قصة إحباط «تصويت» الكنيست ضد الوصاية الهاشمية
قبيل جلسة الكنيست الإسرائيلي الإثنين الماضي، دخل عضو القائمة العربية المناضل الدكتور احمد الطيبي على رئيس الكنيست اليميني المتطرف يولي أولتشاين، بهدف تتبع مسار الاقتراح الشهير حول فرض الوصاية الإسرائيلية على المسجد الأقصى، وبالتالي سحب الوصاية الهاشمية.
الطيبي إستفسر عن الأمر، فتبين له أن أولتشاين مصر على الأرجح على وضع الاقتراح ضمن جدول أعمال الجلسة التالية ليوم الثلاثاء، على أساس أن المعني بالاقتراح هو اليميني المتطرف موشيه فيغلين المصر ايضا على إستخدام حقه القانوني بالسياق.
قاوم الطيبي الاقتراح بضراوة في اجتماعات التنسيق واللجــــان دفاعا عن عروبة القدس والوصــــاية الأردنيــــــة على المقدسات.
عند يوم التصويت على الاقتراح كان الطيبي يبلغ زميله وصديقه النائب خليل عطية بالأمر على امل أن تتحرك عمان. عطية سارع للتحرك من جانبه ووضع رئيس المجلس عاطف الطراونة بصورة الحدث الكبير المقبل، وطلب منه التحدث في بداية جلسة "الأسئلة وما يستجد من أعمال".
سمح الطراونة لعطية بالحديث، فتقدم بخطبة عصماء طالب فيها حكومة الرئيس عبدالله النسور باتخاذ قرار تاريخي بطرد السفير الإسرائيلي، وطالب المجلس بتحمل مسؤولياته وأن يكون على قدر المسؤولية.
قبل ذلك بساعات فقط إتصل عطية مع وزارة الخارجية ووضعها بصورة التصويت الإسرائيلي المقرر، في الوقت الذي كانت فيه الوزارة تتلقى تقارير من سفير الأردن في تل أبيب وليد عبيدات، تقول بعدم وجود ما يشير إلى جلسة تصويت بالكنيست ضد الوصاية الأردنية.
تبين بان السفارة الأردنية عمليا "آخر من يعلم" .. أصر عطية على روايته للأحداث متحدثا عن تصويت سيحصل في غضون ساعات فقط، وقاد عمليا المناورة المضادة..لاحقا كان الطيبي نفسه يتلقى إتصالا من وزير الخارجية ناصر جوده لتوثيق المعلومة، وقدم جودة الشكر للطيبي باسم جلالة الملك على حرصه واحساسه الوطني وتفاعله مع الحدث.
خلال دقائق انشغلت أوساط القرار كلها بالمسألة، وبدا جلالة الملك عبدالله الثاني شخصيا حملته الضاغطة على الإسرائيليين، محذرا من العبث في ملف المسجد الأقصى وإتفاقية وادي عربة، وخلية الأزمة كان يديرها جلالته من على متن طائرته المتحركة في رحلته الآسيوية.
بالتزامن وقبل أقل من 40 دقيقة على بدء التصويت الإسرائيلي بالكنيست على نص قرار ضد الأردن مباشرة، إتخذ مجلس النواب الأردني وبالإجماع قراره الشهير بطرد السفير الإسرائيلي، وإبلاغ المجلس بإجراءات الحكومة في السياق، ووصلت الأنباء لأروقة الكنيست.
حملة الضغط الشعبية والرسمية والملكية الأردنية، أثمرت على الفور قرارا سريعا وخاطفا يتخذ لأول مرة في تاريخ الكنيست الإسرائيلي، بل في تاريخ إسرائيل كما اوضح الطيبي نفسه لـ "العرب اليوم"، حيث أنها المرة الأولى التي يتم فيها "عدم التصويت" على قرار موضوع أصلا على جدول أعمال الجلسة، ما يؤشر الى البعد السياسي للموضوع.
تقديرات الطيبي أن القرار إبتعد مرحليا، وأن فرصة عودته للطرح صعبة لأكثر من عام على الأقل، خلافا لانه صدر أصلا في ظل التنافس الداخلي اليميني بين نخب إسرائيل.
محصلة القول حقق الأردن إنتصارا دبلوماسيا كبيرا على ماكنة التشدد الإسرائيلي، ما يثبت مستوى الامكانات في حال إدامة التواصل مع الفاعلين في المجتمع العربي بإسرائيل مثل الطيبي وفي حال التوافق شعبيا ورسميا على اي هدف.