يديرها عامل في مطار هيثرو مع زوجته .. منظمة بريطانية مرتبطة بـ"حزب الله" جمعت 399 ألف دولار تبرعات
"صنداي تايمز": الخطوط الجوية تجرده من التصريح الأمني

كشفت صحيفة "صنداي تايمز" عن أنه تم تجريد أحد الموظفين في صالة الخطوط الجوية البريطانية في مطار هيثرو من تصريحه الأمني بعدما أشاد ببطولة مقاتلي "حزب الله".
وقالت الصحيفة في الـ10 من مايو (أيار) الجاري إن حسين حركي البالغ من العمر 29 سنة يدير مع زوجته، وهي طبيبة، جمعية خيرية غير مسجلة، جمعت أكثر من 300 ألف جنيه استرليني (نحو 399 ألف دولار) لمشاريع إغاثة في لبنان.
وكان حركي يعمل في أحد أكثر مطارات العالم ازدحاماً من خلال مقاول، حتى تم تنبيه شركة الطيران إلى تعليقاته على وسائل التواصل الاجتماعي من قبل الصحيفة.
بمباركة "حزب الله"
وفق "صنداي تايمز" تعمل منظمة "زاير" في المملكة المتحدة بمباركة واضحة من "حزب الله" المدعوم من إيران والمحظور في بريطانيا. ونفذت بعض أنشطة جمع التبرعات والترويج في حرم الجامعات بما في ذلك "إمبريال كوليدج لندن" وكلية لندن للاقتصاد. ولا تحظى المنظمة باعتراف هيئة الأعمال الخيرية.
أما زوجة حركي، زينب (28 سنة)، التي درست الطب في جامعة لندن وتدربت في هيئة الخدمات الصحية الوطنية، فهي رئيسة المنظمة في المملكة المتحدة.
واستخدم حركي الذي بدأ العمل في مطار هيثرو في يوليو (تموز) الماضي صفحته على "فيسبوك" لنعي ثلاثة مقاتلين في الأقل من "حزب الله" كان يعرفهم ممن قتلوا في المعارك. ووصف أحد المسلحين بأنه "بطل"، وشكر آخر، وهو ابن شقيق أحد كبار قادة الحزب على كل ما قدمه، وذلك بعد وفاته في أغسطس (آب) 2024. ونشر صوراً عند قبر مسلح ثالث كان قد عمل متطوعاً في منظمة تابعة لمنظمة حركي في لبنان.
وفي نهاية هذا الأسبوع قال أحد كبار الشخصيات المشاركة في حماية يهود بريطانيا إن منظمة "زاير" في المملكة المتحدة استفادت من "فشل عميق في التدقيق والإشراف داخل قطاعي الحرم الجامعي والجمعيات الخيرية عندما يتعلق الأمر بالنشاط المؤيد للإسلام".
وقال الرئيس التنفيذي لمؤسسة "أمن المجتمع" مارك غاردنر "عملت هذه المنظمة في الجامعات البريطانية وجمعت مبالغ طائلة، لكنها لم تُخفِ حتى صلاتها بـ(حزب الله). يجب على الشرطة والحكومة والجهات التنظيمية المعنية والجهات المسؤولة قانوناً التحرك بسرعة".
تدمير إسرائيل
صنفت وزارة الداخلية البريطانية "حزب الله" منظمة إرهابية محظورة عام 2019. وعلى رغم أنه يعمل في لبنان كحزب سياسي ويشارك في أنشطة خيرية، فإنه دعا منذ فترة طويلة إلى تدمير إسرائيل.
وأسست السيدة حركي، المولودة في لبنان، منظمة "زاير" الخيرية اللبنانية التي يقودها الشباب، وهي الهيئة الأم لـ"زاير" في المملكة المتحدة، عام 2016. وكان هدفها الأول مساعدة الحجاج الفقراء على زيارة الأماكن المقدسة الشيعية، لكنها انتقلت لاحقاً إلى أعمال الإغاثة. ويقع عنوانها المسجل في عقار بالضاحية الجنوبية لبيروت، وهي معقل معروف لـ"حزب الله"، وتعرضت المنطقة لقصف إسرائيلي عنيف العام الماضي. وأكد مصدر وثيق الصلة بالمنظمات غير الحكومية في بيروت أن المنظمة الخيرية قامت بتوزيع مساعدات مشروعة في البلاد.
تم تنبيه شركة الطيران إلى تعليقات مدير المنظمة على وسائل التواصل فجردته من بطاقة المطار (مواقع التواصل)
وتتضمن منشورات صفحة "زاير" الخيرية على "فيسبوك" رثاء لزعيم "حزب الله" حسن نصرالله بعد اغتياله في سبتمبر (أيلول) 2024. وفي فبراير (شباط) الماضي حث منشور آخر المؤيدين على حضور جنازة نصرالله "تعبيراً عن الوفاء والتضامن الاجتماعي"، وقد حذفت كلتا الرسالتين منذ ذلك الحين.
ووفقاً لموقعها الإلكتروني تأسست منظمة "زاير" في المملكة المتحدة عام 2021 بهدف "تعزيز الدعم" للبنانيين من بريطانيا، وتزعم أنها ساعدت "نحو ألف عائلة محتاجة في جميع أنحاء لبنان".
وفي وقت إطلاقها بالمملكة المتحدة أجرى حركي مقابلة مع قناة "المنار" التي يديرها "حزب الله"، قال فيها إن "الجمعية الخيرية (زاير) مقسمة إلى أقسام مختلفة. لدينا مثلاً قسم للأطفال، الذي يتم تنظيمه مع قسم العمل الاجتماعي في (حزب الله)".
ويعتقد أن حركي انتقل إلى بريطانيا من لبنان مطلع عام 2022. وقبل توليه وظيفته في مطار هيثرو كان مديراً لمطعم لبناني في شمال غربي لندن. وتزوج بزينب، المولودة أيضاً في لبنان، في يوليو 2023، وفقاً لصفحته على "فيسبوك". بعد ذلك بوقت قصير استقر الزوجان في منزل شبه منفصل في لندن اشترياه مقابل 335 ألف جنيه استرليني (نحو 445 ألف دولار).
على قمة جبل
في نوفمبر (تشرين الثاني) 2024 قاد حسين مكي، أحد أبرز داعمي منظمة "زاير" في المملكة المتحدة، وهو داعية شيعي ومؤثر، عشرات الطلاب من جامعات مختلفة في رحلة تسلق برعاية جهات مختلفة في جبال بريكون بيكونز. وخلال التسلق رفع المشاركون أعلاماً فلسطينية ولبنانية على قمة جبل "بن واي فان"، أعلى نقطة في جنوب ويلز.
ونشر مكي صوراً للرحلة على موقع "إنستغرام" مع رمز السيفين المتقاطعين وتعليق يبدو أنه يشير إلى الصراعات المزدوجة لإسرائيل مع "حزب الله" و"حماس"، يقول "الجيل القادم لن ينسى أي شيء".
ولد مكي وتلقى تعليمه في لندن، ويعيش الآن في لبنان، حيث نشر مقاطع فيديو لنفسه وهو يسلم المساعدات نيابة منظمة "زاير". وحضر جنازة نصرالله في بيروت في فبراير الماضي، وصرح لاحقاً لقناة "برس تي في" التابعة لإيران، بأن زعيم "حزب الله" المغتال كان "شخصاً يعتبره معظم العالم أعظم مناضل من أجل الحرية في القرن الماضي".
أقرت زينب بأن المنظمة تعمل في بعض "المناطق المشبوهة"، لكنها نفت ارتباطها بـ"حزب الله" (مواقع التواصل)
بعد أيام أعلنت الحكومة الأسترالية إلغاء تأشيرة مكي لدخول البلاد من أجل حضور جولة محاضرات. وادعى الأخير أنه ضحية حملة تشهير.
وقالت زوجة حركي إن منظمة "زاير" البريطانية قطعت علاقاتها مع مكي منذ خضوعه للتحقيق في أستراليا. وأضافت أن المنظمة أرادت الانفصال عن جمعية "زاير" الخيرية في بيروت التي لا يزال زوجها رئيساً لها، وفقاً لملفاته الشخصية على الإنترنت.
وأقرت زينب بأن منظمة "زاير" في المملكة المتحدة تعمل في بعض "المناطق المشبوهة"، لكنها نفت ارتباطها بـ"حزب الله" أو دعمها له، موضحة أن المنظمة قدمت طلباً للتسجيل لدى هيئة الأعمال الخيرية في نوفمبر 2024، لكنها لا تزال تنتظر الموافقة. وقالت إنه لم يتم إرسال أية أموال نقدية إلى لبنان لكي "لا تقع في الأيادي الخطأ" على حد قولها، مؤكدة أن جميع الأموال التي جمعت في المملكة المتحدة استخدمت لشراء مستلزمات مثل الحليب الصناعي والخيام. وأضافت "لم نرسل أية أموال إلى لبنان قط. أرسلنا حاويات مليئة بالطرود خلال حرب 2023 – 2024، وأطلقنا حملة لتوزيع حليب الأطفال، وحملة أخرى لتوفير الحفاضات، وأرسلنا خياماً".
وقال الزوجان في بيان إن "محاولة التشهير الفاشلة هذه ضدنا هي جزء من حملة أوسع نطاقاً من قبل دولة إسرائيل للتغلغل داخل بريطانيا، إذ لم تكتفِ بحربها ضد الشعب اللبناني في وطنه، وتسعى كذلك إلى مضايقتهم وتشويه سمعتهم في الخارج".
بريطانيا ترد
من جانبها قالت الخطوط الجوية البريطانية، "هذه ادعاءات خطرة للغاية، وهي مسألة تخص وكالات إنفاذ القانون المتخصصة"، وأوضحت متحدثة باسم مطار هيثرو "نعمل بصورة وثيقة مع السلطات المعنية للحفاظ على أمن المطار، وبمجرد أن علمنا بهذه المعلومات تم تجريد حركي على الفور من بطاقة المطار الخاصة به".
وقالت شرطة العاصمة "بينما لا نعلق على ما إذا كان أفراد محددون قد يكونون قيد التحقيق أم لا، فإن أية مادة محتملة ذات صلة بالإرهاب يحيلها إلينا الجمهور يتم تقييمها من قبل ضباط متخصصين من وحدة مكافحة الإرهاب على الإنترنت، لتحديد ما إذا كانت هناك حاجة إلى مزيد من التحقيق أو الإجراءات من قبل الشرطة".
وصرحت هيئة المؤسسات الخيرية، بأنه "لكي تعتبر أية منظمة خيرية قانوناً يجب أن تثبت تحقيقها لأحد الأغراض الخيرية المعترف بها، وأن تكون مؤسسة للمنفعة العامة. وتدقق الهيئة في طلبات التسجيل للمؤسسات الخيرية، وقد رفض طلب منظمة (زاير) الأخير".
وشددت الهيئة على أن "دعم الجمعيات الخيرية المسجلة يعد وسيلة جيدة لتمكين الناس من التأكد من أن تبرعاتهم سيتم تنظيمها ومحاسبتها بما يتماشى مع قانون الجمعيات الخيرية".