نقابة المقاولين .. بين هيمنة قوى المصالح الخفية وإرادة المقاول الأردني

هوا الأردن -
هوا الأردن - كتب الدكتور عزام العطاونة
في المشهد الانتخابي لنقابة المقاولين الأردنيين، لا تتحرك الأمور دومًا وفقًا لإرادة القواعد المهنية الحرة، بل تتدخل قوى خفية تمتلك من النفوذ والإمكانات ما يجعلها قادرة على إدارة المشهد من وراء الستار. هذه القوى لا تتصدر المشهد، بل تفضل العمل من خلف الكواليس عبر ما يمكن تسميته بسياسة اللعب عن بُعد حيث تحرك الأدوات وتوجّه التحالفات وتزرع الشكوك وتبني الاصطفافات على أسس مصلحية لا مهنية
لقد بات واضحًا أن بعض الجهات تسعى إلى إبقاء النقابة تحت سيطرة عقلية معينة عقلية ترى في النقابة وسيلة لتحقيق النفوذ لا وسيلة لحماية المقاول والدفاع عن حقوقه أدوات هذه القوى تتنوع ما بين النفوذ المالي والتأثير الاجتماعي والتحالفات الشخصية والتلويح بالمنافع أو التهديد بالخسائر وهكذا يتم اختطاف العملية الانتخابية وتفريغها من مضمونها الحقيقي لتصبح مجرد مسرحية تُعاد فيها كتابة النتائج سلفًا ما شاهده المقاول الاردني في اجتماع الهيئة العامة يجعلنا نشعر بالخطر حيث انكشفت الصورة الحقيقة للادوات بعدم القدرة على قيادة المشهد للهيئة العامة وعدم القدرة على تدخل القوى الخفية في توجيه إدارة الأزمة لكي لا تظهر للعلن
مما صعب المهمة وجعلها مرتبكة .
إن أخطر ما في هذه السياسة هو قدرتها على التسلل إلى الوعي العام حتى تبدأ القواعد النقابية تفقد ثقتها بالعملية الانتخابية وتصبح المشاركة شكلية والعزوف عن الترشح أو التصويت موقفًا مبررًا وهنا يفقد الجسم النقابي روحه وتتحول النقابة من منبر تمثيلي حيّ إلى مؤسسة خاضعة لاحتكار قوى المصالح
السكوت عن هذه الممارسات أو تبريرها هو خيانة لروح العمل النقابي الحر وانقلاب على مبدأ التمثيل الديمقراطي الذي يُفترض أن يُعلي صوت المهنيين لا أن يُخضعهم للوصاية الخفية
في ظل الواقع النقابي الراهن لم يعد خافيًا أن نقابة المقاولين الأردنيين باتت عرضة للاختطاف من قبل قوى خفية تسعى لفرض هيمنتها على القرار النقابي وتحويله من صوت للجسم المهني إلى أداة تخدم مصالح ضيقة وفردية هذا الاختطاف لا يتم بالسلاح بل بالأدوات الناعمة النفوذ المال التحالفات واللعب من وراء الستار ولأن السكوت عن هذا الاختطاف هو خيانة لروح العمل النقابي فإن السؤال الجوهري اليوم هو كيف نواجه هذا الاختطاف؟
نبدأ أولًا بتعزيز الشفافية في كل تفاصيل الانتخابات بدءًا من فتح باب الترشح مرورًا بآلية الدعاية وانتهاءً بلجنة الانتخابات والتي شابها طعونا بشرعيتها في ظل الفوضى والضوضاء التي شابت اجتماع الهيئة العامة الاخير والإجراءات المتخذة لضمان عملية انتخابية نزيهة وانتهائها في فرز الأصوات فحين تكون العملية الانتخابية واضحة وخاضعة للمراقبة يفقد المتلاعبون قدرتهم على السيطرة
ثم يأتي دور القواعد المهنية التي يجب تمكينها من الوعي والمشاركة فالمعركة تبدأ من إيمان المقاولين بأن النقابة ملك لهم وأن التغيير لا يأتي إلا من صناديق لا تُدار من خلف الكواليس
كما لا بد من دعم الكتل المهنية المستقلة التي تقوم على أساس البرامج والرؤى لا المصالح الشخصية فهي تمثل طوق النجاة من احتكار القرار النقابي
ولأن التوثيق والكشف هما سلاح الوعي فمن الضروري فضح أي تدخلات مشبوهة عبر الإعلام والمقالات والتقارير ومنصات التواصل فالكلمة الحرة قادرة على كسر جدار الصمت
ولا تكتمل المواجهة دون تعديل الأنظمة الداخلية للنقابة لضمان التداول ومنع الاحتكار وإنشاء آلية عادلة للطعون والشكاوى
وقبل كل شيء نحتاج إلى بناء قيادات بديلة تحمل هم المهنة لا هم الكرسي وتؤمن بأن العمل النقابي تكليف لا تشريف ومسؤولية لا منصة شخصية
وفي الختام فإن انتخابات نقابة المقاولين الأردنيين المقبلة يجب أن تكون علامة فارقة في تاريخ النقابة انتخابات حرة نزيهة شفافة تعبّر بصدق عن إرادة المقاول الأردني وتعيد الثقة بالبيت النقابي وتكسر طوق الاحتكار وتمنح القرار لمن يستحقه فهذه النقابة ليست ملكًا لأحد بل هي أمانة في عنق كل من يعمل تحت رايتها