الأمير الحسن يدعو لبناء الوطن ضمن ميثاق اجتماعي يهتم بالمواطنة
هوا الأردن - دعا سمو الأمير الحسن بن طلال إلى الإنتقال إلى "الفكر الجامع، ونحن نتحدث عن الرؤى المشتركة، خاصة في ظل الظروف والمتغيرات الإقليمية والدولية الحالية".
وقال، في لقاء حواري خاص تحت عنوان "اغتنام اللحظة.. نحو رؤية شرق أوسطية للمستقبل"، نظمته على مدى يومين نهاية الاسبوع الماضي مجموعة ديار الفلسطينية بالتعاون مع المعهد الملكي للدراسات الدينية، "ونحن نتحدث عن إطلاق العقل وبناء رؤية جديدة علينا أن نتدرج في بناء هذه الرؤية لنبني خطوة أولى من التفهم، وصولا إلى التفاهم حول جزئيات وأولويات إدارة شؤون حياتنا في المستقبل".
وأكد سموه، في الجلسة الافتتاحية للقاء الذي شارك فيه سياسيون ومفكرون وخبراء من فلسطين والأردن ومصر ولبنان والعراق، على أهمية تفعيل الأضلع الثلاثة (السياسية والاقتصادية - الاجتماعية والمجتمع المدني) في بناء الوطن، ضمن ميثاق اجتماعي يهتم بالمواطنة، التي هي "تأكيد لحقوق وواجبات الهوية العربية".
وأكّد أن القدس مسؤولية فلسطينية إسلامية مسيحية عربية، إضافة لكونها مسؤولية إنسانية وحضارية، مشدداً على أن الإقليم اليوم مقبل على مرحلة جديدة تتطلب دعم كافة الجهود الفلسطينية الحثيثة لتحقيق إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة كاملة الحقوق على ترابها الوطني وعاصمتها القدس الشريف، خاصةً بعد اعتراف غالبية الدول الأعضاء في الأمم المتحدة بفلسطين كدولة مراقب.
وقال إن موضوع القدس "سيادي فلسطيني"؛ منوهاً بالدور الأردني الثابت والواضح تجاه الأشقاء في فلسطين، والمستند إلى إرث مشترك متين وهوية غنية متنوعة جامعة تعزز المشتركات بين الشعبين الشقيقين، "ففلسطين في قمة أولويات الأردني وكل ما يعني الأردني يشكل أولوية للفلسطيني".
بدوره، اشار رئيس مجموعة ديار القس الدكتور متري الراهب، إلى التحديات الرئيسة التي تواجه شرقنا العربي اليوم، فمن تفتيت الجغرافيا والتاريخ، إلى صعود الإثنيات والطائفية كهويات جزئية، إلى حالة الاستقطاب السياسي- الديني، فتحدي الدستور وعلاقة الشرع الإنساني بالشرع الإلهي، إلى موضوع الأمن، بل بالأحرى غيابه، إلى سوء إدارة الموارد الطبيعية والبشرية والمتمثلة بنسبة الأمية المرتفعة 35.6 % (مقارنة بـ 18 % عالمياً) والتعاظم المستمر بنسبة البطالة في دولنا، إلى تراجع وضع المرأة.
وأضاف الراهب أن التحدي الأكبر، هو "غياب رؤية جامعة لا تقسّم بل تجمع ولا تفتت بل تربط ولا تكفّر بل تفتح أبواباً لإطلاق العقل".
وأوضح أن هدف المرحلة الثانية من برنامج الدين والدولة، الذي تنفذه المجموعة وسيستمر لثلاث سنوات قادمة، هو بلورة رؤية شرق أوسطية طموحة وواقعية، من خلال إشراك سياسيين مخضرمين ومفكرين ونشطاء معنيين بالصالح العام.
وقال: "لا نريد أن يرسم الأغراب وبعض الأعراب منطقتنا حسب نفوذهم وأطماعهم وبما يخدم مصالحهم، بل نريد أن نرسم نحن بأقلامنا وسواعدنا مستقبلاً يجد أبناؤنا فيه مكاناً لهم، حيث تصان كرامتهم، وتطوّر قدراتهم ويكون لهم مساحات من الحريات كي يبدعوا، لتكون لهم حياة أفضل حيث ينعمون بكرامة العيش وجودة الحياة".
من جهته، قال مدير المعهد الدكتور كامل أبو جابر، إن ما جرى ويجري اليوم في وطننا العربي من تفتيت وقهر واختراق واحتلال، وعودة القواعد الغربية لبلداننا واستباحة لمقدساتنا، أمور ما كان يخطر ببال عربي أنها قد تحدث لأمتنا. وأضاف أننا ما زلنا في خضم ما يسمى بالربيع العربي، والذي أحسب أنه بداية حقبة تاريخية في تاريخنا لو أحسنّا التعامل معها ووظفناها لمنفعة أجيال المستقبل، حيث تم القضاء على طغاة، متسائلا "هل فعلاً قد قضينا على الطغيان في مجتمعاتنا"؟
وناقش المشاركون بعض المحاور الأساسية المرتبطة بآليات واقعية للوصول إلى رؤية استراتيجية جامعة تقوم على المواطنة، وحظر كافة أشكال التمييز وإدارة التنوع والتعددية وإطلاق العقل وصيانة الحريات وأهمية الاستثمار في قاعدة معرفية وقاعدة إنتاجية وفي تطوير "فقه الواقع" ودولة المؤسسات.
وشددوا على أهمية انخراط المجتمع المدني ومجتمعات الشباب في الشأن العام، خاصة في ضوء المخاض العربي الراهن.
وهذا اللقاء هو الأول في سلسلة لقاءات عربية ودولية، حيث سيعقد التالي في العاصمة الألمانية برلين، وسيتمحور حول موضوع الدساتير العربية.
يمكنكم التعليق عبر صفحتنا على الفيس بوك