أبو السعود: الملك وجه لتسخير الإمكانات وإيجاد الحلول العلمية للملف المائي

شكلت التوجيهات الملكية السامية لتعزيز الأمن المائي، خارطة طريق وطنية نحو اعتماد خيارات مائية من داخل المملكة، والتعامل مع هذا الملف بصفته أولوية تحظى باهتمام ومتابعة حثيثة من قبل جلالة الملك عبد الله الثاني وسمو الأمير الحسين بن عبد الله الثاني، ولي العهد.
وأولى جلالة الملك منذ توليه سلطاته الدستورية، قطاع المياه أهمية قصوى كونه من أهم التحديات الاستراتيجية التي تُواجه الأردن، وتزداد أهميته مع مرور الوقت، أمام شح مصادر المياه، إذ يُعدّ الأردن من أكثر الدول فقرًا مائيًّا على مستوى العالم في ظل زيادة النمو السكاني واستضافة اللاجئين، وشح الأمطار ونضوب موارد المياه، والتغير المناخي، والحاجة المتزايدة للقطاعات المختلفة إلى الماء، بالإضافة إلى محدودية الموارد المائية عموما.
وقال وزير المياه والري المهندس رائد أبو السعود، إن ملف المياه يشكل هاجسا لجلالة الملك عبد الله الثاني، حيث وجه جلالته الحكومات إلى العمل لتحقيق الأمن المائي كأولوية وطنية وتسخير جميع الإمكانات المتوفرة لإيجاد الحلول العلمية الممكنة مستقبلا، والخطط البديلة التي يمكن من خلالها التغلّب على هذه الأزمة وتجاوزها، بما يضمن تأمين حاجات الأردن المائية لعقود كثيرة قادمة.
وأضاف: يأتي مشروع الناقل الوطني في مقدمة المشاريع الاستراتيجية التي يركز جلالة الملك على إنجازها لما له من أهمية في ظل المعاناة التي يواجهها الأردن في قطاع المياه، ودعوته المستمرة لمؤسسات الدولة إلى تحمل مسؤولياتها في التعامل مع ملف الأمن المائي كقضية أمن وطني بالغة الحساسية، ومحرك أساس لمختلف القطاعات، وهو الأمر الذي كان محور حديث جلالته في معظم المحافل الدولية.
وأشار أبو السعود إلى أن الناقل الوطني هو مشروع استراتيجي لتحلية مياه البحر الأحمر في العقبة ونقلها إلى جميع محافظات المملكة، ويتكون من نظام نقل مياه البحر المحلاة، وبناء منشأة ضخمة لتحلية مياه البحر في العقبة ونظام نقل المياه العذبة إلى باقي المناطق، وتعمل الحكومة وبمتابعة ملكية حثيثة على تنفيذ هذا المشروع الذي يتوقع تشغيله بحلول 2030 لتزويد جميع محافظات المملكة سنويا بـ 300 مليون متر مكعب من المياه المحلاة من البحر الأحمر، مبينا أن المشروع سيعتمد على الطاقة المتجددة، إذ تهدف الإستراتيجية الوطنية للطاقة إلى توليد 31 بالمئة من الكهرباء من مصادر الطاقة المتجددة بحلول العام 2030.
وأوضح بأنه تم في عهد جلالته تدشين مشروع ضخ مياه الديسي إلى عمان وعدد من محافظات المملكة بكلفة مليار دولار، ليسهم في توفير مصدر مستدام للمياه في محافظة العاصمة وباقي محافظات المملكة، وهو الأمر الذي سيدعم التنمية الاقتصادية والاجتماعية، ضمن منظومة متكاملة لتعزيز الوضع المائي في الأردن.
ويعد مشروع جر مياه الديسي، الذي تم إنجازه باستثمار محلي ودولي، أحد أبرز المشروعات الحيوية في إدارة مصادر المياه، ومواجهة تحديات نقص المياه وحل مشكلاتها لمحافظات المملكة كافة، حيث رفع حصة الفرد إلى 190 لترا مقابل 145 لترا في اليوم ، ولكن بسبب موجات اللجوء والتغيرات المناخية تراجعت حاليا الى أقل من 60 لترا يوميا، وما زال المشروع يقوم بتزويد المملكة بحوالي 100 مليون متر مكعب سنويا وبنوعية مياه شرب عالية الجودة ويغطي احتياجات العاصمة وعدد من محافظات المملكة.
وتشكل المياه التي يجري ضخها من الديسي بين 20 إلى 25 بالمئة من احتياجات المملكة لمياه الشرب، إذ استغرق تنفيذ المشروع حوالي 48 شهرا بسعة تصميمية تصل إلى 107 ملايين متر مكعب وسعة تشغيلية 100 مليون متر مكعب سنويا، ونفذه 33 مقاولا، منهم 27 مقاولا محليا وتم توظيف حوالي 5 آلاف عامل لتنفيذ المشروع.
وأكد أمين عام وزارة المياه والري الدكتور جهاد المحاميد، أن قطاع المياه وضع إجراءات محددة ضمن استراتيجية قطاع المياه تهدف إلى معالجة قضايا شاملة وحرجة لإدارة قطاع المياه، بما فيها الأداء المالي والاستدامة، وصنع القرار المبني على البيانات، والابتكار والتكنولوجيا، واستخدام الطاقة، وكفاءة استخدام المياه، والتغير المناخ.
وبين أن الأردن يواجه تحديا حقيقيا في سد الفجوة الآخذة في الاتساع من حيث التحديات بين الطلب على المياه والتزويد ضمن المصادر المتاحة، مشيرا إلى استمرارية الطلب على المياه بشكل متزايد، من أجل دعم النمو الاقتصادي، وري المحاصيل، وتزويد مياه الشرب وغيرها.
وأوضح أمين عام سلطة المياه المهندس سفيان البطاينة، بأن السلطة عملت على توسعة شبكة الصرف الصحي ومعالجة المياه العادمة لإعادة استخدام المياه المعالجة، حيث ارتفع عدد محطات الصرف الصحي من 7 محطات عام 1999 إلى 36 محطة تعالج 235 مترا مكعبا من المياه وتوفر 190 مليون متر مكعب صالحة للقطاع الزراعي المقيد، وارتفع نسبة المخدومين بخدمات الصرف الصحي إلى 66 بالمئة في عام 2021، وإطلاق إستراتيجية للصرف الصحي بكلفة 930 مليون دينار لتنفيذ مشاريع للصرف الصحي وخدمة مناطق جديدة بخدمات الصرف الصحي وتحسين الواقع البيئي.
وأشار أمين عام سلطة وادي الأردن المهندس هشام الحيصة إلى أن هناك العديد من الإنجازات والمشاريع الإستراتيجية التي جرى تنفيذها منذ عام 1999 لغاية اليوم؛ لتحقيق مفهوم الأمن المائي، منها مشروع "الزارة ماعين" بطاقة 45 مترا مكعبا بقيمة 125 مليون دولار عام 2006، واطلاق حملة إحكام السيطرة على مصادر المياه من أجل منع الاعتداءات عليها عام 2013 ، وبناء أول محطة تحلية مياه البحر في العقبة لتزويد العقبة والاستثمارات السياحية بطاقة 5 ملايين متر مكعب سنويا عام 2017، وإطلاق استراتيجة لتزويد محافظات الشمال للأعوام (2017-2028) لمواجهة الأعباء التي خلفتها أزمة اللجوء السوري، بكلفة 305 ملايين دينار لتوفير نحو 50 مليون متر مكعب إضافي من المياه.
وبين أنه ارتفع عدد السدود المائية منذ عام 1999 من 6 سدود إلى 16 سدا وبطاقة تخزينية تبلغ 288 مليون متر مكعب، فضلا عن بناء 410 حفائر وسدود ترابية في السنوات القليلة الماضية بطاقة تخزينية تصل إلى 122 مليون متر مكعب، وتنفيذ إستراتيجية زيادة الطاقة التخزينية في السدود لتصل إلى 400 مليون متر مكعب.