملايين ونصف المليون شخص، و3 ملايين شخص على التوالي.
وكانت الحكومة تهدف للوصول إلى أربعة ملايين ونصف المليون مطعم في نهاية أيلول/سبتمبر 2021.
وأشار التقرير إلى أن شمول التطعيم جميع السكان بمن فيهم المقيمون واللاجئون، وفتح الباب لكل من يرغب في أخذ اللقاح بدون أي تسجيل سابق، والتوسع في فتح مراكز للتطعيم، زادت من نجاح البرنامج.
ولفت التقرير النظر إلى تسريع التطعيم اليومي ليصل إلى 100 ألف في بعض الأيام، والتنويع في نوع اللقاحات المعتمدة ومصادرها من الجهات الدولية والمحلية لضمان تدفقها دون انقطاع.
وذكر التقرير أن الحكومة ألزمت موظفي الحكومة والقطاع الخاص غير الملقحين بإجراء فحص كورونا PCR مرتين أسبوعياً، ومنحت منح شهادات للملقحين.
وساهم زيادة السعة السريرية (أسرة العزل، وأسرة المعالجة الحثيثة)، وفتح مستشفيات ميدانية جديدة، واستئجار بعض المستشفيات الخاصة، واتخاذ حزمة من الإجراءات الوقائية بموجب أوامر الدفاع، بنجاح البرنامج.
ووظفت التطبيقات الذكية، استمراراً لنجاح تطبيقات أمان والأساور الإلكترونية والرصد الإلكتروني التي طورتها وزارة الصحة بالإضافة لعدة منصات، وفق التقرير.
المملكة